صحــــتك

ما هو الاحتراق الوظيفي وكيف يمكنك التعامل معه؟

الاحتراق الوظيفي

لا بد أن يكون قد مر معظمنا بالعديد من الضغوطات أثناء العمل، الأمر الذي ينعكس سلباً على الحالة النفسية من جهة وعلى الأداء الوظيفي من جهة أخرى. فقد تؤدي كثرة المهام وعدم القدرة على إتمامها بشكل سليم في الوقت المحدد إلى الشعور بالضغط النفسي والتوتر الشديد، وتسمى هذه الحالة المفرطة من التوتر أثناء العمل بمصطلح الاحتراق الوظيفي ، فما هو الاحتراق الوظيفي وكيف يمكنك التعامل معه؟

ما هو الاحتراق الوظيفي ؟

يُشار إلى الاحتراق الوظيفي بشكل عام على أنه عدم القدرة على التعامل مع الضغط النفسي المزمن في العمل بسبب عدم كفاية الموارد اللازمة للتعامل مع متطلبات الوظيفة، وتعرّفه منظمة الصحة العالمية في المراجعة الحادية عشرة للتصنيف الدولي للأمراض (ICD-11) بأنه متلازمة ناتجة عن الإجهاد المزمن في مكان العمل الذي لم تتم إدارته بنجاح. وفي التصنيف الدولي للأمراض ICD-11، يعد الاحتراق الوظيفي ظاهرة مهنية يتم تصنيفه على أنه ذو ثلاثة أبعاد:

  • الإنهاك العاطفي: الشعور باستنزاف الطاقة أو الإرهاق.
  • زيادة السخرية أو التجرد الشخصي: زيادة البُعد الذهني عن الوظيفة أو الشعور بالسلبية أو السخرية المتعلقة بالوظيفة.
  • ضعف الإنجاز الشخصي: الشعور بانخفاض الكفاءة المهنية وانعدام الإنجاز.

الإنهاك الجسدي والنفسي

يؤدي ذلك إلى عدم القدرة على الانخراط بشكل كامل في العديد من جوانب العمل، وخاصة تلك الجوانب التي تنطوي على التفاعل. وقد يصبح الكلام سطحياً وتتضاءل إيماءات الجسم والوجه، إذ يصبح الشخص أقل استجابة لمتطلبات الموقف في التفاعل المهني. وهنا يبدأ الآخرون بملاحظة أن الشخص الذي يعاني من الاحتراق الوظيفي متعباً باستمرار، ويفتقر إلى الطاقة والحيوية.

التجريد الشخصي

هذا هو الميل إلى نزع الطابع الشخصي عن أولئك الذين يضطر المرء إلى التفاعل معهم بحيث لا يُنظر إلى الآخرين كأفراد، وتصبح المواقف مجرد جزء من الروتين العادي. وهنا يصبح الشخص الذي يعاني من الاحتراق الوظيفي غير قادر على امتلاك أي من مهارات التواصل الفعّال والمجدي مع الآخرين، بل ويصبح الأمر عبئاً عليه، فإما يصبح شخصاً كثير السخرية من المواقف أو منعزلًا عن الآخرين.

عدم وجود إنجاز شخصي

وعادةً ما يصاحب ذلك الشعور بالإرهاق، ويميل الفرد إلى الشعور بالقليل من الإحساس بالإنجاز فيما يتعلق بالوظيفة، حتى لو كان الواقع مختلفًا تمامًا. فيبدأ بالشعور بالإحباط وفقدان الثقة بالنفس، والشعور بفقدان القيمة، أو بأن أي مجهود يقوم به لا فائدة منه، أو أنه مهما أنجز من مهام لن يتمكن من إنجازها على النحو المطلوب، فلن يشعر بالرضا عن ذاته مهما حاول.

