إن تقليل استهلاك السكر أصبح هدفاً رئيسياً للصحة العامة للحد من العبء المتزايد للأمراض المرتبطة بالسمنة، مثل السكري من النوع الثاني. لكن تقليل نسبة السكر في الأطعمة قد يؤثر سلباً على مذاقها أو يزيد الرغبة في تناول الحلويات بشدة، مما يمكن أن يسبب صعوبات في الالتزام بنظام غذائي منخفض السكر، لذلك؛ يُعد استخدام بدائل السكر والمعروفة باسم المحليات الصناعية بدلاً من السكر في المنتجات الغذائية إحدى الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها على نطاق واسع لتقليل تناول السكر وتحسين مذاق الأطعمة والمشروبات.
تعتبر الستيفيا والمحليات غير السكرية، والتي تعرف أيضًا بالمحليات الصناعية، أحد بدائل السكر العادي، وأصبحت جزءًا حيويًا من صناعة الأغذية والمشروبات، إذ تتميز هذه المركبات بقدرتها على توفير الطعم والمذاق الحلو دون إضافة السعرات الحرارية الزائدة التي يقدمها السكر التقليدي.
بغض النظر عن كونها صحية أم لا، فقد يكون من الصعب في وقتنا الحالي تفادي استخدام المحليات الصناعية بشكل كامل، لأنها تدخل في صناعة كثير من المشروبات والعصائر والحلوى والعلكة ومعاجين الأسنان وبعض الصناعات الغذائية الأخرى، كما شاع استخدام المحليات الاصطناعية كبديل للسكر بين العديد من الأفراد الذين يسعون إلى تقليل استهلاك السكر واتباع حميات غذائية محددة.
يعد سكر الستيفيا أحد أنواع المحليات الطبيعية، فهو يُستخرج من أوراق نبات ستيڤيا ريبوديانا، بينما تعتبر المحليات الصناعية الأخرى مواد كيميائية يتم تصنيع معظمها في المختبر. لا تحتوي المحليات الصناعية على سكر أو سعرات حرارية، ولكنها أيضا لا تحتوي على عناصر غذائية مفيدة، مثل الفيتامينات، والألياف، والمعادن، ومضادات الأكسدة، ومن الجدير بالذكر أن حلاوتها تزيد عن حلاوة سكر المائدة بحوالي 200 - 700 مرة.
ومن أشهر أنواع المحليات الصناعية: الأسبرتام، والسكرين، والسوربيتول، والنيوتام، والأسيسولفام ك، والزيليتول، والسكرالوز.
هل تؤثر المحليات الصناعية على الشهية؟
ذكرت دراسة بجامعة ليدز البريطانية أن استخدام المحليات الصناعية والطبيعية بدلاً من السكر في الأطعمة لا يزيد من مستويات الشهية، ووجدوا أيضًا أن هذه المحليات قد تقلل من نسبة السكر في الدم واستجابة الإنسولين بعد تناول الطعام، ومن الجدير بالذكر أن الشكوك السابقة التي تربط المحليات بزيادة الشهية لم تستند على أدلة قوية.
واستهدفت الدراسة التي أجريت في الفترة بين عامي 2021 و2022، 53 رجلاً وامرأة، تراوحت أعمارهم بين 18 و60 عاماً، وكانوا يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وكان يتراوح مؤشر كتلة الجسم لديهم بين 25 و35، من كلا الجنسين، وقد تم اختيارهم بشكل عشوائي، لفحص تأثير تناول البسكويت الذي يحتوي على السكر التقليدي مقارنة ببديلَين للسكر هما بديل السكر الطبيعي «ستيفيا» والمحلي الاصطناعي «نيوتام».
تم تقسيم المشاركين في الدراسة إلى ثلاث مجموعات لتناول واحد من 3 أنواع من البسكويت، وقد استهلكت المجموعة الأولى البسكويت الذي يحتوي على السكروز (السكر العادي)، بينما تناولت المجموعتَين الثانية والثالثة البسكويت الذي يحتوي على ستيفيا أو نيوتام لمدة أسبوعين كان بينهما فترات راحة. وبعد ذلك، تم استبدال نوع البسكويت الذي تتناوله كل مجموعة بنوع لم تتناوله من قبل، واستمرت هذه العملية على 3 مراحل، تناوبت فيها كل مجموعة على تناول الأنواع الثلاثة من البسكويت ولكن بترتيب مختلف.
وتم أخذ عينات من الدم لتحديد مستويات الغلوكوز والإنسولين والهرمونات المرتبطة بالشهية، مع تقييم شهية المشاركين وتفضيلاتهم الغذائية.
