يُعد الزرنيخ أحد أكثر العناصر سمية في العالم، وعلى مر التاريخ، كان يجد طريقه إلى بعض الأطعمة في السلسلة الغذائية، ومع ذلك، فإن هذه المشكلة تزداد سوءا الآن، حيث يؤدي انتشار التلوث إلى رفع مستويات الزرنيخ في الأطعمة، مما يشكل خطرًا صحيا خطيرا.
في الآونة الأخيرة، كشفت الدراسات عن مستويات عالية من الزرنيخ في الأرز، مما يُعد مصدر قلق كبير، لأن الأرز هو غذاء أساسي لجزء كبير من سكان العالم.
* ما هو الزرنيخ؟
الزرنيخ عنصر من العناصر النزرة والتي توجد بنسبة ضئيلة في الطبيعة وهو سام، يشار إليه بالرمز As، ولا يتواجد عادة بصورة منفردة، وإنما يرتبط بعناصر أخرى في المركبات الكيميائية، ويمكن تقسيم هذه المركبات إلى فئتين رئيسيتين:- الزرنيخ العضوي: يوجد بشكل رئيسي في الأنسجة النباتية والحيوانية.
- الزرنيخ غير العضوي: يوجد في الصخور والتربة أو مذاب في الماء، هذا هو الشكل الأكثر سمية.
* المصادر الغذائية للزرنيخ
يوجد الزرنيخ في جميع الأطعمة والمشروبات تقريبا، ولكنه يوجد عادة بكميات صغيرة فقط في المقابل، توجد مستويات عالية نسبيا في:- مياه الشرب الملوثة: يتعرض ملايين الأشخاص حول العالم لمياه الشرب التي تحتوي على كميات عالية من الزرنيخ غير العضوي. هذا هو الأكثر شيوعا في كل من أميركا الجنوبية وآسيا.
- المأكولات البحرية: قد تحتوي الأسماك والروبيان والمحار والمأكولات البحرية الأخرى على كميات كبيرة من الزرنيخ العضوي، وهو الشكل الأقل سمية. ومع ذلك، فإن بلح البحر وأنواعا معينة من الأعشاب البحرية قد تحتوي أيضا على الزرنيخ غير العضوي.
- الأرز والأغذية القائمة على الأرز: يتراكم الزرنيخ في الأرز بدرجة أكبر مقارنة بالمحاصيل الغذائية الأخرى، ويقدر أنه يمتص ما يصل إلى 10 أضعاف كمية الحبوب الأخرى. لذلك يعتبر أكبر مصدر غذائي للزرنيخ غير العضوي، وهو الشكل الأكثر سمية.
- يختلف محتوى الزرنيخ في الأرز حسب نوع الأرز ومكان زراعته وكيفية معالجته وطريقة طهيه.
- تم العثور على أقصى تركيز للزرنيخ في نخالة الأرز، لذا فإن المنتجات المصنوعة منها، مثل حليب الأرز، لها تركيز أعلى.
- حليب الأرز.
- نخالة الأرز.
- حبوب الإفطار المصنوعة من الأرز.
- أرز الأطفال.
- مقرمشات الأرز.
- شراب الأرز البني.
* لماذا يوجد الزرنيخ في الأرز؟
يوجد الزرنيخ بشكل طبيعي في الماء والتربة والصخور، ولكن قد تكون مستوياته أعلى في بعض المناطق عن غيرها، ويدخل بسهولة في السلسلة الغذائية وقد يتراكم بكميات كبيرة في كل من الحيوانات والنباتات، وبعضها يأكله الإنسان.نتيجة للأنشطة البشرية، يتزايد التلوث بالزرنيخ، وتشمل المصادر الرئيسية للتلوث بالزرنيخ بعض المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والمواد الحافظة للأخشاب والأسمدة الفوسفاتية والنفايات الصناعية وأنشطة التعدين وحرق الفحم وصهره.
غالباً ما يتم تصريف الزرنيخ إلى المياه الجوفية، والتي تصبح ملوثة بشدة بالزرنيخ، ومن المياه الجوفية، يجد الزرنيخ طريقه إلى الآبار وإمدادات المياه الأخرى التي يمكن استخدامها لري المحاصيل والطهي.
الأرز معرض بشكل خاص للتلوث بالزرنيخ، لأنه يزرع في حقول تُغمر بالمياه، ويتطلب كميات كبيرة من مياه الري، وفي العديد من المناطق، تكون مياه الري هذه ملوثة بالزرنيخ.
وقد يتراكم الزرنيخ في تربة حقول الأرز، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة، حيث يمتص الأرز المزيد من الزرنيخ من الماء والتربة، مقارنةً بالمحاصيل الغذائية الشائعة الأخرى.
يعد استخدام المياه الملوثة في الطهي مصدر قلق آخر، لأن حبوب الأرز تمتص الزرنيخ بسهولة من ماء الطهي عند غليها.
* الآثار الصحية للزرنيخ
الجرعات العالية من الزرنيخ شديدة السمية، وتسبب أعراضا ضارة مختلفة قد تصل إلى الموت.يوجد الزرنيخ الغذائي بشكل عام بكميات قليلة ولا يسبب أي أعراض تسمم فورية، ومع ذلك، فإن تناول الزرنيخ غير العضوي على المدى الطويل قد يسبب مشاكل صحية مختلفة، ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة وتشمل هذه:
- أنواعا مختلفة من السرطانات حيث تصنف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) الزرنيخ على أنه مادة مسرطنة، بناء على الارتباط بين التعرض طويل الأمد للزرنيخ مع سرطانات الجلد والرئة والمثانة.
