هل يمكن لأهل غزة شرب ماء البحر؟ أمام مرأى العالم وسمعه، وبصورة لم تعهدها البشرية من قبل، قرر الكيان الصهيوني قطع الماء والغذاء والكهرباء عن أهلنا في قطاع غزة، عقب عملية طوفان الأقصى، ليسطّر بذلك أسوأ ما يمكن أن يكتبه التاريخ عن عقلية إجرامية يتحلى بها محتل. وقد كشفت سلطة جودة البيئة الفلسطينية، يوم الخميس 25/1/2024، أن 66% من سكان قطاع غزة يعانون من انتشار الأمراض المنقولة بواسطة المياه الملوثة، ومنها الكوليرا والإسهال المزمن والأمراض المعوية. وهنا قد يقترح أحدهم إمكانية شرب ماء البحر مباشرة، لكن ما هي المخاطر الصحية التي يمكن أن تلحق بالشخص إذا شرب ماء البحر؟
ما هي طبيعة مياه البحر؟
يحتوي كوكب الأرض على 70% من مياه البحر، و2.25% من المياه الصالحة للشرب. تُعرف المياه المالحة أيضًا بمياه البحر والتي توجد بشكل رئيسي في المحيطات والبحار. والمياه المالحة، هي خليط من الماء والملح المذاب الموجود في المحيطات والبحار والمسطحات المائية الأخرى.
إنه ضروري لبقاء الحياة البحرية، لكن شرب ماء البحر المالح يمكن أن يشكل خطراً على البشر، إذ إنّ استهلاك مستويات عالية من الملح يمكن أن يسبب مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية، بدءًا من الأعراض القصيرة المدى مثل الغثيان والقيء، إلى مشكلات طويلة المدى مثل الجفاف المزمن وتلف الأعضاء، والتي سنتعرف عليها فيما يأتي.
ماذا يحدث إذا شرب أهلنا في غزة الماء المالح؟
تتكون المياه المالحة من نحو 97% ماء و3% ملح، بشكل أساسي على شكل كلور الصوديوم. يمكن أن تؤدي المستويات العالية من الملح في المياه المالحة إلى فقدان الجسم للماء من خلال عملية التناضح، مما يؤدي إلى الجفاف. هذا هو السبب في أن شرب ماء البحر المالح يمكن أن يجفف الجسم بدلاً من ترطيبه.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر المستويات العالية من الملح في المياه المالحة أيضًا على توازن الكهارل (الإلكتروليتات أو الشوارد) في الجسم، وهو أمر مهم للحفاظ على وظائف الجسم المناسبة.
تساعد الشوارد، مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلور، على تنظيم مستويات ترطيب الجسم ووظيفة العضلات والأعصاب وضغط الدم. وعند شرب ماء البحر المالح، يمكن أن يسبب هذا خللاً في توازنها، مما يؤدي إلى أعراض مثل تشنجات العضلات، والضَّعف، والتعب.
إضافةً إلى ذلك، يحاول الجسم إزالة الملح الزائد في الماء المالح نفسه عن طريق طرحه عن طريق البول، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى التبول، الأمر الذي يمكن أن يسبب المزيد من الجفاف.
استجابة الجسم الطبيعية لمستويات الملح العالية في المياه المالحة هي الاحتفاظ بالمياه، مما يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية، كما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، واحتمال تلف الكلى والأعضاء الأخرى.
باختصار، التركيب الكيميائي للمياه المالحة وكيفية تفاعلها مع الجسم يمكن أن يسبب عددًا من التأثيرات الخطيرة على الجسم، ومن الأعراض القصيرة المدى لشرب ماء البحر هي الغثيان والقيء والصداع، أو مشكلات طويلة المدى مثل الجفاف المزمن وتلف الأعضاء.
