سرطان المستقيم هو سرطان مخيف لا يريد أحد التحدث عنه، لكنّ الحاجة إلى الحديث عنه والتعمق في تفاصيله أصبحت ملحة، فهو ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعًا، وتتزايد الحالات كل عام لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا.
تتوقع جمعية السرطان الأمريكية أنه في عام 2023، سيكون هناك أكثر من 46.050 حالة جديدة من سرطان المستقيم في أمريكا، وربما سيكون أكثر شيوعًا لدى الشباب منه لدى كبار السن.
والأهم من ذلك، أن هناك أخبارًا مطمئنة، إذْ تحسّنت التوقعات لحالات سرطان المستقيم إذا تم تشخيصه قبل انتشاره، فقد وُجِد أن معدل البقاء على قيد الحياة مدة خمس سنوات بعد العلاج يصل إلى 89٪ في مثل هذه الحالات المبكرة.
سنعرض لكم في هذا المقال بعض المعلومات التي يجب معرفتها عن جراحات سرطان المستقيم.
1. يشير مصطلح "سرطان القولون والمستقيم" إلى وجود خلايا سرطانية في أي جزء من القولون والمستقيم
عندما نتحدث عن سرطان القولون والمستقيم، يكون من المفيد فهم ودراسة طبيعة المنطقة بأكملها، إذ تنقسم الأمعاء الغليظة إلى القولون الذي يبلغ طوله حوالي 5 أقدام، والمستقيم الذي يبلغ طوله حوالي 6 بوصات، والشرج. يكون البراز سائلًا عندما يتشكل في القولون، ثم يتصلب في المستقيم حيث يتم تخزينه مؤقتًا قبل إخراجه.
تتكون القناة الشرجية، التي يبلغ طولها 2 بوصة، من عضلتين عاصرتين شرجيتين، وعضلات قاع الحوض، وهي التي تتحكم في خروج البراز.
يمكن أن تنشأ زوائد لحمية في القولون والمستقيم، فيقوم اختصاصيّو الجهاز الهضمي من خلال تنظير القولون، والذي يعدّ المعيار المثالي لفحص سرطان القولون والمستقيم، بإزالة أي زوائد يعثرون عليها، ثم يحدد اختصاصيّو علم الأمراض ما إذا كان الورم سرطانيًا بعد فحص العينات تحت المجهر.
ويمكن للطبيب في بعض الحالات، من خلال إجراء فحص المستقيم بالأصبع (PR)، تحديد وجود ورم أو إصابة، ويعدّ هذا الفحص ضروريًا لكل مريض مسن، كجزء من الفحوصات الطبية الروتينية لتشخيص ورصد تلك الحالات مبكرًا قبل أن تتفاقم.
2. أنت لا تحتاج فقط إلى جراح القولون والمستقيم، أنت بحاجة إلى فريق طبي مناسب
إذا كنت بحاجة إلى عملية جراحية في المستقيم، يوصى بالبحث عن جراح متخصص في حالات سرطان القولون والمستقيم؛ لأنه من المرجح أن يكون لديهم أفضل النتائج، وأقل المضاعفات بعد هذا النوع من العمليات الجراحية.
كما أن الأمر لا يتعلق فقط بالجراح، بل يتعلق بالحصول على الرعاية في مركز يضمّ فريقًا متعدد التخصصات، كطبيب أورام، واختصاصيّ علم الأمراض، واختصاصيّ الجهاز الهضمي.
3. يستخدم جراحو القولون والمستقيم التصوير بالرنين المغناطيسي لتحسين نتائج الجراحة
إذا تم تشخيص إصابتك بسرطان المستقيم، فقد يكون من المفيد معرفة أنه قد تحققّت تحسينات كبيرة في الرعاية الطبّية خلال السنوات الأخيرة، إذْ يستخدم جراحو القولون والمستقيم الآن التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لجمع المعلومات المهمة قبل العملية، إذْ يمكّنهم التصوير بالرنين المغناطيسي من تقييم حجم الورم بدقة، وتحديد موقعه داخل المستقيم، وكذلك مدى قربه من الهياكل التشريحية الأخرى، ويساعد هذا بدوره في التخطيط الجراحي الأمثل، كما يقلل من احتمالية التكرار والمضاعفات الجراحية.
يمكن أن يساعد التصوير بالرنين المغناطيسي أيضًا جراحي القولون والمستقيم في معرفة مدى انتشار السرطان في جدار المستقيم، وحتى الغدد الليمفاوية والدهون حول المستقيم، والتي يتم إزالتها أيضًا في الجراحة.
كما تُوجِّه كلُّ هذه المعلومات الأطباءَ إلى ما يسمى "العلاج المساعد الجديد"، للسيطرة على الورم بالعلاج الكيميائي والإشعاعي قبل الجراحة، مما قد يقلل من صعوبة العملية الجراحية المطلوبة.
4. الجراحة الروبوتية تعني عملًا جراحيًا أكثر دقة، ووقتًا أقل في المستشفى
لقد غيرت الجراحة الروبوتية قواعد الممارسة بالنسبة للمرضى ولجراحي القولون والمستقيم، فبينما لا تزال هناك بعض العمليات التي تجرى بالمنظار، إلا أن معظم جراحي القولون والمستقيم يتّجهون إلى الجراحات الروبوتية، فهي تجعل الجراحة أسهل وأقل إيلامًا وأكثر دقة.
في العمليات الجراحية التي يستخدم فيها جهاز الروبوت الجراحي، يجلس الجراح عند وحدة التحكم بالقرب من المريض، ويتعامل مع الأدوات الجراحية الروبوتية أثناء مشاهدتها على الشاشة، مما يتيح للأطباء أن يكونوا أكثر دقة.
