لا يمكن لأحد أن يصف تنشئة الأطفال بالمهمة السهلة على الإطلاق؛ إذ إن رعاية وتربية الأطفال تتطلب الكثير من الجهد النفسي والبدني، وكذلك من الوقت، وأضف إلى هذا العديد من التحديات التي تواجه الأم والأب في رحلتهم الوالدية، الأمر الذي يدفع الوالدين في كثير من الأحيان للخروج عن شعورهم والتصرف بانفعالية مع أطفالهم، والذي لا يساهم في أي تغيير أو تقويم لسلوكياتهم، وهنا يأتي دور فلسفة حديثة في تنشئة الأطفال تعرف باسم "الأمومة والأبوة الهادئتان" (Peaceful Parenting)، والتي تتناول هذه المقالة أهم ما تجب معرفته عنها.
اقــرأ أيضاً
* ما هي "الأمومة والأبوة الهادئتان"؟
تعد "الأمومة والأبوة الهادئتان" فلسفة تربوية حديثة تمت صياغتها من قبل لورا ماركام العالمة بمجال علم النفس، والتي ظهرت للنور عام 2012، وتتميز باستنادها إلى أبحاث ودراسات علمية، وتقوم تلك الفلسفة على ثلاثة مبادئ أساسية: تحكم الوالدين في مشاعرهم، والتواصل مع الأطفال، والتدريب والإرشاد بدلاً من السيطرة والتحكم.
ترتكز طريقة التربية هذه على استكشاف مشاعر الأم والأب ومن ثم قبولها، وذلك بغرض استغلال هذا الأمر في التعامل مع الأطفال بصورة أكثر إيجابية؛ فالهدف الأساسي هو تحسين السلوكيات من منشأ ذاتي، وبناء رابطة قوية بين الوالدين والأطفال، الأمر الذي سينعكس على الأبناء عبر إدراكهم مشاعرهم وعواطفهم بشكل صحيح، وبالتالي التصرف بشكل أفضل وأكثر تعقلاً أثناء نموهم.
* كيف يمكن تطبيق هذه الطريقة لتربية الأطفال؟
1- تحكم الوالدين في مشاعرهما
إن الصفة الرئيسية للأم أو الأب الهادئين هي أنهم يدركان أن مشاعرهما وعواطفهما تلعب دوراً كبيراً للغاية في التعامل مع المواقف المختلفة التي يواجهانها أثناء تربية أطفالهما، أو بعبارة أخرى فإنهما يفهمان كيف أن التصرف بانفعالية، وعدم موضوعية وعدم التحكم بالمشاعر قد يؤثر بشكل سلبي للغاية على تنشئة الأبناء والبنات.
فعلى سبيل المثال، لدى قيام الطفل بتكرار تصرف خاطئ أو سلوك غير حميد سرعان ما ينفعل الأم أو الأب وتتحول مشاعرهما إلى الغضب، ومن ثم التصرف أو التعامل مع الطفل بطريقة غير صحيحة تربوياً تحت وطأة هذه المشاعر السلبية، وفي مثل تلك المواقف يكون التحكم في المشاعر ضرورة قصوى.
فالطريقة الصحيحة للتعامل مع الأمر هو التوقف لبرهة، وأخذ شهيق عميق وتحليل الموقف بشكل موضوعي، ويجب التساؤل عن دافع الطفل لارتكاب هذا الخطأ.. هل هو عدم الفهم أو الجوع أو الفضول أو الرغبة في جذب الانتباه أو غير ذلك، وهذا الأمر من شأنه تغيير مشاعر الوالدة أو الوالد للتصرف بشكل أكثر عقلانية.
بالإضافة إلى هذا فإن غالبية مشاعر الغضب من الأبناء التي تنتاب الوالدين يكون مبعثها الأساسي هو الخوف، وبالتالي يجب أثناء التحليل الموضوعي للموقف التساؤل حول مصدر هذا الخوف أو القلق من هذا السلوك غير المحمود للطفل؛ الأمر الذي لا يكون سهلاً دوماً، لكنه يلعب دوراً كبيراً في التعامل مع المشاعر بشكل صحيح، وتنظيم ردود الأفعال بصورة إيجابية.
وأخيرا فإن تحكم الوالدين في مشاعرهما ليصبحا هادئين لا يعني عدم شعورهما بالغضب على الإطلاق، فالغضب شعور طبيعي لا يمكن تجاهله، وكل ما في الأمر هو التفكر لبرهة للتصرف بشكل صحيح بدلاً من اتخاذ رد فعل سريع وغاضب.
اقــرأ أيضاً
2- التواصل مع الأطفال
يعتقد العديد من الأمهات والآباء أن مجرد وجودهم مع أطفالهم طوال الوقت يعني أنهم في حالة تواصل دائم معهم؛ إلا أن هذا الأمر غير صحيح، فالمقصود بالتواصل مع الأطفال هو الرابطة القوية التي يتشاركها الوالدين مع الأبناء، ويمكن بلوغ هذا النوع من التواصل عبر الأمور التالية:
- التواصل بشكل جسدي عبر الأحضان والقبلات والدغدغة لإظهار الحب والعاطفة.
- تخصيص وقت للعب مع الطفل بمفرده كل يوم، ولو لمدة قصيرة بين 10-20 دقيقة.
- الابتعاد عن التلفاز والحواسيب والهواتف الجوالة والأدوات التكنولوجية الأخرى أثناء التعامل مع الأطفال.
- إعطاء الأولوية للوقت المخصص للعائلة مثل الحديث معاً، أو تناول الطعام معاً، أو قضاء وقت ممتع بالخارج مع الأطفال.
- ابتكار أمور جديدة للاهتمام بالأطفال كتأليف أغنية أو قصة أو ممارسة لعبة أو نشاط معين أو النداء باسم تدليل مبتكر مخصص لكل لطفل.
كل تلك الأمور وغيرها من شأنها تحسين التواصل مع الأطفال بشكل فعال؛ الأمر الذي يجعل الأطفال يشعرون بالحب والقبول لذواتهم، مما ينعكس على علاقاتهم بالآخرين المحيطين بهم داخل نطاق الأسرة وخارجها، كما أن ذلك التواصل مثالي للوالدية الهادئة، إذ يجعل الأطفال أكثر تعاوناً مع ذويهم، وأكثر ميلاً للتصرف بشكل سليم، وتجنب السلوكيات الخاطئة.
3- التدريب والإرشاد بدلاً من السيطرة والتحكم
يعتبر هذا المبدأ الأخير هو الأصعب في التطبيق، ويرجع ذلك إلى أن غالبية الأمهات والآباء يرون أن الزجر والعقاب مبدأ تربوي أساسي لا غنى عنه، وأن عدم فرض السيطرة على الأبناء والتحكم بهم مرادف للضعف وعدم المقدرة من قبل الوالدين، لكن في حقيقة الأمر فإن إذعان الأطفال للتوجيهات والتصرف بشكل سليم يحدث بشكل أفضل عند التخلي عن السيطرة والتحكم عبر العقاب والصياح من قبل الأم والأب.
إن قيام الأبوين بانتهاج طريقة التدريب والإرشاد يعطي أطفالهم الوسائل والأدوات لتقويم سلوكياتهم بشكل أفضل من سياسة العقاب أو الرشوة. فعلى سبيل المثال، لدى معاقبة طفل على سلوك غير مقبول معين عبر حرمانه من اللعب أو الخروج فإن ذلك سيجعله غاضباً وساخطاً، بينما التحدث معه وإرشاده بغرض لفت انتباهه إلى السلوكيات الخاطئة وعواقبها قبل التصرف معه بشكل صارم هو التصرف الصحيح، ويعد هذا النهج ذا نتيجة أفضل بالنسبة للطفل والوالدين على السواء، خاصة على المدى الطويل، فالهدف من التدريب والإرشاد مساعدة الطفل كي يشق طريقه في العالم، واستخدام ذكائه العاطفي لاتخاذ قرارات صحيحة بصورة أفضل.
* ما هي فوائد هذه الفلسفة التربوية؟
هناك العديد من الفوائد والمنافع على الطفل ووالديه لدى انتهاج هذه الطريقة في التنشئة بدلاً من الطرق التقليدية الأخرى، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
- يكون الأطفال أكثر سعادة وأقوم سلوكاً وأكثر تعاوناً.
- يصبح الوالدان أكثر هدوءاً، وأقل لجوءاً للصياح والزجر والانفعال.
