تعد معدلات نجاح التلقيح الاصطناعي (IVF) جيدة إلى حد ما، وقد وجدت دراسة أجريت على ما يقرب من 156000 امرأة أن متوسط معدل المواليد الأحياء من الدورة الأولى للتلقيح الصناعي كان 29.5%، وهو ما يمكن مقارنته بمعدلات النجاح لمعدلات الحمل التلقائي لدى الأزواج الذين لا يعانون من مشاكل في الخصوبة.
وهناك عدد من الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم نجاح التلقيح الاصطناعي، ولكن في بعض الأحيان لا يمكن تحديد أحدها. ووجدت دراسة جديدة من كلية الأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا، نُشرت في مجلة Cell، تفسيراً محتملاً لفشل أجنة التلقيح الاصطناعي. واكتشف الباحثون أن تشوهات الكروموسومات تمنع الجنين من التطور في المراحل الأولى من انقسام الخلية. وهذا يتعارض مع الافتراضات السابقة أنه يحدث في المراحل اللاحقة من العملية.
وبعد إخصاب البويضة بالحيوانات المنوية، توجد في البويضة المخصبة مجموعتان من البنية الوراثية البشرية الكاملة، والتي تتكون من 46 كروموسومًا. ويبدأ انقسام الخلايا في غضون 24 ساعة تقريبًا. وتنقسم البويضة الملقحة إلى خليتين جديدتين، وتحصل كل خلية تالية على مجموعة كاملة من 46 كروموسومًا مثل البويضة الملحة وخلايا جسم الإنسان الطبيعية.
لماذا لا تتطور أجنة التلقيح الاصطناعي؟
مشكلة التلقيح الاصطناعي هي أنه في بعض الأحيان يتم توزيع الكروموزومات بشكل غير صحيح. وقبل الدراسة الجديدة، اعتقد العلماء أن خللًا في جزء معروف داخل الخلية اسمه مغزل الأنابيب الدقيقة microtubule spindle (مهمته تظهر في تقسيم وتوزيع الكروموسومات أثناء انقسام الخلية) هو السبب في ذلك. ووجد باحثو جامعة كولومبيا أن المشكلة حدثت في مرحلة مبكرة جدًا، قبل تكون مغزل الأنابيب الدقيقة، أي في مرحلة انقسام الخلية.
ووفقًا للمؤلف الرئيسي للدراسة ديتر إيجلي، الأستاذ المساعد في بيولوجيا الخلية التطورية (في طب الأطفال)، فقد تم تجاهل هذا إلى حد كبير في الدراسات السابقة. وما لم يُعرف بعد هو سبب عدم استمرار عملية الانقسام دون حدوث عوائق. وأحد التفسيرات هو أن هناك مشكلة أساسية في الحمض النووي نفسه. والمجموعة نفسها من الباحثين في جامعة كولومبيا تخطط لإجراء دراسات إضافية حول هذه المسألة.
في غضون ذلك، يقترب العلم من فهم سبب عدم نجاح التلقيح الاصطناعي، وهو ما قد يكون مفيدًا للأشخاص الذين يختارون السير في هذا الطريق. ويوضح البروفيسور ميغان بولينج، الحاصل على شهادة البورد في كل من أمراض النساء والتوليد والغدد الصماء التناسلية والعقم: "عندما يشير طبيب الخصوبة إلى جودة البويضات، فإنه يشير إلى عدد البويضات المتبقية في مبيض المرأة والتي لا تزال طبيعية من ناحية الكروموزومات فيها، وتعتبر هذه البويضات هي البويضات القابلة للحياة في حال تم إجراء التلقيح الاصطناعي، نظرًا لأن النساء يولدن بكل البويضات التي سيحصلن عليها ولا يصنعن بويضات جديدة في حياتهن".
وبالنسبة للنساء:
- تحت سن 35، حوالي 70% من البويضات طبيعية صبغياً (عدد الكروموزومات وشكلها).
- في سن 37، حوالي 40% من البويضات طبيعية صبغياً.
- النساء في سن الأربعين، فإن حوالي 25% من البويضات طبيعية صبغياً.
