تُقدّم الرياضة فوائد عديدة لا حصر لها للصحة الجسدية والنفسية، بدءًا من تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وتعزيز قوة العضلات والعظام، إلى المساعدة في التحكم بالوزن، وتحسين الحالة المزاجية، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وفي دراسة حديثة أجرتها جامعة توركو في فنلندا، توصل الباحثون إلى أن ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يمكن أن تعزز قدرة الجسم على مكافحة سرطان الثدي من خلال زيادة نسبة خلايا الدم البيضاء التي تقتل الأورام السرطانية لدى مرضى سرطان الثدي. نُشرت الدراسة في مجلة Frontiers in Immunology العلمية في 24 حزيران/يونيو 2024.
أنواع خلايا الدم البيضاء وتأثيرها على نمو السرطان
خلايا الدم البيضاء هي خلايا جهاز المناعة في الجسم التي تحارب السرطان والبكتيريا والفيروسات، ولكن لا تدمر كل خلايا الدم البيضاء الخلايا السرطانية، فبعضها يمكن أن يعزز نمو السرطان بدلًا من القضاء عليه.
ما هي أنواع خلايا الدم البيضاء التي تحارب السرطان؟
أهم أنواع خلايا الدم البيضاء التي تدمر الخلايا السرطانية هي:
- الخلايا التائية السامة.
- الخلايا القاتلة الطبيعية.
ما هي أنواع خلايا الدم البيضاء التي تدعم السرطان؟
تشمل أنواع الدم البيضاء التي قد تدعم نمو السرطان في بعض الحالات:
- الخلايا التائية المنظِّمة.
- الخلايا المثبطة للمناعة المشتقة من النخاع أو نقي العظام.
كيف يحدد توازن خلايا الدم البيضاء قدرة الجسم على مكافحة سرطان الثدي ؟
أوضحت الدكتورة تيا كويفولا، الباحثة والمؤلفة الرئيسية للدراسة من جامعة توركو الفنلندية، أن توازن خلايا الدم البيضاء في الجسم يحدد قدرة الجهاز المناعي على محاربة السرطان، وقالت: "التوازن بين الأنواع المختلفة من خلايا الدم البيضاء يحدد ما إذا كان جهاز المناعة يعمل على تدمير خلايا السرطان أو دعمها، فإذا كان عدد الخلايا المدمرة للسرطان أكبر من عدد الخلايا التي تدعم نمو السرطان في منطقة الورم، يكون الجسم أكثر قدرة على محاربة السرطان".
تأثير ممارسة الرياضة على خلايا الدم البيضاء وقدرة الجسم على مكافحة سرطان الثدي
أجرى باحثون من جامعة توركو في فنلندا دراسة شملت 20 مريضة تم تشخيصهن بسرطان الثدي حديثًا ولم يبدأن بعد في تلقي العلاج، وذلك لتقييم تأثير التمرين على أنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء في أجسامهن. خلال الدراسة، قامت المشاركات بركوب دراجة ثابتة لمدة 30 دقيقة بدرجة مقاومة حسب اختيارهن، وتم أخذ عينات الدم من المريضات أثناء الراحة قبل التمرين، وخلال التمرين، وبعده، وتم تحليلها لحساب نسبة أنواع خلايا الدم البيضاء المختلفة، ومقارنة الكميات التي تم قياسها أثناء التمرين بتلك التي تم قياسها أثناء الراحة.
ووجد الباحثون أنه أثناء التمرين، ارتفع عدد أنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء في مجرى الدم، وازداد عدد الخلايا التائية السامة والخلايا القاتلة الطبيعية أكثر من غيرها، وهي الخلايا المدمرة للسرطان. وفي المقابل، لم يتغير عدد الخلايا التائية المنظِّمة والخلايا المثبطة للمناعة المشتقة من النخاع أو نقي العظام، وهي الخلايا التي تدعم نمو السرطان. كما فحص الباحثون أيضًا النسب المئوية لأنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء مقارنة بإجمالي عدد خلايا الدم البيضاء، ووجدوا أن نسبة الخلايا القاتلة الطبيعية قد ارتفعت بعد التمرين بشكل ملحوظ، بينما انخفضت نسبة الخلايا المثبطة للمناعة المشتقة من نخاع العظام.
ممارسة الرياضة تعزز قدرة الجسم على مكافحة سرطان الثدي
أشارت الدكتورة كويفولا إلى أن التمرين يُحفّز جهاز المناعة الذي بدوره يعمل على مكافحة سرطان الثدي، وأوضحت قائلة: "وجدنا أنه أثناء التمرين، يزداد عدد ونسبة الخلايا المدمرة للسرطان في مجرى الدم، بينما تظل نسبة الخلايا التي تدعم نمو السرطان كما هي أو تنخفض. ومع ذلك، ما يزال من غير الواضح إذا ما كانت هذه التغييرات التي لوحظت في مجرى الدم تؤدي أيضًا إلى تغييرات في عدد خلايا الدم البيضاء في منطقة الورم أم لا".
وأضافت: "لاحظنا في هذه الدراسة، انخفاض عدد جميع أنواع خلايا الدم البيضاء تقريبًا إلى مستوياتها أثناء الراحة بعد ساعة واحدة من التمرين. ووفقًا لمعرفتنا الحالية، لا يمكننا تحديد أين تذهب خلايا الدم البيضاء بعد التمرين، ولكن أظهرت الدراسات ما قبل السريرية أن الخلايا المدمرة للسرطان تنتقل إلى منطقة الورم".
مكافحة سرطان الثدي .. كيف يؤثر حجم الورم ونوعه على استجابة خلايا الدم البيضاء للتمرين؟
قام الباحثون أيضًا بتحليل تأثير أنواع مختلفة من سرطان الثدي على استجابة خلايا الدم البيضاء للتمارين الرياضية، ووجدوا أنه كلما كان حجم الورم أكبر، قلت الزيادة في عدد الخلايا القاتلة الطبيعية، وإذا كانت خلايا سرطان الثدي تحمل مستقبلات الهرمونات الإستروجين و/أو البروجسترون، قلّت الزيادة في عدد الخلايا التائية السامة مقارنة بالسرطانات التي لا تحمل مستقبلات هذه الهرمونات.
وقالت الدكتورة كويفولا: "في دراستنا السابقة، وجدنا مؤشرات بسيطة على أن نوع سرطان الثدي قد يؤثر أيضًا على نتائج التمرين على خلايا الدم البيضاء، ما دفعنا لدراسة هذه التأثيرات بشكل أعمق. ومع ذلك، فإن العلاقات التي وجدناها لم تكن قوية بما يكفي لاستخلاص استنتاجات حاسمة. ووفقًا لمعرفتنا الحالية، فإن ممارسة الرياضة مفيدة لجميع مرضى السرطان، وتدعم دراستنا الأخيرة هذا الاعتقاد".