يُعد الصداع النصفي (الشقيقة Migraine) حالة شائعة تصيب ما يصل إلى 148 مليونًا في جميع أنحاء العالم. وتشير بعض الأدلة إلى أن انتشار الصداع النصفي قد يتزايد على مستوى العالم. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يعد الصداع النصفي أكثر شيوعًا عند النساء مقارنة بالرجال.
غالبًا ما تكون أعراض الصداع النصفي الأولية هي صداع متوسط إلى شديد، ويعاني 85% من المصابين بالصداع النصفي من ألم نابض. ومع ذلك، بالنسبة لحوالي 60% من الأشخاص، يكون الألم من جانب واحد، ويعاني حوالي 80% من الأشخاص من الغثيان و30% من القيء. بالإضافة إلى ذلك، تزداد حساسية كل شخص يعاني من الصداع النصفي من الضوء (90%) والصوت (80%).
خرافات مرتبطة بالصداع النصفي
1. الصداع النصفي ليس خطيراً
نعم، معظم أنواع الصداع النصفي ليست خطيرة؛ لكنها في الحقيقة يمكن أن تكون مزمنة وفي بعض الأحيان منهكة ومعيقة، إذا لم تُعالج بشكل مناسب، وكتب مؤلفو إحدى المراجعات، التي بحثت في تأثير الصداع النصفي على جودة الحياة، أن العديد من الأشخاص المصابين بالصداع النصفي يعانون أيضًا من انخفاض الإنتاجية أثناء العمل وتعطيل الأنشطة الأسرية والاجتماعية والترفيهية.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه ليست كل أنواع الصداع النصفي متساوية. هناك نوع من الصداع النصفي يسمى الصداع النصفي الفالج الذي يميل إلى أن يكون عائليًا، ويرتبط بأعراض عصبية، وأعراض الهالة التي تصاحب الصداع النصفي، ويمكن أن تؤدي إلى السكتة الدماغية.
ورغم ذلك، فإن الصداع النصفي الفالجي الذي يسبب ضعفًا كبيرًا أو شللًا في جانب واحد من الجسم نادر الحدوث، ويؤثر على حوالي 0.01%من السكان. في معظم الحالات، يزول الشلل خلال ساعات أو أيام. ونادرًا ما قد يستغرق 4 أسابيع. ومع ذلك، في بعض الحالات النادرة جدًا، يمكن أن يسبب الصداع النصفي المفلوج شللًا دائمًا.
2. الصداع النصفي هو مجرد صداع
هذا ليس صحيحًا، فالحقيقة أن الصداع النصفي هو أكثر بكثير من مجرد صداع. في الواقع، الصداع هو عرض واحد فقط من أعراض الصداع النصفي، وبعض أنواع الصداع النصفي لا يصاحبها صداع على الإطلاق. وعادة ما يكون مصاحبًا لأعراض بالإضافة لألم الرأس، ويمكن أن يكون الألم الناجم عن الصداع النصفي شديدًا جدًا ويتداخل مع أنشطة الحياة اليومية. مثل الصداع، ويمكن أن يكون الصداع النصفي قصيرًا، ولا يدوم سوى بضع ساعات، أو يمكن أن يستمر عدة أيام.
وهذه الأعراض التي يمكن أن تصاحب الصداع:
- ألم معتدل إلى حاد أو خفقان يبدو كما لو أنه يبتلع الرأس بالكامل أو ينتقل من جانب واحد من الرأس إلى الجانب الآخر.
- زيادة الحساسية للأصوات أو الروائح أو الضوء.
- مشاكل في الرؤية، بما في ذلك التشويش أو النقاط الساطعة أو الوامضة أو الخطوط المموجة أو الخشنة.
- مشاكل في البطن، والتي يمكن أن تشمل فقدان الشهية أو الغثيان أو القيء أو عدم استقرار المعدة.
