البنكرياس الصناعي يمنح الأمل لمرضى السكري
وافقت هيئات مراقبة الأغذية والدواء على استخدام جهاز جديد لعلاج مرضى السكري من النوع الأول، يقترب من عمل البنكرياس الطبيعي واسمه البنكرياس الصناعي.
دور البنكرياس في تنظيم سكر الدم
تنظم خلايا خاصة في غدة البنكرياس مستويات السكر في الدم عن طريق إحساس هذه الخلايا بمستوى السكر في الدم، وإفراز هورمون الإنسولين إذا ارتفع سكر الدم، أو إفراز هورمون الغلوكاغون إذا انخفض سكر الدم. ويحدث مرض السكري عندما يحدث ضرر في غدة البنكرياس فيضطرب إفراز هذَين الهورمونَين. من المعروف أن هناك نوعَين من السكري: النوع الأول الوراثي الذي يحدث عادة عند الأطفال والشباب، والنوع الثاني الذي يتعلق بعوامل عديدة ويحدث عادة عند الكبار.
يتراكم سكر الدم في كريات الدم الحمراء في ما يسمى "خضاب الدم السكري" عند مرضى السكري غير المنضبط. وينصح أن يكون خضاب الدم السكري (السكر التراكمي) أقل من 7 بالمئة لتجنب مضاعفات السكري وأضراره على الشرايين في الدماغ والعين والقلب والكلية والأطراف ...
ينصح جميع مرضى السكري، خاصة من النوع الأول، بضبط سكر الدم ضمن المستويات الطبيعية (أعلى من 80 مغ/دل، وأقل من 180 مغ/دل)، وضبط السكر التراكمي أقل من 7 بالمئة.
مصاعب السكري من النوع الأول
ضبط مستوى سكر الدم عند المصابين بالسكري من النوع الأول أصعب من النوع الثاني بسبب وجود نقص شديد في إفراز هورمون الإنسولين لديهم. ويتم علاجهم حالياً بإجراء قياسات سكر الدم عدة مرات كل يوم بجهاز وخز الإصبع، وإعطاء الجرعة المناسبة من الإنسولين عن طريق الحقن تحت الجلد بأقلام خاصة عدة مرات في اليوم أيضاً. ويسبب ذلك مصاعب عديدة للمريض وللأهل، خاصة عندما يكون المريض طفلاً. وقد يحتاجون لإجراء هذه القياسات وإعطاء الإنسولين في الليل، ما يسبب للمريض وللأهل مصاعب إضافية. كما يهدد مرضى السكري من النوع الأول بحدوث نوبات النقص الشديد في سكر الدم، والتي قد تؤدي إلى حالة من الإغماء والصدمة أحياناً، أو نوبات ارتفاع سكر الدم وحدوث ما يسمى بالإغماء السكري.
خطوة أقرب إلى البنكرياس الصناعي
أمكن صنع وبرمجة مضخة إنسولين يمكنها أن تقرأ آلياً قياسات السكر التي يقيسها حساس مزروع يبث نتائج قياساته لاسلكياً إلى المضخة دون الحاجة إلى إدخال هذه المعلومة يدوياً. أي أصبحت مضخة الإنسولين تتصل لاسلكياً مع حساس قياس السكر، وتقوم بحساب جرعة الإنسولين اللازمة، وإعطائها للمريض عن طريق إبرة مزروعة في جسمه تحت الجلد وموصولة بالمضخة. يعتبر هذا الجهاز نوعاً من الحلقة المُغلقة الهَجينة التي صنعتها شركة الإلكترونيات الأميركية مترونيك، وأطلقت على الجهاز اسم مينيميد.
في الطريق إلى البنكرياس الصناعي
استُخدم الإنسولين الحيواني منذ عشرينيات القرن العشرين في علاج السكري، كذلك جرى تصنيع الإنسولين البشري بوسائل الهندسة الوراثية، وأُنتِج على نطاق واسع، وحلَّ مَحلَّ الإنسولين الحيواني في علاج السكري منذ الثمانينيات بنجاح كبير، خاصة عند مرضى السكري من النوع الأول (الشبابي). ولكن يحتاج العلاج بالإنسولين إلى قياس مستوى السكر في الدم عدة مرات يومياً في بعض الأحيان لضبط الجرعة المناسبة من الإنسولين، ولتجنب حدوث نوبات نقص السكر.
هل وصلنا إلى البنكرياس الصناعي ؟
ليس بعد. هذه المضخة الجديدة مع حساسات قياس السكر المستمرة هي خطوة جيدة بالطبع، إلا أننا نحتاج إلى خطوات أخرى ومزيد من البحث العلمي قبل أن نتوصل إلى استخدام بنكرياس صناعي حقيقي، وذلك في النواحي التالية:
- نحتاج إلى أن نضيف إلى المضخة: خزانا آخر وبرنامجا معلوماتيا لحقن الغلوكاغون.
- نحتاج إلى تحسين دقة حساسات قياس السكر، وتطويل مدة صلاحيتها.
- بعد تحقيق الخطوات السابقة، نحتاج إلى جعل المضخة، وربما حساسات قياس السكر أيضاً، قابلة للزرع داخل جسم الإنسان، ربما تحت الجلد في منطقة البطن، ولا تظل محمولة خارج الجسم، ومتصلة مع الجسم عن طريق إبر دقيقة، واتصال لاسلكي
دراسة حديثة عن البنكرياس الصناعي
في 20 يناير 2022، نُشرت نتائج دراسة عالمية اشترك فيها باحثون من سبعة مراكز في أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا والنمسا ولوكسمبورغ في الفترة 2019-2020، جرت فيها مقارنة ضبط سكر الدم عند مجموعتَين من الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول الذين تراوح أعمارهم بين سنة وسبع سنوات.
استُخدمت في أفراد المجموعة الأولى مضخة تقوم آلياً بوظيفة البنكرياس في تنظيم سكر الدم اعتماداً على معلومات تأخذها لاسلكياً من حساسات تحت الجلد تقيس سكر الدم، وتنقل هذه القياسات إلى هاتف جوال يحمل برنامجاً خاصاً يغذي المضخة بالمعلومات اللازمة لكي تحقن كمية الإنسولين اللازمة تحت الجلد (نوع من البنكرياس الصناعي).
جرت مقارنة ضبط مستويات سكر الدم عند هذه المجموعة مع مجموعة من أقرانهم الذين ضُبط سكر الدم عندهم باستخدام مضخات إنسولين تُزوَّد يدوياً بمعلومات عن سكر الدم لديهم. سُجِّلَت النسبة المئوية من الزمن الذي تكون فيه قياسات سكر الدم ضمن المجال المقبول من 70 إلى 180 مغ/دل عند أفراد هاتَين المجموعتَين خلال فترة التجربة (16 أسبوعاً).
كذلك جرى تسجيل النسبة المئوية للفترات التي يكون فيها سكر الدم أكثر من 180، أو أقل من 70، وقياس السُّكر التراكمي (الخضاب السكري)، ومتوسط مستوى سكر الدم، وتسجيل السلامة والتحمل في استخدام الجهاز.