تبحث دراسة جديدة في إحدى الطرق التي قد يؤثر بها ارتفاع درجة حرارة كوكبنا سلباً على صحة الإنسان، ووجَد مؤلفو الدراسة ارتفاعاً بنسبة 7٪ في خطر الإصابة بالسكتات الدماغية في الأجواء الحارة في الليل، خاصة بين النساء المسنات.
الأجواء الحارة وارتباطها بارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية
في هذه الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتحليل بيانات المرضى من مستشفى أوغسبورغ في ألمانيا على مدى 15 عاماً، ووجد الباحثون أنه تم تشخيص 11037 حالة سكتة دماغية بين عامي 2006 و2020، من مايو إلى أكتوبر، وهي الأشهر الأكثر دفئاً. وكان متوسط عمر مرضى السكتة الدماغية 71.3.
وكان النوع الأكثر شيوعاً من السكتات المسجلة في الدراسة هو السكتات الدماغية. وكان هناك أيضًا 642 سكتة دماغية نزفية و2947 نوبة إقفارية عابرة، وتم اعتبار معظم السكتات الدماغية المشمولة في الدراسة سكتات دماغية بسيطة أو متوسطة الخطورة (85٪). تحدث السكتة الدماغية عندما يحدث انسداد في أحد شرايين الدماغ، وتحدث السكتات الدماغية النزفية عند تمزقه، والسكتات الدماغية التحذيرية، أو النوبات الإقفارية العابرة، هي انسدادات مؤقتة عابرة في أحد شرايين الدماغ تحاكي السكتة الدماغية، ولكنها لا تؤدي إلى أعراض دائمة.
ولتقييم ارتباط السكتات الدماغية بالليالي الأكثر حرارة والأجواء الحارة قام الباحثون بتحليل البيانات من محطة الأرصاد الجوية المحلية التي سجلت الظروف الجوية على مدار الساعة، بما في ذلك درجة الحرارة والرطوبة النسبية والضغط الجوي، كما قاموا بالتحكم في درجة الحرارة أثناء النهار لتقليل تأثيراتها على أحداث السكتة الدماغية الليلية.
ولاحظ الباحثون زيادة طفيفة في عدد حالات السكتات الدماغية خلال الأجواء الحارة في الليل من عام 2013 إلى عام 2020 مقارنة بالفترة من عام 2006 إلى عام 2012، وهي فترة زمنية كانت فيها درجات الحرارة أكثر برودة.
وكان الأشخاص الأكثر عرضة للحرارة الليلية هم كبار السن، وخاصة النساء، والأفراد الذين يعانون من أعراض السكتة الدماغية الخفيفة.
لماذا قد تزيد الأجواء الحارة من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية؟
يعد نظام القلب والأوعية الدموية جزءًا رئيسيًا من تنظيم حرارة أجسامنا، وعندما تكون هناك حرارة شديدة، فإنها تتداخل مع مدى قدرة نظام القلب والأوعية الدموية على تنظيم درجة حرارة الجسم، وهذا يضع أنظمة عمل الجسم تحت الضغط. ويمكن أن يؤدي الجفاف الناتج عن الحرارة إلى الضغط على القلب والجسم، ويمكن أن يؤدي التعرق الزائد إلى اختلال توازن الشوارد (الإلكتروليتات).
وتؤثر الحرارة أيضاً على كيفية انقباض الأوعية الدموية وتمددها، لذلك من المحتمل أن تسبب هذه التأثيرات ظهور أعراض أمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية. وأضاف الباحثون أن الحرارة الشديدة هي عامل ضغط يمكن أن يسبب ارتفاعًا في ضغط الدم، بل وربما يزيد من قابلية تخثر الدم. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الأشخاص الذين يعانون من حالات مرَضية موجودة مسبقًا عرضة للإصابة بشكل خاص.
هل تعد نتائج هذه الدراسة مثيرة للقلق؟
قد تكون نتائج الدراسة مثيرة للقلق ولكنها ليست مفاجئة، فنحن نعلم من الدراسات السابقة أن درجات الحرارة المرتفعة بشكل عام تزيد من أمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية. استخدَم الباحثون في هذه الدراسة تحليلًا إحصائيًا قويًا امتد لسنوات عديدة، لذلك يبدو هذا الأمر مهمًا. وبما أن هناك علاقة بين الظروف الجوية الشديدة الحرارة والمزيد من النوبات القلبية، فلن يكون من المستغرب العثور على علاقة مماثلة مع السكتات الدماغية، ومع ذلك، تظل العلاقة السببية غائبة.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن هناك بعض التغييرات التي تطرأ على الجسم عند اختلاف درجات الحرارة المحيطة، وذلك سواء كان هناك ارتفاع أو انخفاض شديد في الأجواء المحيطة، وهذه التغييرات يمكن أن تؤثر على الجسم سلباً لتجعله أكثر عرضة لأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغية. إذاً، الأجواء الحارة جداً أو الباردة يمكن أن تكون أكثر خطراً على صحة الإنسان وخاصة لدى كبار السن، لهذا ينصح دائماً بتواجد كبار السن في أجواء ذات درجات حرارة معتدلة بعيداً عن الحرارة أو البرودة الشديدة للحفاظ على صحتهم وسلامتهم بشكل عام، ولا بد من ضرورة الإكثار من شرب السوائل باستمرار.