تشهد الأوساط الغذائية في أوروبا والعالم، منذ شهر آب/أغسطس الماضي، ما يمكن أن ندعوه (فضيحة غذائيّة) من العيار الثقيل، بعد اكتشاف تلوّث كميات كبيرة من البيض بمضاد حشري يسمى فيبرونيل Fipronil.
* فما هي قصّة هذا التلوّث؟ وما هي أضرار مادّة الفيبرونيل؟
كما ذكرنا، فإن مادة الفيبرونيل هي مضاد حشري يتم استخدامه في المداجن الأوروبية للتخلّص من البراغيث والقمل والقراد، وهي حشرات يشيع وجودها في الأوساط التي تربّى فيها الطيور لأهداف تجارية.
تَعتبر منظمة الصحة العالمية، مادة الفيبرونيل (مادة سامة بشكل متوسّط) للبشر في حال تناولها مع الطعام بكميات كبيرة، وقد تكون لها تأثيرات ضارّة على الكلية والكبد والغدّة الدرقية، وهي قد تسبب الغثيان والإقياء والدوخة والاختلاجات الصرعية.
* أين بدأت القصّة؟
بدأت قصّة التلوّث في هولندا التي تعتبر من أكبر الدول الأوروبية إنتاجاً للبيض، ولكن- ونتيجة لتصدير هذه المنتجات- فقد شوهدت حالات التلوّث في دول عديدة، منها هونغ كونغ. علماً أن الخبر الطيّب هو أنّه لم تصدر حتّى الآن تقارير تبيّن حصول أذيّة في البشر ناجمة عن هذا التلوّث.
* ماذا فعلت السلطات الصحيّة؟
قامت السلطات الصحيّة والغذائية بإجراءات متعددة لمنع حصول التسمم عند البشر، ومن ذلك جمع البيض الملوّث، وإعدام الدجاج في المزارع التي ثبت فيها حصول التلوّث.
ففي بريطانيا، على سبيل المثال، قامت السلطات بمصادرة 700 ألف بيضة ملوّثة، وقامت بإتلافها.
وفي هولندا- المصدر الرئيسي للتلوّث- قامت وزارة الصحة بإغلاق 180 مزرعة دجاج، تم إثبات أنها تنتج البيض الملوّث.
وفي بلجيكا وهولندا هناك استقصاء جنائي بشأن الشركات التي أنتجت مادّة الفيبرونيل وسوّقتها للمداجن، لتحديد المسؤولين ومحاسبتهم.
* أصداء سياسية
تعرّضت حكومة بلجيكا للوم الشديد في دول العالم، لأن هناك مزاعم بأنها علمت بالأمر في بداية شهر حزيران/يونيو ولكنها لم تعلن الأمر قبل نهاية شهر تمّوز/يوليو من عام 2017، وقد أدّى ذلك إلى ضياع فرصة السيطرة المبكّرة على الأمر، وقامت الحكومة البلجيكية بدورها بتوجيه اللوم للحكومة الهولندية، متهمة إيّاها بمعرفة الأمر منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2016.
أمّا المفوّضية الأوروبية لسلامة الغذاء، فدعت إلى التوقف عن اللوم المتبادل وتركيز الانتباه على التخلّص من هذه المشكلة.
* ماذا علينا أن نفعل؟
لا بد من الامتناع التام عن تناول البيض الملوّث بهذه المادّة السامّة، ولكن كيف يعرف الإنسان أن البيض الذي نتناوله فعلاً ملوّث؟
إن الأمر متعلّق بشكل رئيسي بمصدر البيض الموجود في الأسواق، فهناك الكثير من الدول في العالم (ومنها الكثير من الدول العربية) التي تستورد البيض من الدول الأوروبية التي حصل فيها التلوّث، والأمر منوط بوزارات الصحّة في الدول المختلفة لتحديد ما إذا كان البيض الموجود في أسواق بلد معيّن مستوردا من تلك البلدان.
ولقد بدأت بعض الدول- مثل لبنان- بحظر استيراد البيض من دول أوروبية محدّدة نتيجة لهذا الأمر. وفي حال الشك بوجود هذا الأمر، فلا بد من الاتصال بمصادر وزارة الصحة ووزارة التموين لأخذ معلومات إضافيّة بهذا الشأن.
* متى نراجع الطبيب؟
في حال تناول بيض يُشك في تلوُّثه ثم حصول غثيان أو قيء أو ألم في البطن أو اصفرار البشرة أو اختلاجات صرعية، فلا بد من مراجعة الطبيب فوراً لإجراء اختبارات وتحديد العلاج.
وكلمتنا الأخيرة أنه كثيراً ما تحصل حوادث التلوّث الكيميائي والجرثومي للأغذية في كل دول العالم، بما فيها الدول المتقدمة صحيّاً كالدول الأوروبية والأمركيّة، وإن مفتاح النجاح في تجاوز هذه الأزمات هو انفتاح الحكومات بهذا الشأن، والإجراءات الوقائية التي تتخذها وزارات الصحّة. وأخيراً وليس آخراً انتباه المواطنين في هذه الدول والتعاون مع السلطات الصحية للوصول إلى بر الأمان وتجاوز هذه الأزمات.
اقرأ ايضاً:
أطعمة محبوبة قاتلة لأطفالنا
أفضل طريقة لغسل الفاكهة والخضراوات
الأطعمة العضوية .. عن مأمونيتها وقيمتها الغذائية