الألم هو الطريقة التي يخبرنا بها جسمنا عن وجود أمر غير طبيعي يحدث بداخله، وينبهنا إلى وجود إصابة ما أو عدوى، كما ويساعد الشعور بالألم الأطباءَ في إجراء التشخيص. ولكن الشعور بالألم ليس ممتعًا، لذلك يحاول أغلب الناس تسكينه باستخدام الأدوية. لكن دراسة جديدة تشير إلى أن تسكين الألم الحاد قد يؤدي في الواقع إلى حدوث ألم في القناة الهضمية. ويعود ذلك إلى أن الألم قد يكون جزءًا أساسيًا من عملية حماية الأمعاء من التلف.
تفاصيل الدراسة:
في هذه الدراسة وجد أن الشعور بالألم في الفئران يساعد على إفراز المخاط الواقي من بطانة الأمعاء، وبالتالي عند الشعور بالألم يتم إفراز المزيد من المخاط استجابة للالتهاب. ويقول أحد الباحثين في هذه الدراسة: إن العبث بهذه العملية بتناول مسكنات الألم يمكن أن يؤدي إلى خلل في توازن القناة الهضمية، مما يمهد الطريق للالتهاب، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض الأمعاء المؤلمة مثل:
- مرض التهاب الأمعاء (IBD).
- متلازمة القولون العصبي (IBS).
حيث إن الشعور بالألم الذي يحفز إفراز المخاط مهم جدًا، لأن المخاط يحمي حاجز الأمعاء من الميكروبات الضارة المحتملة، ويحمي الأنسجة من ضرر الأحماض والضرر.
ماذا فعل الباحثون خلال هذه الدراسة؟
في الدراسة، قام الباحثون بتربية فئران تفتقر إلى الخلايا العصبية (وهي الخلايا التي تمكننا من الشعور بالألم). وتم ملاحظة أن هذه الفئران حصل معها:
- أنتجت أمعاء هذه الفئران مخاطًا أقل، وبالتالي وفرت حماية أقل للأمعاء.
- عدم وجود توازن في بكتيريا الأمعاء (gut microbiota)، وهي مجموعات من البكتيريا تعيش في الأمعاء، تشمل أنواعا متعددة، ويؤثر وجودها وتوازنها على صحة الشخص.
- ولوحظ أيضًا أن هذه الفئران كانت أكثر عرضة للإصابة بالتهاب القولون.
لمعرفة السبب، ألقى الباحثون نظرة فاحصة على الخَلايا الكَأسية (Goblet cell)، وهي خلايا طلائية تعمل على إنتاج المخاط. ووجدوا أن الخلايا تحتوي على مستقبلات تسمى RAMP1، تساعدها على الاستجابة للألم. يتم تنشيط هذا المستقبل بواسطة ببتيد عصبي يسمى CGRP، والذي يتم إفرازه بواسطة الخلايا العصبية للألم استجابة للألم.
وبدون هذا الببتيد العصبي CGRP الذي تفرزه الخلايا العصبية أو تلك المستقبلات الموجودة على الخلايا الكأسية، لن تصل الرسالة إلى القناة الهضمية لإنتاج المزيد من المخاط، وبالتالي ينخفض إنتاج المخاط، ونكون أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الأمعاء.
فيما يتعلق بشكل خاص بفئة من أدوية الصداع النصفي التي تثبط الببتيد العصبي CGRP التي تفرزه الخلايا العصبية، يلاحظ الباحثون أن مثل هذه الأدوية تتسبب في خلل في صحة الغشاء المخاطي للأمعاء، بما في ذلك فقدان بكتيريا الأمعاء الجيدة، وزيادة التعرض للالتهابات. علاوة على ذلك، نظرًا لأن مسكنات الألم غالبًا ما تستخدم لعلاج مرضى التهاب القولون، فقد يكون من المهم مراعاة الآثار الجانبية المحتملة.
لماذا يعد هذا مهمًا؟
تعتمد الدراسة على الأبحاث المتزايدة حول تأثر الأعضاء ببعضها البعض، وكيف تتفاعل الجزيئات في الجسم بين الأعضاء لمساعدتنا في الحفاظ على الصحة. يسلط الضوء على محور الأمعاء، والجهاز العصبي المركزي (الدماغ). ويقول أحد الباحثين القائمين على هذه الدراسة: إنه تم تصميم الألم الحاد لحمايتنا، لذا فمن المنطقي أنه يمكن أن يقترن بإفراز المخاط، وإذا فقدنا هذه الإشارة والشعور بالألم نتيجة تناول المسكنات مثلًا، فمن المرجح أن تكون الأمعاء أكثر عرضة للإصابة بالالتهاب.
ولكن تجدر الإشارة هنا أنه ومن المحتمل ألا تكون الكثير من إشارات الألم مفيدة. مثل الألم المزمن. لذا هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد النتائج في البشر. لكن اعتمادًا على النتائج المبدئية للبحث، يمكن أن تغير هذه النتائج الطريقة التي نتعامل بها مع الألم، ويفتح الباب أمام علاجات جديدة للمرضى الذين يعانون من أمراض الأمعاء.
لحين ذلك، قد يساعد تحسين صحة أمعائك في تنظيم عملية إشارات الألم، كما يشير البحث. حيث تحفز الميكروبات الصحية ألياف الألم بما يكفي للحفاظ على المخاط دون المساهمة في آلام الأمعاء. يمكنك تغذية بكتيريا الأمعاء النافعة عن طريق:
- تناول المزيد من الألياف والأطعمة المخمرة.
- تقليل الأطعمة المقلية واللحوم الحمراء.
- التمارين الرياضية.
- إدارة التوتر.
*المصادر:
:https://www.cell.com/cell/fulltext/S0092-8674(22)01196-5?_returnURL=https%3A%2F%2Flinkinghub.elsevier.com%2Fretrieve%2Fpii%2FS0092867422011965%3Fshowall%3Dtrue
https://www.webmd.com/pain-management/news/20221116/are-pain-meds-bad-for-your-gut