الإصابة بفيروس إبشتاين بار (Epstein-Barr virus) هو السبب المحتمل وراء الإصابة بمرض التصلب المتعدد. حيث وجد المحققون أن خطر الإصابة بمرض التصلب المتعدد زاد بمقدار 32 ضعفًا بعد الإصابة بـ الفيروس.
العلاقة بين فيروس إبشتاين بار والإصابة بالتصلب المتعدد
كان الرأي السائد حتى وقت قليل مضى أن التصلب المتعدد هو مرض مناعي ذاتي مجهول السبب. لكن، هذه الدراسة هي الأولى التي تقدم دليلًا مقنعًا على وجود علاقة سببية كبيرة بين فيروس إبشتاين بار والإصابة بالتصلب المتعدد، كما قال الباحث الرئيسي ألبرتو أشريو، دكتوراه في علم الأوبئة في كلية هارفارد.
وأضاف: "نحن نعلم الآن أن مرض التصلب المتعدد هو أحد مضاعفات عدوى الإصابة بفيروس إبشتاين بار، وبالتالي يمكننا إعادة توجيه البحوث لإيجاد أدوية مضادة للفيروسات لعلاج المرض". وتم المصادقة على الدراسة ونشرها في 13 كانون الثاني (يناير) في مجلة Science.
كيفية الدراسة
التصلب المتعدد هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، وينطوي على هجوم التهابي على غلاف المايلين الذي يغلف الأعصاب، ويصيب المرض 2.8 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. وفيروس إبشتاين بار هو هو عدوى فيروسية شائعة جدا، حيث يصيب حوالي 95% من الأفراد بعمر 18 أو 20 عاما، وبعد الإصابة، يستمر في شكل كامن في الخلايا الليمفاوية نوع ب. وكون الإصابة بالفيروس شائعة جدا، جعل من السهل دراسة مجموعة كبيرة من الأشخاص.
وقام الباحثون بفحص 801 مريضاً مصاباً بمرض التصلب المتعدد و1566 شخصا غير مصاب به (كمجموعة وهمية). وكان معظم الأفراد أقل من 20 عامًا في وقت جمع عينات الدم منهم لأول مرة. ووجد أنه من بين 801 مريض مصاب بمرض التصلب المتعدد، أنه شخصا واحدا فقط لم يكن لديه أي دليل مصلي على الإصابة بفيروس إبشتاين. ولاحظ المحققون أن هذا الشخص ربما يكون قد أصيب بالفيروس بعد جمع عينة الدم منه، أو أنه حدث فشل في التحويل المصلي استجابة للعدوى، أو تم تشخيصه بشكل خاطئ. وكانت نسبة الخطر للإصابة بالتصلب المتعدد بعد الإصابة بفيروس إبشتاين 32.4 (أكثر من ثلاثون ضعف).
إذا، هل يمكن تطوير لقاح لمرض التصلب المتعدد؟
السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية neurofilament light chain (sNflL)، هي علامة حيوية تنبؤية لإصابة المحور العصبي وأمراض التنكس العصبي، تتواجد في دم الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد. لكن، لم تكن هذه المادة موجودة عندما قام الباحثون بالبحث عنها في عينات الدم التي جمعت من الأفراد غير المصابين بالفيروس. ويشير هذا إلى أن "الإصابة بفيروس إبشتاين لم تسبق ظهور الأعراض فحسب، بل سبقت أيضًا وقت ظهور العلامات الحيوية الأولى التي تسبق ظهور مرض التصلب العصبي المتعدد، كما لاحظ المحققون.
ولاحظ الباحثون أيضا، أنه من غير المرجح أن تكون العلاقة عكسية، بمعنى أن خلل التنظيم المناعي خلال المرحلة ما قبل السريرية من مرض التصلب العصبي المتعدد يزيد من قابلية الإصابة بفيروس إنشتاين. والدليل على ذلك أن التحويل المصلي للإصابة بفيروس إبشتاين يظهر قبل ارتفاع مستويات السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية sNfL، وهي علامة مبكرة لمرض التصلب المتعدد قبل السريري.
واعتمادا على أن معظم حالات مرض التصلب المتعدد يبدو أن سببها الإصابة بفيروس إبشتاين، فإنه يمكن للقاح، نظريًا، أن يمنع العدوى ويمنع التصلب المتعدد، وهناك عملًا مستمرًا لتطوير مثل هذا اللقاح. وهناك نهج آخر هو تطوير مضادات فيروسات مناسبة تستهدف الفيروس وتعالج مرض التصلب المتعدد.
هل فيروس إبشتاين بار هو المسؤول الوحيد عن الإصابة بالتصلب المتعدد؟
قال الدكتور ويليام روبنسون أستاذ قسم المناعة وأمراض الروماتيزم في جامعة ستانفورد: "إن نتائج الدراسة توفر بيانات مقنعة تشير إلى أن فيروس إبشتاين هو الزناد لتطوير مرض التصلب المتعدد". لكن الآلية أو الآليات التي يؤدي من خلالها الفيروس إلى الإصابة بـ التصلب المتعدد غير معروفة. وأشار مؤلفوا الدراسة أن السبب قد يكون أن تسلسلات البروتين الفيروسي تحاكي بروتينات المايلين البشري وبروتينات الجهاز العصبي المركزي الأخرى وبالتالي تحفز المناعة الذاتية ضد مستضدات المايلين والجهاز العصبي المركزي.
وبما أن العوامل الأخرى، بما في ذلك الاستعداد الوراثي، مهمة لمرض التصلب المتعدد، فمن المحتمل أن تكون عدوى الفيروس ضرورية ولكنها ليست كافية لتحفيز مرض التصلب العصبي المتعدد، بل أن العدوى بالفيروس هي الخطوة الأولى المسببة للمرض، ولكن يجب إشعال فتائل إضافية من أجل الفيزيولوجيا المرضية الكاملة".
أيضا، التدخين ونقص فيتامين (د) وسمنة الأطفال تضاعف الخطر. لكن، ليس من الواضح سبب إصابة بعض الأشخاص المصابين بفيروس إبشتاين بالتصلب المتعدد، بينما لا يصاب الآخرون.
