في مساء يوم بارد من شهر فبراير 1953، دخل واطسن وكريك إلى بار مجاور لكي يستريحا من عمل يوم عظيم. فاجأ كريك الحاضرين بقوله: "لقد اكتشفنا سر الحياة". لمْ يُعلِّق أحدٌ منهم على ذلك، ولمْ يفهموا تماماً ما الذي يقصده، فتابَعَوا شرابهم وأحاديثهم. وفي 19 مارس 1953 كَتَب كريك رسالة من سبع صفحات بخط يده إلى ابنه قائلاً في مطلعها: "عزيزي مايكل، ربما توصلتُ مع جيم واطسن إلى اكتشاف عظيم الأهمية". وفي سنة 2013 بيعت النسخة الأصلية لهذه الرسالة بأكثر من ستة ملايين دولار، وربما كان ذلك أكبر مبلغ دُفِع ثمناً لرسالة حتى الآن!
رواد جامعة كامبردج
في شهر مارس سنة 1953 فاجأ الشابان فرانسيس كريك وجيمس واطسن العالَم بنجاحهما في صنع نموذج صحيح يبيّن التركيب الكيميائي للحمض النووي DNA في مختبر جامعة كامبردج، وسبقا بذلك كثيراً من علماء الكيمياء والفيزياء الحيوية وعلماء الأحياء والوراثة في العالَم. لمْ يأت نجاحهما من فراغ، فقد كانت له قصة طويلة متشعبة ومتشابكة من العمل الدؤوب، والتعاون المشترك، وخيبات الأمل، والمصادفات السعيدة، والتنافس المحموم بين العلماء. تُوِّج نجاحهما بالحصول على جائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطب سنة 1962 بالمشاركة مع موريس ويلكينز صديقهما في المعهد الملكي.
ولِد فرانسيس كريك Francis Crick (1916-2004) في قرية صغيرة قرب مدينة نورثامبتون الإنكليزية. وكان والده صانع أحذية، إلا أنّ الشاب فرانسيس كان محباً للعلوم منذ صغره. حصل على شهادته الجامعية في الفيزياء من جامعة لندن سنة 1937. بدأ كريك التحضير لنيل شهادة الدكتوراه في الفيزياء بجامعة لندن لدراسة لزوجة الماء في درجات الحرارة المرتفعة، وكان يَعتبر تلك الدراسة مملّة، ولذا فقد كان سروره عظيماً عندما سقطتْ قنبلة على مختبره ودمَّرتْ أجهزته أثناء الحرب العالمية الثانية، فانتقل إلى المشاركة في تصميم الألغام البحرية. التفَتَ بعد الحرب إلى دراسة عِلم الأحياء وتطوير عِلم الفيزياء الحيوية مثل كثير مِنَ الفيزيائيين في ذلك الوقت. ولكنّ كريك شعر أنّ دراسته للفيزياء شجَّعته على أنْ يكون أكثر جرأة من علماء الأحياء في طرح أفكار جديدة ربما بسبب النجاحات العلمية الباهرة التي قدَّمتها الفيزياء في فهم العالَم والكون.
حاول كريك الانضمام إلى صديقه ويلكينز في مختبرات المعهد الملكي ولكن مديرها السير جون راندال لمْ يقبله، فانضم إلى مختبرات جامعة كامبردج تحت إدارة السير لورنس براغ. كان السير براغ قد فاز بجائزة نوبل في الفيزياء سنة 1915 تقديراً لدراساته في تصوير انحراف الأشعة السينية عن البلّورات، ولمْ يكن عمره وقتها سوى خمس وعشرين سنة. في أواخر الأربعينيات كان السير براغ في تنافس شديد مع العالِم الأمريكي الشهير بولينغ للتوصل إلى تركيب البروتينات، وكان بولينغ قد سبقه في وصف الشكل اللولبي لبعض البروتينات سنة 1951. كما كان براغ في تنافس أيضاً مع فريق السير راندال مدير مختبرات الفيزياء الحيوية في المعهد الملكي للتوصل إلى تركيب الحمض النووي DNA. كُلِّفَ كريك أولاً بدراسة تركيب جزئيات البروتينات بطريقة تصوير انحراف الأشعة السينية عليها، وعايَشَ في تلك الفترة مشاعر الإحباط والفشل التي سادتْ مختبرهم في جامعة كامبردج عندما سبقهم بولينغ إلى معرفة الشكل اللولبي للبروتينات. وتعلَّم درساً جيداً مِنْ مشاهدة الأخطاء التي ارتكبوها في صنع نماذج البروتينات، وقد استفاد كثيراً مِنْ كل هذه التجارب عندما ركَّز اهتمامه على اكتشاف تركيب الحمض النووي DNA.
