صحــــتك

أوقفوا التمييز والوصم ضد مرضى الجذام والبهاق

أوقفوا التمييز والوصم ضد مرضي الجذام و البهاق

تمثل الأمراض المزمنة عبئا كبيرا على الأفراد والدول، فبعضها يتسبب في حدوث عجز جزئي أو كلي يتسبب في معاناة المريض الذي قد لا يستطيع خدمة نفسه أو المشاركة في الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي. بشكل عام تتسبب الأمراض التي تؤدي إلى هذا العجز في تعاطف المجتمع القريب والبعيد على حد سواء، والذي يسعى أفراده بشكل عام إلى مساندة المريض ومحاولة مساعدته. لكن هذا ليس حال كل الأمراض للأسف، فبعض الأمراض تتسبب في عبء نفسي يتسبب فيه هذا المجتمع ذاته. فهذه الأمراض ترتبط بقدر من الوصم والتمييز تجاه المصابين بها. في مقدمة هذه الأمراض تأتي الإصابة بمرض الإيدز (الذي عرضنا قضية الوصم المتعلقة به في مقال سابق)، وغيره من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الممارسات الجنسية المختلفة، حيث يفترض أفراد المجتمع أن سبب هذه الأمراض دوما هو الممارسات أو الأفعال الخاطئة (وهو أمر غير صحيح بالطبع).

لكن هناك طائفة أخرى من الأمراض لم يرتكب أحدهم ذنبا أو يتهمهم أحد بذلك، لكنهم يعانون أيضا من صور مختلفة من الوصم والتمييز. تشمل أفراد هذه الطائفة المصابين ببعض الأمراض الجلدية كالبرص (البهاق) والجذام، حيث يساهم سوء الفهم الخاص بهذه الأمراض في انتشار أفكار واعتقادات وشائعات غير صحيحة. في هذا المقال نستعرض بعض الحقائق العلمية الخاصة بهذه الأمراض وكيفية مواجهة هذه المشكلة التي تواجه المصابين بها.

البهاق Vitiligo.. شائعات وحقائق

هذا المرض يتميز بوجود بقع غير ملونة من الجلد. هذه البقع الفاتحة أو البيضاء تحدث نتيجة نقص الميلانين، وهي الصبغة التي تلون الجلد وتعطيه لونه المميز. يصيب المرض حوالي 1 بالمائة من سكان العالم، وتتسبب هذه البقع البيضاء أو فاتحة اللون في إحساس غير مريح للمصابين بها، خاصة لدى أصحاب البشرة الداكنة. على الرغم من أن المرض ليست له عواقب جسدية ذات بال، فإنه يرتبط بقدر كبير من التوتر النفسي والضغط العصبي للمصابين به خاصة مع زيادة المرض واتساع مساحته من جهة، ونظرة المحيطين بهم من جهة أخرى. في الجزء التالي نستعرض بعض الاعتقادات والشائعات الخاصة بالمرض ثم نعرض الحقيقة العلمية المتعلقة بها.

 

الاعتقاد : البهاق يرتبط بعدم النظافة.

الحقيقة: البهاق مرض مناعي يحدث بسبب مهاجمة المناعة للخلايا المنتجة للميلانين، ولا علاقة له بالنظافة.

الاعتقاد: البهاق مرض معدٍ.

الحقيقة: البهاق ليس معديا على الإطلاق، فهو مرض مناعي كما ذكرنا، وهو يختلف بالكلية عن مرض الجذام. لذلك فالتعامل مع مريض البهاق آمن تماما، ويمكنك أن تصافحه وتعانقه وتعيش معه دون مشاكل أو خوف.

الاعتقاد: البهاق ينتقل بالعلاقة الجنسية.

الحقيقة: كما ذكرنا، ليس البهاق مرضا معديا على الإطلاق، ولا يصيب أي من طرفي العلاقة الطرف الآخر.

الاعتقاد: البهاق يصيب المرضى الذين أذنبوا بذنوب معينة في الماضي.

الحقيقة: هذا الاعتقاد ينتشر في بعض مناطق الهند بوجه خاص، حيث ما زال المرضى المصابون بهذا المرض يعانون من الوصم بسببه. هذا الاعتقاد خاطئ تماما، وترفضه الأديان السماوية كلها.

الاعتقاد: البهاق يحدث بسبب تناول أحد أو بعض أنواع الطعام.

الحقيقة: لم يثبت علميا ارتباط هذه الحالة أو المرض بأي نوع من أنواع الطعام الذي نتناوله.

الاعتقاد: البهاق مرض وراثي.

الحقيقة: هذا الاعتقاد حقيقي إلى حد ما، والمرض يصيب بعض أفراد العائلات. وجدت بعض الدراسات أن فردا من كل خمسة أفراد مصابين بالمرض لديه على الأقل قريب واحد مصاب أيضا.

 

بناء على هذه الحقائق، يمكنك دعم هذا المريض بشكل بسيط وإنساني. إذا رأيت أحدا يتنمر عليه، فساهم في وقف هذا التنمر وقم بمساندته. إذا كنت تجلس في مكان ووجدت المحيطين بالمريض يخافون من التعامل معه أو الاقتراب منه، فاقترب أنت وصافحه واجلس بجانبه، حتى يتشجع الباقون على تجاوز الخوف. إذا كان أحد المقربين منك مصابا المرض، فقدم له كل سبل الدعم وسانده في تعليمه وعمله حتى لا يتسبب هذا المرض غير الضار في إعاقته عن مواصلة حياته بنجاح.

