الحصول على الماء من الهواء
كلنا نعلم أن الماء ضروري للحياة، وأن الحصول على الماء الصالح للشرب هو مشكلة صعبة في كثير من مناطق العالم، خاصة في المناطق الصحراوية والدول الفقيرة. يحصل الناس عادة على الماء الصالح للشرب من الأنهار والآبار، ولكن هل يمكن الحصول على الماء من رطوبة الهواء؟
هل يوجد ماء في الهواء؟
نعم، يوجَد الماء في الهواء بشكل بخار الماء الذي نراه بأعيننا أحيانًا في غيوم السماء، كما نلاحِظ رطوبة الهواء عندما تتكثَّف في الصباح بشكل قطرات النَّدى على أوراق النباتات ومسطَّحات الزجاج وبعض المعادن. ويوجَد بخار الماء في الهواء أيضًا بشكل رطوبةٍ نشعر بها دون أن نراها، خاصة في المناطق الساحلية ومناطق الغابات الاستوائية. تتراوح نسبة الرطوبة في الهواء من 0% إلى 100% بحسب المناطق الجغرافية والمناخية. فهل يمكن الحصول على هذا الماء الموجود في الهواء؟
أجهزة تكثيف الرطوبة
تمكّن شَعب الإنكا في أمريكا الجنوبية منذ نحو ألف سنة قبل الميلاد من جَمع قطرات النَّدى ورطوبة الهواء في خزانات حَجرية خاصة، ولاحَظ كثير منّا في العصر الحديث تكثّف الماء على أنابيب أجهزة تكييف الهواء، والحاجة إلى تصريف هذا الماء بكفاءة لئلا يؤدي إلى جريان الماء على الجدران وعبر سقوف المنازل ...
استفاد بعض الباحثين منذ أواخر الثمانينيات من هذه الظاهرة لصنع أجهزة تقوم بتكثيف رطوبة الهواء وجَمع الماء الناتج في زجاجات أو خزانات صغيرة. كانت تلك الأجهزة تعمل وفق مبدأ تبريد سطح معدني بجهازٍ يشبه البرّاد الكهربائي، وتَحفيز تكثّف الماء على سَطح معدني بارد مناسب، ومِن ثمّ جَمع الماء الناتج بطريقة نظيفة تجعله صالحًا للشرب. كانت تلك الأجهزة تحتاج إلى الكهرباء، وألا تقلّ نسبة الرطوبة في الهواء عن 60% لكي تعمل بكفاءة اقتصادية. استفادت بعض الدول من تلك الأجهزة لاستخدامها في المناطق النائية، والسفن، ومعسكرات الجيش... كما يمكن استخدام بعض هذه الأجهزة لتوفير الماء المناسب لريّ الأراضي الزراعية.
أنواع حديثة من أجهزة تكثيف رطوبة الهواء
تم تصميم أجهزة جديدة في أوائل هذا القَرن لتعمل وفق مبادئ علمية مختلفة وتكون أكثر كفاءة. وأصبح هنالك الآن أنواع مختلفة من هذه أجهزة التي تعمل وفق الأساليب الآتية:
- التكثيف بالتبريد: ما زالت هذه الأجهزة الأكثر استخدامًا حتى هذه الأيام بسبب رخص تكاليفها وكفاءتها في توفير الماء الصالح للشرب عند توفّر الكهرباء والرطوبة المناسبة.
- التكثيف بالتشريب: تعمل هذه الأجهزة باستخدام مواد قادرة على مَصّ رطوبة الهواء، ومن ثم يتم استخلاص الماء منها وتكثيفه وجَمعه. يمكن أن تعمل هذه الأجهزة بالطاقة الشمسية، مما يجعل استخدامها ممكنًا في المناطق النائية، وفي السفن، ومعسكرات الجيش، وفي مناطق الكوارث والحروب، مثلما هي الحال الآن في قطاع غزة. كما يمكنها أن تعمل في ظروف انخفاض رطوبة الهواء ولو كانت أقل من 30%. وهناك كثير من الأبحاث التي تجري الآن لاكتشاف مواد أفضل وأرخص وأكثر كفاءة في امتصاص رطوبة الهواء.
جهاز تكثيف رطوبة الهواء يعمل بالطاقة الشمسية
ما هي كلفة أجهزة تكثيف الماء من الهواء؟
تختلف كلفة تأسيس وتشغيل هذه الأجهزة بالطبع بحسب حجمها وطاقتها الإنتاجية، ويمكن الآن الحصول على جهاز يعمل بالكهرباء للاستخدام الشخصي في مناطق مناسبة مناخيًّا بتكلفة لا تزيد عن ألفَي دولار. بينما قد تبلغ تكلفة الأجهزة التي تعمل بالطاقة الشمسية عشرات، وربما مئات الآلاف من الدولارات للأجهزة التي تُنتج كميات أكبر من الماء في المناطق ذات الرطوبة المنخفضة.
المصادر:
