عشبة جنكو بيلوبا.. الاسم العلمي (Ginkgo Biloba)، هي نوع من النباتات من جنس الجنكو من فصيلة الجنكية (Ginkgoales)، وهو النوع الوحيد المتبقي من صنف الجنكيات، والتي تعرف أيضًا باسم شجرة كزبرة البئر، عُرفت أيضًا بشجرة الحياة.
الجنكو واحدة من أقدم أنواع الأشجار الطبية على مدى قرون، وتُعد الصين موطنها الأصلي، فقد استخدِمت في المطبخ والطب الصيني التقليدي. الجنكو من الأنواع القليلة التحمل للظل، وتنمو أفضل في البيئات التي تُسقى جيدًا، وهي أشجار كبيرة عادة يبلغ ارتفاعها 20-35متر، تملك هذه الشجرة قمة تاجية بارزة وطويلة، وأفرعًا غير منتظمة إلى حد ما، وعادة تكون ذات جذور عميقة ومقاوِمة للرياح والتضرر بالثلج. تكون الأشجار الشابة غالبًا طويلة ونحيلة، وقليلة التفرع، يصبح التاج أوسع كلما تقدَّمت الشجرة بالعمر. الأوراق تبدو مروحية الشكل، يكون طولها غالبًا 5-10سم، لكن أحيانًا يصل طولها إلى 15سم، خلال فصل الخريف تتبدل الأوراق إلى لون أصفر مشرق، وبعد ذلك تسقط. ويعد مستخلص أوراق الجنكو هو الجزء الأكثر استخدامًا من شجرة الجنكو.
فوائد عشبة جنكو بيلوبا
توفّر عشبة جنكو بيلوبا العديد من الفوائد الصحية، والتي تختلف حسب درجة فعاليتها، ونذكر من هذه الفوائد ما يأتي:
1- تحتوي على مضادات الأكسَدة القوية
قد يكون محتوى الجنكو المضاد للأكسدة هو السبب وراء العديد من ادعاءات فوائدها الصحية. تحتوي الجنكو على مستويات عالية من مركبات الفلافونويد والتيربينويدات، وهي مركبات معروفة بتأثيراتها القوية المضادة للأكسدة. تعمل مضادات الأكسدة على مكافحة أو تحييد الآثار الضارة للجذور الحرة.
الجذور الحرة هي جزيئات شديدة التفاعل يتم إنتاجها في الجسم أثناء وظائف التمثيل الغذائي الطبيعية، مثل تحويل الطعام إلى طاقة أو إزالة السموم. ومع ذلك، فهي أيضًا لديها القدرة على إتلاف الأنسجة السليمة، مما يُساهم في تسريع الشيخوخة وتطور الأمراض.
تعتبر الأبحاث حول تأثيرات الجنكو المضادة للأكسَدة واعدة. ومع ذلك، ما يزال من غير الواضح بالضبط كيف تعمل، ومدى فعاليتها في علاج أمراض معيّنة.
2- يمكن أن تساعد في تقليل الالتهاب
الالتهاب هو جزء من استجابة الجسم الطبيعية للإصابة أو الغزو بواسطة مادة غريبة، وتؤدي بعض الأمراض المزمنة إلى حدوث استجابة التهابية مزمنة حتى في حالة عدم وجود مرض أو إصابة. مع مرور الوقت، يمكن أن يسبب هذا الالتهاب المفرط ضررًا دائمًا لأنسجة الجسم والحمض النووي.
تُظهِر سنوات من الأبحاث على الحيوانات وأنابيب الاختبار أن مستخلص الجنكو يمكن أن يقلل من علامات الالتهاب في كل من الخلايا البشرية والحيوانية في مجموعة متنوعة من الحالات المَرَضية. وفي حين أن هذه الأبحاث مشجعة، فإن هناك حاجة لدراسات بشرية قبل استخلاص استنتاجات ملموسة حول دور الجنكو في علاج هذه الأمراض.
3- تحسّن الدورة الدموية وصحة القلب
قد تكون قدرة الجنكو الواضحة على زيادة تدفق الدم إلى أجزاء مختلفة من الجسم هي أصل العديد من فوائدها المفترَضة. كشفت إحدى الدراسات القديمة التي أُجريت على الأشخاص المصابين بأمراض القلب والذين تناولوا مكملات الجنكو عن زيادة فورية في تدفق الدم إلى أجزاء متعددة من الجسم. ويعزى ذلك إلى زيادة بنسبة 12% في مستويات أكسيد النيتريك، وهو المركب المسؤول عن توسّع الأوعية الدموية.
وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أجريت عام 2008 نفس التأثير لدى كبار السن الذين عولِجوا بمستخلَص الجنكو.
تشير الأبحاث الإضافية أيضًا إلى تأثيرات الجنكو الوقائية على صحة القلب وصحة الدماغ، وبعض الوقاية من السكتة الدماغية. هناك العديد من التفسيرات المحتملة لذلك، أحدها قد يكون المركبات المضادة للالتهابات الموجودة في هذا النبات.
هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم كيفية تأثير الجنكو بشكل كامل على الدورة الدموية وصحة القلب والدماغ.
4- ربما تخفف من أعراض الاضطرابات النفسية والخرف
تم تقييم عشبة الجنكو مرارًا وتكرارًا لقدرتها على تقليل القلق والتوتر والأعراض الأخرى المرتبطة بمرض ألزهايمر والتدهور المعرفي المرتبط بالشيخوخة.
بشكل عام، نتائج الأبحاث غير متناسقة في هذا المجال، وتُظهِر بعضُ الدراسات انخفاضًا ملحوظًا في معدل التدهور المَعرفي لدى الأشخاص المصابين بالخرَف الذين يَستخدمون الجنكو، لكن دراسات أخرى تفشل في تكرار هذه النتيجة.
على سبيل المثال، كشفت مراجعة لـ 21 دراسة أنه عند استخدامه في الطب التقليدي، قد يزيد مُستخلَص الجنكو من القدرات الوظيفية لدى المصابين بمرض ألزهايمر الخفيف. وقامت مراجعة أخرى بتقييم أربع دراسات، ووجَدت انخفاضًا كبيرًا في مجموعة من الأعراض المرتبطة بالخرَف عند استِخدام الجنكو لمدة 22-24 أسبوعًا. يمكن أن تكون هذه النتائج الإيجابية مرتبطة بالدور الذي قد تلعبه عشبة جنكو بيلوبا في تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، خاصة فيما يتعلق بأنواع الخرف الوعائية.
5- يمكن أن تقلل من القلق
تشير بعض الأبحاث إلى أن تناول مكملات عشبة جنكو بيلوبا قد يقلل من أعراض القلق، وقد لاحظَت مجموعة من الدراسات التي أجريت على الحيوانات انخفاضًا في أعراض القلق التي قد تعزى إلى محتوى مضادات الأكسدة في الجنكو.
في إحدى الدراسات التي أجريت عام 2007، تم علاج 170 شخصًا يعانون من القلق العام، إما باستخدام 240 ملليجرامًا من الجنكو، أو 480 ملليجرامًا من الجنكو، أو دواءً وهميًّا. أبلغت المجموعة التي عولِجت بأعلى جرعة من الجنكو عن انخفاض أكبر بنسبة 45٪ في أعراض القلق، مقارنة بالمجموعة الثانية.
في حين أن تناول مكملات الجنكو قد يقلل من القلق، فإنه ما يزال من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات نهائية من الأبحاث المتاحة.
6- يمكن علاج الاكتئاب
تشير مراجعة الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن تناول مكملات عشبة جنكو بيلوبا قد يساعد في علاج أعراض الاكتئاب.
وجَدت إحدى الدراسات البشرية التي أجريت على 136 من كبار السن أيضًا أن مستخلَص الجنكو بيلوبا يمكن أن يحسِّن أعراض الاكتئاب. أظهرت دراسة أخرى أن كبار السن الذين يعانون من اكتئاب ما بعد السكتة الدماغية والذين تناولوا مستخلَص الجنكو بيلوبا إلى جانب مضادات الاكتئاب لمدة 8 أسابيع شهدوا انخفاضًا ملحوظًا في أعراض الاكتئاب مقارنة بتناول مضادات الاكتئاب وحدها.