كما أنه من بين الاختلافات الأخرى بين الصداع النصفي وأنواع الصداع الأخرى، أن بعض من يعانون من الصداع النصفي قد يواجهون ما يسمى بالمرحلة التحذيرية، حيث يلاحظ الأشخاص المصابون بالصداع النصفي تغيرات طفيفة في روتينهم اليومي ليوم أو يومين قبل أن يبدأ الصداع النصفي كنوع من التحذير، وعلى الرغم من أن هذه التغييرات تختلف بين الأفراد، إلا أن هناك بعض العلامات التحذيرية الأكثر شيوعًا هي التثاؤب المفرط، والاكتئاب، والتهيج، وتيبس الرقبة. وقد يعاني بعض الأشخاص المصابين بالصداع النصفي أيضًا من هالة الصداع النصفي، وهي عرض عصبي يسبق الصداع مباشرة. قد تتكون من اضطرابات بصرية (رؤية الأضواء الساطعة أو المعاناة من فقدان جزئي للرؤية ينتشر تدريجيًا عبر المجال البصري)، أو ظواهر حسية أخرى (تنميل أو وخز ينتشر تدريجياً عبر الوجه أو أسفل الذراع).
على الرغم من أن هذه الأعراض هي علامة تنذر بأن الصداع النصفي قد يكون في الطريق، إلا أن هناك جانبًا إيجابيًا، حيث توفر هذه العلامات التحذيرية فرصة لبدء العلاج في وقت مبكر جدًا من نوبة الصداع النصفي، ما يحسن بشكل كبير احتمالية نجاح العلاج، وبدلاً من انتظار حدوث الألم، فإن تناول الدواء بأسرع وقت ممكن له أكبر تأثير.
3. الكافيين يسبب الصداع النصفي
هذه خرافة. والحقيقة أن الكافيين لا يسبب الصداع النصفي، ولكن يمكن أن يكون محفزًا لبعض الناس. القهوة والصداع النصفي لهما علاقة معقدة.
الإفراط في تناول الكافيين يمكن أن يؤدي إلى الصداع النصفي. ومع ذلك، يمكن أن يساعد الكافيين بشكل عام في تخفيف الصداع، بما في ذلك الصداع النصفي. حيث يجد بعض الناس أن شرب الكافيين في بداية النوبة يقلل من شدتها ويمكن أن يساعد في تخفيف بعض الألم، ولكن لا ينصح بالاستخدام المنتظم للكافيين علاجاً، ولإضافة مستوى إضافي من التعقيد، فإن شرب المشروبات المحتوية على الكافيين يمكن أن يبدأ نوبة الصداع النصفي، ولكن انسحاب الكافيين هو سبب أكثر تكرارًا للصداع النصفي.
في مراجعة حديثة للتفاعل بين الكافيين والصداع النصفي، خلص المؤلفون إلى أنه لا توجد أدلة كافية للتوصية بوقف تناول الكافيين لجميع مرضى الصداع النصفي. ومع ذلك، من المهم تسليط الضوء على أن الإفراط في استخدام الكافيين قد يؤدي إلى حدوث الصداع النصفي، وأن الانسحاب المفاجئ من الكافيين قد يؤدي إلى نوبات الصداع النصفي.
4. الدواء يعالج الصداع النصفي
الحقيقة لا يوجد علاج حاليًا يقضي على الصداع النصفي تماماً، لكن هناك أدوية يمكن أن تساعد بالتأكيد في السيطرة على الأعراض، والوقاية من نوبات الصداع النصفي.
5. لا توجد أدوية يمكن أن تساعد في الصداع النصفي
الحقيقة أن هناك العديد من الأدوية متوفرة الآن للمساعدة في السيطرة على الصداع النصفي بشكل ملحوظ، بعض الأدوية يمكن أن تخفف النوبات من الصداع النصفي، بما في ذلك المسكنات التي لا تستلزم وصفة طبية، ومضادات التريبتان، ومضادات مستقبلات الببتيد الجيني. وتتوفر أيضًا خيارات فعالة غير صيدلانية، وأهم شيء يمكن لأي شخص القيام به للمساعدة في تجنب مسببات الصداع النصفي هو تنظيم نمط الحياة من خلال الخيارات الصحية.