كما أنه كاميرا البروبوت الجراحي توفر تصوراً أفضل للمستقيم، وهي منطقة يصعب العمل عليها؛ لأنها تقع في جزء ضيق من الجسم (عمق الحوض)، ولها جدران رقيقة، وأعصاب قريبة مهمة في عملية التبول والوظيفة الجنسية.
وهناك فائدة أخرى تتمثل في أن العمليات الجراحية الروبوتية لا تؤدي إلى تكوّن كثير من النسيج الندبي داخل البطن، والذي يمكن أن يتكون بعد العمليات الجراحية التقليدية لسرطانات المستقيم، مما يقلل من خطر إصابة النساء الشابات بالعقم، ويقلل حدوث الالتصاقات في الحوض.
5. يوجد نوعان من جراحة المستقيم لا يتطلبان إجراء شق جراحي على الإطلاق
في حين أن معظم جراحات المستقيم طفيفة التوغل يتم إجراؤها من خلال شقوق جراحية صغيرة في البطن، إلا أن اثنتين من أحدث الإجراءات لا تتضمن إجراء أي شقوق جراحية في البطن على الإطلاق. فقد ظهرت الجراحة المجهرية بالمنظار عبر الشرج (TEMS)، وهي عملية جراحية طفيفة التوغل، ولكنها تستخدم معدات خاصة، بما في ذلك منظار البطن ومنظار الشرج. يُدخل فيها الجراح أدوات متخصصة عبر فتحة الشرج، لإزالة الآفات السرطانية في مراحله المبكرة.
وانتشر أيضًا الإجراء الأحدث الذي يُستخدم فقط في السرطانات الصغيرة في المراحل المبكرة، وهو الجراحة طفيفة التوغل عبر الشرج (TAMIS)، والتي تسمح للعديد من المرضى بالعودة إلى المنزل في نفس اليوم. يمكن إجراؤها باستخدام أدوات صغيرة يتم إدخالها من خلال منفذ في فتحة الشرج.
6. يعتمد نجاح جراحات المستقيم على عدة عوامل
يصعب قياس نجاح عمليات جراحة المستقيم، فيوضع في الاعتبار عدة عوامل تؤثر في نجاح الجراحة، مثل معدل انتكاس السرطان الموضعي. فإذا لم يكن لدى المريض انتكاس موضعي للسرطان، فهذا يعني أن العملية الجراحية كانت دقيقة بما يكفي، وأنها لم تترك أي خلايا سرطانية وراءها.
لاحظ الأطباء انخفاض معدلات انتكاس السرطان بعد عمليات جراحة المستقيم من حوالي 20٪ من الحالات قبل عام 1990، إلى أقل من 5٪ في وقتنا الحاضر. إلا أن المرضى الذين يُرجح أن يحدث لديهم انتكاس السرطان الموضعي في حالتهم هم أولئك الذين لديهم حالة انثقاب السرطان (Perforating)، أو انسداد الأمعاء (Obstructing)، أو لديهم نمط نادر يسمى سرطان المستقيم المخاطي (Mucinous rectal cancer).
7. معدلات اللجوء إلى الفُغرة الدائمة أقل مما كانت عليه من قبل
تعرف الفُغرة أو فغر القولون (colostomy) بأنها فتحة في جدار البطن، يتم إجراؤها بواسطة جرّاحي القولون؛ لإخراج الفضلات من الجسم عبر جدار البطن. ويؤكد الأطباء أن المعيار المطلق الوحيد في الوقت الحالي الذي يقود إلى إجراء فغرة دائمة هو حجم وطبيعة الورم الذي يغزو العضلة العاصرة الشرجية، فإذا كان لا بد من إزالة العضلة العاصرة، فلا توجد حالياً طريقة ناجحة في استبدالها، ولا بد من الفغرة الدائمة.
يتعاون الفريق الطبي بعد إجراء العملية الجراحية لتبسيط كيفية العناية بالفغرة، لتصبح في النهاية جزءًا من روتين حياة المريض اليومية.
8. الرعاية الطبية والتثقيف الصحي بعد جراحة سرطان المستقيم يُحدِثان فرقًا
يمكن أن تكون جراحة الأورام مختلفة من مريض إلى آخر، فعلى سبيل المثال، تكون الجراحة في أسفل المستقيم أكثر تعقيدًا، ويمكن أن تستغرق ست أو سبع ساعات، أما إذا كانت في الجزء العلوي من المستقيم، فقد تستغرق أقل من ساعتين.
تأتي رعاية الفريق الطبي والتعاون بين اختصاصيّ التغذية وطبيب الجهاز الهضمي والتمريض المعاون، لتلعب دورًا لا يقل أهمية عن إجراء العملية الجراحية في إتمام نجاح الخطة العلاجية. يخضع المريض لبرنامج تثقيف قبل الجراحة، يوضح فيه الفريق المعاون أهمية تقوية عضلات الحوض، والنظام الغذائي المناسب قبل وبعد العملية الجراحية.
وختامًا:
يمكن أن يُكتشف سرطان القولون والمستقيم مبكرًا، ويكون العلاج أسهل، وتسهل السيطرة عليه، لذلك ينصح الأطباء بالفحص الروتيني للكشف عن سرطان القولون والمستقيم بدءاً من عمر 50 عامًا، خاصة عند الفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل الذين لديهم قصة عائلية لسرطان القولون والمستقيم، أو لديهم أمراض التهابية مزمنة في القولون، أو قصة مرضية سابقة لوجود لحميات في القولون ...
1-https://www.yalemedicine.org/news/8-things-to-know-about-rectal-cancer-surgery
2-https://www.cdc.gov/cancer/colorectal/basic_info/symptoms.htm
