صحــــتك

دواء تيبليزوماب.. أول علاج لتأخير مرض السكري من النوع الأول

الصورة
عمرو زيدان
دواء تيبليزوماب.. أول علاج لتأخير مرض السكري من النوع الأول

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، يوم الخميس الماضي 17 نوفمبر، على استخدام حقن تيبليزوماب تحت الاسم التجاري تيزيلد. وبذلك يكون هذا الدواء أول علاج لتأخير ظهور المرحلة الثالثة من مرض السكري من النوع الأول لدى البالغين والأطفال بعمر 8 سنوات فما فوق، الذين يعانون حالياً من المرحلة الثانية لداء السكري من النوع الأول.

وفي هذا المقال سنتعرف أكثر إلى مميزات دواء تيبليزوماب وطريقة عمله، بالإضافة إلى آثاره الجانبية المتوقعة، وهل يعتبر هذا الدواء علاجاً نهائياً لمرض السكري من النوع الأول؟!

مرض السكري النوع الأول

قبل أن نتحدث عن هذا الدواء الجديد، يجب علينا معرفة أن مرض السكري من النوع الأول مرض يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي الخلايا التي تصنع الإنسولين ويدمرها. والإنسولين هو الهرمون الذي تنتجه خلايا بيتا داخل مجموعات الخلايا التي تسمى جزر لانجرهانز في البنكرياس، استجابةً لظهور كميات كبيرة من الجلوكوز دفعة واحدة داخل الدورة الدموية.

ويعاني الأشخاص المصابون بمرض السكري من النوع الأول من ارتفاع مستوى الجلوكوز الذي يتطلب حقن الإنسولين (أو ارتداء مضخة الإنسولين) للبقاء على قيد الحياة. كذلك يجب على الأشخاص المصابين فحص مستويات السكر في الدم بانتظام طوال اليوم. وعلى الرغم من أنه يمكن أن يظهر في أي عمر، إلا أنه عادةً ما يُشخَّص مرض السكري من النوع الأول خلال مرحلة الطفولة أو سنّ الرشد.

ما هو دواء تيبليزوماب؟ وما هي طريقة عمله؟

دواء تيبليزوماب Teplizumab عبارة عن جسم مضاد أحادي النسيلة مُؤَنسن ((humanized monoclonal antibody، يُوصَف بالاسم التجاري تيزيلد Tzield لتأخير ظهور مرض السكري من النوع الأول في المرحلة الثالثة. ويعمل الدواء من طريق الارتباط بـ CD3 (مستضد موجود على سطح الخلايا اللمفاوية التائية)، الذي يبدأ مسار الإشارات داخل الخلايا بعد التعرف إلى المستضد بواسطة مستقبلات الخلايا التائية.

ومن طريق الارتباط الضعيف بمركب مستقبل الخلايا التائية CD3، يُعطل دواء تيزيلد الخلايا المناعية التي تهاجم الخلايا المنتجة للإنسولين، مع زيادة نسبة الخلايا التي تساعد في تخفيف الاستجابة المناعية. وهذا يؤدي إلى تطور خمول الخلايا وموتها، وخاصة الخلايا المستجيبة التائية المنشطة، التي تكون غير مطلوبة فى تلك الحالة. على العكس من ذلك، فهو يعمل أيضاً على تعزيز نسبة الخلايا التائية التنظيمية، ويزيد من إطلاق السيتوكينات التنظيمية، ما يؤدي إلى التخفيف من الاستجابة المناعية، وبالتالي يُؤخر ظهور المرحلة الثالثة من داء السكري من النوع الأول بعد تعطيل الخلايا المناعية ومنع تأثيرها المدمر على خلايا جزيرة البنكرياس أو جزر لانجرهانز.

البنكرياس

استخدامات دواء تيبليزوماب

يستخدم دواء تيزيلد (تيبليزوماب) لـ:

  • تأخير ظهور مرض السكري من النوع الأول في المرحلة الثالثة لدى البالغين والأطفال بعمر 8 سنوات فأكثر.
  • المصابين بداء السكري من النوع الأول ويعانون من المرحلة الثانية للمرض.

وفي المرحلة الثانية من داء السكري من النوع الأول، غالباً لا توجد أعراض. ويكون لدى الأفراد اثنان أو أكثر من الأجسام المضادة المرتبطة بمرض السكري، بالإضافة إلى مستويات السكر في الدم غير الطبيعية بسبب زيادة فقدان خلايا بيتا. وفي تلك المرحلة، يأتي دور الدواء قبل حدوث المرحلة الثالثة من داء السكري من النوع الأول، التي تظهر فيها الأعراض بسبب الفقد الكبير لخلايا بيتا، وبالتالي ارتفاع سكر الدم، ومن هنا يحتاج المريض للعلاج بالإنسولين. ويؤخذ الدواء من طريق الوريد مرة واحدة يومياً لمدة 14 يوماً متتالياً، ومن غير المعروف ما إذا كان هذا الدواء آمناً وفعالاً للأطفال دون سنّ 8 سنوات.

