صحــــتك

التعب الكظري.. هل هو أسطورة أم حقيقة؟

الصورة
أنور نعمة
الغدة فوق الكلية

التعب الكظري.. إذا كنت تعاني من التعب المستمر الذي يلازمك كَظلِّك من دون مبرر، وإذا كنت تكافح بشق الأنفُس ضد متطلبات الحياة اليومية، وإذا كانت بعض التمارين الرياضة تجعلك مرهقًا لعدة أيام، وإذا كان أقل حدث يجعلك مجهدًا وقلقًا ومكتئبًا، فليس مستبعدًا أن تكون مصابًا بمتلازمة التعب الكظري.

ما هو التعب الكظري؟

لا يُعتبر التعب الكظري تشخيصًا طبيًا مقبولًا، لأنه غير معترَف به في التصنيف الدولي للأمراض، فهو مصطلح عام يضم باقة من الأعراض والعلامات غير المحددة، التي تحدث عندما لا تستطيع الغدة الكظرية أن تتأقلم بشكل طبيعي عند تعرضها للإجهاد، وهذا ما يسبب الشعور بالتعب الشديد.  

ومصطلح التعب الكظري صاغه الدكتور في الطب البديل جيمس ويلسون في عام 1998م، ووصفه بأنه مجموعة من العلامات والأعراض التي تحصل عندما تعمل الغدة الكظرية تحت المستوى المطلوب. ويقول ويلسون بأن الأشخاص الذين يصابون به، قد لا يكون لديهم أي علامات جسدية، ولكنهم قد يشعرون بالتعب "الرمادي" الذي لا يتحسن مع النوم، ويتوقون إلى الوجبات الخفيفة المالحة.

الغدة الكظرية

لمحة عن الغدة الكظرية

الغدة الكظرية هي عضو صغير يقع فوق الكلية، وهي غدة ضرورية للصحة على مدار اليوم، إذ تُنتِج هرمونات مختلفة تساعد الجسم على توزيع الدهون والبروتينات وتنظيم مستوى السكر ومكافحة الالتهابات، وتعزز من وظائف القلب والأوعية الدموية، وتتفاعل من الضغوطات. إذا لم تُنتِج الغدة الكظرية ما يكفي من الهرمونات، فإن ذلك يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض.

النظرية التي تبرر التعب الكظري

على ما يبدو أن الشرارة التي تُشعِل فتيل التعب الكظري هي الإجهاد stress، الذي يرد عليه الجسم بثلاث قذائف من الهرمونات، تطلقها الغدة الكظرية الواقعة فوق الكلية، هي الأدرينالين والنوادرينالين والكورتيزول، كجزء من استراتيجية " القتال والهروب"، فتسافر هذه الهرمونات إلى الدم ومنه إلى العضلات والأطراف لتحضير الجسم لمواجهة أي تهديد محتمل، وفي الوقت ذاته، تحصل استجابات فيزيولوجية عديدة ردًا على التهديد الحاصل، فتتوسع حدقة العين، ويزيد التركيز، ويتسارع النبض، ويرتفع ضغط الدم. وعندما يتلاشى التهديد، يعود الجسم إلى توازنه الفيزيولوجي الطبيعي، ويتوقف عن إطلاق القذائف الهرمونية إلى حين ظهور تهديدات مستقبلية.

هذا إذا كان الإجهاد عابرًا ومؤقتًا، أما في حال الإجهاد الطويل الأمد (على إثر مرض خطير أو وفاة شخص عزيز أو ما شابه ذلك)، فإن الغدة الكظرية تطلق المزيد من هرمون الكورتيزول الذي ترافقه مجموعة من الاضطرابات الاستقلابية مثل مقاومة الأنسولين، والسُّمنة، وارتفاع ضغط الدم، وتثبيط المناعية، وتعطيل اندمال الجروح.

وإذا بقي الإجهاد يلاحق صاحبه في حله وترحاله لفترة طويلة، فإن الغدة الكظرية ستصاب، عاجلًا أم آجلًا، بالإنهاك، الأمر الذي يؤدي إلى استنفاد احتياطات الجسم من الطاقة فيبدأ التعب الكظري، الذي يعني بأن الغدة مرهقة وغير قادرة على العمل بشكل طبيعي، ولا تستطيع الاستجابة للرد بشكل مناسب على ضغوطات الحياة اليومية.

أسباب التعب الكظري

هناك اعتقاد يقول بأن التعب الكظري يحدث عندما لا تستطيع الغدة الكظرية التعامل مع الإجهاد الشديد الذي ينتج عن:

أعراض التعب الكظري

إن العارض الرئيس للتعب الكظري هو التعب المستمر الذي لا يذهب بالنوم، ويكون أسوأ في الصباح الباكر وفترة منتصف ما بعد الظهر، وقد ترافقه أعراض شتى مثل:

  • نقص الطاقة.
  • قلة التركيز.
  • الصعوبة في التفكير.
  • الصداع.
  • الدوخة.
  • اضطراب في النوم.
  • اضطراب في الاستيقاظ.
  • الرغبة في تناول الملح والسكر.
  • الزيادة في الوزن.
  • مشكلات هضمية.
  • تراجع في الأداء وإكمال المهام.
  • تدهور الصحة العامة.
  • ضعف قدرة الجسم على مكافحة العدوى.
  • الحاجة المتكررة إلى شرب القهوة وغيرها من المشروبات المنشطة.
  • انخفاض الدافع الجنسي.

