يعاني أكثر من نصف مليار شخص حول العالم من أمراض القلب والأوعية الدموية، وأظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية -مثل قصور القلب- معرَّضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بالخرف، بما في ذلك مرض ألزهايمر. الستاتينات (Statins) هي نوع من الأدوية التي تعمل على خفض مستويات الكوليسترول في الدم، وتساعد على الحماية من السكتة الدماغية والنوبات القلبية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الستاتينات في الوقاية والعلاج من قصور القلب، فقد وجَد باحثون من جامعة هونغ كونغ أن الستاتينات قد تساعد في تقليل خطر الإصابة بالخرف، بما في ذلك مرض ألزهايمر، لدى الأشخاص الذين يعانون من قصور القلب. وقد نُشرت الدراسة مؤخرًا في مجلة لانسيت للصحة الإقليمية. تابِع القراءة لتتعرف على التفاصيل.
هل تمنع الستاتينات الخرف؟
أوضح المسؤول الأول عن الدراسة أن بحثه دَرَس العلاقة المحتملة بين العلاج بالستاتينات (Statins) وحدوث الخرف لدى المرضى الذين يعانون من قصور القلب، وقال البروفيسور: إن الأبحاث السابقة تشير إلى أن الستاتينات قد يكون لها تأثيرات وقائية عصبية (neuroprotective effects)، بالإضافة إلى عملها بخفض الكوليسترول، وذلك بعد ملاحظة أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية -مثل قصور القلب- معرَّضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بالخرف وأنواعه الفرعية، بما في ذلك مرض ألزهايمر، والخرف الوعائي، والخرف غير المحدد.
هذه ليست الدراسة الأولى التي تبحث وتدرس العلاقة بين هذا الدواء وتقليل من خطر الإصابة بالخرف، فقد وجَدت دراسة نشرت في ديسمبر 2023 أن الأشخاص الذين تناولوا الستاتينات شهدوا تحسنًا في الإدراك على مدى ثلاث سنوات.
وأفاد بحث نُشر في فبراير 2018 أن هذا الدواء قد يوفّر دورًا علاجيًا في استهداف السُّمِّية العصبية الناجمة عن بروتين بيتا أميلويد، الذي يُعتبر أحد أسباب مرض ألزهايمر.
علاقة الستاينات وألزهايمر
بالنسبة للدراسة الحالية، تم تحليل البيانات من أكثر من 104000 شخص تم تشخيصهم أوليًا بقصور القلب ضمن قاعدة بيانات نظام تحليل البيانات والإبلاغ السريرية في هونغ كونغ. استخدَم نحو 54000 شخص الستاتينات، ونحو 50000 لم يستخدموها.
قام العلماء بتحليل أربعة أنواع من الستاتينات التي يستخدمها المرضى، بما في ذلك:
- سيمفاستاتين
- أتورفاستاتين
- روسوفاستاتين
- فلوفاستاتين
كما قاموا بفحص مخاطر الإصابة بثلاثة أنواع من الخرف:
- مرض ألزهايمر.
- الخرف الوعائي vascular dementia
- الخرف غير المحدد unspecified dementia.
بعد التحليل، أفاد الباحثون أن:
- استخدام الدواء كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 20٪ مقارنة بعدم استخدامها.
- ووجد العلماء أيضًا أن استخدام الستاتينات كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بمرض ألزهايمر بنسبة 28%.
- انخفاض خطر الإصابة بالخرف الوعائي بنسبة 18%.
- انخفاض خطر الإصابة بالخرف غير المحدد بنسبة 20%.
لقد فوجئ العلماء القائمون على البحث إلى حد ما عندما وُجِد مثل هذا الارتباط القوي بين استخدام هذا الدواء وانخفاض خطر الإصابة بالخرف لدى مرضى قصور القلب.
وأضاف الباحثون: "في حين كانت هناك بعض الأبحاث السابقة التي تشير إلى أن الستاتينات قد يكون لها تأثيرات وقائية عصبية، فإن حجم التأثير الذي لاحظناه في دراستنا كان كبيرًا للغاية، كذلك لم يكن من الواضح تمامًا ما إذا كانت هذه التأثيرات ستكون محددة لأنواع معيّنة من الخرف، أو ما إذا كانت ستكون عامة، تشير النتائج التي توصَّلنا إليها إلى أن علاج الستاتينات قد يكون مفيدًا في تقليل خطر الإصابة بأنواع متعددة من الخرف لدى مرضى قصور القلب".
كيف تقلل الستاتينات من خطر الإصابة بالخرف؟
استنادًا إلى الفهم الحالي للستاتينات وتأثيراتها المحتملة على خطر الإصابة بالخرف، ذكر الخبراء بأن هناك العديد من الآليات التي قد تفسر آثارها المفيدة:
- أولاً، أوضحوا أنها تُستخدم في المقام الأول لخفض مستويات الكوليسترول، ويرتبط ارتفاع الكوليسترول بزيادة خطر الإصابة بالخرف. من خلال خفض مستويات الكوليسترول، قد تساعد الستاتينات في منع تراكم اللويحات والتشابكات في الدماغ، وهي السمات المميزة لمرض ألزهايمر.
- ثانياً، أشار الباحث الرئيسي للبحث إلى الخصائص المضادة للالتهابات التي تتمتع بها، وأوضح أنه يُعتقد أن الالتهاب المزمن يلعب دورًا في تطور الخرف. ومن خلال الحد من الالتهاب، قد تساعد الستاتينات على حماية الدماغ من التلف والتنكس العصبي.
- ثالثًا، ثبت أن الستاتينات تعمل على تحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية، وهو عامل خطر كبير للإصابة بالخرف الوعائي.
- أخيرًا، تم اكتشاف أن الستاتينات لها خصائص مضادة للأكسدة، والتي يمكن أن تساعد في تقليل الإجهاد التأكسدي في الجسم، ومن المعروف أن الإجهاد التأكسدي يساهم في تطور الأمراض التنكسية العصبية، بما في ذلك الخرف.
هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث حول هذه التأثيرات
بعد مراجعة هذه الدراسة، قال أحد أطباء القلب أنه فوجئ بنتائج البحث، وأوضح أنه لا يُنصَح باستخدام الستاتينات تقليديًا لعلاج قصور القلب على وجه التحديد، وأكد على استخدمها للمرضى الذين يعانون من ارتفاع نسبة الكوليسترول، والوقاية الثانوية لدى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن قصور القلب في حد ذاته ليس من الحالات التي نشاهدها عادةً في نظام العلاج بالستاتينات.
لذا كان من المثير للإعجاب للغاية أن نرى في هذه الدراسة أن الستاتينات كانت قادرة على الحد من حدوث الخرف في جميع المجالات. على وجه الخصوص، كان من المثير للإعجاب أن نرى أنها كانت قادرة على الحد من الخرف في جميع الفئات الفرعية، وليس فقط الخرف الوعائي، والذي تتوقع أن يكون له نوع من الفوائد الإيجابية.
وقال أيضًا: إن هذه النتائج مثيرة للاهتمام، وتدعم عمومًا استخدام الستاتينات ليس فقط لحماية نفسك من أمراض الأوعية الدموية، ولكن أيضًا ضد تطور الخرف.