أما زميله جيمس واطسن James Watson (1928) فقد ولِد في مدينة شيكاغو بأمريكا، وكان طالباً لامعاً ومتميزاً فاستطاع الدخول إلى جامعة شيكاغو حين كان عمره خمس عشرة سنة فقط، وحصل على منحة دراسية. تحول اهتمامه إلى دراسة الوراثة بعدما قرأ كتاب: "ما هي الحياة" للعالِم الفيزيائي الشهير شرودينغر. حصل على شهادته في عِلم الحيوان سنة 1947. ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة إنديانا الأمريكية حيث دَرَسَ تحت إشراف عالِم الوراثة الأمريكي هيرمان مولر Herman Muller (1890-1967) الذي حاز على جائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطب سنة 1946 تقديراً لأبحاثه في حدوث التشوهات الوراثية نتيجة التعرض للإشعاع. كما دَرَسَ هناك أيضاً تحت إشراف عالِم الجراثيم الأمريكي الإيطالي الأصل سالفادور لوريا Salvador Luria (1912-1991) الذي حصل أيضاً على جائزة نوبل في الفيزيولوجيا والطب سنة 1969 تقديراً لأبحاثه في تكاثر الفيروسات وتركيبها الوراثي.
خلال عامَي 1951-1952، تنقَّل واطسن بين عدة مختبرات في جامعات مختلفة في أمريكا، وكوبنهاجن، وإيطاليا حيث تابع دراساته في الفيروسات والبروتينات والحموض النووية. ازداد اهتمامه في دراسة تركيب الحموض النووية باستخدام طرق تصوير انحراف الأشعة السينية بعد أن استمع إلى محاضرة ألقاها ويلكينز في مؤتمر بإيطاليا سنة 1951. ساعده أستاذه لوريا في الحصول على منحة للعمل في مختبرات جامعة كامبردج لتعلّم هذه الطرق في التصوير والبحث، وهكذا جاء واطسن إلى مختبر السير براغ في جامعة كامبريدج لدراسة استخدام تصوير انحراف الأشعة السينية في معرفة تركيب خضاب الدم Hemoglobin وأحد بروتينات العضلات Myoglobin. لمْ يكن لديهم مكاتب كافية، فانتهى به الأمر إلى مشاركة فرانسيس كريك في مكتب واحد. مصادفة كانت لها نتائج تاريخية! عندما التقيا في كامبردج كان واطسن في الثالثة والعشرين من عمره، بينما كان كريك قد بلغ الخامسة والثلاثين.
واطسن وكريك في جامعة كامبردج 1952
طريق لولبية لاكتشاف سر الحياة
لمْ تكن المهمة الأولية التي كُلِّفَ بها واطسن وكريك في مختبرات جامعة كامبردج هي دراسة تركيب الحمض النووي DNA، ولكنْ جمع بينهما الاهتمام الشخصي بذلك الموضوع. في تلك الفترة كان هنالك اختلافٌ كبير في وجهات النظر بين علماء الأحياء والوراثة حول طبيعة وتركيب المادة التي تنقل الصفات الوراثية بين الأجيال المتتالية.
وكان مِنَ المتفق عليه أنّ للصبغيات الموجودة في نواة الخليّة الحيّة دوراً أساسياً في الوراثة، ولكنّ الصبغيات تحتوي على بروتينات وعلى حموض نووية، فأيّ منهما هو ناقل الوراثة؟ كان مِنَ المعروف آنذاك أنّ البروتينات تتألف مِنْ سلاسل طويلة مِنْ وحدات صغيرة تسمى الحموض الأمينية. وهناك حوالي عشرين مِنْ هذه الحموض المختلفة. هذا التركيب المعقد للبروتينات يُرجِّح الدور الذي يمكن أنْ تلعبه في نقل الصفات الوراثية المعقدة والكثيرة والمختلفة. ولكنّ مؤيدي البروتينات في نقل الصفات الوراثية كانت أمامهم مشكلة كبيرة وهي أنّ جزيئات البروتينات مستقرة التركيب لا تتضاعف ولا تتكاثر، ولمْ يعرف العلماء آنذاك كيفية صنع البروتينات في الخليّة الحيّة، ولمْ تكن لدى العلماء أي تجربة توضح تكاثر البروتينات أو تضاعفها، فهي بذلك مواد مناسبة لتشكيل البُنية الأساسية الثابتة للخليّة الحية، أي أنها مناسبة كمواد بناء وليس كمواد تكاثر.
أما الحموض النووية فهي بسيطة التركيب، إذ تتألف مِنْ سكر خماسي وفوسفات وأربع أو خمس وحدات أساسية فقط. أي أننا إذا شبَّهنا تركيب هذه المواد العضوية باللغات البَشَرية، فيمكننا القول إنّ البروتينات هي كلمات وجمل مكتوبة بلغة أبجدية تتألف من عشرين حرفاً، بينما تتألف لغة الحموض النووية من أربعة أو خمسة حروف فقط، فهل تكفي أربعة حروف أو خمسة للتعبير عن الصفات الوراثية الكثيرة والمختلفة في الكائنات الحيّة؟!
في سنة 1951، استمع واطسن لمحاضرة روزاليند فرانكلين عن تركيب الحمض النووي DNA، كما شاهد صور ويلكينز عن ذلك الحمض أيضاً، وعندما تحدث مع كريك عن ذلك انتابهما الحماس في أواخر سنة 1951 وصنعا نموذجاً للتركيب الكيميائي المفترض لهذا الحمض النووي. ولكن سخرية روزاليند من ذلك النموذج الأولي دفعتهما إلى مزيد من البحث والتفكير عن التركيب الصحيح، خاصة بعدما أصرَّتْ روزاليند على ضرورة كشف مزيد من المعلومات التجريبية عن تركيب الحمض النووي DNA قبل محاولة صنع نموذج له.
خلال سنة 1952، تابَع واطسن دراسة تركيب بروتين العضلات وقراءة كثير من الأبحاث عن تركيب الحموض النووية، كما تابَع كريك كتابة أطروحته في دراسة تركيب خضاب الدم لنيل شهادة الدكتوراه، بينما قام ويلكينز في مختبر المعهد الملكي بتحضير عيّنات جديدة من الحمض النووي حصل عليها من نطاف حيوانية، وقام بتصوير انحراف الأشعة السينية عنها. رجَّحتْ هذه الصور الجديدة وجود شكل لولبي منتظم في تركيب الحمض النووي DNA. قدَّم الأمريكي بولينغ نموذجاً عن التركيب الكيميائي للحمض النووي DNA بشكل لولب ثلاثي منتظم في فبراير 1953. عند ذلك، كلَّفَ السير براغ رسمياً واطسن وكريك بمحاولة صنع نموذج التركيب الكيميائي لهذا الحمض النووي، فقد عرف أنّ بولينغ سرعان ما سيكتشف خطأه في الظن بوجود لولب ثلاثي بدلاً من ثنائي إذا شاهد الصور الجديدة، وخشي أنْ يسبقه بولينغ مِنْ جديد كما سبقه قبلها بسنتَين إلى كشف التركيب اللولبي في البروتينات.
رسم توضيحي لتركيب الحمض النووي DNA بشكل لولب ثنائي منتظم
الحظ يخدم الذهن المستعد
بدأ واطسن وكريك العمل ثانية على صنع نموذج التركيب الكيميائي للحمض النووي DNA في فبراير 1953 مستفيدين من المعلومات الجديدة التي حصلا عليها عن نتائج أبحاث المعهد الملكي. أدرك واطسن وكريك مبكراً أنّ معرفة تفاصيل التركيب الكيميائي للمورثات كانت مهمةً جوهرية في عِلم الأحياء، فبدون هذه المعرفة لا يمكن فهم وتفسير الوراثة والتكاثر، واقتضى ذلك انغماسهما في دراسة جوانب عديدة من العلوم: الوراثة، والكيمياء الحيوية، والفيزياء الحيوية، ودراسة البلّورات وتركيب الجزئيات بتصوير انحراف الأشعة السينية، مع متابعة نتائج التجارب العملية لعلماء آخرين في دراسة الحموض النووية.
كما استفادا من دراستهما العلمية السابقة في الفيزياء والميكانيك الكَمِّي (كريك) وفي عِلم الوراثة والتكاثر في الفيروسات والجراثيم (واطسن)، هذا بالإضافة إلى حدسهما العلمي المرهف، وصبرهما وإصرارهما على المتابعة رغم الانتقادات والتهكمات، وبشيء من الحظ والمصادفات السعيدة توصَّل واطسن وكريك إلى معرفة التركيب الكيميائي الخاص للحمض النووي DNA الذي يتمتع بدرجة كافية من التعقيد مع البساطة والأناقة لكي يكون المادة الرئيسة في توجيه نشاط وتكاثر الكائنات الحيّة.
توصَّل علماء آخرون إلى اكتشافات هامة قبل واطسن وكريك في تركيب الحموض النووية، ولكنهم لمْ يربطوا بين هذه الاكتشافات المتفرقة. كان العالِم الشهير بولينغ قد اكتَشف وجود شكل لولبي في تركيب كثير من البروتينات سنة 1951 مما حفَّز علماء الأحياء والكيمياء على البحث لاكتشاف مزيد من الأشكال اللولبية في المواد العضوية. كما كان رائداً في طريقة بناء نماذج توضيحية للتركيب الكيميائي للبروتينات، وأوحى بذلك لواطسن وكريك فكرة صنع نموذج لتركيب الحمض النووي DNA. وهكذا فقد كانت المعلومات جاهزة آنذاك لاكتشاف تركيب الحمض النووي DNA، وكانت لا تنتظر سوى وجود الذهن المتفتح الجريء المستعد للقيام بالخطوة الأخيرة.حاول واطسن وكريك صنع نموذج من المواد الأساسية التي تَدخل في تركيب هذا الحمض النووي، وتمكَّنا بعد محاولات عديدة من صنع النموذج الصحيح الذي يضع السلسلة التي تحتوي هذه المواد بشكل لولب ثنائي متناظر يتوافق تماماً مع صور انحراف الأشعة السينية التي حصل عليها ويلكينز وغوسلينغ وروزاليند فرانكلين في أبحاثهم التجريبية على الحمض النووي.
