قابلت الكثير من الأزواج والزوجات الذين يعانون من ارتباك تصرفات شريك حياتهم بعدما عرفوا ماضيهم، ويتألمون من جراء تلك المصارحة؛ لما ترتب عليها من شقاق وتغير وتوتر وبكاء، وتحقيقات تتخطى تحقيقات النيابة عما حدث.. كيف حدث؟ ومتى؟ ولماذا انتهى؟ وكيف كان المآل؟ بل وكيف يتأكد من انتهاء تلك العلاقة في الواقع، بل قد تتخطى ذلك للتأكد من انتهائها من قلب وعقل وخيال من باح بسره.
والحقيقة أن موضوع "الشفافية"، و"الصدق"، و"الحقوق" في مثل تلك المساحة تحتاج لتريث؛ لأن لكل حالة مقاما ومقالا، وسأتحدث اليوم عن حالة فيها أحد الطرفين كان على علاقة عاطفية انتهت تماما، فصارت ذكرى، ولم تعد موجودة.
والحقيقة أن موضوع "الشفافية"، و"الصدق"، و"الحقوق" في مثل تلك المساحة تحتاج لتريث؛ لأن لكل حالة مقاما ومقالا، وسأتحدث اليوم عن حالة فيها أحد الطرفين كان على علاقة عاطفية انتهت تماما، فصارت ذكرى، ولم تعد موجودة.
ونظرا لأن تلك المساحة فيها قدر كبير من الحرج لمن يحمل "سرا"، وقدر كبير من التعارض "الظاهري" مع بعض القيم النبيلة، وما ينتج عن "البوح غير الناضج" من توتر، وألم وفقدان ثقة أحيانا، وفقدان توازن أحيانا للطرف الآخر، رأيت أن أتحدث - لكل من كان له ماض عاطفي قبل الزواج، ولكل من يشعر بأن شريكه كان مرتبطا قبله - حديثا واقعيا يحمي من الارتباك والمعاناة.. ولكلاكما أقول:
1. أثبتت الدراسات العلمية، والدراسات الميدانية، أن التواصل الحقيقي بين الزوجين نفسيا وعاطفيا وفكريا هو حائط الصد في استقرار الحياة الزوجية ونجاحها حتى مع وجود درجة من "الخصوصية" فيها لا يعلم أحدهما عدة أسرار عن الآخر.
2. الأسرار ليست بالضرورة مساحة "شر"؛ فأنت تعلم جيدا أن هناك صلاة سر، وصدقة سر؛ فالخصوصية أمر مشروع جدا لك، ولشريكك ما دامت لا تحمل شرا.
3. رباط الزواج رباط عميق متين؛ فهو علاقة بينك وبين شريكك كإنسان قبل أن يكون زوجا/ زوجة بكل ما تحمله من معاني وقيم، وكلاكما قد انتمى لعالم "المحبين"، فصارت بينكما مشاعر دافئة واستئناس وغزل وقرب نفسي ورعاية نفسية، ويربط بينكما كذلك رباط الزواج وما يحمله من حقوق وواجبات، فأين حق شريكك المزعوم في حياتك السابقة التي لم يكن فيها من الأساس؟ لقد بدأ الرباط والميثاق الغليظ فقط منذ لحظة التعهد بينكما بالزواج، وليس قبله.
4. حين يأتي زوجان بينهما مشكلات حول التربية أو المال أو الصفات التي يحملها أحدهما وترهق الآخر، نجد حلولا تجعل العلاقة أكثر استقراراً من ذي قبل، ولكن هناك "أعمدة" أصيلة تستند إليها العلاقة بين الزوجين، لا يمكن في غيابها استقرار العلاقة، ألا وهي "الثقة"؛ وفقدان الثقة من طرف تجاه الآخر يجعل الاستقرار صعب المنال؛ فهل بوحك بحبك القديم الذي أخذ من قلبك وروحك وكيانك الكثير في مصلحة استقرار زواجك أم لا؟
5. ما هي درجة الأذى الحقيقي الذي سينال شريك حياتك إن لم يعلم، هل يمكن أن تقارن بين كونه قد علم أو لم يعلم؟
6. إن كنت أنت من يشعر بأنه كان هناك حب قديم أو علاقة عاطفية قديمة عند شريكك، فلا تظل تنخر في ماضيه/ ماضيها؛ لأنك أنت من سيتألم ألماً لا يغني ولا يسمن من جوع، وتذكر/ي أنه "اختارك" أنت ليكمل معك مشوار حياته، ووثق فيك كشريك، ومحاربة ماض انتهى وذكرى تهدأ بفعل الزمن حماقة غير مبررة.
7. إذا اضطررت أو كان الواقع قد جعلك تتحدث عن ماضيك، فلا تتحدث عن تفاصيله؛ فالتفاصيل مهما قيلت، سيتبعها المزيد من السؤال عن تفاصيل أدق، والتفاصيل الأدق ستؤلم وتربك شريك حياتك فانتبه وأصرر على عدم الإسهاب في التفاصيل.
8. المنطق يتطلب أن تبوح - دون تفاصيل - عن علاقة من الطبيعي أن يعلم بها شريكك؛ مثلا إن كنت على علاقة عاطفية سابقة مع ابنة خالك/ابن عمك، وكانت العلاقة معروفة وسط العائلة، أو حدثت خلالها خطوة معلنة كالخطوبة أو ما شابه، فلا يتسق مع حديثي معك اليوم أن تخفي ذلك، فالأشخاص الذين ستضطرنا الحياة للتعامل معهم، وكانوا ماضيا لنا، وكانت العلاقة معلنة فلا مجال لعدم الحديث عنها، ولكن على أن يذكر أمر العلاقة بدون تفاصيل، حتى لو اضطررت للقول صراحة "لن أتحدث في أي تفاصيل"؛ فأنت تعلم أن هذا من أجل سلامة واستقرار علاقة زواجك التي صارت واقعا، وصارت هي الأهم والأبقى، وبطيب العشرة والطمأنة، والإصرار على عدم الخوض في التفاصيل ستزول تلك الزوبعة.
9. راجع نفسك إذا كنت ما زلت راغبا في الإفصاح عن ماضيك بعد كل ما أوضحته لك؛ لأنك في هذه الحالة تحتاج لمراجعة نفسك، أو مراجعة حقيقة ما بينك وبين من تزوجت؛ فهناك من يفصح ليتفاخر أو ليؤذي مشاعر شريكه، أو كرد فعل لخطأ شريكه في علاقة ما أو لخلل في الإشباع العاطفي أو بسبب الوقوع في حالة "تثبيت نفسي" للماضي؛ فإن وجدت ذلك أو غيره، فلا تتردد في سؤال من يمكنك استشارته وتثق في نصائحه، ودعمه.. وللحديث بقية عن أنواع أخرى من الأسرار.
اقرأ أيضاً:
ماهية العلاج الأسري ودواعيه
7 مشكلات في النوم مع الشريك.. وحلها
ما هي دواعي الاستشارة الزوجية؟
اكتشفت خيانة زوجية.. 8 طرق للتصرف السليم