ولم يجد الباحثون أي اختلاف في مستويات الشهية بين أولئك الذين تناولوا السكر العادي وأولئك الذين تناولوا المحليات الأخرى. وعلاوة على ذلك، لم تكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين مستويات الهرمونات المرتبطة بالشبع مثل الغريلين أو الببتيد الشبيه بالغلوكاجون-1 أوببتيد البنكرياس، وتم قياس هذه الهرمونات مباشرة بعد تناول الطعام وعلى فترات مختلفة بعد ذلك في اليوم الأول واليوم الـ14 من كل فترة استهلاك للبسكويت.
المحليات الصناعية تقلل من استجابة السكر في الدم
سجل الباحثون أيضًا مستويات السكر في الدم والإنسولين بعد تناول الطعام. بشكل عام، كان المشاركون الذين تناولوا المحليات لديهم استجابة أقل للإنسولين، وكانت مستويات السكر في الدم أقل من أولئك الذين تناولوا السكر العادي.
ومع ذلك، اختلفت مستويات السكر في الدم بناء على نوع التحلية، ففي حين أظهر تناول كل من ستيفيا ونيوتام انخفاضًا في استجابة السكر في الدم مقارنة بتناول السكر العادي، أظهر تناول الستيفيا فقط فرقًا كبيرًا.
الأطعمة مقابل المشروبات التي تحتوي على المحليات الصناعية
هذه هي الدراسة الأولى من نوعها التي تبحث في تأثير تناول الأطعمة التي تحتوي إما على السكر العادي أو على نوعين من مُحليات الطعام، وقد ركزت الأبحاث السابقة في الغالب على المشروبات. لكن هذه الأنواع من الدراسات محدودة لأنه على عكس المشروبات، فإن تناول الأطعمة الصلبة له تأثيرات مختلفة على الهضم والشبع والاستجابات بعد الوجبة.
كانت هذه الدراسة عبارة عن تصميم ومعيار عالي التحكم على مدار فترة دراسة لا تقل عن 70 يومًا. لقد بحثت دراسات قليلة جدًا في الماضي آثار الاستهلاك اليومي المتكرر للمحليات كجزء من نظام غذائي منتظم. ومع ذلك، فإن الدراسة صغيرة نسبيًا، فقد تمت دراسة 53 شخصًا فقط، لذلك ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتحقق من هذه النتائج.
هل المحليات الصناعية أكثر صحة من السكر؟
يلعب ارتفاع نسبة السكر في الدم ومستويات الإنسولين دورًا في الإصابة ببعض الأمراض الأيضية، فيما يتعلق بسكر الدم واستجابة الإنسولين، هناك أدلة قوية تشير إلى أن اختيار المحليات الصناعية مفضَّل على السكر العادي، وهذا موجود في كل من الأطعمة والمشروبات.
وجدت مراجعة وتحليل لدراسات سابقة أجريت عام 2023 أن المحليات الصناعية مفردة أو مخلوطة معًا ليس لها تأثيرات فورية على الغدد الصماء أو على العملية الاستقلابية، على غرار الماء. ومع ذلك، أصدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) مبادئ توجيهية جديدة توصي بعدم استخدام المحليات غير السكرية (NSS)، المعروفة أيضًا باسم المحليات غير الغذائية، للتحكم في وزن الجسم أو تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض غير المُعدية.
أخيرًا؛ فإن تناول الأطعمة التي تحتوي على المحليات الصناعية بدلًا من السكر العادي قد يساعد على خفض مستويات السكر والإنسولين في الدم، مع الأخذ في الاعتبار أن كل شخص يختلف عن الآخر، وأنه حتى نفس المنتج الغذائي أو بديل السكر قد تكون له تأثيرات مختلفة من شخص لآخر. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج وتأثيرها على الصحة على المدى الطويل.
قام الباحثون بشكل عشوائي باختيار مشاركين لتناول بسكويت مع السكر العادي، أو تناول أحد نوعين من المحليات كل يوم لمدة أسبوعين، وأظهرت النتائج عدم وجود اختلاف في الشهية بعد تناول السكر أو المحليات. ومع ذلك، كانت استجابات السكر في الدم والإنسولين أقل بعد تناول المحليات.
يشير هذا إلى أن تناول الأطعمة التي تحتوي على المحليات بدلاً من السكر قد يساعد على خفض مستويات السكر في الدم والإنسولين. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج وتأثيرها على الصحة على المدى الطويل.