- تتوطد الروابط والعلاقات وسبل التواصل داخل الأسرة.
- يزداد الذكاء العاطفي والإحساس بالمسؤولية، والتصرف بشكل صائب لدى نمو الأطفال إلى أشخاص بالغين.
- تستمر تلك العلاقة المثالية بالأبناء حتى بعد أن يكبروا ويستقلوا بحياتهم.
تعد "الأمومة والأبوة الهادئتان" فلسفة تربوية حديثة تمت صياغتها من قبل لورا ماركام العالمة بمجال علم النفس، والتي ظهرت للنور عام 2012، وتتميز باستنادها إلى أبحاث ودراسات علمية، وتقوم تلك الفلسفة على ثلاثة مبادئ أساسية: تحكم الوالدين في مشاعرهم، والتواصل مع الأطفال، والتدريب والإرشاد بدلاً من السيطرة والتحكم.
ترتكز طريقة التربية هذه على استكشاف مشاعر الأم والأب ومن ثم قبولها، وذلك بغرض استغلال هذا الأمر في التعامل مع الأطفال بصورة أكثر إيجابية؛ فالهدف الأساسي هو تحسين السلوكيات من منشأ ذاتي، وبناء رابطة قوية بين الوالدين والأطفال، الأمر الذي سينعكس على الأبناء عبر إدراكهم مشاعرهم وعواطفهم بشكل صحيح، وبالتالي التصرف بشكل أفضل وأكثر تعقلاً أثناء نموهم.
* كيف يمكن تطبيق هذه الطريقة لتربية الأطفال؟
1- تحكم الوالدين في مشاعرهما
إن الصفة الرئيسية للأم أو الأب الهادئين هي أنهم يدركان أن مشاعرهما وعواطفهما تلعب دوراً كبيراً للغاية في التعامل مع المواقف المختلفة التي يواجهانها أثناء تربية أطفالهما، أو بعبارة أخرى فإنهما يفهمان كيف أن التصرف بانفعالية، وعدم موضوعية وعدم التحكم بالمشاعر قد يؤثر بشكل سلبي للغاية على تنشئة الأبناء والبنات.
فعلى سبيل المثال، لدى قيام الطفل بتكرار تصرف خاطئ أو سلوك غير حميد سرعان ما ينفعل الأم أو الأب وتتحول مشاعرهما إلى الغضب، ومن ثم التصرف أو التعامل مع الطفل بطريقة غير صحيحة تربوياً تحت وطأة هذه المشاعر السلبية، وفي مثل تلك المواقف يكون التحكم في المشاعر ضرورة قصوى.
فالطريقة الصحيحة للتعامل مع الأمر هو التوقف لبرهة، وأخذ شهيق عميق وتحليل الموقف بشكل موضوعي، ويجب التساؤل عن دافع الطفل لارتكاب هذا الخطأ.. هل هو عدم الفهم أو الجوع أو الفضول أو الرغبة في جذب الانتباه أو غير ذلك، وهذا الأمر من شأنه تغيير مشاعر الوالدة أو الوالد للتصرف بشكل أكثر عقلانية.
بالإضافة إلى هذا فإن غالبية مشاعر الغضب من الأبناء التي تنتاب الوالدين يكون مبعثها الأساسي هو الخوف، وبالتالي يجب أثناء التحليل الموضوعي للموقف التساؤل حول مصدر هذا الخوف أو القلق من هذا السلوك غير المحمود للطفل؛ الأمر الذي لا يكون سهلاً دوماً، لكنه يلعب دوراً كبيراً في التعامل مع المشاعر بشكل صحيح، وتنظيم ردود الأفعال بصورة إيجابية.
وأخيرا فإن تحكم الوالدين في مشاعرهما ليصبحا هادئين لا يعني عدم شعورهما بالغضب على الإطلاق، فالغضب شعور طبيعي لا يمكن تجاهله، وكل ما في الأمر هو التفكر لبرهة للتصرف بشكل صحيح بدلاً من اتخاذ رد فعل سريع وغاضب.
2- التواصل مع الأطفال
يعتقد العديد من الأمهات والآباء أن مجرد وجودهم مع أطفالهم طوال الوقت يعني أنهم في حالة تواصل دائم معهم؛ إلا أن هذا الأمر غير صحيح، فالمقصود بالتواصل مع الأطفال هو الرابطة القوية التي يتشاركها الوالدين مع الأبناء، ويمكن بلوغ هذا النوع من التواصل عبر الأمور التالية:
- التواصل بشكل جسدي عبر الأحضان والقبلات والدغدغة لإظهار الحب والعاطفة.
- تخصيص وقت للعب مع الطفل بمفرده كل يوم، ولو لمدة قصيرة بين 10-20 دقيقة.
- الابتعاد عن التلفاز والحواسيب والهواتف الجوالة والأدوات التكنولوجية الأخرى أثناء التعامل مع الأطفال.
- إعطاء الأولوية للوقت المخصص للعائلة مثل الحديث معاً، أو تناول الطعام معاً، أو قضاء وقت ممتع بالخارج مع الأطفال.
- ابتكار أمور جديدة للاهتمام بالأطفال كتأليف أغنية أو قصة أو ممارسة لعبة أو نشاط معين أو النداء باسم تدليل مبتكر مخصص لكل لطفل.
كل تلك الأمور وغيرها من شأنها تحسين التواصل مع الأطفال بشكل فعال؛ الأمر الذي يجعل الأطفال يشعرون بالحب والقبول لذواتهم، مما ينعكس على علاقاتهم بالآخرين المحيطين بهم داخل نطاق الأسرة وخارجها، كما أن ذلك التواصل مثالي للوالدية الهادئة، إذ يجعل الأطفال أكثر تعاوناً مع ذويهم، وأكثر ميلاً للتصرف بشكل سليم، وتجنب السلوكيات الخاطئة.
3- التدريب والإرشاد بدلاً من السيطرة والتحكم
يعتبر هذا المبدأ الأخير هو الأصعب في التطبيق، ويرجع ذلك إلى أن غالبية الأمهات والآباء يرون أن الزجر والعقاب مبدأ تربوي أساسي لا غنى عنه، وأن عدم فرض السيطرة على الأبناء والتحكم بهم مرادف للضعف وعدم المقدرة من قبل الوالدين، لكن في حقيقة الأمر فإن إذعان الأطفال للتوجيهات والتصرف بشكل سليم يحدث بشكل أفضل عند التخلي عن السيطرة والتحكم عبر العقاب والصياح من قبل الأم والأب.
إن قيام الأبوين بانتهاج طريقة التدريب والإرشاد يعطي أطفالهم الوسائل والأدوات لتقويم سلوكياتهم بشكل أفضل من سياسة العقاب أو الرشوة. فعلى سبيل المثال، لدى معاقبة طفل على سلوك غير مقبول معين عبر حرمانه من اللعب أو الخروج فإن ذلك سيجعله غاضباً وساخطاً، بينما التحدث معه وإرشاده بغرض لفت انتباهه إلى السلوكيات الخاطئة وعواقبها قبل التصرف معه بشكل صارم هو التصرف الصحيح، ويعد هذا النهج ذا نتيجة أفضل بالنسبة للطفل والوالدين على السواء، خاصة على المدى الطويل، فالهدف من التدريب والإرشاد مساعدة الطفل كي يشق طريقه في العالم، واستخدام ذكائه العاطفي لاتخاذ قرارات صحيحة بصورة أفضل.
* ما هي فوائد هذه الفلسفة التربوية؟
هناك العديد من الفوائد والمنافع على الطفل ووالديه لدى انتهاج هذه الطريقة في التنشئة بدلاً من الطرق التقليدية الأخرى، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
- يكون الأطفال أكثر سعادة وأقوم سلوكاً وأكثر تعاوناً.
- يصبح الوالدان أكثر هدوءاً، وأقل لجوءاً للصياح والزجر والانفعال.
- تتوطد الروابط والعلاقات وسبل التواصل داخل الأسرة.
- يزداد الذكاء العاطفي والإحساس بالمسؤولية، والتصرف بشكل صائب لدى نمو الأطفال إلى أشخاص بالغين.
- تستمر تلك العلاقة المثالية بالأبناء حتى بعد أن يكبروا ويستقلوا بحياتهم.
المصادر:
What Is Peaceful Parenting?
13 Tips to Transition to Peaceful Parenting