دراسة: انقطاع الطمث المبكر ربما يؤدي للتدهور المعرفي

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم الأعصاب (Neurology) عن وجود علاقة بين انقطاع الطمث المبكر المصحوب بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وزيادة خطر إصابة النساء بمشكلات في التفكير والذاكرة في مرحلة لاحقة من حياتهنّ.

مع التقدُّم بالعمر يُمكن أن تتضرَّر الأوعية الدموية، بما في ذلك الأوعية الدموية الموجودة في الدماغ، وذلك بسبب عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والتي تشمل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين، فهذه العوامل التي يمكن السيطرة عليها لا تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف.

النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال بسبب انقطاع الطمث المبكر وأمراض القلب

أوضحت الدكتورة جينيفر رابين، كاتبة الدراسة من جامعة تورنتو في كندا، أن عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية معروفة بأنها تزيد أيضًا من خطر الإصابة بالخرف. ومع ذلك، ما يزال سبب كَون النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال غير واضح.

وأضافت أن فريق الدراسة قد بحثوا في دور التغيّرات الهرمونية التي تحدث خلال مرحلة انقطاع الطمث وتوقيت حدوثها، وعلاقتها بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وقد أظهرت النتائج أن حدوث هذه التغيّرات الهرمونية في وقت مبكر من حياة النساء، بالإضافة إلى وجود عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مرتبطان بزيادة خطر إصابة النساء بمشكلات ذهنية إدراكية مقارنة بالرجال من نفس العمر.

دراسة تأثير انقطاع الطمث المبكر وعوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على الوظائف الإدراكية

شمَلت الدراسة أكثر من 16 ألف مشارك، منهم 8360 امرأة و8360 رجلًا مطابقين لهنّ في العمر، وكانوا جميعًا مسجلين في الدراسة الكندية الطويلة المدى حول الشيخوخة. وكان متوسط عمر النساء عند انقطاع الطمث 50 عامًا، بينما كان متوسط عمر جميع المشاركين 65 عامًا في بداية الدراسة، وتمت متابعتهم لمدة ثلاث سنوات.

صنّف الباحثون انقطاع الطمث المبكر على أنه يحدث قبل سن 49 عامًا، وقسّموا المشاركات الإناث إلى ثلاث مجموعات:

• المجموعة الأولى: شملت النساء اللاتي حدث انقطاع الطمث المبكر لديهنَّ بين 35 و48 عامًا.
• المجموعة الثانية: شملت النساء اللاتي حدث انقطاع الطمث الطبيعي لديهن بين 49 و52 عامًا.
• المجموعة الثالثة: شملت النساء اللاتي تأخر حدوث انقطاع الطمث لديهن، بين 53 و65 عامًا.

أجرى المشاركون سلسلة من اختبارات التفكير والذاكرة في بداية الدراسة ونهايتها، ثم قام الباحثون بحساب درجات القدرات المعرفية لكل مشارك في الدراسة. وبالإضافة إلى ذلك، درس الباحثون ما إذا كانت النساء قد تلقينَ علاجًا هرمونيًا يحتوي على هرمون الأستروجين. أما بالنسبة لجميع المشاركين، فقد نظروا في 6 عوامل خطر مرتبطة بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية هي:

1. ارتفاع نسبة كوليسترول البروتين الدهني المنخفض الكثافة (المعروف باسم الكوليسترول الضار).
2. السكري.
3. السُّمنة.
4. التدخين.
5. ارتفاع ضغط الدم.
6. استخدام أدوية خفض ضغط الدم.

انقطاع الطمث المبكر وارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب يزيدان من خطر ضعف القدرات المعرفية لدى النساء

قام الباحثون بدراسة العلاقة بين مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والقدرات المعرفية لدى النساء في المجموعات الثلاث، وقارنوها بالرجال. وبعد الأخذ في الاعتبار عوامل مثل العمر والمستوى التعليمي، وجَد الباحثون أن المشارِكات الإناث اللاتي حدث لديهنَّ انقطاع الطمث المبكر واللاتي يعانينَ من ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، قد انخفضت لديهنَّ درجات القدرات المعرفية بعد ثلاث سنوات، وكانت هذه الدرجات من مستويات أقل مقارنة بدرجات المشاركين الذكور في نفس الفئة العمرية.

بينما لم يجد الباحثون علاقة مماثلة لدى النساء اللاتي حدث لديهنَّ انقطاع الطمث الطبيعي، أو انقطاع الطمث المتأخر، وكذلك لم تؤثر العلاجات الهرمونية على النتائج.

الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات

أوضحت الدكتورة رابين أن دراستهم كشفت عن دور مُقلق لانقطاع الطمث المبكر، إذ إنه يفاقم تأثير ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على تراجع القدرات المعرفية لدى النساء. وأشارت إلى أن متابعة المشاركين في الدراسة استمرت على مدى ثلاث سنوات فقط، مما يستدعي إجراء المزيد من الأبحاث على فترات زمنية أطول. وختمت الدكتورة رابين بالتأكيد على أهمية مراعاة عمر النساء عند حدوث انقطاع الطمث، وكذلك مراعاة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية عند وضع استراتيجيات للوقاية من التدهور المعرفي.

تحتوي الدراسة على بعض نقاط الضعف، أبرزها الاعتماد على المشاركات في الإبلاغ عن سن انقطاع الطمث لديهنَّ، ممّا قد يُؤثر على دقة المعلومات، فمن المحتمل ألا تتذكَّر المشاركات هذا العمر بدقة. كما أن الدراسة لم تشمل النساء اللاتي خضعن لعملية استئصال الرحم أو إزالة لأحد المبيضين أو كليهما، لعدم توفر البيانات اللازمة.