- وفي سن الـ45، يكون حوالي 5% من البويضات طبيعية صبغياً.
ويقول الدكتور بولينج: "مع مرور الوقت، يمكن أن تبدأ الكروموزومات في البويضة في التشوه، أو حتى تلتصق بعضها ببعض، وعلى الرغم من أنه لا يزال من الممكن إخصاب هذه البويضات، لكن الجنين سيحتوي على عدد كبير جدًا أو قليل جدًا من الكروموزومات، وعادةً ما تؤدي الأجنة التي تحتوي على عدد كروموزومات غير طبيعي إلى عدم حدوث حمل لأن العديد منها لن يتم زرعها، أو يمكن أن تنتهي أيضًا بالإجهاض إذا نجح الجنين في الزرع، ولكن بعد ذلك حتماً لا يمكن أن ينمو بعد 8 أسابيع من الحمل". ويضيف الدكتور بولينج: "تساعدتنا هذه الدراسة على فهم أفضل لكيفية إصابة البويضات بالضرر في الكروموزومات".
ماذا يعني هذا للأشخاص الذين يخضعون لعمليات التلقيح الصناعي؟
تقول كارلي سنايدر ، وهي طبيبة نفسية متخصصة في الإنجاب والولادة: "التلقيح الاصطناعي يمكن أن يكون مرهقًا بشكل لا يصدق لأسباب عديدة، هناك إزعاج جسدي، وحقن، والكثير من الأدوية باهظة الثمن، بالإضافة إلى مواعيد متكررة جدًا للمختبرات والموجات فوق الصوتية لتصوير وتتبع البويضات، وما إلى ذلك، وكل شهر فاشل يسبب المزيد من الحزن والتوتر، وبالإضافة إلى ذلك، بالطبع، يمكن أن يكون التلقيح الاصطناعي محفزًا للقلق للغاية عندما ينجو عدد قليل فقط من الأجنة بعد اليوم الخامس، ويصبح هذا الرقم هو محور التركيز ويخشى أنه إذا لم ينجح أي منها، فهل ستبدأ دورة أخرى من جديد؟".
ويقول الدكتور بولينج: "إن عملية التلقيح الاصطناعي مرهقة عاطفياً، وفي نهاية المطاف يكون التوتر ناتجًا عن نقص السيطرة، ولا يمكننا التحكم في البويضات التي تنمو في دورة التلقيح الاصطناعي في مبيض المرأة، هناك بويضات قابلة للحياة وأخرى غير قابلة للحياة لدى كل امرأة، ولا توجد طريقة لنا لتشجيع البويضات(الجيدة) على النمو ومنع البويضات غير السليمة من النمو".
تتمتع كل دورة أطفال أنابيب بفرصة للنجاح بناءً على عمر المرأة واحتياطي المبيض وسبب وجود العقم، وبالنسبة لبعض النساء، سيصبحن حوامل في المحاولة الأولى. وبالنسبة للآخريات، سيتعين عليهن تجربة دورات متعددة قبل أن يحققن النجاح، وهذا الافتقار إلى السيطرة والافتقار إلى معرفة ما سيجلبه المستقبل يؤدي إلى ضغوط نفسية لا تصدق والتي تمر بها النساء خلال علاج الخصوبة.
ومن المهم ملاحظة أن القدرة على علاج مشاكل الكروموزومات في البويضات لا تزال بعيدة عن أن تكون شيئًا روتينيًا في الممارسة السريرية. ولسوء الحظ، لم يتم تطوير تقنية أو علاجات يمكنها التغلب على تأثير الشيخوخة على جودة البويضات.
وتعطي هذه الدراسة الجديدة الصادرة عن جامعة كولومبيا للآباء الأمل في أن يكتشف سبب علمي محتمل لفشل جنين التلقيح الاصطناعي في التطور، وتوفر للباحثين نظرة ثاقبة في البيولوجيا الكامنة وراء التكاثر ويمكن أن تؤدي إلى تحسينات في معدلات نجاح التلقيح الاصطناعي.
* المصدر: