صحــــتك

بالتفصيل.. السل والسل المقاوم للعلاج

الصورة
ذكرى القيسي
السل
 
السل Tuberculosis، مرض شديد العدوى يصيب الرئتين في المقام الأول، ووفقًا لمصدر موثوق في منظمة الصحة العالمية (WHO)، فهو يُعَدّ أحد أهم 10 أسباب للوفاة في جميع أنحاء العالم، إذ تسبَّب بوفاة 1.7 مليون شخص في عام 2016.
ويُعتبر السل أكثر شيوعًا في البلدان النامية. لكن، وفقًا لمصدر موثوق لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، تم الإبلاغ عن أكثر من 9000 حالة في الولايات المتحدة في عام 2016، وتعزى الزيادة جزئيًا لانتشار فيروس الإيدز، وما زال المرض يشكّل خطرًا رغم جهود المكافحة، وخصوصًا مع ظهور السلالات المقاوِمة للعقاقير. فما هي أعراض ومضاعَفات هذا المرض؟

أعراض الإصابة بالسل

أولًا: السل الكامن

أي أن الشخص يصاب بالعدوى، لكن البكتيريا تبقى في حالة غير نشطة في الجسم، كامنة، ولا تسبب ظهور الأعراض، ولا يُعَد الشخص مُعْديًا في هذه المرحلة. لكن، يمكن أن يتحوّل هذا النوع من السل إلى السل النشط، ولذا يُعَد العلاج مهمًا للمريض به، ومن أجل المساعدة في التحكم في عدم انتشار المرض بوجه عام، ويقدَّر المصابون بالسل الكامن بنحو مليارَي شخص.

ثانيًا: السل النشِّط

تظهر على الشخص المصاب أعراض، ويكون مُعْديًا، وتشمل علامات السل النشِّط وأعراضه ما يلي:

  • سعال يستمر ثلاثة أسابيع أو أكثر.
  • خروج الدم مع السعال.
  • ألم الصدر أو ألم عند التنفس أو السعال.
  • فقدان الوزن بشكل غير مقصود.
  • التعب.
  • الحمّى.
  • العرق أثناء الليل.
  • الرعشة.
  • فقدان الشهية.

أسباب الإصابة بعدوى السل

ينتج السل عن جراثيم السل التي تنتقل من شخص إلى آخر من خلال الرذاذ الذي ينتشر في الهواء، وينتشر هذا الرذاذ عندما يسعل الشخص أو يتكلم أو يعطس أو يبصق. وعلى الرغم من أن السل من الأمراض المعدية، فإن الشخص لا يصاب به بسهولة.
وقد ارتفع عدد حالات الإصابة بالسل ارتفاعًا كبيرًا بسبب انتشار فيروس نقص المناعة البشرية، وهو الفيروس المسبِّب للإيدز، ذلك أن عدوى فيروس نقص المناعة البشرية يعمل على تثبيط الجهاز المناعي، وهو ما يصعّب على الجسم مكافحة بكتيريا السل.
ويكمن السبب الآخر في استمرار كون السل واحدًا من أخطر الأمراض القاتلة في زيادة السلالات البكتيرية المقاومة للعقاقير، في أنه منذ استخدام المضادات الحيوية لأول مرة لمكافحة السل منذ 60 عامًا، طوَّرت بعضُ جراثيم السل قدرتَها على المقاومة والبقاء، وقد انتقلت هذه القدرة إلى السلالات المنحدرة منها.
تظهر سلالات بكتيريا السل المقاوِمة للعقاقير عندما يفشل المضاد الحيوي في قتل البكتيريا المستهدفة، وبالتالي تصبح البكتيريا الناجية مقاومة لهذا العقار تحديدًا، وبالتالي للمضادات الحيوية الأخرى كذلك، وقد طوَّرت بعضُ بكتيريا السل قدرتها على مقاومة أكثر العلاجات الشائعة استخدامًا، مثل أيزونايزيد وريفامبين.
علاوة على ذلك، فقد طورت بعض سلالات السل أيضًا قدرتها على مقاومة أقل العقاقير المستخدمة في العلاج، مثل المضادات الحيوية المعروفة باسم الفلوروكوينولون، والأدوية التي تعطى عن طريق الحقن، مثل أميكاسين وكاناميسين وكابريوميسين، وغالبًا ما تُستخدم هذه الأدوية لعلاج العدوى البكتيرية المقاوِمة لأكثر العقاقير الشائعة استخدامًا.