الآثار القصيرة المدى لشرب ماء البحر
شرب ماء البحر المالح يمكن أن يسبب عدداً من الآثار الخطيرة على الجسم، تشمل بعض الأعراض القصيرة المدى لشرب المياه المالحة ما يلي:
- الغثيان والقيء: قد يحاول الجسم رفض المادة الغريبة، مما يؤدي إلى الغثيان والقيء.
- الصداع: ارتفاع مستويات الملح في الجسم يمكن أن يسبب الصداع والصداع النصفي.
- أعراض الجفاف: يمكن أن يسبب استهلاك المياه المالحة أعراضًا مرتبطة بالجفاف، مثل جفاف الفم، والدوخة، والتعب.
- فرط صوديوم الدم: يمكن أن يؤدي استهلاك كميات كبيرة من المياه المالحة إلى زيادة صوديوم الدم، وهي حالة يكون فيها الجسم يحتوي على الكثير من الصوديوم في الدم. تشمل أعراض فرط صوديوم الدم: الارتباك، والنوبات، والغيبوبة.
- فقدان الوعي والوفاة: في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي شرب الماء المالح إلى فقدان الوعي وحتى الموت.
- الشعور بالعطش: ومن الطبيعي هنا أنه بعد شرب الماء المالح قد تشعر بالعطش الشديد، وتكثر من الماء، وهذا ليس أمراً طبيعياً، وأحياناً قد يكون خطيراً جداً، لأنه كلما شربت الماء المالح فإن كمية الملح في جسمك تزيد أكثر. ومن المهم أن تفهم التأثيرات القصيرة المدى لشرب المياه المالحة حتى تمنع ابتلاعها عن طريق الخطأ وحماية صحتك.
الآثار الطويلة المدى لشرب ماء البحر
كما أن شرب ماء البحر المالح بانتظام يمكن أن يكون له آثار خطيرة طويلة المدى على الجسم. تشمل بعض الآثار الطويلة المدى لشرب ماء البحر ما يلي:
- الجفاف المزمن: يمكن أن يؤدي استهلاك كميات كبيرة من المياه المالحة إلى الجفاف المزمن، مما قد يؤدي إلى تلف أعضاء وأنظمة الجسم المختلفة.
- اختلال توازن الكهارل (الشوارد): يمكن أن يؤدي استهلاك المياه المالحة إلى اختلال توازن الكهارل، مما قد يؤثر على مستويات ترطيب الجسم، ووظيفة العضلات والأعصاب، وضغط الدم.
- أضرار الكلى والكبد: تناول كميات كبيرة من المياه المالحة يمكن أن يسبب ضررًا للكلى والكبد، مما يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة.
- زيادة خطر الإصابة بحالات صحية معيّنة: شرب الماء المالح يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
- تلف الجلد والعينين والشَّعر: التعرض الطويل الأمد للمياه المالحة يمكن أن يتسبب أيضًا في تلف الجلد والعينين والشَّعر.
علاج مشكلة شرب ماء البحر المالح
قد يشمل علاج شرب المياه المالحة دخول المستشفى، وضرورة العلاج بالسوائل الوريدية، والأدوية لعلاج الأعراض مثل الغثيان والقيء. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تجديد الجسم بالسوائل والكهارل للمساعدة في ترطيب الجسم.
في حالات فرط صوديوم الدم، قد يستخدم الأطباء مجموعة متنوعة من العلاجات، بما في ذلك السوائل الوريدية ومدرات البول، للمساعدة على خفض مستويات الصوديوم في الدم.
من ناحيةٍ أخرى، يحتوي المحلول الملحي المتوازن على 9 غرامات ملح لكل لتر ماء (0.9%)، أما بالنسبة لمياه البحر، فهناك العديد من المتغيرات، ولكن في المتوسط يبلغ تركيز ملوحة مياه البحر نحو 35 غرامًا من الملح في كل لتر من الماء.
إذا كنت تشرب ماء البحر، ما هي كمية المياه العذبة التي تحتاج إلى شربها لتعويض مياه البحر التي تشربها؟
- الماء بدون ملح هو أفضل وسيلة لموازنة الملح في الجسم. وبالنسبة للبالغين، يوصى بشرب نحو 80-100 مللتر من الماء للتخلص من 1 غرام من ملح الطعام.