كيفية أخذ دواء تيبليزوماب؟

  1. يُعطى دواء تيزيلد (تيبليزوماب) من قبل مقدم الرعاية الصحية، من خلال إبرة موضوعة في الوريد (التسريب في الوريد) في ذراع المريض.
  2. يأخذ المريض حقنة تيزيلد مرة واحدة في اليوم يومياً لمدة 14 يوماً، ويستمر كل تسريب حوالى 30 دقيقة.
  3. في الأيام الخمسة الأولى من العلاج، يعطي الطبيب المريض بعض الأدوية من طريق الفم قبل البدء بالتسريب. تشمل هذه الأدوية دواء إيبوبروفين ونابروكسين أو مسكنات الألم الأخرى، مثل دواء الأسيتامينوفين ومضادات الهيستامين والأدوية المضادة للغثيان. قد تساعد هذه الأدوية في تقليل أعراض متلازمة إفراز السيتوكينات CRS مثل الإصابة بالحمى والصداع والغثيان، بالإضافة إلى آلام العضلات والمفاصل.
  4. إذا جرى تفويت التسريب المجدول، فسيواصل مقدم الرعاية الصحية العلاج في اليوم المحدد التالي، لأنه يُمنع تلقي دفعتين في ذات اليوم. بالتالي يجب إخبار الطبيب المتخصص إذا كان هناك شيء ما سيمنع المريض من إكمال علاجه.

ما هي جرعة دواء تيبليزوماب؟

يؤخذ الدواء من طريق التسريب الوريدي (على الأقل لمدة 30 دقيقة)، باستخدام جرعات تعتمد على مساحة سطح الجسم، مرة واحدة يومياً لمدة 14 يوماً متتالياً. ويكون نظام الجرعات على النحو الآتي:

  • اليوم الأول: 65 ميكروغراماً/ م2
  • اليوم الثاني: 125 ميكروغراماً/ م2
  • اليوم الثالث: 250 ميكروغراماً/ م2
  • اليوم الرابع: 500 ميكروغراماً/ م2
  • الأيام من 5 إلى 14: 1030 ميكروغراماً/ م2

ويمنع أخذ جرعتين في ذات اليوم. علماً بأن الدواء يأتي في صورة محلول قابل للحقن بتركيز 2 مغم/ 2 مل (1 مغم/ مل) قارورة أحادية الجرعة.

الآثار الجانبية المتوقعة لدواء تيبليزوماب؟

قد يسبب دواء تيزيلد (تيبليزوماب) آثاراً جانبية خطيرة، على سبيل المثال:

1. متلازمة إفراز السيتوكينات (CRS)

قد تشمل علامات مشاكل تلك المتلازمة وأعراضها ما يأتي: الحُمى، الشعور بالتعب والغثيان، الصداع، آلام العضلات والمفاصل، بالإضافة إلى زيادة إنزيمات الكبد في الدم. و قد تبدأ هذه العلامات والأعراض خلال الأيام الخمسة الأولى من العلاج. يجب على المريض إخبار الطبيب المتخصص على الفور إذا ظهرت عليه أي علامات وأعراض لمتلازمة إفراز السيتوكينات في أثناء العلاج.

2. انخفاض في كريات الدم البيضاء

 قد يسبب الدواء انخفاضاً في نوع من خلايا الدم البيضاء تسمى الخلايا الليمفاوية. يُعد انخفاض خلايا الدم البيضاء من الآثار الجانبية الخطيرة والشائعة للدواء، التي يمكن أن تؤثر بقدرة الجسم على مقاومة العدوى. ويمكن أن يحدث انخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء بعد الجرعة الأولى. لكن عادةً ما يبدأ عدد خلايا الدم البيضاء بالعودة إلى طبيعته بعد الجرعة الخامسة. وقد يصاب بعض الأشخاص أيضاً بتخفيضات أطول وأكثر حدة في الخلايا الليمفاوية.

بالتالي، يجب على الطبيب الخاص بالمريض إجراء فحوصات الدم لفحص الكبد وتعداد الدم الكامل للمريض قبل البدء بالعلاج وفي أثنائه.

تشمل الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً لدواء تيبليزوماب ما يأتي:

  • انخفاض مستويات بعض خلايا الدم البيضاء.
  • الطفح الجلدي.
  • الصداع.

ما هي الاحتياطات والتحذيرات اللازمة قبل تناول دواء تيبليزوماب؟

قبل تلقي دواء تيبليزوماب أو بعده، يجب على المريض استشارة الطبيب الخاص به وإخباره بجميع حالاته الطبية، بما في ذلك إذا كان:

  • لديه أي من الحالات أو الأعراض المذكورة في الآثار الجانبية للدواء، مثل متلازمة إفراز السيتوكينات، أو انخفاض مستويات كريات الدم البيضاء.
  • يعاني من عدوى خطيرة أو عدوى مزمنة.
  • تلقي المريض أو من المقرر أن يتلقى لقاحاً، لأن دواء تيبليزوماب قد يؤثر بكيفية عمل اللقاح. بالتالي يجب إعطاء جميع التطعيمات المناسبة للعمر قبل بدء تناول الدواء. وكذلك تجنب الاستخدام المتزامن للقاحات الحية والمعطلة ولقاح mRNA مع دواء تيزيلد.
  • تفاعلات فرط الحساسية الحادة، بما في ذلك داء المصل والوذمة الوعائية والشرى والطفح الجلدي والقيء والتشنج القصبي. في حالة حدوث تفاعلات فرط الحساسية الشديدة، يجب التوقف عن استخدام الدواء والمعالجة على الفور.
  • يعاني من الالتهابات البكتيرية أوالفيروسية.
  • يجب التأكد من أن التاريخ السريري للمريض لا يشير إلى مرض السكري من النوع الثاني.
  • يجب تأكيد داء السكري من النوع الأول في المرحلة الثانية من خلال توثيق ما لا يقل عن اثنين من الأجسام المضادة الذاتية الإيجابية لخلية جزيرة البنكرياس في أولئك الذين يعانون من خلل السكر في الدم دون ارتفاع السكر في الدم باستخدام اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT). (يمكن استخدام طريقة بديلة للتشخيص في حالة عدم توفر الاختبار الفموي).

هل يستخدم دواء تيبليزوماب في أثناء الحمل؟

على الرغم من عدم وجود بيانات كافية عن دواء تيبليزوماب، إلا أنه لا ينصح باستخدام الدواء في أثناء الحمل وقبل 30 يوماً على الأقل من الحمل المخطط. ويمكن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة أن تنتقل بفاعلية عبر المشيمة، وقد يسبب التيبليزوماب تثبيط المناعة لدى الطفل قبل الولادة.

هل يستخدم دواء تيبليزوماب في أثناء الرضاعة الطبيعية؟

لا توجد دراسات متاحة في ما يتعلق بانتقال التيبليزوماب إلى حليب الإنسان أو الحيوان، أو التأثيرات في الأطفال الذين يرضعون من الثدي، أو ما إذا كان يمكن أن يضرّ الطفل الرضيع. يجب استشارة الطبيب المتخصص في أفضل طريقة لإطعام الطفل. يمكن المرأة المرضعة أن توقف الرضاعة الطبيعية وتضخ لبن الثدي وتتخلص منه في أثناء العلاج ولمدة 20 يوماً بعد تناوله لتقليل تعرّض الطفل الرضيع للدواء.

هل يعتبر دواء تيبليزوماب علاجاً نهائياً لمرض السكر؟

على الرغم من أن دواء تيبليزوماب أول علاج مناعي في العالم لمرض السكري من النوع الأول، كذلك فإنه يعتبر أكبر تقدم علاجي لهذه الحالة منذ اكتشاف الإنسولين قبل 100 عام، إلا أنه ليس علاجاً نهائياً لمرض السكر.

يعمل دواء تيبليزوماب، الذي يطلق عليه أيضاً تيزيلد، على تأخير (وليس منع) مرض السكري من النوع الأول بمعدل ثلاث سنوات في الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بهذه الحالة.

وهذا مهم، فكل يوم دون مرض السكري من النوع الأول مهم. من منظور المريض والأسرة، التأخير في التشخيص يعني قضاء سنوات أكثر خالية من القلق بشأن الحقن ونقص الوزن واحتساب الكربوهيدرات وقسوة العيش مع مرض السكري من النوع الأول.

هذا يعني أن الناس يقضون سنوات أكثر مع نسبة سكر فى الدم في نطاق صحي، ما قد يحميهم من المضاعفات طويلة الأمد. وهذا يعني أيضاً أنه يمكن الشخص الحصول على تشخيص المرض عندما يكبر وقد يكون حينها أكثر استعداداً للتحكم بحالته وإدارتها، وربما تجنب مرض السكري في مرحلة الطفولة تماماً.

فى النهاية، يعتبر النوعان الأول والثاني من مرض السكري من الحالات المرضية مدى الحياة. ولا يوجد علاج كامل ونهائي لمرض السكري، لكن إجراءات العلاج الصحيحة يمكن أن تساعد الشخص المصاب بأي من النوعين على عيش حياة نشطة وصحية. كذلك هناك بعض طرق العلاج الواعدة قيد التطوير.

الموافقة التاريخية على دواء تيبليزوماب باسمه التجاري تيزيلد، تعتبر بداية تحول بارز في كيفية علاج مرض السكري من النوع الأول؛ لأنه لأول مرة، يمكن معالجة السبب الجذري للحالة (هجوم الجهاز المناعي) ومن المحتمل أن يتأخر مرض السكري من النوع الأول لمدة تصل إلى 3 سنوات.

بما أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول يحتاجون إلى علاج بديل للإنسولين مدى الحياة، لذا إن القدرة على توفير تأخير لمدة عامين للفرد من أعراض وعبء مرض السكري من النوع الأول يُعَدّ إنجازاً هائلاً. كذلك فإنه يعطي الوقت للعلماء لنجاح تجارب استخدام الخلايا الجذعية لإنتاج الإنسولين داخل جسم المريض، وإيجاد علاج نهائي لمرض السكر بإذن الله.

 

المصادر:

 

 

آخر تعديل بتاريخ
14 نوفمبر 2023
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.