صحــــتك

لقاحات البالغين بين الخرافة والحقيقة مع د. خالد العوض

د. خالد حامد يوسف العوض ولقاحات البالغين

أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن اللقاحات قد أسهمت في تقليص معدلات الإصابة بالأمراض على نحوٍ كبير، لكن ثمة فئة من الناس ما زالت مترددة حول أهمية أخذ اللقاحات وخاصةً لقاحات البالغين ، وقد أدت كثرة الحديث حول ذلك إلى انتشار الخرافات والمعلومات الخاطئة أو غير الدقيقة، خصوصاً فيما يخص اللقاحات الموصى بها للبالغين.

في حوار لموقع صحتك يحدثنا الدكتور خالد حامد يوسف العوض، استشاري الصحة العامة، حول أهمية لقاحات البالغين. ويجيب العوض في هذا الحوار عن تساؤلاتنا حول أهمية اللقاحات بالنسبة للبالغين من الشباب وكبار السن والآثار الجانبية المحتملة، وكيفية التعامل مع المخاوف التي قد تساور البعض حول اللقاحات.

كما يحدّثنا الطبيب عن دور العاملين في مجال الرعاية الصحية في تعزيز الوعي ورفع مستوى الفهم لدى المجتمع حول الفوائد الحقيقية للقاحات، وكيف يمكن أن تساهم في تغيير خارطة الأمراض في عالمنا اليوم. نأمل أن تسلط هذه المقابلة الضوء على الحقائق العلمية وتساهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات. 

حدِّثنا عن أهمية أخذ اللقاحات عموماً

لقد أشارت منظمة الصحة العالمية عام 2019 إلى أن اللقاحات والتحصينات تعد واحدة من أهم  إنجازات القطاع الصحي في القرن العشرين، وذلك لأن اللقاحات غيّرت خارطة الأمراض بالفعل. إذ بدأت الأمراض المُعدية بالاختفاء تقريباً، خصوصاً تلك التي كانت تقتل الأطفال والبالغين. وبالمقابل أصبح من الممكن التركيز أكثر على الأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والشرايين والضغط والسكري.

بالتأكيد، هناك العديد من العوامل التي ساهمت في هذا التغيير، مثل تسارع وتيرة اكتشاف المضادات الحيوية والتحصينات البيئية الأكثر نظافة، كالحصول على مياه صالحة للشرب والاهتمام ببرامج مكافحة العدوى وغيرها. لكن يمكن القول إن اللقاحات من أكثرها أهمية، ومن أكثر التدخلات نجاحاً وتأثيراً في الصحة العامة، وتحديداً لقاحات البالغين في العالم.

عادةً يهتم الأهالي بلقاحات الأطفال، ماذا عن لقاحات البالغين ؟

اللقاحات مفيدة للجميع طبعاً، سواء للأطفال أو البالغين. بالنسبة للبالغين، يمكننا تقسيمهم إلى بالغين أصحّاء وبالغين لديهم احتمالية أكبر  للإصابة بأمراض معينة. وكذلك يمكن تقسيم البالغين حسب الفئة العمرية. يوجد لدينا فئة البالغين الشباب (Younger Adults) والبالغين الكبار في السن (Older Adults). ثمة لقاحات ننصح بها للجميع مثل لقاح الإنفلونزا وTDP.

لكن يوجد لقاحات معينة خاصة بالفئات العمرية الأكبر سناً، وهي لقاحات البالغين مثل لقاح الحزام الناري، ولقاح COVID19، ولقاح RSV (الفيروس المخلوي التنفسي)، وتعطى فقط للأشخاص الذين يتم تشخيصهم بأنهم عرضة لهذه الأمراض، أو إذا كانت لديهم مشكلات في جهاز المناعة، أو أنهم خضعوا لعمليات جراحية معينة مثل عملية إزالة الطحال.

هل تشيع بين الناس بعض المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات؟

نعم بالفعل، ثمة مفاهيم خاطئة شائعة بين الناس تتعلق باللقاحات، وهذا ما نسميه في مجال الصحة العامة (Vaccine Hesitancy) أي التردد وعدم تقبل الحصول على اللقاح. إذ توجد فئة من الناس تتردد قبل أخذ اللقاحات أو ترفضها رغم أنها متوفرة للجميع، ويعود ذلك لأسباب مختلفة، مثل انتشار بعض الخرافات المتعلقة باللقاحات.

مثلاً، يدّعي بعض أفراد هذه الفئة أن جهازه المناعي جيد، وهذا يجعله يعتقد أنه ليس بحاجة لأخذ اللقاحات، وكذلك ثمة اعتقاد خاطئ لدى البعض بأن اللقاحات قد تضر بالصحة، أو أن لها مضاعفات أو آثارًا جانبية.

