صحــــتك
30 ديسمبر 2023

الحيرة والتردد في المشاعر والعلاقات

لدي علاقة بشخص عرفته منذ 7 أشهر، ولا أحد يعرف بالموضوع سوى أختي، فى الأول كنت أحبه كثيرًا، ولكن حاليًا لم أعد أحبه مثل الأول، ولا أعرف كيف أتصرف؟

DefaultImage

ابنتي العزيزة:

رغم ظهور حيرتكِ وعدم قدرتك في حل تلك المشكلة؛ فإنني وجدت شبه ابتسامة تزورني وتقول "الحمد لله أنك على دراية بمشاعرك، وكذلك لا تتخذي الضغط ذريعة لتضحي بنفسك كما فعل الكثير من قبلك ورأيتهم في العيادات"، فهذه أول نقطة أريد أن تصلك وتطمئنني بها على نفسك.

والثانية؛ قد تجدينها تتعارض قليلاً مع ما قلته تواً، وهي المشاعر التي تخص الحب، فنحن خصوصاً في بلداننا العربية لم نتعلم بشكل كافٍ التفرقة بين "حب الشخص نفسه بوعي لصفاته التي نرتاح معها، والتي لا نرتاح معها"، وبين "حب صفات عامة إذا توافرت في الرجل نشعر بانجذاب له؛ لأن الانجذاب لتلك الصفات التي نحبها أن تكون في الرجل وليس هو تحديداً"، والفرق بينهما دقيق ولكنه ضخم، فكثير من الزيجات فشلت رغم بقاء الزوجين معاً بسبب عدم تلك التفرقة الدقيقة بين حب الشخص لذاته كما هو، أو حب صفات نحبها كهذا مجردة أو نبحث عنها. لذلك حين تضعف تلك الصفات لأي سبب، أو تختفي، لا نجد مشاعر تجاه الشخص الذي معنا، وأحياناً كثيرة تعود القصة لعدم معرفتنا بأنفسنا نحن أولًا، فنستكشف ما نريده وما يمكننا قبوله بصدق حقيقي، وما لا نتمكن من التعايش معه مهما حدث، متأخراً عن بداية العلاقة ... إلخ.

وكذلك العمر، نعم العمر الذي نشعر فيه بتلك المشاعر التي تخص الجنس الآخر، هل هو فعلاً العمر الذي استقرت فيه مشاعرنا، وحدث وضوح لنا بداخلنا، وتم بالفعل اختبارها بالكثير من الانخراط في الحياة ومع البشر فيتأكد وضوحها أو يتغير؟، فالحديث عن الحب لا ينتهي.

ولكن أعود لتساؤلاتك فأقول لك: أسوأ غدر يفعله الإنسان هو غدره بنفسه لنفسه، فلا تستجيبي لتلك الضغوطات؛ لأنها بعد فترة ستزول عنده وعندك حتى مع وجود ألم الفراق لديه، وأقترح عليكِ عدم المرواغة عما يحدث معك، أو تأجيله، أو غير ذلك من تلك الطرق غير الصحية، ولكن كوني صادقة مع نفسك ومعه برحمة تجاهه لا تُضعِفك في نفس الوقت، وتحافظ على مشاعره قدر إمكانك، فتتحدثي معه عن الأمور التي حدثت وجعلتك تلاحظين عدم قدرتك أنتِ على التعامل معها بشكل يحافظ على ما كنتِ تشعرين به تجاهه من قبل، وأن التغيير لا يكون حقيقيًا بسبب الرغبة في الارتباط بشخص، ولكن التغيير يحدث حين يشعر الشخص وحده مع نفسه أنه يحتاج لتغيير شيءٍ ما يجده في تفكيره أو في تصرفاته أو غيره، وحين نتحدث عن تغييرنا لأنفسنا، فلا يمكن بأي حال من الأحوال ضمان حدوث تغيير حقيقي في آخرين غير أنفسنا، فما بالك بأهله؟، فلا ضمان لما لا نملكه، ويمكنك الحديث معه عن الضغط الذي يمارسه بأنه يجعلك تشعرين بمشاعر مثل اتهامك لنفسك بأنك سيئة، أو يجعل مشاعر الضيق تغمرك، فلا تتمكنين من أن تكوني صادقة أو لطيفة أو تجعلك مشلولة، أو كما تجدينها بالفعل تحدث بداخلك في أوقات أخرى، وهذا يجعلك في مأزق لا تتمكنين من حلّه، فحديثك عما يحدث بداخلك في مثل تلك الأوقات هو "أفضل طريقة" ترسل له الرسالة دون أن تجعليه يدافع عن نفسه، أو يهاجمك، أو يلومك، أو يتهمك. فلاحظي أنك لم تُشيري له أو عنه بأي شيء، فأنتِ فقط تتحدثين عما يحدث بداخلك "أنتِ" حين تتعرضين للحديث عن التغيير، وأرجو أن تكوني ماهرة في ذلك، وحاولي قدر إمكانك ألا يكون هذا اللقاء دراميًا بشكل كبير، ولا يكون فيه مشاعر دفء مما كان موجودًا بينكما في السابق.

وما قلته لكِ ليس سيناريو أريدك أن تتقنيه وتحفظيه مثلاً، ولكن أريدك أولاً أن تهضميه جيداً وتشعري بمشاعرك وبما حدثتك عنه، وحين تجدي بالفعل أنك تتمكنين من تصديقه بداخلك وهضمه؛ ستجدين نفسك قادرة على هذا اللقاء، وإن لم تجدي ذلك فابعثي لنا هنا ثانية لنتحدث فيما تجدين فيه صعوبة، أو تحتاجين لمزيد من التوضيح، ولكن إن فعلت ذلك دون أن تستشعريه عن قرب بداخلك وأخذتِ وقتك؛ فالشخص الذي أمامك يشعر بمدى ودرجة صدق تصديقك لما تقولينه؛ فإن لم يصل له تمام صدقك في ذلك الوقت وأنتِ تتحدثين عن مشاعرك أنتِ، أو تلك القيود التي تكبلك للحديث عما يدور بداخلك ويرهقك أن تجرحيه، وعن ألمك أنتِ كذلك؛ سيزداد ضغطه أكثر وأكثر، أو قد تفقدي مراعاة مشاعره؛ فتجرحينه وهذا غير مطلوب.
فلتفترِقا بودّ وتراحم وتفهّم، حتى مع وجود غصة الفراق التي يمكن تجاوزها بمرور الوقت، دون أن تترك أثرًا غائرًا في نفس شخص أحببناه.

آخر تعديل بتاريخ
30 ديسمبر 2023
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.