بعض السمات الشخصية وخطرها في الاكتئاب

الاكتئاب هو اضطراب نفسي ومزاجي شائع يُصيب ملايين الأشخاص حول العالم، ما يجعله مشكلة رئيسية على الصحة العامة. فلا يقتصر تأثيره على المشاعر وحسب، بل يؤثر أيضًا على التفكير والسلوك، ممّا يسبب مجموعة كبيرة من المشكلات العاطفية والجسدية. كما يؤثر على قدرة الشخص على القيام بأبسط المهام اليومية العادية، وقد يسيطر عليه شعور عميق باليأس وفقدان الأمل.

يختلف الاكتئاب عن التقلّبات المزاجية الطبيعية والانفعالات العابرة تجاه مواقف الحياة اليومية، فهو يؤثر على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك العلاقات مع أفراد الأسرة، والأصدقاء، والمجتمع، وزملاء العمل أو الدراسة. ونظرًا لتأثيره السلبي على حياة الأشخاص، يبذُل العلماء جهودًا حثيثة لفهم العوامل التي تساهم في الإصابة بهذا الاضطراب، وذلك بهدف تطوير استراتيجيات فعّالة للوقاية والعلاج منه.

هل للسمات الشخصية دور في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب؟

أظهرت دراسات سابقة أن درجات أعراض الاكتئاب قد تختلف من شخص لآخر، كما أنها تتغيّر أيضًا خلال مراحل الحياة المختلفة. ومن هذا المنطلق، يعمل الباحثون في مجال الطب النفسي منذ سنوات عديدة على تخفيف وعلاج الاكتئاب، ويسعون إلى معرفة المزيد عن العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب الشائع.

وفي دراسة حديثة أجراها فريق من الأطباء النفسيين وعلماء النفس من معهد ناثان كلاين لأبحاث الطب النفسي في نيويورك، وجامعة كامبريدج في إنجلترا، وكلية ألبرت أينشتاين للطب وجامعة فيرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، تمّ تسليط الضوء على دور السمات أو الصفات الشخصية في زيادة خطر الإصابة بمرض الاكتئاب.

دراسة جديدة تكشف عن السمات الشخصية التي قد تؤدي إلى الإصابة بمرض الاكتئاب

في هذه الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة الاضطرابات العاطفية (Journal of Affective Disorders)، درس فريق البحث ما إذا كانت توجد سمات شخصية معيّنة قد تكون مرتبطة في زيادة خطر الإصابة بمرض الاكتئاب.

وقام الباحثون بإنشاء استبانة لتصنيف السمات الشخصية، تضمّنت أسئلة حول إذا كان المشاركون قد عانوا من الاكتئاب في أي وقت مضى، وإذا كان الأمر كذلك، فمتى وكم بلغت درجة أعراضه.

ثم قاموا بتحليل البيانات من حوالي 1500 استبانة أجراه أشخاص من جميع الفئات العمرية تقريبًا، حيث تراوحت أعمارهم بين 6 إلى 85 عامًا. كما استخدموا مجموعة متنوعة من التقنيات للبحث عن أنماط في البيانات، وكانت إحدى هذه التقنيات تتضمّن تطبيقًا للتعلم الآلي.

الأشخاص الذين يعانون من الانطوائية والعصابية أكثر عرضة للإصابة بنوبات الاكتئاب

أظهرت نتائج الدراسة أن العديد من المشاركين قد عانوا من نوبات الاكتئاب، بينما عانى البعض الآخر من الاكتئاب المزمن. وتوصّل الباحثون إلى أن الأشخاص الذين لديهم سمات شخصية معيّنة، وهي الانطوائية والعصابية، كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبات الاكتئاب.

وكشفوا أن هذه السمات الشخصية المرتبطة بمرض الاكتئاب تتغيّر خلال مراحل الحياة المختلفة، كما وجدوا أيضًا أن هذه الارتباطات كانت أقوى خلال مرحلة المراهقة، وهو أمر منطقي، فقشرة الفص الجبهي للدماغ، التي ترتبط بالعديد من السمات الشخصية، لا تكتمل عملية نموها حتى مرحلة البلوغ.

ما هي أعراض الاكتئاب؟

على الرغم من أن الاكتئاب قد يحدث مرة واحدة فقط خلال الحياة، فإن الأشخاص عادةً ما يعانون من نوبات متعدّدة منه. خلال هذه النوبات، تظهر أعراض الاكتئاب كل يوم تقريبًا وفي معظم الوقت، وقد تشمل ما يلي:

• الشعور بالحزن أو الفراغ أو اليأس أو البكاء.
• نوبات الغضب أو الانفعال أو الإحباط، حتى من الأمور الصغيرة.
• فقدان الاهتمام أو المتعة في معظم الأنشطة المعتادة أو جميعها، مثل الهوايات والرياضة.
• اضطرابات في النوم، بما في ذلك الأرق أو كثرة النوم.
• التعب وانخفاض الطاقة، حتى المهام الصغيرة تتطلّب مجهودًا إضافيًا.
• انخفاض الشهية وفقدان الوزن، أو زيادة الرغبة في تناول الطعام وزيادة الوزن.
• القلق أو التوتر أو الأرق.
• صعوبة في التفكير أو التحدث أو التحرك.
• الشعور بانعدام القيمة أو الشعور بالذنب، والتركيز على إخفاقات سابقة أو لوم الذات.
• صعوبة في التفكير والتركيز واتخاذ القرارات وتذكر الأشياء.
• التفكير بالموت باستمرار، أو التفكير بالانتحار، أو محاولة الانتحار، أو الانتحار.
• مشكلات جسدية غير مبررة، مثل ألم الظهر أو الصداع.

يعاني العديد من المصابين بمرض الاكتئاب من أعراض شديدة بما يكفي للتأثير بشكل سلبي على حياتهم اليومية، فقد يواجهون صعوبة في ممارسة مهامهم اليومية والمعتادة، بما في ذلك العمل أو الدراسة أو الأنشطة الاجتماعية أو العلاقات مع الآخرين، وفي بعض الحالات، قد يشعرون بالحزن والكآبة دون معرفة السبب.