ما هو مدى انتشار ظاهرة الاحتراق الوظيفي ؟

يمكن أن يحدث الاحتراق الوظيفي في أي مهنة. ومع ذلك، فقد وُجد أنه أكثر ما يحدث بين الأشخاص المحترفين في مهن الرعاية الطبية والتمريض والعمل الاجتماعي وتقديم المشورة والتدريس، ويرتبط عادةً بالآثار المطولة والتراكمية للإجهاد والضغط النفسي الذي ينشأ عن التفاعل الشخصي مع أفراد المجتمع بشكل يومي. ويمكن أن يعاني العاملون في مجال الرعاية الصحية من الاحتراق الوظيفي نتيجة لنقص المهارات والعوامل التنظيمية وانخفاض الدعم الاجتماعي في العمل، مما قد يؤدي إلى الشعور بالضيق والإرهاق والمشكلات النفسية والجسدية، وتدهور نوعية الحياة ونقص القدرة على تقديم الخدمات على النحو المطلوب.

ما هي مسببات الاحتراق الوظيفي ؟

أي شخص يمتلك وظيفة تتطلب التعامل المستمر مع الآخرين وبشكل يومي يعد تحت خطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي، لكن هناك أسباب متعددة تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، ومن أبرز هذه الأسباب ما يلي:

  • انعدام السيطرة، وعدم القدرة على التأثير على القرارات التي تؤثر على العمل (مثل جدول العمل أو المهام أو عبء العمل) أو عدم وجود الموارد اللازمة للعمل بفعالية.
  • عدم وضوح التوقعات الوظيفية، وعدم اليقين فيما يتعلق بدرجة السلطة أو ما هو متوقع في العمل.
  • ديناميكيات مكان العمل المختلة مثل التنمر والشعور بالتقليل من شأن الآخرين.
  • اختلاف القيم الشخصية عن تلك القيم في بيئة العمل.
  • العمل الذي لا يتناسب مع اهتمامات الشخص ومهاراته، مما يسبب التوتر.
  • عمل رتيب دائمًا أو فوضوي، مما قد يؤدي إلى الإرهاق وإلى الاحتراق الوظيفي.
  • نقص الدعم الاجتماعي، سواء في العمل أو خارج العمل.
  • عدم التوازن بين العمل والحياة، مع عدم وجود وقت وطاقة بشكل كافٍ لقضائهما مع العائلة والأصدقاء.

كما تلعب الشخصية دورًا حاسمًا في الطرق التي يتفاعل بها الأفراد مع البيئة، وتشير الأدلة التجريبية إلى أن بعض جوانب الشخصية قد تؤثر على متوسط مستويات التوتر والاضطرابات المرتبطة بالتوتر مثل الاحتراق الوظيفي.

أعراض قد تشير إلى الاحتراق الوظيفي

تختلف الأعراض المصاحبة للاحتراق الوظيفي باختلاف الأفراد وشخصياتهم ومدى قدرتهم على تحمل الضغوطات المختلفة، ولكنها غالبًا ما تشمل:

  • ضعف الذاكرة والتركيز، والقلق والاكتئاب، وآلام الرقبة أو الظهر، والوخز أو الخدر، والتعب، والصداع، ومشكلات الجهاز الهضمي، ومشكلات الجهاز التنفسي، وصعوبات النوم، والحساسية للألم.
  • تشمل الأعراض الأخرى الشعور بالذنب والإنكار، وفقدان الرغبة الجنسية، وعدم التعاون، ومقاومة التغيير والاستياء والسخرية، والشعور بالعزلة والارتياب والشك وسرعة الانفعال والعدوانية وسرعة الغضب.
  • قد تتطور هذه الأعراض إلى سوء تنظيم الوقت أو التردد أو سلوك التجنب أو اللامبالاة، أو الظهور بمظهر الانطواء، أو إدمان الكحوليات أو العقاقير، أو غيرها من السلوكيات الخطرة.

قد يكون الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي أكثر عرضة للأكل العاطفي والأكل غير المنضبط، وتقل قدرتهم على إجراء تغييرات في سلوكهم الغذائي، مما يسبب خطر زيادة الوزن والسمنة. وقد ثبت أن الإرهاق عامل خطر للإصابة بأمراض القلب التاجية، بما في ذلك احتشاء عضلة القلب. كما ارتبط أيضاً بانخفاض القدرة على التعامل مع التوتر، كما أن متلازمة الاحتراق الوظيفي تنبئ بالإصابة بالاكتئاب والتغيب عن العمل وتراجع القدرة على العمل.

التعامل مع الاحتراق الوظيفي

تحدّث مع الآخرين واطلب المساعدة إذا لزم الأمر، ولا تخَف من الاقتراب من شخص آخر لطلب المساعدة، وكن على ثقة أنهم لن ينظروا إليك كشخص ضعيف ومثير للشفقة، ولكنهم قد يكونون قادرين على تقديم المساعدة والمشورة بالإضافة إلى الدعم المعنوي. وإليك أهم النصائح التي قد تساعدك:

  • احرص على السيطرة على الضغوطات التي تساهم في الإنهاك المهني، وحدّد أسباب الاحتراق الوظيفي من أجل وضع خطة للتغلب عليها.
  • قيّم الخيارات وناقش المخاوف المحددة مع زميل أو مشرف أو مدير مناسب، وانظر في الحلول الممكنة، مثل تغيير التوقعات، أو ترتيب تسوية أو حل وسط في مكان العمل.
  • قد تشمل التغييرات المفيدة المحتملة المشاركة الوظيفية، أو العمل من المنزل، أو ساعات العمل المرنة، أو الاستعانة بمرشد، أو التفكير في التعليم المستمر أو التطوير المهني.
  • فكر في طرق لتحسين النظرة المستقبلية، وإعادة اكتشاف الجوانب الممتعة في عملك، وتقدير زملائك في العمل على المساهمات القيمة أو العمل المنجز بشكل جيد. خذ فترات راحة قصيرة على مدار اليوم، واقضِ وقتًا بعيدًا عن العمل في القيام بأشياء ممتعة، وحاول أن تسيطر على المطالب غير المعقولة وغير الواقعية.
  • اطلب الدعم، واستعن بالزملاء أو الأصدقاء أو الشركاء، أو أي شخص مناسب آخر لتقديم الدعم للمساعدة في التغلب على ضغوط العمل ومشاعر الإنهاك.
  • قيّم الاهتمامات والمهارات والشغف، إذ يمكن أن يساعد التقييم الصادق في تحديد ما إذا كان ينبغي التفكير في وظيفة بديلة، مثل وظيفة أقل تطلبًا أو وظيفة تتوافق بشكل أفضل مع الاهتمامات والقيم الأساسية.
  • يمكن أن تساعد ممارسة التمارين البدنية بانتظام، مثل المشي أو ركوب الدراجات، الشخص على تحسين طريقة تعامله مع التوتر.
  • خذ إجازاتك من العمل.

الأسئلة الأكثر شيوعاً

ما هو العلاج الأمثل لمشكلة الاحتراق الوظيفي؟

مع الأخذ في الاعتبار القيود المختلفة التي قد يشهدها من يعاني من الاحتراق الوظيفي، يعتبر العلاج المعرفي السلوكي والاستشارة النفسية من قبل أخصائي نفسي من أكثر العلاجات فعالية في الحد من هذه المشكلة وعلاجها ومعرفة الأسباب الكامنة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

ما هي التمارين الرياضية الأنسب للتعامل مع الاحتراق الوظيفي؟

البيلاتيس، إذا كنت تعاني من الشد والإجهاد العضلي كأحد الأعراض الجسدية للاحتراق الوظيفي، فيمكن للبيلاتيس أن يقلل من ذلك، مع تقوية عضلاتك وشدها. والرقص أيضًا، فلا تقتصر متعة الرقص على الرقص بحد ذاته فحسب، بل إنه أيضاً فرصة مثالية للاستمتاع ببعض الموسيقى.

نصيحة عامة

كما هو الحال مع العديد من الأمراض، فإن التشخيص والعلاج المبكر يعطي أفضل الحلول. فمن المحتمل أن تكون العديد من المتغيرات المرتبطة بالعمل والمرتبطة بارتفاع مستويات اعتلال الصحة النفسية قابلة للتغيير، وينبغي على المؤسسات أن تتيح برامج التدخل في حالات الاحتراق الوظيفي للموظفين. ومع ذلك، قد يكون من الضروري إيجاد مهنة مختلفة أو مكان عمل مختلف.

آخر تعديل بتاريخ
17 ديسمبر 2024
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.