ومع ذلك، فإن الاكتئاب هو حالة معقدة قد يكون لها مجموعة متنوعة من الأسباب الجذرية.
هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين الجنكو بشكل أفضل، وكيف يمكن أن تؤثر على الاكتئاب.
7- يمكن أن تدعم الرؤية وصحة العين
لقد درسَت أبحاث قليلة جدًا في كيفية ارتباط الجنكو بالرؤية وصحة العين. أظهَر أحد الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من الجلوكوما والذين تناولوا مكملاً غذائيًا يحتوي على الجنكو شهدوا زيادة في تدفّق الدم إلى العين، لكن هذا لم يُتَرجم بالضرورة إلى رؤية أفضل.
قامَت مراجعة أخرى أجريت عام 2013 لدراستَين بتقييم تأثير مستخلَص الجنكو على تطور الضمور البقعي المرتبط بالعمر. أبلغ بعض المشاركين عن تحسّن في الرؤية، لكن هذا لم يكن ذا دلالة إحصائية.
هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان الجنكو يمكن أن يزيد من قدرة الرؤية، أو يبطئ تطور أمراض العين التنكسية.
8- يمكن علاج الصداع والصداع النصفي
في الطب الصيني التقليدي، تُعتبر عشبة جنكو بيلوبا علاجًا شائعًا جدًا للصداع والصداع النصفي. ومن المعروف أن الجنكو لها تأثيرات مضادة للالتهابات ومضادة للأكسدة. إذا كان الصداع أو الصداع النصفي ناتجًا عن الإجهاد المفرط، فقد يكون الجنكو مفيدًا.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الصداع مرتبطًا بانخفاض تدفق الدم أو انقباض الأوعية الدموية، فإن قدرة الجنكو على توسيع الأوعية الدموية قد تحسّن الأعراض. على العكس من ذلك، تَحدث بعض حالات الصداع النصفي بسبب التوسّع المفرط للأوعية الدموية. في هذه الحالة، قد يكون للجنكو تأثير ضئيل أو معدوم. لكن، ضع في اعتبارك أن هذه الأمثلة هي مجرد استنتاجات، ولا تحلّ محلّ الأدلة الدامغة.
9- يمكن أن تحسّن أعراض الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن
تشير بعض الأبحاث إلى أن الجنكو قد تحسّن أعراض الربو وأمراض الجهاز التنفسي الالتهابية الأخرى، مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، ويعزى ذلك إلى المركبات المضادة للالتهابات الموجودة في الجنكو، والتي قد تسمح بتقليل التهاب الشُّعب الهوائية وزيادة سِعة الرئة.
قامت إحدى الدراسات التي أجريت على 75 شخصًا بتقييم استِخدام مستخلَص الجنكو جنبًا إلى جَنب مع العلاج الدوائي بالجلوكو كورتيكو ستيرويد لإدارة أعراض الربو. كانت مستويات المركبات الالتهابية في لعاب أولئك الذين تناولوا الجنكو أقل بكثير من أولئك الذين تلقوا الأدوية التقليدية وحدها.
قامت دراسة أخرى أجريت عام 2013 على 100 شخص بتقييم استخدام مزيج من الأعشاب الصينية، بما في ذلك الجنكو، لعلاج أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن. أفاد أولئك الذين استخدموا التركيبة العشبية عن انخفاض كبير في السعال والتهاب الشُّعب الهوائية بعد متابعة لمدة 3 أشهر.
في حين أن هذه النتائج مشجعة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.
10- تخفِّف من أعراض الدورة الشهرية
تشير الأبحاث الأولية إلى أن الجنكو قد تساعِد في علاج الأعراض الجسدية والنفسية لمتلازمة ما قَبل الحيض. كشَفت إحدى الدراسات التي أجريت على 85 طالبة جامعية عن انخفاض بنسبة 23٪ في أعراض الدورة الشهرية المبلغ عنها عند تناول الجنكو.
قد تساعد الجنكو في تقليل أعراض الدورة الشهرية، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.