ويمكن أن يصاب أي شخص بالسل، ولكن توجد عوامل معيّنة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض، وتتضمن هذه العوامل ما يلي:

  1. ضَعف الجهاز المناعي نتيجة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، متلازمة العوز المناعي المكتسب (الإيدز)، داء السكري، مرض الكلى في مراحله الأخيرة، السرطان وعلاجاته، العقاقير المستخدمة للوقاية من رفض الجسم للأعضاء المزروعة، بعض العقاقير المستخدمة لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، وداء كرون والصدفية، وسوء التغذية.
  2. السفر أو العيش في مناطق معيّنة: مثل دول جنوب الصحراء الإفريقية، والهند، والصين، وروسيا وباكستان.
  3. الفقر والظروف المعيشية، ونقص الرعاية الطبية وظروف العمل، ونقص الرعاية الطبية.
  4. العمل في مجال الرعاية الصحية يزيد من احتمال التعرض لبكتيريا السل.
  5. العيش أو العمل في منشآت الرعاية الداخلية مثل السجون، أو مراكز الهجرة أو دُور الرعاية أو مخيمات اللاجئين.
  6. تعاطي التبغ وإدمان العقاقير والمواد المخدرة، وسوء استعمال العقاقير.

مضاعفات الإصابة بالسل

يمكن أن يتحول السل إلى مرض خطير إذا لم يعالَج، وغالبًا ما يؤثر السل النشط غير المعالَج على الرئتين، غير أن المرض قد ينتقل إلى أجزاء أخرى في الجسم من خلال مجرى الدم. ومن أمثلة مضاعفات السل ما يلي:

  • ألم العمود الفقري.
  • تلف المفاصل.
  • تورم الأغشية التي تغطي المخ (التهاب السحايا).
  • مشكلات الكبد أو الكلى.
  • اضطرابات القلب.

تشخيص الإصابة بالسل

أثناء الفحص البدني، سيفحص الطبيب الغدد الليمفاوية للتأكد من عدم تورمها، وسيستخدم السماعة للاستماع بعناية إلى الأصوات التي تصدر من الرئتين أثناء التنفس، كما يمكن أن يحتاج لبعض الفحوصات، منها:

1. اختبار الجلد (اختبار التيوبركلين Tuberclin test)

تتمثل أكثر الأدوات شيوعًا في تشخيص السل في إجراء اختبار بسيط على الجلد، وذلك على الرغم من أن اختبارات الدم أصبحت مألوفة بشكل أكبر، ويتم حقن كمية صغيرة من مادة تسمى مشتق البروتين المنقى التوبركليني (Purified Tuberculin) تحت الجلد مباشرة في داخل الساعد، ومن المفترض ألا تشعر إلا بوخزة خفيفة للإبرة.
في غضون 48 إلى 72 ساعة، سيفحص اختصاصي الرعاية الصحية الذراع ليرى ما إذا كان هناك ورم في موضع الحقن أم لا، ويعني ظهور ورم أحمر صلب وبارز في دائرة قطرها أكبر من 10 مم أنك قد تكون مصابًا بعدوى السل، ويحدد حجم الورم مدى خطورة نتائج الاختبار.
لكن، لا يكون اختبار الجلد الخاص بالسل دقيقًا بشكل تام، ففي بعض الأحيان تشير النتائج إلى أن الشخص مصاب بالسل بينما الأمر في حقيقته ليس كذلك، ويمكن أيضًا أن تشير إلى أن الشخص غير مصاب بالسل بينما هو مصاب في الحقيقة.
يمكن الحصول على نتائج إيجابية وهمية للاختبار إذا تم تطعيم الشخص أخيرًا بلقاح السل (BCG)، وهو اللقاح المنتشر الاستخدام على نطاق واسع في الدول التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بعدوى السل.
ويمكن الحصول على نتائج سلبية وهمية لدى فئات عمرية معينة، مثل الأطفال وكبار السن والمصابين بالإيدز، ممن لا يستجيبون في بعض الأحيان لاختبار الجلد الخاص بالسل، كما يمكن الحصول على نتائج سلبية وهمية بالنسبة لمن أصيبوا أخيرًا بالسل، ولكن لم يتفاعل الجهاز المناعي لديهم مع البكتيريا، فتفاعُل الجهاز المناعي مع بكتيريا السل يتسم بالبطء.

2. اختبارات الدم

يمكن استخدام اختبارات الدم لتأكيد الإصابة بالسل الكامن أو النشط أو لاستبعادهما، وتستخدم هذه الاختبارات تقنية معقدة لقياس مدى تفاعل الجهاز المناعي مع بكتيريا السل، ويُعَد كل من اختبارَي تشخيص عدوى السل الكامنة باستخدام الذهب داخل أنبوب واختبار نقطة ت للسل (QuantiFERON-TB Gold in-Tube / T-Spot.TB) مثالَين على اختبارات الدم المتعلقة بمرض السل.
ولا تتطلب هذه الاختبارات سوى زيارة واحدة لعيادة الطبيب، ويمكن أن يفيد اختبار الدم إذا كنت معرَّضًا لخطر كبير للإصابة بعدوى السل، ولكن يلزم أن تكون النتيجة سلبية بالنسبة لاختبار الجلد، أو إذا تلقيت تطعيم لقاح السل أخيرًا.

