في 17 نوفمبر 2023، وافقت إدارة الأغذية والأدوية في أمريكا على استخدام قسطرة جديدة لعلاج حالات ارتفاع ضغط الدم التي لا تستجيب جيدًا لنظام العلاج الذي يشمل الحمية القليلة الملح، وتخفيض الوزن، وممارسة الرياضة، وتناول الأدوية. تُمرَّر هذه القسطرة الرفيعة عبر أحد شرايين الجسم حتى تصل إلى شريان الكلية، حيث يتم عبرها تخريب الأعصاب الودِّية التي تحيط بشريان الكلية باستخدام أمواج الراديو، ثم يتم سَحب هذه القسطرة إلى خارج الجسم. وقد أثبتت الدراسات فعالية هذه الطريقة في علاج ارتفاع ضغط الدم الذي لا يستجيب جيدا للعلاج التقليدي المعتمَد حاليًّا.
ما هي مخاطر عدم ضبط ارتفاع ضغط الدم؟
يتم تشخيص وجود ارتفاع ضغط الدم لدى المريض عندما تسجَّل ثلاثة قياسات مرتفعة أعلى من 140/90، أي أن رقم قياس الضغط الأعلى (الانقباضي) يكون أكثر من 140 مم زئبق، ورقم قياس الضغط الأدنى (الانبساطي) أكثر من 90 مم زئبق. يؤدي ارتفاع ضغط الدم غير المنضبِط (الذي يكون أعلى من 140/90 في معظم الأوقات) إلى حدوث مضاعفات قد تكون خطيرة، مثل الأزمة القلبية، والسكتة الدماغية، وقصور الكلية ...
يقدَّر عدد المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم في أمريكا مثلًا بحوالي 120 مليون شخص، ويُعتبر ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط من أهم الأمراض التي تؤدي إلى الوفاة لما يسببه من مضاعفات.
يشمل العلاج المتبع حاليا لعلاج ارتفاع ضغط الدم العناصر التالية:
- حمية قليلة الملح.
- تخفيض الوزن.
- ممارسة الرياضة المناسبة لحالة المريض العامة.
- تجنب المشروبات الكحولية.
- تناول الأدوية المخفضة للضغط.
ينجح العلاج بالحمية والرياضة وتخفيض الوزن في ضبط ارتفاع ضغط الدم لدى حوالي 20 بالمئة من المصابين. بينما يحتاج 80 بالمئة منهم لأخذ أدوية مخفضّة للضغط. حسب الإحصائيات الأمريكية، يتم ضبط ارتفاع ضغط الدم جيدًا في نحو 40 بالمئة فقط من المرضى، وذلك لأسباب عديدة، منها:
-
عدم متابعة الحمية والرياضة وتخفيض الوزن.
-
عدم الانتظام في تناول أدوية الضغط.
-
وجود أعراض جانبية مزعجة لبعض أدوية الضغط، مثل السعال، وتورم القدمين، والدوخة، وضعف الانتصاب، والتعب العام، والحساسية.
يسبب ارتفاع ضغط الدم حوالي 700،000 وفاة كل سنة في أمريكا. بينما يمكن تقليل نسبة الوفيات بمقدار 10 بالمئة كل سنة مع كل تخفيض بمقدار 5 مم زئبق في ضغط الدم الانقباضي.
كيف يتم تخريب الأعصاب الودية حول شريان الكلية؟
في الماضي، لاحَظ الأطباء انضباط ضغط الدم المرتفع عن طريق إجراء عملية جراحية كبيرة لقطع الأعصاب التي تحيط بشريانَي الكلية اليمنى واليسرى، أو القيام باستئصال الغدة فوق الكلية (الكظر) بعملية جراحية كبيرة أيضًا، ولم يتم اللجوء إلى مثل هذه العمليات بالطبع إلا كطريقة أخيرة في علاج بعض الحالات الصعبة، وذلك لما قد تسببه مثل هذه العمليات من ألم ومضاعفات.
في سنة 2008، نجح الأطباء بتخريب الأعصاب الودية التي تحيط بشرايين الكلية اليمنى واليسرى عن طريق القسطرة، دون حاجة إلى عملية جراحية كبيرة. كانت كفاءة الأدوات المستخدَمة ضعيفة آنذاك، ولكن مع تقدّم التقنيات، أمكَن استخدام قساطر وبالونات صغيرة لتخريب الأعصاب حول شرايين الكلية اليمنى واليسرى بحَقن الكحول المُطلَق، أو باستخدام أمواج الراديو، أو الأمواج فوق الصوتية. وتحسَّنت النتائج تدريجيًّا، وأصبحت هذه الطريقة في العلاج أسهل وأكثر كفاءة.
ما هي نتائج تخريب الأعصاب التي تحيط بشرايين الكلية في ضبط ارتفاع ضغط الدم؟
أُجريَت عدد من الدراسات لتقييم فعالية وسلامة استخدام هذه القساطر في ضبط ارتفاع ضغط الدم في الحالات التي لا ينجَح فيها العلاج التقليدي المعتمد حاليًّا. شملَت هذه الدراسات حتى الآن عدة آلاف من هؤلاء المرضى في سبعين دولة من دول العالم، وأثبتَت أن هذه الطريقة في العلاج تنجح في تخفيض ضغط الدم الانقباضي (الأعلى) بحوالي 5 - 20 مم زئبق وسطيًّا، حتى بعد متابعة هؤلاء المرضى مدة ثلاث سنوات حتى الآن.
هل هناك مضاعفات لهذه الطريقة في علاج ارتفاع ضغط الدم؟
في دراسة تم فيها تخريب الأعصاب المحيطة بشرايين الكلية لدى 253 مريضًا مصابًا بارتفاع ضغط الدم المُعَنِّد (الذي لم يمكن ضَبطه بوسائل العلاج التقليدية المعتمَدة)، ولم تسجَّل لديهم أية حالة وفاة تتعلق بإجراء هذه القسطرة العلاجية، وسُجلت حالة واحدة فقط من حدوث ضرر في شريان الفَخذ احتاج لإصلاحه بعملية جراحية صغيرة. ولم تسجَّل أي حالة تضرَّر فيها شريان الكلية، أو تدهورَت فيها وظائف الكلية، كما لم يسجَّل حدوث أي جلطات، أو خثرات دموية، أو حدوث سكتة دماغية. حدَث تضيق في فرع من شرايين الكلية لدى مريض واحد.
سجِّل حدوث سكتة دماغية بعد 3 أشهر من المتابعة عند مريض واحد في المجموعة التي لم يخضَع أفرادها لعلاج ارتفاع ضغط الدم عن طريق القسطرة.
حسب هذه النتائج، ومع تحسّن وسائل وتقنيات هذا العلاج، يبدو أن تَخريب الأعصاب التي تحيط بشرايين الكلية سيكون طريقة فعالة وآمنة في علاج مرضى ارتفاع ضغط الدم المُعَنِّد الذي لا يستجيب للعلاج التقليدي المعتمَد حاليًّا.
المصادر:
- CSDP Sponsor presentation 082323 (fda.gov)
- The Symplicity™ renal denervation brochure (medtronic.com)
- Renal Denervation: A Review - American Journal of Kidney Diseases (ajkd.org)