صورة النموذج الذي صنعه واطسن وكريك للحمض النووي DNA في مارس 1953
واطسون وكريك يصنعان نموذج الحمض النووي DNA سنة 1953
انتهى واطسن وكريك من صنع نموذج الحمض النووي DNA في 7 مارس 1953، وعندما شاهد كريك نموذج الحمض النووي ماثلاً أمامه، أَدرك فوراً معنى الترابط المزدوج المتسلسل للمواد الأساسية فيه، وأنه يدل على وجود إمكانية صنع نسخ متتالية لهذا المُرَكَّب في الخلايا، بحيث أنه عند انفصال شريطي هذا الحمض النووي يمكن أنْ يكون كل منهما قالباً لصنع نسخة جديدة مماثلة، مثلما يحدث أثناء انقسام الخليّة الحيّة. وربما تَنبَّه كريك إلى ذلك بسبب اهتمامه الخاص بالميكانيك الكَمِّي، وربما تذكَّر واطسن أيضاً قراءته القديمة لكتاب " ما هي الحياة " الذي تَنَبأ فيه شرودينغر بوجود مادة ما في الكائنات الحيّة تحمل الصفات الوراثية في تركيبها الكيميائي الخاص، وتنتقل صفات الكائن الحيّ إلى الأجيال التالية بشكل معلومات أو أوامر وراثية مختصرة في روابط ذلك التركيب الكيميائي المميّز!
طَوَّر واطسن وكريك تصوراتهما عن انتقال الصفات الوراثية بطريقة نَسخ الحمض النووي DNA في مقالة ثانية مهمة نُشِرتْ في 30 مايو 1953 تحت عنوان: "النتائج الوراثية المترتبة على بُنية الحمض النووي الناقص الأوكسجين" جاء فيها أنّ الشكل اللولبي الثنائي لهذا الحمض النووي يمكن أنْ تَنشأ عنه نسخ متماثلة، كما أنّ تسلسل مواده الأساسية يمكن أنْ تَحمل التعليمات الوراثية وكأنها أوامر كُتِبتْ برموز خاصة. تابع كريك خلال سنوات عديدة بعد ذلك أفكاره الجريئة بأنّ الحمض النووي DNA يحمل في تركيبه الكيميائي الشيفرة الوراثية (المعلومات والأوامر التي تُحدِّد الصفات الوراثية) حيث يمكن تخزينها ونسخها ونقلها عبر الأجيال.
وهكذا وَضَع واطسن وكريك الأساس المتين لعِلم الأحياء والكيمياء الجُزيئية الذي يؤكد العلاقة الوثيقة بين بُنية المادة العضوية والوظيفة التي تقوم بها في الكائن الحيّ، أو ما يسمى قانون: الشكل هو الوظيفة. إذ يستطيع جزيء الحمض النووي بشكله اللولبي الثنائي أنْ يُنتِج نسخاً أخرى مماثلة له في بُنيتها، كما يَحمل في تسلسل مواده الأساسية الأوامر والتعليمات التي تَنقل الصفات الوراثية. عمِلا معاً بالتعاون مع ويلكينز وكثير من العلماء أكثر من عشر سنوات أخرى لكشف كيفية ترميز الأوامر الوراثية في الحموض النووية، وكيفية عملها في نقل الصفات الوراثية، حتى تمّ كشف الشيفرة الوراثية بكاملها سنة 1966.
تُعتَبر مقالة واطسن وكريك عن التركيب اللولبي الثنائي لجزي الحمض النووي DNA نقطة تحول مهمة في تاريخ العِلم. فقد تَغيَّر بعدها فَهم الإنسان للحياة بشكل أساسي، وبدأ العصر الحديث في عِلم الأحياء. ورغم أنّ هذه المقالة الصغيرة تُعتبر من أهم المقالات العلمية في التاريخ، إلا أنها لمْ تجد الاهتمام الذي تستحقه إلا بعد سنوات عديدة عندما أيَّدتها التجارب العملية وثبتت صحة استنتاجاتها.
المصدر:
كتاب "قصة الوراثة، كيف كشفها رجالها"، د. عامر شيخوني