- ضيق أو انسداد الأوعية الدموية (أمراض الأوعية الدموية).
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض القلب.
- داء السكري من النوع 2.
- ضعف التركيز والتعلم والذاكرة.
- انخفاض الذكاء والكفاءة الاجتماعية.
اعتبارا من عام 2004، دخل حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي معيار احترازي أكثر صرامة للحد الأقصى من الزرنيخ الإجمالي البالغ 10 ميكروغرامات/ لتر في مياه الشرب.
* هل الزرنيخ في الأرز مصدر قلق؟
نعم. لا شك في أن الزرنيخ في الأرز يمثل مشكلة، حيث قد يشكل خطراً على صحة أولئك الذين يأكلون الأرز كل يوم بكميات كبيرة، وينطبق هذا بشكل أساسي على الأشخاص في آسيا أو الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية آسيوية.تشمل المجموعات الأخرى التي قد تأكل الكثير من منتجات الأرز الأطفال الصغار وأولئك الذين يتبعون نظاماً غذائياً خالياً من الحليب أو خالياً من الغلوتين، وفي بعض الأحيان، تشكل أغذية الأطفال المعتمدة على الأرز، ومقرمشات الأرز، والبودنج وحليب الأرز جزءاً كبيراً من هذه الحميات.
الأطفال الصغار معرضون للخطر بشكل خاص بسبب صغر حجم أجسامهم، لذلك، قد لا يكون إطعامهم حبوب الأرز كل يوم فكرة جيدة.
مصدر قلق إضافي هو شراب الأرز البني، وهو مُحلي مشتق من الأرز قد يحتوي على نسبة عالية من الزرنيخ، وغالباً ما يستخدم في تركيبات الأطفال.
بالطبع، لا يحتوي كل الأرز على مستويات عالية من الزرنيخ، ولكن تحديد محتوى الزرنيخ في منتج معين من الأرز قد يكون صعباً (أو مستحيلاً) دون قياسه فعلياً في المختبر.
* كيفية تقليل الزرنيخ في الأرز؟
يمكن تقليل محتوى الزرنيخ في الأرز بغسل الأرز وطهيه بالماء النظيف الذي يحتوي على نسبة منخفضة من الزرنيخ.هذا فعال لكل من الأرز الأبيض والبني، مما يقلل من محتوى الزرنيخ بنسبة تصل إلى 57٪، ومع ذلك، إذا كان ماء الطهي يحتوي على نسبة عالية من الزرنيخ، فقد يكون له تأثير معاكس ويرفع محتوى الزرنيخ بشكل كبير، ويجب أن تساعد النصائح التالية في تقليل محتوى الزرنيخ في الأرز:
- استخدم الكثير من الماء عند الطهي.
- غسل الأرز قبل الطهي. قد تزيل هذه الطريقة 10-28٪ من الزرنيخ.
- يحتوي الأرز البني على كميات أعلى من الزرنيخ مقارنة بالأرز الأبيض، وإذا كنت تأكل كميات كبيرة من الأرز، فقد يكون الصنف الأبيض خياراً أفضل.
- اختر الأرز العطري مثل الأرز البسمتي أو الياسمين.
- اختر الأرز من منطقة الهيمالايا، بما في ذلك شمال الهند وشمال باكستان ونيبال.
- تجنب قدر الإمكان الأرز الذي يزرع خلال مواسم الجفاف، حيث يعد استخدام المياه الملوثة بالزرنيخ أكثر شيوعًا خلال تلك الفترات.
- تتعلق النصيحة الأخيرة والأكثر أهمية بنظامك الغذائي ككل، وتأكد من تنويع نظامك الغذائي عن طريق تناول العديد من الأطعمة المختلفة، ولا ينبغي أبدًا أن يهيمن نوع واحد من الطعام على نظامك الغذائي.
* الخلاصة
- الزرنيخ عنصر سام موجود بشكل طبيعي في بيئتنا، وينقسم إلى مجموعتين، الزرنيخ العضوي وغير العضوي، حيث يكون الزرنيخ غير العضوي أكثر سمية.
- تحتوي المأكولات البحرية على الزرنيخ، ولكن في الغالب على الشكل العضوي.
- قد يحتوي الأرز والمنتجات القائمة على الأرز على مستويات عالية من الشكل غير العضوي (الأكثر سمية).
- يمتص الأرز الزرنيخ بكفاءة من مياه الري والتربة وحتى ماء الطهي، وبعض هذا الزرنيخ من أصل طبيعي، لكن التلوث غالباً ما يكون مسؤولاً عن مستويات أعلى.
- عادة ما تستغرق الأعراض السامة للزرنيخ الغذائي وقتاً طويلاً لتظهر، وقد يؤدي تناول الطعام على المدى الطويل إلى زيادة مخاطر الإصابة بمشكلات صحية مختلفة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والسكري من النوع 2 وانخفاض الذكاء.
- يعد التلوث بالزرنيخ مصدر قلق خطير لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على الأرز كغذاء أساسي لهم، ويتعرض الأطفال الصغار أيضًا للخطر إذا كانت المنتجات القائمة على الأرز تشكل جزءًا كبيرًا من نظامهم الغذائي.
- يمكن اتباع بعض نصائح طرق الطهي البسيطة لتقليل محتوى الزرنيخ في الأرز، وضع في اعتبارك أيضا أن بعض أنواع الأرز، مثل البسمتي والياسمين، تحتوي على نسبة أقل من الزرنيخ.
المصادر
Arsenic in Rice: Should You Be Concerned? - Healthline
Arsenic in drinking water: sources, occurrence and health effects
Arsenic removal from rice by washing and cooking with water