هل مستحضرات التجميل تزيد من اكتئاب ما بعد الولادة

بعض المواد الكيميائية الشائعة قد ترتبط باكتئاب ما بعد الولادة، مثل المواد الموجودة في مستحضرات التجميل والعناية الشخصية ومغلفات المواد الغذائية، وغيرها.

أولاً، ما هوَ اكتئاب ما بعد الوِلادة؟ 

اكتئاب ما بعد الولادة هو شُعور بحزن شديد ويأس يحُول دُون ممارسة المرأة لنشاطاتها الطبيعية، وهو يبدأ في الأسابيع والأشهر التالية لإنجاب الطفل. ومن الشائع أن تشعر المرأة بالحزن أو البؤس في الأيام القليلة الأولى من بعد الولادة، وتكون هذه المشاعر طبيعية وتزول خلال أسبوعين عادةً.

دراسة جديدة تبيّن ارتباط اكتئاب ما بعد الولادة ببعض المواد الكيميائية

إنجاب طفل تجربة جديدة تغير نمط حياة الأم، وغالبًا ما تجلب معها الكثير من المشاعر، لكنها في نفس الوقت قد تكون متعبة ومرهقة، ومن الطبيعي أن يكون لدي الأم أيضًا بعض مشاعر الشك أو القلق، خاصة إذا كانت أمًا لأول مرة (الانتقال إلى مرحلة الأمومة). ومع ذلك، يجب التفرقة بين تلك المشاعر أو إذا كانت مشاعر الأم تشمل الحزن الشديد أو الوحدة، والتقلبات المزاجية الشديدة، بالإضافة إلى نوبات البكاء المتكررة، لأنها قد تكون مصابة باكتئاب ما بعد الولادة.

يمكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية إلى ظهور أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، إذ تزيد مستويات هرمون الأستروجين والبروجستيرون بمقدار عشرة أضعاف خلال فترة الحمل، ولكنها تنخفض بشكل حاد بعد الولادة.

وما زال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد العلاقة بين الانخفاض السريع في الهرمونات بعد الولادة والاكتئاب. لكن، هل تتخيل أن النساء الحوامل اللاتي يتعرضن للمواد الكيميائية الموجودة في منتجات التجميل، مثل طلاء الأظافر والشامبو، بالإضافة إلى المواد البلاستيكية والألعاب، قد يتعرضن لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة؟ هذا ما سنسلط عليه الضوء في هذا المقال، فقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة ما بين عام 2006 وعام 2020 أن التعرض لبعض المواد الكيميائية البيئية أثناء فترة الحمل قد يؤدي للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.  

نظرة على الدراسة

أجريت الدراسة على نحو 2100 سيدة حامل، وتم اختيارهن بشرط إجرائهن اختبارًا واحدًا على الأقل لتركيز بعض المواد الكيميائية في البول مثل (الفينول، مشتقات الفثالات، البارابين، أوالتريكلوكاربان) أثناء فترة الحمل، وحصلن أيضاً على تقييم فحص اكتئاب ما بعد الولادة الذي تم الإبلاغ عنه ذاتيًا وتم إجراؤه ما بين أسبوعين إلى سنة بعد الولادة،  وكان لدى جميع المشاركات تقريباً مستويات يمكن تحديدها من العديد من مشتقات الفثالات والبارابين.

من بين 2174 مشاركة في التجربة التي أجريت؛ كان نحو 49.8% منهن تتراوح أعمارهن بين 26 و34 عامًا، و32.6% كانوا من ذوي البشرة البيضاء، و31.9% كانوا من ذوي البشرة الداكنة، و29.8% كانوا من أصل إسباني.

