تائهة تماما وعاجزة وأتمنى الموت
الأخت آية؛
تحية مباركة وبعد..
نعم هذه الأعراض تشير لوجود ارتباك نفسي قد يصل لدرجة الاضطراب النفسي، أو عرض من الأعراض الأكثر تشعبا لمرض نفسي، إلخ، وكنت أتمنى أن تحدثينا أكثر عن تفاصيل معاناتك لنرى أقرب ما يكون لما يحدث معك، ولكن على أية حال..سأتصور أن عدم قدرتك على التواصل مع الآخرين أمر لم يكن في السابق، أي أنك كنت تتواصلين مع الآخرين، ولك علاقة بهم، وكنت تقومين بمسؤولية تلك العلاقات من سؤال، ومشاركة، واهتمامات مشتركة إلخ، ولكن صار ذلك صعبا عليك، وكما ذكرت لك سابقا، تلك الأعراض قد تشكل اضطرابا معروفا منفصلا، وقد يكون جزءا من مرض أصلي، وغيره، وبناء على ذلك فما تعانين منه هو من أشهر الأمراض النفسية في العالم وهو "الاكتئاب".
والاكتئاب زائر ثقيل الظل، يجثم على صدر صاحبه فيثقله ويثقل إرادته لفعل أي شيء، فلا يرغب في شيء، لا يرغب في أي أمر يحتاج لمبادرة أو حركة حتى لو حركة عقلية، فلا يرغب في "تشغيل دماغه" ولا يرغب في رؤية شخص أو الحديث معه، تتأثر شهيته فتزداد عن المعتاد أو تقل عن المعتاد ويتأثر نومه بالزيادة عن المعتاد أو يقل عن المعتاد، ويشعر صاحبه بالدونية واحتقار النفس ويتمدد بداخله الشعور بالذنب ويفقد طعم الحياة فلا ما يسعد يسعده ولا ما يحزن يحزنه، وقد لا يقوى على الصلاة أو الدعاء، وتتعثر ذاكرته فينسى وكأنه مخبوط على رأسه، ويشعر بالاستسخاف ويشعر بأن أقرب الحلول للتخلص من معاناته هو غيابه عن الحياة، وكأن غيابه عن الحياة سيريحه ويريح من حوله، وقد يتساقط شعره وتظهر لديه أعراض أخرى كثيرة.
وقد يكون أحد الأعراض نوعا من أنواع سمات شخصية تعرف بالشخصية الاكتئابية التي تميل للجزء المؤلم من كل شيء، وغيره الكثير من السمات وقد يكون جزءا من اضطراب وجداني، وقد يكون جزءا من اضطراب شخصية، الخ... لذا أول ما يجب عليك معرفته هو أن ما تعانينه هذا تحت أي مسمى يخص الجزء غير القادر في نفسك على التعامل مع مشكلاتك تعاملا صحيا، والتواصل مع متخصص نفسي يدرب (بطرق مختلفة) على كيفية التعامل الصحي مع المشكلات معرفيا ونفسيا وسلوكيا ودوائيا، فأنت لست تلك المرأة غير القادرة على التواصل مع الآخرين، ولكن هذا اكتئابك القابل للعلاجة، فانفضي عن نفسك دثار السكون، لتبدئي الرجوع لنفسك الحقيقية بطلب المساعدة.