شهدت بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة تحولاً ملحوظاً نحو الاعتماد على النظام الغذائي النباتي، أو نظام الفيجان الغذائي، وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال افتتاح المزيد من المطاعم التي تهتم حصراً بتقديم الأطباق النباتية في منطقة الخليج، وما شهده ذلك من إقبال المزيد من الأفراد على اتباع نهج صحي يعتمد بالدرجة الأولى على النظام الغذائي النباتي.
ينسجم اعتماد هذا النظام الغذائي النباتي مع الاتجاه الرائج عالمياً، وهو يعكس طريقة تفكير جديدة تتمثل في إقبال الأفراد على خيارات نباتية حتى في منازلهم وخياراتهم اليومية. ومع بلوغ الاهتمام العالمي ذروته بمبادرة «فيغانيواري Viganuary»، التي سلطت الضوء على فوائد النظام الغذائي النباتي على مدى العقد الماضي، عادت حملة فيغانيواري خلال شهر يناير من هذا العام لتطلق تحدياً نباتياً لمدة شهر، ما يوفر منصة منظمة وداعمة للأشخاص الذين يحاولون اعتماد نظام غذائي نباتي، ويسعون لتعزيز صحتهم في العام الجديد. وأصبح الانتقال إلى أي نظام غذائي حالياً أكثر سهولة من أي وقت مضى، وذلك بفضل توفر البدائل النباتية بشكل أوسع في المطاعم، وحتى الطائرات التي باتت بدورها تقدم هذا النوع من الوجبات.
ويبقى المفتاح الأساسي لاتباع النظام الغذائي النباتي أو أي نهج آخر، هو إيجاد طريقة مستدامة تلائم تفضيلات الأفراد، ليتم تشجيع الأشخاص ممن يتّبعون النظام الغذائي شبه النباتي من خلال محاولة استكشاف نظام غذائي يتماشى مع تفضيلاتهم وأسلوب حياتهم، وذلك في حال لم يجدوا ما يناسبهم في حملة فيغانيواري.
ويتجاوز اتباع هذا النظام التفضيلات الغذائية، وتشمل أهدافه: الالتزام بالصحة العامة، وترسيخ الوعي البيئي، وتعزيز الاعتبارات الأخلاقية فيما يتعلق بمعاملة الحيوانات التي تتم تربيتها بهدف الحصول على الغذاء. كما يحرص العديد من عشاق اللياقة البدنية وخبراء التغذية وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة في دولة الإمارات على مواكبة هذه التوجهات العالمية، ويلتزمون بتقديم الخيارات التي تلبي الطلب المتزايد على الأطباق النباتية.
كشفت دراسة حديثة عن تحول اعتماد الأفراد للأنظمة الغذائية، وأشارت إلى أن 45% من المشاركين اختاروا البدائل النباتية في العام الماضي لتعويض منتجات الألبان، وشملت هذه الإحصائية مجموعة من المشاركين الذين يتّبعون أنظمة غذائية متنوعة، وأشار 45% منهم إلى أنهم يتناولون اللحوم، و25% منهم إلى أنهم شبه نباتيين، بينما أكد 9% منهم على أنهم نباتيون، و7% على أنهم نباتيون ويتناولون الأسماك، و3% على أنهم يتبعون نظام فيجان. ويؤكد الاستبيان على أهمية النكهة والخيارات الصحية عند اختيار الطعام، إذ يمنح 42% من المشاركين الأولوية لهذين الجانبين.
ما هي فوائد النظام الغذائي النباتي ؟
أشارت الدكتورة منى مبارك، أخصائية التغذية المعتمدة لدى أبوظبي 360، إلى الفوائد الصحية التي يوفرها اتباع النظام الغذائي النباتي المميز بزيادة نسبة تناول الألياف وخفض نسبة الدهون المشبعة، كما أنه أداة قوية لتعزيز جهاز المناعة، وتوفير دفاعات أساسية تحمي الجسم من العدوى. وعلى الرغم من أن هدف هذا النظام الغذائي لا يقتصر على إنقاص الوزن، فإنه يساهم في هذه العملية نتيجةً لتناول الأطعمة النباتية.
ويؤكد أحد الأبحاث إلى أن اعتماد نظام الفيجان الغذائي يمكن أن يحقق نتائج أفضل للمصابين بالأمراض المزمنة، بالإضافة إلى مساهمته في انخفاض ضغط الدم، والتقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويساعد تناولُ كميات كبيرة من الألياف الموجودة في مأكولات نظام فيجان على التحكم في مستوى السكر في الدم، مما يَعِد بتحقيق نتائج مهمة في هذه المنطقة التي ينتشر فيها مرض السكري.
وتوصي الدكتورة مبارك، الأشخاصَ ممن يرغبون بالتحول نحو اعتماد النظام الغذائي النباتي باتباع منهجية تدريجية. ويتيح البدءُ بالتغييرات الصغيرة فرصةَ التحول نحو اعتماد نمط غذائي صحي ومستدام، مثل استبدال خيارات اللحوم ببدائل نباتية، واستبدال منتجات الألبان بالشوفان أو اللوز أو حليب جوز الهند. وتؤكد على أهمية اتباع نهج شامل والاستمتاع بأسلوب حياة صحي في العام الجديد، وتحفيز جميع أفراد المجتمع ومساعدتهم في تبني نمط حياة صحي على جميع المستويات البدنية والذهنية والاجتماعية، من خلال تحقيق التوازن الشامل لجميع الجوانب البدنية والذهنية والاجتماعية، ولا يقتصر ذلك على اللياقة البدنية أو التعافي من الأمراض، بل من خلال رحلة شخصية تعيد تشكيل مفهوم الفرد للياقة البدنية والذهنية.