هناك سؤال دائمًا ما يخطر على البال حين التحدث عن التوتر، وهو احتمالية وجود علاقة بين التوتر ومستويات السكر في الدم. وهنا علينا أن نوضح أن التوتر يُعتبر عاملًا قويًا يؤثر على جوانب عديدة من حياتنا، ويتجاوز ذلك ليشمل التأثير على أجسامنا بطرقٍ قد تعوق قدرتنا على تنظيم مستويات السكر في الدم. فعند تعرّض الجسم للتوتر، يُفرز هرمونات تؤدي إلى ارتفاع في مستوى السكر، وقد يكون هذا التأثير شديد الخطورة لمن يعانون من السكري أو من هم في مرحلة ما قبل الإصابة بهذا المرض.
العلاقة بين التوتر ومستويات السكر في الدم
يرتبط ارتفاع السكر في الدم غالبًا بالخيارات الغذائية، كتناول كميات كبيرة من السكر أو الكربوهيدرات. لكن هناك عوامل أخرى تؤثر على تنظيم السكر في الجسم، مثل الجفاف، والتعرض للحرارة وأشعة الشمس، وتخطي وجبات الطعام. ومن بين هذه العوامل، يُعتبر التوتر أهمها، إذ يمكن أن تؤثر ظروف الحياة والمرض ونقص النوم على مستوى السكر في الدم.
عندما تتعرض للتوتر، يُطلق جسمك استجابة تُعرف بـ"استجابة التوتر"، حين يتم إفراز هرمونات كالكورتيزول الذي يُؤثر على عدة وظائف في الجسم، منها جهاز المناعة، والنظام الالتهابي، وعملية الأيض. وقد يؤدي ذلك إلى ما يلي:
- ارتفاع مستويات الكورتيزول، مما يؤثر على تعامل الجسم مع السكر.
- زيادة مستويات السكر في الدم.
- تثبيط إفراز الإنسولين الذي ينظم مستويات السكر.
- تغيير حساسية خلايا الجسم لعمل الإنسولين.
- جعل الجسم أكثر مقاومة للإنسولين.
- يؤدي التوتر أحيانًا إلى اختلال النظام الغذائي أو تخطي وجبات الطعام، وسوء جودة النوم، مما يسهم أيضًا في تدهور التحكم بمستويات السكر.
عوامل الخطر حول العلاقة التوتر ومستويات السكر في الدم
توجد عوامل تزيد من احتمال ارتفاع مستوى السكر في الدم بسبب التوتر، من بينها:
- وجود تاريخ مرضي للاكتئاب.
- التعرض لتوتر مستمر في العمل.
- التعرض لمصاعب في مرحلة الطفولة.
- ردود الأفعال العاطفية السلبية التي تؤدي إلى تناول طعام غير صحي، أو تقليل النشاط البدني، أو إهمال تناول الأدوية الموصوفة للسكري.
مضاعفات العلاقة بين التوتر ومستويات السكر في الدم
يؤثر كل من التوتر وتغيرات مستوى السكر في الدم سلبًا على الصحة العامة للشخص وعلى جودة حياته، ففي حالة الإصابة بالسكري، يزيد التوتر من صعوبة ضبط ضغط الدم، ويرفع خطر الإصابة بأمراض القلب، كما يزيد من التحديات في الحفاظ على الروتين اليومي في تنظيم مستوى السكر، مما قد يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية العامة.
يمكن أن يسبب التوتر ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل التعب أو الاكتئاب. وعند انخفاض ضغط الدم بسبب التوتر، قد يشعر الشخص بمزيد من التوتر والقلق.
متى يجب زيارة الطبيب؟
قد تكون تغييرات مستوى السكر غير مريحة، وأحيانًا خطيرة. يُنصح باستشارة الطبيب أو التوجه إلى أقرب مركز صحي في الحالات التالية:
- تسارع في دقات القلب والتنفس.
- جفاف الفم والجلد.
- كثرة التبول أو العطش المستمر لعدة أيام.
- رائحة فم تشبه الفواكه المتعفنة.
- احمرار الجلد.
- الغثيان أو التقيؤ.
- ألم في البطن.
- الصداع.
- آلام وتيبس في العضلات.
كيفية تشخيص التوتر ومستويات السكر في الدم
تتطلب العلاقة بين التوتر والسكر في الدم تشخيصًا منفصلًا لكل منهما، ويمكن تشخيص كل من التوتر ومستويات السكر في الدم على النحو التالي:
تشخيص التوتر
غالبًا لا يتم تشخيص التوتر بحد ذاته؛ فهو استجابة عاطفية شائعة نمر بها جميعًا. ولكن في حال استمرار التوتر لفترة طويلة، قد يتطور ليصبح اضطرابًا نفسيا يحتاج للتشخيص، كاضطراب التوتر الحاد أو اضطراب ما بعد الصدمة.
تشخيص السكري
يمكن تشخيص مرض السكري أو ما قبل السكري بفحص مستويات السكر، ويشمل ذلك عدة اختبارات، مثل:
- اختبار تحمل الجلوكوز.
- اختبار الجلوكوز العشوائي.
- اختبار الجلوكوز الصائم.