وهذا معتقد خاطئ أيضاً، إذ إنه لا يتم إجازة واعتماد أي لقاح من منظمة الصحة العالمية أو FDA أو غيرها من المؤسسات الصحية الموثوقة إلا بعد تكرار التجارب العلمية على سلامة اللقاحات وأمنها عبر مراحل كثيرة. أيضاً، كذلك يدّعي أفراد هذه الفئة من رافضي اللقاحات أنهم أخذوا اللقاحات ثم مرضوا، ويعتقدون أن اللقاح هو الذي تسبب بمرضهم.

نلاحظ هذا الأمر مثلاً عند الأشخاص الذين يأخذون لقاح الإنفلونزا الموسمي ثم يصابون بالإنفلونزا. المشكلة هنا هي عدم إدراك أن العديد من فيروسات الإنفلونزا تنتشر طوال الوقت، وهذا هو السبب في أن الناس قد يظلون عرضة للإصابة بالإنفلونزا على الرغم من تطعيمهم، لأن الفيروس يخصّ أخطر أربع سلالات من فيروس الإنفلونزا التي تكون الأكثر انتشارًا في ذلك العام، والتي من الممكن أن تسبب الوفاة لدى البعض. ومع ذلك، فإن التطعيم يحسِّن من فرص الحماية من الإنفلونزا، وهذا مهمّ خصوصاً لحماية الأشخاص ذوي الأجهزة المناعية الضعيفة المعرّضة لخطر الإصابة بالفيروس.

هل حصل سابقاً أن تم إصدار لقاح وأجيز من المنظمات الصحية الموثوقة ثم تم تعديله؟

طبعاً، حصل ذلك منذ زمن بعيد. عند شرح هذه النقطة يجب توضيح أن اللقاح هو عامل بيولوجي، وهو مثل الأدوية التي نسميها عوامل كيميائية (Chemical Agents)، ويمكن أن تتسبب بحدوث بعض المضاعفات. يمكننا القول إنه ليس ثمة تطور مطلق ونهائي في عالم الطب، لأن الدراسات والأبحاث تبقى مستمرة لمواكبة كل جديد.

وهنا تجدر الإشارة إلى وضع برنامج يتم من خلاله رصد وتسجيل حالات مضاعفات ما بعد التطعيم وموانع أخذها، ووضع آلية للتبليغ عن حالات مضاعفات ما بعد التطعيم، ويتم التحري عن هذه الحالات وزيارة الجهة الصحية والتأكد من المؤشرات والمعلومات ومدى الالتزام بالمعايير الصحية ودقة البيانات المتعلقة بالتطعيم فيها. إن حالات الآثار الجانبية التي تعقب أخذ اللقاحات يجب أن يعاينها الطبيب المعالج، ثم يقوم بإبلاغ إدارة الصحة العامة ليتم التحري اللازم ومتابعة الحالات، ومقارنة الآثار الجانبية التي ظهرت مع الحالات المتوقع ظهورها استناداً إلى الدراسات المنشورة في هذا المجال.

وتساهم هذه البرامج على نحو كبير في نجاح برامج التحصين، وأؤكد من خلال موقع صحتك أن جميع اللقاحات الموجودة حالياً والتي أجازتها منظمة الصحة العالمية آمنة، لكن قد يتسبب بعضها ببعض الآثار الجانبية الطفيفة التي تنتهي من تلقاء نفسها، مثل الشعور بألم في منطقة حقن اللقاح أو حدوث حمى خفيفة وما إلى ذلك.

هل ثمة خطوات لرفع الوعي حول المفاهيم الخاطئة الشائعة حول اللقاحات؟ وما دور العاملين في مجال الرعاية الصحية في ذلك؟

بالتأكيد يقع على عاتق العاملين في مجال الرعاية الصحية مسؤولية كبيرة في رفع الوعي، وأنا لا أتكلم عن الطبيب فقط، بل ثمة دور يضطلع به الصيدلاني ودور يضطلع به الممرض أيضاً. يتكلم الطبيب عن المرض وآثار المرض وخطورته، ويتكلم الصيدلاني عن مكونات اللقاحات والمواد التي تحتوي عليها، ويتكلم الممرض عن كيفية إعطاء اللقاحات والآثار الجانبية التي قد تحدث خلال ال 48-72 ساعة الأولى.

