كان اكتشاف تركيب الحمض النووي DNA والشيفرة الوراثية في صنع البروتينات ثورةً علمية عظيمة، فتَحَت الأبواب أمام مزيد من التطورات التي غَيَّرت تاريخ الحياة على كوكب الأرض، فقد كانت تلك الاكتشافات فاتحة انطلاق ثورة الهندسة الوراثية Genetic Engineering والتقنيات الحيوية Biotechnology. وهي تُشبه في أهميتها وعظيم تأثيرها ما حَدَثَ في الثورة الزراعية والثورة الصناعية. ونستطيع القول إننا نعيش فترة "الثورة الوراثية" و"ثورة المعلوماتية" هذه الأيام.
ما هي التطبيقات الحديثة في علم الوراثة؟
فقد تَطوَّرت تقنيات التعامل المخبري مع جزيئات الحموض النووية وكشفها وتغييرها وإعادة تصميمها، وتمّ تطبيق هذه التقنيات بشكل واسع في مجالات كثيرة مثل:
- تشخيص بعض الأمراض في مخابر الأبحاث والمختبرات الطبية، وتحديد نوع الجراثيم التي تسبب العدوى.
- انتاج الأغذية المعدَّلة وراثياً التي تتمتع بميزات مفيدة مهمة.
- صنع أدوية جديدة.
- تصنيع الأنسولين البَشَري واستعماله في علاج ملايين المرضى المصابين بالداء السكري، وكذلك صُنِع هورمون النمو البَشَري واستُخدم في علاج بعض الأمراض.
- تحققت فوائد كبيرة لتحليل البنية الوراثية في مجال الطب الجنائي لتحديد المسؤول عن جرائم معينة، وكشف الشخصية أو الشخصيات المتورطة في أحداث إرهابية أو إجرامية، وكذلك تحديد الأبوة وعلاقة الوالدين بالأبناء من الناحية الوراثية.
- تشخيص وعلاج السرطان: لعل أكثر الأبحاث الطبية أهمية هذه الأيام تدور حول معرفة البُنْيَة الوراثية لخلايا الأورام السرطانية الخبيثة، واستخدام هذه المعلومات في تشخيص المرض بشكل مبكر، بل وكشف الاستعداد للإصابة بالسرطان قبل حدوثه فعلاً، وكذلك محاولة تصميم علاجٍ وراثيّ نوعيّ يصيب خلايا الأورام الخبيثة ويقتلها دون أنْ يؤذي خلايا الجسم الطبيعية.
- تحضير لقاحات جديدة نوعية فعالة وآمنة بسرعة كبيرة كان لها دورها المؤكد في وقف جائحة مرض كوفيد-19 (العدوى بفيروس كورونا الجديد).
يأمل الأطباء إلى التوصل لتطبيق نوع من "الطب الشخصي Personalized Medicine" في تشخيص وعلاج الأمراض بشكل خاص يناسب كل شخص بعينه. أما علاج الأمراض الوراثية بتغيير بُنية وتركيب المُوَرِّثات ذاتها، وإصلاح أو تبديل المُوَرِّثات المريضة فما زال هدفاً بَعيد المنال.
المصدر:
كتاب "قصة الوراثة، كيف كشفها رجالها" للدكتور عامر شيخوني