كيف تعود لحب ذاتك بعد المرور بأزمات كثيرة؟
ازاي احب نفسي بعد ازمات كتير مرت علي من صغري من تحرش مرات، كرهني في الجواز واهلي مهملين بكرههم من كل قلبي. العادة سرية وبعد ما وقفت القرف ده وقولت احب بجد وقعت في حب شخص نرجسي دمرني وحاليا بعدما مشيت ساب جوايا آثار نفسية وصورة متدنية عن نفسي وشكلي اقل كمان من رؤيتي ليها قبل ما اعرفه اعمل اي انا حاسة اني في وسط البحر بقا لأني كنت حاطة عليه آمال كبيرة وانه اللي هينقذني وبديت اتغير واعدل في سلوكي بشكل لا ارادي وبقيت متفائلة جدا وللاسف طلع سراب انا اتدمرت وكل القرف والهم ده وانا 24 سنة بس!
نعم يا ابنتي ما مررت به ليس سهلاً، وكثيرات من الفتيات مررن بمثل ما مررت به، أو ربما أقل تأثرن نفسياً، وكانت آثار تلك الجراح مثل ما حدث معكِ وظهر في صورة علاقات أكدت لهن أنه لا أمل في حدوث تغيير للأسف! وكذلك هناك فتيات مثلكِ مررن بمثل ما مررت به، وربما أكثر وتمكَّنَّ من تجاوز ما حدث لهن ولو بعد وقت! والفارق الكبير بين هاتين المجموعتين هو في البداية؛ " حيث تكون في شكل قرار نفسي واعٍ عميق بألا يسمحن لما حدث معهن بأن يظل يشوه أرواحهن وأنه يكفي حتى هذا الحد".
وقد يبدو هذا الكلام صعبا للبعض، أو غير مفهوم لأنه غير ملموس، ولكن انظري في أي قرار تم تنفيذه في حياة أي إنسان؛ ستجدين أنه كانت هناك دوماً خطوة تسبقه، وهي هذا العزم النفسي العميق جداً بأن شيئاً ما سيقف، أو شيئاً ما سيبدأ، وهو بالضبط ما قصدته بالقرار النفسي الواعي العميق؛ لتبدأ بعدها سلسلة التأمل في نتائج أفكارك التي تصدقينها عن نفسك والناس والرجال والنساء إلخ، وكذلك طريقة تفكيرك ذاتها: مثل التهويل أو التصغير، الاستنتاجات السريعة، المقارنات، التعميم، إلخ. وما ساهمت أنت في حدوثه جنباً لجنب مع ما قام به الآخرون تجاهك بالطبع دون أن تدركي؛ كصمتك مثلاً وقت احتياجك للمواجهة، أو إهدارك لحقوقك في العلاقات، أو الضغط على الآخر بالبقاء رغم رفضه، أو اللوم، أو التحمل الزائد عن الحد لمواقف لا يجب عليك تحملها، إلخ.
وكلما كنت في المنطقه القادرة على التفكر بهدوء وبصدق وتفهم لما سبب كل هذه المعاناة، تمكنت من رؤية حقيقة ما يحتاج منك لتغيّر يساعدك على عدم تكرار ما يحدث، أو على الأقل كسر تلك الدائرة الجهنمية، وقد يساعدك في ذلك أن أترك لك بعض النقاط التي تحتاج منك إلى تفهم وصدق ومنها:
- نحتاج لعلاج جراحنا قبل أن ندخل في علاقات؛ لأن الآخر ليس طبيباً يشفي جراح الماضي، فهذا دورنا تجاه أنفسنا ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك وحده دون اللجوء لمن يستطيع بدءا من معية الله سبحانه القادر ومرورا بمعالجين نفسانيين متخصصين وانتهاء بدعم من ناس حولنا لديهم حكمة ونضوج.
- كلما انتظرنا في موقع الضحية التي لا تتمكن من رسم حدودها النفسية واحترام تلك الحدود؛ وقعنا في علاقات مسيئة يقوم بها المستغلون والمؤذون.
- قبول ما حدث لنا في ماضينا الذي لا يمكننا تغييره يساعدنا على التحرك لمكان أفضل ويساعدنا على الرؤية الأوسع التي فيها نرى ما قدمته لنا معاناتنا من أمور جيدة لم تكن لها أن توجد إلا بمرورنا بتلك المعاناة، وربنا نحتاج فقط لاستخدام تلك الأمور الجيدة بشكلها الصحي الذي لا يؤذينا: فمثلا تجدين أن تلك التجارب جعلتك تكتشفين أن لديك قدرة على العطاء كبيرة أو قدرة على التحمل كبيرة عمن حولك؛ فتحبين تلك القدرات ولكن توظفينها في مكانها وبجرعتها ومع من يستحقها بشكل صحي لا يؤذيك.