4. اختبارات البلغم

إذا أظهر فحص الأشعة السينية على الصدر علامات الإصابة بالسل، فقد يأخذ الطبيب عينة من البلغم (البصاق)، وهو المخاط الذي يخرج عند السعال، وتُفحَص هذه العينات تحت المجهر بحثًا عن بكتيريا السل. ويمكن استخدام عينات البلغم أيضًا لاختبار وجود سلالات من بكتيريا السل المقاوِمة للعقاقير، ويساعد هذا الاختبار الطبيب في اختيار الأدوية التي يعتقد أنها الأكثر فاعلية، ويمكن أن تستغرق تلك الاختبارات من أربعة إلى ثمانية أسابيع حتى تكتمل.

3. اختبارات التصوير

إذا كانت نتيجة اختبار الجلد إيجابية، فمن المحتمل أن يطلب الطبيب إجراء أشعة سينية على الصدر، أو الفحص بالأشعة المقطعية، وقد يُظهر هذا الفحص نقاطًا بيضاء في الرئتين في المكان الذي تصدى فيه الجهاز المناعي لبكتيريا السل، أو قد يكشف عن تغيرات في الرئتين بسبب الإصابة بالسل النشط، وتقدِّم الفحوصات بالأشعة المقطعية صورًا أكثر تفصيلاً من تلك التي تقدمها الفحوصات بالأشعة السينية العادية.

علاج السل

عند الإصابة بالسل الكامن؛ قد لا يحتاج المريض سوى إلى نوع واحد من عقاقير السل، وسيتطلب السل النشط، خاصة إذا كان من سلالة مقاومة للعقاقير، تناول عدة عقاقير مع بعضها في الوقت نفسه، وتشمل العقاقير الأكثر شيوعًا المستخدمة في علاج السل ما يلي:

  • أيزونايزيد.
  • ريفامبين (ريفادين، ريماكتين).
  • إيثامبيوتول (ميامبيوتول).
  • بيرازيناميد.

وفي حال الإصابة بالسل المقاوِم للعقاقير، ففي الغالب تُستخدم مجموعة من المضادات الحيوية المعروفة باسم الفلوروكوينولون، بالإضافة إلى أدوية عن طريق الحقن -مثل أميكاسين أو كاناميسين أو كابريوميسين- لمدة تتراوح ما بين 20 و30 شهرًا، وتُطوِّر بعضُ سلالات السل إمكانيةَ مقاومة لهذه الأدوية أيضًا.

يوجد عدد من العقاقير الجديدة التي يُنظر إليها باعتبارها علاجًا إضافيًا لعلاج السلالات الحالية المقاوِمة للعقاقير، وتشمل تلك العقاقير ما يلي:

  • بيداكويلين.
  • ديلامانيد.
  • بريتامونيد (PA-824).
  • لينيزوليد.
  • سوتيزوليد.

بعد مرور عدة أسابيع، لن يكون المريض مُعديًا، ويمكن أن يبدأ بالشعور بالتحسن، وبالتالي قد يستهويه التوقف عن تناول عقاقير السل، غير أنه من الضروري للغاية إنهاء جرعة العلاج بالكامل، وتناول الأدوية التي وصفها الطبيب تمامًا، فالتوقف عن العلاج بعد فترة وجيزة، أو تخطّي بعض الجرعات، قد يتيح للبكتريا التي ما تزال حية أن تصبح مقاوِمة لتلك العقاقير، ما يجعل السل أكثر خطورة، ومن ثم تَصعُب معالجته.

أخيرًا..

إذا كنت مصابًا بالسل النشط، فحافِظ على الآخرين من الجراثيم، ولا تذهب إلى العمل أو المدرسة، ولا تنم في غرفة بها أشخاص آخرون خلال الأسابيع القليلة الأولى من علاج السل النشط. وحافِظ على تهوية الغرفة، واستخدِم منديلا ورقيًا لتغطية فمك في أي وقت تضحك أو تعطس أو تسعل فيه، ويمكن أن يفيد ارتداء القناع الجراحي في تقليل خطر نقل العدوى عندما تكون بالقرب من الآخرين خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العلاج.
ومن الأهمية أن يتم إنهاء دورة العلاج الكامل، إذ تُعَدُّ هذه الخطوة أهم خطوة يمكنك اتخاذها لحماية نفسك والآخرين من الإصابة بالسل، وإذا توقفتَ عن العلاج مبكرًا، أو تخطيتَ بعض الجرعات، فأنتَ بذلك تمنح الفرصة لبكتيريا السل لكي تُطوِّر طفرات تسمح لها بالنجاة من أكثر العقاقير فاعلية فيما يتعلق بعلاج السل، وتُعَد السلالات السليمة المقاوِمة للعقاقير أكثر خطورة ويصعب علاجها، ولا تنس الحرص على التطعيم ضد السل للوقاية.

* المصدر
What is tuberculosis?

آخر تعديل بتاريخ
03 يناير 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.