 تشخيص التعب الكظري

لا يوجد اختبار يسمح بمعرفة إن كنت تعاني من التعب الكظري أو لا. يقوم الطبيب بتقييم الأعراض والتاريخ الطبي ويُجري عددًا من الفحوصات لاستبعاد الأسباب الأخرى للتعب، وتشمل هذه الفحوص: تحليل الدم لقياس مستوى الهرمونات المختلفة، وتصوير الغدة الدرقية بالأمواج فوق الصوتية، واختبار الإجهاد لمعرفة قدرة الجسم على التحمل.

وينخرط الطبيب عادة في مهمة تشبه عمل المباحث، ولكن وفي كثير من الأحيان، تأتي النتائج محبطة ولا تكشف عن شيء، ويبقى التشخيص غير واضح وبعيد المنال، وفي هذه الحالة نختبئ من جديد خلف النظرية التي أتينا على ذكرها أعلاه حول التعب الكظري من أجل تبرير المظاهر السريرية.  

الغدة الكظرية

 الحالات التي تُشخَّص خطأً بأنها تعب كظري:

  • فقر الدم.
  • الداء الليفي العضلي.
  • العدوى الفيروسية.
  • العدوى البكتيرية.
  • التهاب الكبد.
  • نقص فيتامين د.
  • متلازمة القولون المتهيج.
  • الداء السكري.
  • مرض القلب.
  • نقص هرمون النمو.
  • قصور الغدة الدرقية المعالَج وغير المعالج.
  • اضطرابات المناعية الذاتية.
  • انقطاع التنفس أثناء النوم.

العلاجات المتاحة للتعب الكظري

ليس هناك من علاجات نوعية للتعب الكظري، والمهم في الأمر هو وضع استراتيجية تهدف إلى التعافي منه بأسرع وقت ممكن، من خلال التعاون الوثيق ما بين الطبيب ومريضه. يقال بأن أطباء الطب البديل والطب التكميلي يحققون أفضل النتائج على صعيد إدارة التعب الكظري، لأن المواعيد تستمر معهم لفترة أطول، وينظرون إلى المرضى من منظار أوسع وأشمل.  

بشكل عام، يمكن القول أن مبادئ الاستراتيجية العلاجية للتعب الكظري تشبه إلى حد بعيد مبادئ الحفاظ على صحة جيدة، لمساعدة الغدة الكظرية في العودة إلى عملها بشكل طبيعي، وتضم هذه المبادئ:

  • تحسين نمط الحياة.
  • الإقلاع عن التدخين وشرب الكحوليات.
  • اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وعالي الجودة، ولكنه فقير بالسكر والكافيين.
  • النوم الوفير لاستعادة الطاقة والحيوية والنشاط.
  • ممارسة الأنشطة الرياضية بانتظام.
  • اتباع روتين يومي للنوم واليقظة.  

التعب الكظري هل هو أسطورة؟

إذا أخذنا بكلام جمعية الغدد الصماء، وهي أكبر منظمة في العالم لاختصاصيي الغدد الصماء في العالم، فإن التعب الكظري ليس مرضًا حقيقيًا، وأن أعراضه وعلاماته عامة جدًا تشاهَد في الكثير من الأمراض والحالات الطبية، مثل قصور الغدة النخامية، وقصور الغدة الدرقية، والألم العضلي الليفي، وتوقف التنفس أثناء النوم، وغيرها من الحالات الطبية الأخرى.

تبقى ملاحظتان

الملاحظة الأولى، إن قصور الغدة الكظرية يختلف عن التعب الكظري، فالأول مرض معروف يمكن تشخيصه من خلال فحص الدم الذي يكشف عن مستويات متدنية جدًا من هرمون الكورتيزول، وهذا يحتاج إلى إعطاء علاج بديل الهرمون. في المقابل لا يوجد تحليل دم يسمح بتشخيص التعب الكظري.  

الملاحظة الثانية، قد يلجأ البعض إلى تناول مكملات هرمونات الغدة الكظرية، ولكن المشكلة هنا هي إذا كان الجسم ليس بحاجة إليها، وفي هذه الحالة فإن الضرر حاصل لا محالة، وهو توقف الغدة الكظرية عن العمل، الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بالأزمة الكظرية المهددة للحياة.

الخلاصة

إن التعب الكظري ليس حالة طبية معترف بها، ولا يمكن معرفة عدد الأشخاص المصابين به، مع أنه شائع الحدوث، ويمكن أن يصيب أي شخص. إذا لاحظت أنك تعاني من أعراض تشير من قريب أو بعيد إلى التعب الكظري، فلا تسكت عنه، وإلا فإنه سيتفاقم مع مرور الوقت، ليؤثر على جسمك وعقلك. اعمل مع طبيبك للعثور عليه وعلاجه بالتي هي أحسن للوصول إلى بر الشفاء.

 

آخر تعديل بتاريخ
12 فبراير 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.