11- قد تعالج العَجز الجنسي
تشير بعض المصادر إلى أن الجنكو قد تعالج المشكلات المتعلقة بالعجز الجنسي، مثل ضعف الانتصاب أو انخفاض الرغبة الجنسية.
الجنكو لديها القدرة على تحسين مستويات أكسيد النيتريك في الدم، مما يحسّن الدورة الدموية عن طريق تمدد الأوعية الدموية. ونتيجة لذلك، قد يكون الجنكو مفيدًا أيضًا لعلاج أعراض العَجز الجنسي المختلفة عن طريق تحسين تدفق الدم إلى تلك المناطق من الجسم.
12- تقليل ضغط الدم
أُجريَتْ مراجعة شملت 9 دراسات حول علاقة جنكو بيلوبا بخفض ضغط الدم، ووجَدت 6 دراسات منها أن هذه العشبة قد تساعِد على خفض مستوى ضغط الدم، ولوحِظ في الثلاثة الأخرى عدم وجود تأثيرٍ ملحوظٍ لهذه العشبة على ضغط الدم، ونُشرت هذه النتائج في مجلة Phytomedicine عام 2014، وتجدر الإشارة إلى أن هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات لتأكيد هذه العلاقة.
الآثار الجانبية المحتملة ومحاذير الاستخدام
يُعد استهلاك مُستخلص أوراق جنكو بيلوبا آمناً في الغالب لمعظم الأشخاص، كما أن الآثار الجانبية الناجمة عن استهلاك جنكو بيلوبا نادرة الحدوث؛ خاصة عند استخدامها بالجرعة الصحيحة، ولكن على الرغم من ذلك قد يعاني بعض الأشخاص من الحساسية تجاهها. وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن لها آثاراً جانبيّةً أخرى تتمثل أعراضها بالصداع، والدوار، والغثيان، والتقيؤ، والإسهال، وانخفاض ضغط الدم، والخفقان.
كما تُعد بذور جنكو بيلوبا الطازجة غير آمنة في الغالب؛ فهي بذور سامة يؤدي تناولها إلى الإصابة بنوبات الصرع، والموت، أما البذور المحمَّصة فمن المحتمل عدم أمانها، إذ إن تناول ما يزيد عن 10 بذور في اليوم يمكن أن يُؤدي إلى الإصابة بضعف في النبض، وصعوبة في التنفس، وفقدان الوعي.
الجرعات الآمنة لعشبة جنكو بيلوبا
الجنكو بيلوبا متاحة تجاريًّا في أشكال كبسولات، وأقراص، ومستخلصات سائلة وأوراق مجفّفة.
الجزء الأكبر من الأدلة يدعَم سلامة تناول 120-160 ملغ مقسَّمة على عدة جرعات على مدار اليوم. لا توجَد جرعة قصوى محدَّدة بوضوح، ولكن من الحكمة البدء بجرعة أقل، ثم العمل على زيادة الجرعة لضمان التحمل.
لم تقم معظم الأبحاث بتقييم الجرعات التي تزيد عن 600 ملغ يوميًّا، لذلك ربما لا يكون تجاوز هذه الكمية فكرة جيدة. بالإضافة إلى ذلك، ضع في اعتبارك أن الأمر قد يستغرق عدة أسابيع قبل أن تبدأ في ملاحظة أي نتائج واضحة.
عشبة جنكو بيلوبا.. الخلاصة
- في حين تم استِخدام عشبة جنكو بيلوبا لعدة قرون، فإنه ليس مَفهومًا تمامًا كيف تعمل. الكثير من الأبحاث المتاحة غير متسقة أو غير حاسمة، ومن المهم أن نضع ذلك في الاعتبار.
- تَتمتَّع عشبة جنكو بيلوبا بقدرات قوية مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة، وقدرة على تحسين الدورة الدموية، تتمتَّع هذه الخصائص معًا بالقدرة على التأثير على العديد من أجهزة الجسم والأمراض.
- كما هو الحال مع أي مكملات عشبية، قد تكون هناك مخاطر، إذ يمكن أن تؤدي عشبة جنكو بيلوبا إلى مضاعفات صحية أو ردّ فِعل تحسّسي عند بعض الأشخاص.
