سرطان الثدي هو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء، ويُعتبر العلاجُ الكيميائي علاجًا أساسيًا لكثير من المريضات. ومع ذلك، أشارت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة إلى أن النساء اللاتي يَبلغنَ من العمر 65 عامًا أو أكثر ويعانينَ من سرطان الثدي العالي الخطورة ويعالَجنَ بالعلاج الكيميائي هنَّ أكثر عرضة للإصابة بتدهور مهم في الوظائف البدنية العامة. وقد نُشرت الدراسة في مجلة Journal of Cancer Survivorship في 10 مايو 2024.
سرطان الثدي والعلاج الكيميائي
توصَّلت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس إلى نتائج مقلقة حول تأثير العلاج الكيميائي على صحة النساء من كبار السن المصابات بسرطان الثدي، فقد أظهرت أن أكثر من 30% من النساء اللاتي أصبنَ بسرطان الثدي وخضعنَ للعلاج الكيميائي قد عانينَ من تدهور كبير في قدرتهنَّ على أداء المهام اليومية العادية مثل المشي وصعود السلالم مقارنة بالنساء الأخريات في العمر نفسه.
هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تقارن التدهور الوظيفي بين النساء من كبار السن المصابات بسرطان الثدي اللاتي يتلقين العلاج الكيميائي، وبين النساء المصابات بسرطان الثدي اللاتي لم يخضعن للعلاج الكيميائي، وكذلك النساء غير المصابات بالسرطان في نفس الفئة العمرية (65 عامًا أو أكثر).
وأوضح الدكتور مينا سدراك، المؤلف الرئيسي للدراسة، من كلية الطب في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أن الدراسات السابقة أظهرت أن العلاج الكيميائي يمكن أن يساهم في تراجع الوظائف البدنية لدى الناجيات من سرطان الثدي. ومع ذلك، لم يكن مفهومًا تمامًا ما إذا كان هذا التراجع ناتجًا بشكل رئيسي عن سرطان الثدي، أو بسبب العلاج الكيميائي أو كليهما، مما يؤكد على أهمية إجراء هذه المقارنة بين النساء لتحديد ما إذا كان هذا التدهور يمثل تسارعًا في عملية الشيخوخة نفسها أم لا.
سرطان الثدي والشيخوخة
أشار الباحثون إلى أن سرطان الثدي يمكن يؤدي في كثير من الأحيان إلى تسريع الشيخوخة وتراجع القدرات البدنية، وخاصة عند النساء الأكبر سنًا. هذه الظاهرة، المعروفة باسم الشيخوخة المتسارعة، يمكن أن يكون لها تأثير على جودة حياة المصابات بالسرطان، واستقلاليتهنّ، وحتى على طول حياتهنّ. ونظراً للارتفاع المتوقع في عدد الناجيات الأكبر سنًا من سرطان الثدي، والذي يُتوقع أن يبلغ أكثر من 6 ملايين امرأة بحلول عام 2040، فإن فَهم آليات الشيخوخة المتسارعة وإيجاد وسائل للوقاية منها هو أمر ضروري للغاية.
ولفهم تأثير علاج سرطان الثدي الكيميائي على التدهور في الوظائف البدنية المرتبط بالشيخوخة بشكل أفضل، أجرى الباحثون دراسة استطلاعية متعدّدة المراكز قارنوا فيها التغيّرات في الوظائف البدنية مع مرور الوقت لدى النساء فوق سن 65 عامًا.
تأثير سرطان الثدي والعلاج الكيميائي على الوظائف البدنية
شمَلت الدراسة 542 امرأة مصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة، وكانت 444 امرأة منهن يتلقينَ العلاج الكيميائي، و98 ممن لا يتلقينَ العلاج الكيميائي، بالإضافة إلى 100 امرأة غير مصابة بسرطان الثدي، وتراوحت أعمارهنّ فوق 65 عامًا. وتم تقييم المشاركات مرتين:
- التقييم الأول: تضمن استبانات حول المعلومات المعيشية والحالة الصحية، بالإضافة إلى تقييم للشيخوخة، كما تم جمع بيانات إضافية حول السرطان والعلاج من السجلات الطبية للنساء المصابات بسرطان الثدي.
- التقييم الثاني: تضمن تقييمًا آخرًا للشيخوخة، وتم إجراؤه خلال 30 يومًا من انتهاء العلاج الكيميائي لدى مجموعة النساء اللاتي تلقينََ هذا العلاج، أو في فترات زمنية مطابقة للمجموعتين الأخريين.
وبيَّنت الدراسة أن النشاطات الأكثر تأثرًا سلبًا بتدهور الوظائف البدنية هي: صعود السلالم (75.7%)، يليه المشي لمسافة ميل واحد (73.0%)، والقيام بنشاط معتدل (68.6%). وعندما حلَّل الباحثون هذه البيانات، كانت النتائج على النحو الآتي:
- عانت 30% من المشاركات اللاتي تلقينَ العلاج الكيميائي لسرطان الثدي من تدهور كبير في الوظائف البدنية.
- وعانت 8% فقط من المشاركات اللاتي لم يتلقينَ العلاج الكيميائي لسرطان الثدي من تدهور كبير في الوظائف البدنية.
- بينما عانت 5% فقط من المشاركات غير المصابات بسرطان الثدي من تدهور كبير في الوظائف البدنية.
سرطان الثدي والعلاج الكيميائي .. ثنائي قد يهدّد الصحة البدنية لدى كبار السن
أشارت نتائج الدراسة إلى أن سرطان الثدي العالي الخطورة والعلاج الكيميائي قد يساهمان معًا في تسريع تدهور الوظائف البدنية لدى النساء الكبار في السن المصابات بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور سدراك أن هذه النتائج تُسلط الضوء على التأثير السلبي الذي يمكن أن يُحدثه سرطان الثدي وعلاجه الكيميائي على الوظائف البدنية لدى النساء الأكبر سنًا، خاصة وأن هذه الوظائف تُعتبر ضرورية للحفاظ على الاستقلالية والحركة وجودة الحياة بشكل عام.
كما أكّد على ضرورة بذل جهود حثيثة لتطوير تدخلات واستراتيجيات فعّالة للحفاظ على الوظائف البدنية للنساء، قبل البدء بالعلاج الكيميائي وأثناءه وبعده. ويواصل الفريق الآن جهوده لفهم الآليات البيولوجية الكامنة وراء التفاعل بين علاج السرطان وعمليات الشيخوخة الأساسية، كما يركِّز الفريق بشكل خاص على دراسة الشيخوخة الخلوية وتحديد الآليات التي يمكن استهدافها من خلال الأدوية لعكس هذه العمليات.