الجذام leprosy.. شائعات وحقائق

هذا مرض آخر يرتبط بقدر كبير من الوصم والتمييز، ونظرا لأنه يختلط بالبهاق عند البعض، فقد آثرنا أن نعرضهما معا. الجذام مرض معدٍ، يتسبب فيه أحد أنواع البكتريا المعروفة باسم المتفطرة الجذامية  Mycobacterium leprae. هذا المرض من الأمراض بطيئة الظهور، حيث قد يستغرق عدة سنوات حتى تبدأ الأعراض في الظهور على المريض. يتسبب المرض في العديد من الأعراض التي تشوه المظهر الخارجي للشخص، حيث تصيب الجلد بقع فاتحة اللون (ولذلك يتم خلطه مع البهاق)، وتنمو بعض العقد على الجلد الذي قد يصبح ثخينا جافا. يصاب المرضى أيضا بقرح في باطن القدم، وقصر الأصابع، وفقد الرموش والحواجب. هذه التشوهات تخيف المحيطين بالمرضى وتتسبب في قدر كبير من الوصم، وهو الأمر الذي يحدث منذ مئات السنوات. في الجزء التالي نعرض بعض الحقائق عن المرض، والتي قد تساهم في التعامل معه.

الاعتقاد: العدوى بالبكتيريا المسببة للجذام سهلة.

الحقيقة: خمسة وتسعون بالمائة من البالغين يمكنهم مقاومة البكتيريا المسببة للمرض عن طريق جهاز المناعة، لذا فليست من السهل الإصابة بالمرض.

الاعتقاد: يتسبب الجذام في سقوط أصابع أيدي وأقدام المرضى.

الحقيقة: الأصابع لا تسقط بسبب المرض، بل كنتيجة للمضاعفات التي تترتب عليه. تهاجم بكتيريا الجذام نهايات الأعصاب الموجودة في اليد والقدم، وهو ما يقلل الإحساس بهذه الأعضاء ويجعلها كالمخدرة. إذا جرحت هذه الأعضاء أو أصيبت بحرق مثلا لا يشعر المريض بالألم، وبالتالي لا يطلب المساعدة، وهو ما يتسبب في حدوث عدوى وضرر دائم، وهو ما ينتهي بحدوث قصر الأطراف. لحسن الحظ، لا تحدث هذه المضاعفات إلا في الحالات المتقدمة للغاية من المرض.

الاعتقاد: الجذام الذي نراه حاليا هو نفسه الموصوف في الكتب التاريخية والدينية القديمة.

الحقيقة: هذه الكتب كانت تخلط بين العديد من الأمراض وتضعها كلها في سلة واحدة، وبعضها كان يصف أمراضا شديدة العدوى، وهو ما لا ينطبق على الجذام كما ذكرنا. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن العلاجات المتوفرة حاليا متاحة في هذا الوقت.

الاعتقاد: المصابون بالجذام يجب أن يعيشوا في مستعمرات أو معسكرات خاصة بهم بعيدا عن الأصحاء

الحقيقة: يمكن للمرضى المصابين بالمرض والذين تم علاجهم باستخدام المضادات الحيوية أن يعيشوا بشكل طبيعي وسط عائلاتهم، وأن يمارسوا حياتهم العلمية والعملية دون مشاكل.

الاعتقاد: إذا صافحتُ مريضا مصابا بالجذام أو جلستُ بجانبه فسوف أصاب بالعدوى.

الحقيقة: كما ذكرنا، العدوى بالمرض صعبة، ولا تحدث نتيجة الاتصال المباشر كالمصافحة والجلوس بجانب المرضى أو حتى التحدث مع المصابين.

الاعتقاد: لا يوجد علاج للجذام.

الحقيقة: كما ذكرنا، الجذام يتم علاجه حاليا ببعض المضادات الحيوية المعروفة والمتاحة.

الاعتقاد: المصاب ببكتيريا الجذام يظل معديا لفترة طويلة.

الحقيقة: لا يصبح المريض معديا بعد عدة أيام من بدء العلاج. لكن يجب العلم أن العلاج يجب أن يستمر لفترة طويلة (قد تصل إلى عامين) من أجل ضمان عدم عودة المرض مرة أخرى.

 

من خلال معرفتك بهذه الحقائق يمكنك أن تساهم في تقليل معاناة هؤلاء المرضى. على المستوى الفردي يمكنك أن تنشر هذه الحقائق وتصحح أي سوء فهم. يمكنك أيضا أن تساعد هؤلاء المرضى إذا شاهدت من يتنمر عليهم أو يتسبب لهم في أي أذى نفسي.

 

المصادر:

VITILIGO: IS IT JUST A DERMATOLOGICAL DISORDER?

Vitiligo’s impact is in the eye of the beholder

Hansen's Disease (Leprosy): Signs and Symptoms

World Leprosy Day: Bust the Myths, Learn the Facts

آخر تعديل بتاريخ
04 مارس 2022
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.