- اختبار السكري التراكمي (A1c).
علاج التوتر ومستويات السكر في الدم
تُعد مشكلات التوتر ومستويات السكر حالات قابلة للعلاج. يعالَج التوتر عادة عبر تقنيات العلاج النفسي والسيطرة على التوتر، بينما يُعالَج السكري بالأدوية وتغيير نمط الحياة والنظام الغذائي.
علاج السكري
إذا تم تشخيص إصابتك بمرض السكري، فقد تحتاج إلى تناول دواء يسمى الإنسولين الذي يساعد جسمك على تنظيم نسبة السكر في الدم، وسوف تحتاج أيضًا إلى مراقبة مستويات الجلوكوز في الدم في المنزل.
بالإضافة إلى ذلك، سوف تحتاج إلى الالتزام بنظام غذائي منخفض السكر والكربوهيدرات، ولكنه غني بالبروتينات والدهون الصحية والألياف والفواكه والخضراوات.
وإذا كنت تعاني من زيادة الوزن، فمن المرجح أن ينصحك الطبيب بتخفيض الوزن، وسوف تحتاج إلى مراقبة نسبة الكوليسترول وضغط الدم لديك إلى جانب نسبة السكر في الدم، ومن المؤكد أنه يجب عليك الإقلاع عن التدخين إذا تم تشخيص إصابتك بمرض السكري.
علاج التوتر
إذا كنت تعاني من التوتر، فهناك العديد من خيارات العلاج المختلفة التي يمكن أن تساعدك في ضبط مشاعرك والتعامل مع التوتر بطرق أكثر صحة وتوازنًا. تشمل أنواع العلاج التي تعمل بشكل أفضل مع التوتر ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy-CBT).
- العلاج بين الأفراد (Interpersonal therapy).
- العلاج السلوكي الجدلي (Dialectical behavioral therapy-DBT)
- العلاج النفسي الديناميكي (Psychodynamic therapy).
- إزالة حساسية حركة العين (Eye movement desensitization resolution-EMDR)
التعايش مع التوتر ومستويات السكر في الدم
يمكن السيطرة على التوتر ومستويات السكر في الدم من خلال إدخال بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة، والحصول على الدعم عند الحاجة. تشمل بعض التغييرات التي يمكن إجراؤها:
- الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- شرب كميات كافية من الماء.
- تناول وجبات غذائية متوازنة تحتوي على الأطعمة الطبيعية.
- تخصيص وقت يومي للاسترخاء.
- ممارسة التأمل واليقظة الذهنية.
- الامتناع عن التدخين وشرب الكحول.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- أخذ إجازات للعناية بالصحة النفسية.
الأسئلة الشائعة حول التوتر ومستويات السكر في الدم
كيف يؤثر التوتر على مستويات السكر في الدم؟
يؤدي التوتر إلى إفراز هرمونات كالكورتيزول، مما يزيد من مقاومة الجسم للإنسولين، ويؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
هل يمكن للتوتر أن يسبب ارتفاعًا مؤقتًا في السكر حتى لدى غير المصابين بالسكري؟
نعم، قد يؤدي التوتر إلى ارتفاع مؤقت في مستوى السكر حتى لدى الأشخاص غير المصابين بالسكري، خاصةً عند التعرض لتوتر شديد.
هل الضغوط النفسية ترفع السكر؟
نعم، الضغوط النفسية (Psychological Stress) يمكن أن ترفع نسبة السكر في الدم. عندما نتعرض للتوتر، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول (Cortisol) والأدرينالين (Adrenaline) كجزء من استجابة الجسم للتوتر، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم. هذا التأثير يحدث لأن الجسم يحفز خلايا الكبد لإطلاق المزيد من السكر إلى مجرى الدم لكي يتوفر المزيد من الطاقة للتعامل مع هذا التوتر. ولكن من غير المرجح أن التوتر يؤدي في حد ذاته إلى الإصابة بمرض السكري.
هل التوتر يزيد مقاومة الإنسولين؟
نعم، التوتر يمكن أن يزيد مقاومة الجسم للإنسولين (Insulin Resistance). عندما يكون الجسم تحت ضغوط نفسية متكررة أو مستمرة، تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى تقليل استجابة خلايا الجسم للإنسولين، مما يؤدي إلى حاجة الجسم لكميات أكبر من الإنسولين لتنظيم السكر في الدم. هذه المقاومة قد تجعل من الصعب على الأشخاص المصابين بالسكري التحكم في مستويات السكر، كما قد تزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري عند الذين لديهم استعداد وراثي أو عوامل خطورة أخرى.
نصيحة من موقع صحتك
اكتشاف تغيرات في مستويات السكر في الدم استجابةً للتوتر قد يكون أمرًا مقلقًا في حد ذاته لما نشهده من ضغوط نفسية في حياتنا اليومية، ولكن عليك أن تتذكر أن هذا أمر شائع، وهناك طرق بسيطة وفعالة للتعامل معه. والأهم من ذلك؛ يجب أن تستشير الطبيب إذا لاحظت تغييرات في قراءات نسبة السكر في الدم، وإذا وجدت صعوبة في ضبط مستويات التوتر لديك.