لقاح أسترازينيكا والذي تم إنتاجه ضد فيروس كورونا يمكن أن يسبب حالة نادرة ولكنها مميتة لتجلط الدم، حسب اعتراف شركة الأدوية العملاقة أسترازينكا AstraZeneca أمام المحكمة هذا الأسبوع، وأصبح الأثر الجانبي الذي ظهر للقاح أسترازينكا محور التركيز الرئيسي لدعوى جماعية بقيمة 125 مليون دولار، ويقول أحد الباحثين القانونيين في جامعة نورث إيسترن إن الاعتراف ليس ضاراً بشكل خاص، حيث إن الحالة النادرة التي تسمى تجلط الدم مع متلازمة نقص الصفيحات أو TTS تم دراستها جيداً قبل التقاضي.
ويقول ريتشارد داينارد، أستاذ القانون بالجامعة ورئيس معهد الدفاع عن الصحة العامة: "الإقرار بحقيقة الأثر الجانبي وإدراجه بالفعل كأثر جانبي محتمل يقلل من تأثيره القانوني"، كما يتابع داينارد قائلاً: "في نهاية المطاف، أنقذ اللقاح أرواحاً في بريطانيا أكبر بكثير من تلك التي تأثرت بهذا التأثير الجانبي، فإن قبول أسترازينكا لِما تم إدراجه بالفعل في الدعوى لا يبدو أنه يمثل مشكلة كبيرة".
وهناك 51 حالة من حالات TTS (تجلط الدم مع متلازمة نقص الصفيحات) المرتبطة بلقاح أسترازينكا مذكورة في الدعوى الجماعية في المملكة المتحدة، وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن هناك ما يقرب من أربع حالات من هذه الحالة تم الإبلاغ عنها لكل مليون جرعة من لقاح جونسون أند جونسون والذي يُعَد مثل لقاح أسترازينيكا من حيث كونه فيروسًا غديًا "“adenovirus”.
ما الذي يجب أن تعرفه عن حالة تجلد الدم من لقاح أسترازينيكا ؟
لقاح أسترازينيكا هو لقاح الحمض النووي للفيروسات الغدانية، ويستخدم شكلاً معدلاً لما هو عليه في الأساس فيروس البرد، أو ناقل الفيروس الغداني، ويقوم اللقاح بتوصيل جزيء الحمض النووي والذي يدخل بعد ذلك إلى الخلية البشرية.
وفي المملكة المتحدة وأماكن أخرى حيث كان هذا اللقاح منتشراً، رأينا عدداً صغيراً من الأشخاص يصابون بنقص الصفيحات أو تخثر الدم، والذي يبدأ بواسطة بروتين يسمى عامل الصفائح الدموية، وهو أثر جانبي نادر جداً، وقد تم رؤيته في عدد من الحالات بعد الموافقة على هذا اللقاح في عام 2021 وأوائل 2022.
وأشارت شركة أسترازينيكا أن هذا هو أحد الآثار الجانبية للقاحها، وفي البداية كانوا يلوّحون باليد حول العلاقة قائلين إن تطور جلطات الدم يمكن أن يكون بسبب عوامل أخرى، مثل الأمراض المصاحبة للشخص أو أمراض الأوعية الدموية، أو اعتبارات ثانوية أخرى، ولم يكن من الواضح أن الأمر مرتبط بشكل مباشر باللقاح نفسه، ومع ذلك عندما رأوا أن الذين أصيبوا بهذه الحالة قد أصيبوا بذلك بعد التطعيم وأصبح الارتباط واضحاً فاعترفوا بأن اللقاح قد يكون مسؤولاً.
ماذا نعرف عن كيفية تسبب لقاح أسترازينيكا بهذه الحالة؟
كما قلنا سابقاً؛ يحتوي الفيروس الغدي على جزيء الحمض النووي بداخله، والذي يتم بعد ذلك حقنه في العضل، ولكن عندما يكون جزيء الحمض النووي هذا في مجرى الدم فإنه يجذب بروتيناً في الدم يسمى عامل الصفائح الدموية، وفي بعض الأفراد (ليس في الكل ولكن في عدد صغير جداً) يمكن لعامل الصفائح الدموية أن يبالغ في الاستجابة المناعية للجسم.
فعند تكوين جلطة في الجسم فهو يحاول من خلالها حماية الجسم من شيء ما، فيخلق كبسولة حول الجسيم الفيروسي ويجنّد المزيد من الصفائح الدموية وخلايا الدم الحمراء والفيبرين، مما يؤدي إلى تكوين جلطة دموية، ويشار إلى هذه الحالة باسم نقص الفصيحات، ويجب التنويه إلى أن هذه المشكلة ليست منتشرة في لقاحات mRNA مثل اللقاح الخاص بشركة Moderna أو Pfizer.
ختاماً، فإن الأثر الجانبي الذي اعترفت به شركة أسترازينيكا يعتبر حالة نادرة جداً، ولم يُصَب إلا عدد قليل جداً، ولا يكاد يذكر، من الأشخاص الذين تلقوا لقاح أسترازينيكا. إن عدم أخذ اللقاح قد يسبب أضراراً أكثر بكثير من أخذه كما أظهرت دراسات علمية كثيرة، وأن أغلب المصابين الذين دخلوا المستشفى (في حالة الإصابة الشديدة) كانوا من غير الملقحين، وكذلك جميع الوفيات كانت من بينهم.