اقرأ أيضاً

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة وأسبابه وعلاجه

نتائج الدراسة

أظهرت الدراسة أنه في أكثر من 2100 سيدة حامل؛ ارتبطت الفثالات ذات الوزن الجزيئي العالي بزيادة احتمالات الإصابة باكتئاب بعد الولادة باستخدام كل من المقياس الحساس (مقياس إدنبره للاكتئاب بعد الولادة [EPDS] ≥10 ومقياس الاكتئاب في مركز الدراسات الوبائية [CES-D] ≥16) والمقياس المحدد (مقياس إدنبره للاكتئاب بعد الولادة EPDS] ≥13 [ ومقياس الاكتئاب في مركز الدراسات الوبائية [CES-D] ≥20).

• مقياس اكتئاب ما بعد الولادة الحساس: نسبة الأرجحية (OR) 1.11 ومجال الثقة (CI 95%) 1.00-1.23
• مقياس اكتئاب ما بعد الولادة المحدد: نسبة الأرجحية (OR) 1.10 ومجال الثقة (CI 95%) 0.96-1.27

بالإضافة إلى ذلك، ارتبطت زيادة قدرها وحدة واحدة في الفثالات ذات الوزن الجزيئي المنخفض المحولة لوغاريمياً بزيادة قدرها 0.26 وحدة في مقياس الاكتئاب لنظام معلومات القياس المُبلغ عنه من قبل المريض (PROMIS) T-score (95٪ CI -0.01 إلى 0.53، P = 0.06)، والذي يتوافق مع نسبة الأرجحية (OR) 1.08 ومجال الثقة (95٪ CI 0.98-1.19) عند رؤية اكتئاب ما بعد الولادة كنتيجة ثنائية الاحتمالية، واستخدام تعريف اكتئاب ما بعد الولادة الحساس.

تم تقييم اكتئاب ما بعد الولادة ​​بعد نحو 3 أشهر في المتوسط من الولادة. في المجمل، كان فحص 349 شخصًا (16.1%) إيجابيًا لمرض اكتئاب ما بعد الولادة باستخدام التعريف الحساس، و170 شخصًا (7.8%) كان فحصهم إيجابيًا باستخدام التعريف المحدد.

ختامًا

يصيب اكتئاب ما بعد الولادة ما يصل إلى 20% من النساء بعد الولادة، والذي يؤثر على الأداء اليومي وطريقة الحياة والصحة على المدى الطويل، كما يؤثر على الارتباط بين الأم والرضيع، مما قد يؤثر على صحة الطفل ونموه، ويؤكد هذا على أهمية اعتبار الحمل منفذاً حرجاً للتعرض للعوامل الخارجية، والتي تؤثر على صحة الأم بعد الولادة، بما في ذلك الحالات النفسية.

تعتبر تلك الدراسة مهمة؛ لأن الفثالات منتشرة للغاية في البيئة، بحيث يمكن اكتشافها في جميع النساء الحوامل تقريبًا في الولايات المتحدة.

وتُستخدم هذه المواد الكيميائية في صناعة المواد البلاستيكية، مثل البولي كربونات وأغلفة المواد الغذائية البلاستيكية ومنتجات العناية الشخصية، مثل مستحضرات التجميل والصابون والعطور، والتي تعتبر مواد شائعة الاستخدام في البيئة، والتعرض لها تقريباً بشكل شبه يومي.

وما زالت الآلية التي تؤدي من خلالها هذه المواد الكيميائية للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة غير معروفة، ولكن تم اقتراح أن هذه المواد الكيميائية، المعروفة بتأثيرها على الهرمونات، تتداخل مع الهرمونات أثناء فترة الحمل، مما يزيد من قابلية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، والذي بدوره يتأثر أيضًا بالتغيرات الهرمونية بعد الولادة.

وبالتالي فإن العوامل الخارجية التي تؤثر على الهرمونات، مثل التعرض للمواد الكيميائية التي تسبب اضطرابات الغدد الصماء تساهم في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة؛ ومع ذلك لم يتم اختبارها بشكل كافٍ.

لذلك فإن التقليل من التعرض لهذه الأنواع من المواد الكيميائية قد يساهم في الوقاية من الإصابة بهذا المرض.

المصدر:

Common Environmental Chemicals May Be Tied to Postpartum Depression