ومن المهم الإشارة إلى أن كلًا من الطبيب والصيدلاني والممرض يحرصون على استخدام مصطلحات سهلة ومبسطة يمكن أن يفهمها غير المتخصصين، ويحرصون أيضاً على مراعاة السياقات الاجتماعية ومعرفة كيفية التعامل مع المرضى لبيان أهمية اللقاحات، وتحديداً لقاحات البالغين ، فهناك طريقة أخرى متّبعة لرفع الوعي لدى المرضى نسميها (Motivational Interview)، وهي مقابلة تكون بين الطبيب والمريض، يحكي خلالها الطبيب مع المريض عن اللقاحات التي يحتاجها بأسلوب لطيف ومناسب، ويعرض عليه اللقاحات الواجب عليه أخذها لتحقيق هدف معين.

أريد أن أشير إلى أن مسؤولية رفع الوعي الصحي تتعلق بمسألة أخلاقية غاية في الأهمية، إذ إن جميع العاملين الصحيين أقسموا قسم أبقراط، وهو قسم قائم على قاعدة "Do no harm"، أي "لا تسبب الأذى"، وهذا القسم يحتّم على الطبيب أن يخبر المريض إن علم أنه بحاجة لأخذ لقاح معين، لأن عدم الإفصاح عن المعلومة يخل بالقسم الذي أقسمه. وفي حال حدوث أي مضاعفات صحية نتيجة الإصابة بالمرض، يتحمل الطبيب وزر أنه لم يخبر المريض بضرورة تناول اللقاحات المتاحة لحمايته من هذا المرض.

ما هي أهم لقاحات البالغين التي يجب على البالغ أن يتخذ خطوات لأخذها من تلقاء نفسه؟ 

تختلف اللقاحات من شخص إلى آخر حسب الفئة. تكلمنا سابقاً أن البالغين يُقسمون إلى فئتين: فئة البالغين الشباب (Younger Adults) وفئة البالغين الكبار في السن (Older Adults). توجد لقاحات مهمة للجميع، مثل لقاح الإنفلونزا، ويُعد لقاحاً موسمياً، ويُعطى مرة واحدة في العام. وأيضاً يُنصح البالغون من الجنسين بأخذ لقاح TDP (وهو لقاح التيتانوس والدفتيريا والسعال الديكي)، ويؤخذ مرة كل عشرة سنوات.

كما توجد لقاحات لحالات خاصة، مثل لقاح مخصص للعاملين في الجيش أو الشرطة أو القطاع الصحي والعاملين في المختبرات والعاملين في مِهن خطرة، ويجب أخذها بعد إجراء فحوصات للجسم ومعرفة كمية الأجسام المضادة -إن وجدت- في أجسادهم.

وكذلك لقاحات خاصة بالسفر، وتختلف حسب الدولة المراد زيارتها، مثل لقاح التيفوئيد (Typhoid) والحمى الصفراء (Yellow Fever) وغيرها. وأيضاً اللقاحات الخاصة برحلات الحج والعمرة التي تفرضها الحكومة في المملكة العربية السعودية، مثل لقاح التهاب السحايا. في حالة وجوب لقاحات السفر يُطالب المسافر بإبراز بطاقة تثبت أنه أخذ اللقاح عندما يصل إلى مطار أو حدود الدولة التي يريد أن يدخل إليها.

وماذا عن لقاحات البالغين ؟

لقاحات البالغين هي لقاحات لمن أعمارهم فوق سن 55 أو 65 عاماً، مثل لقاح الحزام الناري ولقاح RSV (الفيروس المخلوي التنفسي) ولقاح PCV (المكورات الرئوية)، ولقاح الإنفلونزا العالي الجرعة. وينصح بها لهذه الفئة لأنها الأكثر هشاشة وضعفاً فيما يتعلق بجهازها المناعي.

في ختام لقائنا هل لديك نصائح تود توجيهها من خلال موقع صحتك؟

أؤكد على ضرورة رفع الوعي بين أفراد المجتمع حول أمن اللقاحات وأهميتها، وحول دورها في تغيير خارطة الأمراض على مر السنين. وأنصح كل شخص بمراجعة الأطباء المتخصصين في المراكز الصحية، وطلب إجراء فحوصات تقييم المخاطر لتحديد اللقاحات التي يحتاجها. كما أنصح بأخذ أي معلومة صحية، وخصوصاً عن اللقاحات، من الأطباء المتخصصين في هذا المجال، وبضرورة تحري المعلومات الصحية من المواقع الصحية المعتمدة، مثل موقع منظمة الصحة العالمية وFDA وغيرها من المواقع الموثوقة.

 

آخر تعديل بتاريخ
30 أكتوبر 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.