- تحتوي مياه البحر على ما معدله 35 غرامًا من الملح لكل لتر، وتوصي منظمة الصحة العالمية بتناول ملح أقل من 5 غرامات يوميًا.
- لتحقيق التوازن بين لتر واحد من مياه البحر مع 35 غراماً من الملح لكل لتر إلى 5 غرامات من الملح لكل لتر، ستحتاج إلى خلط مياه البحر مع 6 لترات من الماء الخالي من الملح، ستبقى 5 غرامات من الملح لأنها ليست غير صحية.
- لذلك من الناحية المثالية، يجب عليك شرب أكثر من 6 لترات من الماء لموازنة 1 لتر من مياه البحر، لكن شرب الكثير من الماء دفعة واحدة أمر خطير، ولا يُنصح به بالتأكيد.
- بشكل عام، هناك العديد من المتغيرات التي يجب مراعاتها، وحتى بعض الخلافات في ذلك.
- لا يمكن إنكار أنه إذا كان من الصعب الحصول على المياه العذبة، فإن شرب القليل من مياه البحر لن يروي عطشك.
- إذا وجدت نفسك في وضع يهدد البقاء على قيد الحياة، فلا توجد كمية آمنة من مياه البحر يمكنك شربها. خيارك الوحيد هو التعرف على طرق التقطير أو العثور على مياه شرب عذبة.
فئات تتعرض لمخاطر أكبر جراء شرب ماء البحر
- يتعرض الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية معيّنة، مثل أمراض الكلى أو القلب أو ارتفاع ضغط الدم، لخطر متزايد للإصابة بمضاعفات شرب المياه المالحة.
- كما يجب على النساء الحوامل والمرضعات تجنب شرب المياه المالحة، لأنها قد تكون ضارة لكلٍ من الأم والطفل.
بدائل لشرب ماء البحر المالح
هناك العديد من البدائل لشرب المياه المالحة الأكثر أمانًا وفعالية للبقاء رطبًا.
- في حالات الطوارئ، من الضروري معرفة كيفية العثور على مصادر المياه العذبة والوصول إليها، مثل الأنهار أو الجداول أو البحيرات.
- بالإضافة إلى ذلك، من المهم معرفة كيفية تصفية وتنقية مياه الشرب بوسائل مثل الغليان، أو استخدام مرشح المياه، أو إضافة أقراص تنقية المياه.
- ومن المهم أيضًا تخزين ونقل مياه الشرب الآمنة بشكل صحيح، باستخدام أساليب مثل حمل زجاجات المياه أو عبوات الترطيب أو استخدام حاويات تخزين المياه.
- من المهم التعرف على علامات الجفاف واتخاذ الخطوات اللازمة للوقاية منه، مثل شرب الماء بانتظام وتجنب الأنشطة التي يمكن أن تسبب التعرق الزائد، مثل ممارسة التمارين الرياضية الشاقة أو الوجود في البيئات الحارة.
- هناك بدائل تقنية للحصول على مياه صالحة للشرب بدلا من شرب ماء البحر، مثل أجهزة تكثيف رطوبة الهواء، وأجهزة تحلية ماء البحر التي تعتمد على الطاقة الشمسية.
خلاصة الجواب عن سؤال هل يمكن شرب ماء البحر؟
في الختام، لا يُنصح بشرب ماء البحر المالحة، ويمكن أن تكون خطرة على الإنسان، ويمكن أن يسبب مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك الجفاف، واختلال توازن الكهارل (الشوارد)، وتلف الكلى والكبد. من الضروري فهم آثار شرب المياه المالحة والاستعداد في حالات الطوارئ. إذا كنت تشك في أن شخصًا ما قد تناول مياهًا مالحة، فاطلب الرعاية الطبية على الفور.
المصادر:
