دراسة جديدة تُظهر تأثير البوتاسيوم على ضغط الدم

بينما تُركِّز النصائح الغذائية للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم على تقليل تناول الملح، أظهرت دراسة جديدة أن زيادة تناول البوتاسيوم قد يكون على نفس القدر من الأهمية. وكشفت الدراسة التي نُشرت في مجلة ارتفاع ضغط الدم البشري (JHH) الطبية، عن دَور البوتاسيوم في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم)، وهي حالة صحية تُهدِّد حياة أكثر من 11 مليون شخص حول العالم سنويًا.

تأثيرات البوتاسيوم والصوديوم على ضغط الدم

قالت الدكتورة ليبينغ هوانغ، المؤلِّفة الرئيسية لهذه الدراسة، إن تأثيرات الصوديوم والبوتاسيوم على ضغط الدم كانت معروفة منذ فترة طويلة. ولكن البحث الأخير حول بدائل الملح الغنية بالبوتاسيوم التي تزيد من البوتاسيوم، جعلته محور اهتمام كبير.

وأضافت: "ينتشر استهلاك كميات كبيرة من الصوديوم واستهلاك كميات قليلة من البوتاسيوم بشكل واسع، وكلاهما يرتبطان بارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب والوفاة المبكرة".

وأوضحت أن استخدام بدائل الملح الغنية بالبوتاسيوم، تحل فيها مادة كلوريد البوتاسيوم مكان جزء من ملح الطعام (كلور الصوديوم)، يعالج مشكلة تناول كثير من الصوديوم وتناول القليل من البوتاسيوم في وقت واحد. ومع ذلك، لم تكن التأثيرات النسبية لتقليل الصوديوم مقابل زيادة مكملات البوتاسيوم مفهومة بالكامل.

البوتاسيوم: عامل رئيسي للتحكم في ضغط الدم

قام الباحثون بتحليل بيانات من دراسة واسعة النطاق أجراها باحثون من معهد جورج تاون في الصين، عن بدائل الملح والسكتة الدماغية (SSaSS)، وشملت 20995 شخصًا تمت متابعتهم في الصين لمدة خمس سنوات. وأظهرت الدراسة انخفاضًا واضحًا في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 14%، والنوبات القلبية بنسبة 13%، والوفاة المبكرة بنسبة 12%، نتيجة استبدال الملح العادي بالملح الغني بالبوتاسيوم.

ووجَدوا أن مكمِّل البوتاسيوم كان مسؤولًا عن انخفاض ضغط الدم بنسبة تتراوح بين 61% و88% في الحالات المسجَّلة في الدراسة، وأشارت النتائج إلى أن انخفاض ضغط الدم في معظم الحالات يرجع إلى زيادة البوتاسيوم في الغذاء، وليس إلى انخفاض الصوديوم فيه. وقالت الدكتورة هوانغ: "كنا نعلم دائمًا أن للبوتاسيوم دور في السيطرة على ضغط الدم، ولكن لم نكن ندرك مدى أهميته حتى أجرينا هذه التحليلات".

البوتاسيوم: عنصر صحي أساسي يفتقر إليه كثيرون، هل تحصل على الكمية المناسبة؟

البوتاسيوم هو عنصر أساسي موجود في مجموعة متنوعة من الأطعمة، بما في ذلك البقوليات، والمكسرات، والخضراوات الورقية الخضراء، والفواكه مثل الموز والكيوي والتمر. المستويات العالية من البوتاسيوم هي أحد الأسباب التي تجعل الفواكه والخضراوات الطازجة مفيدة جدًا للصحة، إنما يتم تقليل كميته في منتجات التصنيع الغذائي، وغالبًا ما يتم استبدالها بالصوديوم، فهو مكوّن أرخص.

توصي الإرشادات الغذائية الحالية بتناول كمية من البوتاسيوم تزيد عن 3.5 جرامات يوميًا، ولكن وجَدت دراسة حديثة أن متوسط استهلاكه العالمي يبلغ 2.25 جرام يوميًا فقط، ويُقدَّر أن 35% فقط من سكان العالم يستهلكون هذه الكمية غير الكافية. كما أظهرت الدراسة أيضًا أنه لم تُبلِّغ أيٌّ من البلدان التي شملتها الدراسة، والبالغ عددها 52 دولة، عن استهلاك مشترك للصوديوم والبوتاسيوم يلبي توصيات منظمة الصحة العالمية.

بديل الملح الغني بالبوتاسيوم: حل بسيط وفعّال

أشارت الدكتورة هوانج إلى أن عدد الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم قد تَضاعَف خلال الثلاثين عامًا الماضية ليصل إلى نحو 1.3 مليار شخص، ويتسبب هذا المرض بوفاة نحو 20 شخصًا كل دقيقة.

وأوضحت أن الأشخاص يجدون صعوبة في الالتزام بالتغييرات الغذائية الموصى بها لتقليل استهلاك الصوديوم وزيادة استهلاك البوتاسيوم. وفي هذا السياق، تُعتبر بدائل الملح خيارًا جيدًا، إذ يمكن لمعظم الأشخاص استخدام الملح الغني بالبوتاسيوم بدلًا من الملح الغني بالصوديوم دون صعوبة كبيرة. ففي دراسة بدائل الملح والسكتة الدماغية (SSaSS)، أكثر من 90% من المشاركين الذين طُلب منهم استخدام بديل الملح استمروا باستخدامه بعد مرور خمس سنوات.

وأضافت: "من خلال بدائل الملح الغنية بالبوتاسيوم، لدينا فرصة ممكنة إلى حد كبير وقليلة التكلفة لتحقيق فائدة صحية عالمية هائلة". وقد دفع حجم الأدلة إلى الدعوة إلى إدراج توصيات بشأن تناول الملح المنخفض الصوديوم والغني بالبوتاسيوم في المبادئ التوجيهية لعلاج ارتفاع ضغط الدم التي نشرتها مجموعة دولية من الخبراء في الشهر الماضي في مجلة ارتفاع ضغط الدم (Hypertension) العلمية.

ملاحظة عملية: بدائل الملح الغنية بالبوتاسيوم (الملح الطبي الذي يحتوي على كلور البوتاسيوم) لها درجة ملوحة أعلى من ملوحة ملح الطعام العادي، ولكن شكل حبيباتها البيضاء تماثل ملح الطعام تمامًا، ولذا ننصح من يريد استخدام الملح الطبي الغني بالبوتاسيوم أن يضعوا كمية أقل من ملح البوتاسيوم لكي يتجنبوا الطعم المر الذي ينشأ أحيانًا عند استخدام كمية زائدة من الملح الطبي.