إن الحصول على 8 ساعات من النوم على الأقل كل ليلة، وشرب 8 أكواب من الماء يوميًا، والتغذية الصحية، والقضاء على أكبر عدد ممكن من مصادر الإجهاد الإضافي، سيضع جسمك على الطريق السريع لرفع عتبة الصداع النصفي. وهذا يعني أن خطر الإصابة بالصداع النصفي قد انخفض، حتى عند التعرض لمسبب معروف، ومعنى هذا أن اتباع نمط حياة صحي قد يلغي الحاجة لتناول أدوية الصداع بوصفة طبية.
هذه أخبار جيدة لأنه قد تؤدي الأدوية أيضًا (ومن المفارقات) نفسها إلى حدوث الصداع، في ظاهرة تسمى" الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية، والذي يحدث إذا جرى تناول الدواء الإنقاذي كثيرًا."
هناك الكثير من الخيارات للأدوية التي تستلزم وصفة طبية والتي تكون فعالة جدًا في تقليل وتيرة الصداع النصفي (ما يسمى بالأدوية الوقائية) وغيرها التي يمكن أن توقف الصداع النصفي في مساراته. إذا كنت تظن أنك تعاني من الصداع النصفي، فإن الأمر يستحق زيارة الطبيب الذي يمكنه تأكيد التشخيص والعمل معك لوضع خطة علاجية.
6. لا يمكنك تشخيص الصداع النصفي من دون فحص التصوير
الحقيقة أن الصداع النصفي هو تشخيص سريري ولا يحتاج إلى أي تصوير لتأكيده. ويطلب التصوير فقط إذا كانت الأعراض غير واضحة أو عند وجود أعراض عصبية أو علامات تحذيرية، وفي هذه الحالة، يكون التشخيص ضروريا لاستبعاد الأمراض. ولكن لا يوجد اختبار محدد لتشخيص الصداع النصفي، لذا يجب على الطبيب تحديد نمط الصداع المتكرر إلى جانب استمرار الأعراض المصاحبة لمدة 3 أشهر على الأقل.
7. لا يمكن للحامل تناول أي من أدوية الصداع النصفي
الحقيقة تعتبر أدوية الصداع النصفي، مثل التريبتان، آمنة نسبيًا أثناء الحمل، خاصة بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، كما أن الأسيتامينوفين آمن أيضًا، ولكن يجب تجنب بعض الأدوية الوقائية المضادة للنوبات الصرعية نظرًا لخطر فقد الحمل أو حدوث تشوه خلقي. لذا من المهم قبل الحمل أن تتحدث النساء مع أطبائهن حول خطة علاج الصداع النصفي، سواء كانوا يتناولون الأدوية التي تصرف من دون وصفة طبية، أو الأدوية الموصوفة، أو كليهما.
فليست كل الأدوية آمنة أثناء الحمل، بعضها محظور تمامًا، في حين يمكن إضافة أدوية أخرى بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. الأجهزة القابلة للارتداء غير الغازية جيدة بشكل خاص للنساء الحوامل لأنها تتمتع بفاعلية عالية مع عدم وجود آثار جانبية دائمة.
8. إذا اتبعت "حمية الصداع النصفي" فلن يعود الصداع النصفي
على الرغم من وجود أنظمة غذائية يروج لها على أنها تعالج العديد من الأمراض، إلا أنها ليست كلها فعالة أو مدعومة بالأدلة، والحقيقة أنه بالنسبة لما يسمى حمية الصداع النصفي، وعلى الرغم من أن "تناول الطعام الصحي وتجنب أنواع معينة من الأطعمة التي تسبب الصداع النصفي يمكن أن يقضيا على النوبات"، إلا أن هناك عوامل أخرى يجب أخذها في الاعتبار، وعلى سبيل المثال، لا يمكن للنظام الغذائي للصداع النصفي أن يعالج "قلة النوم أو التوتر أو التغيرات الهرمونية". وباختصار، يمكن أن يقلل تجنب المسببات المعروفة من خطر الإصابة بالصداع النصفي، لكن اتباع نظام غذائي ليس علاجًا.
9. المكملات الغذائية يمكن أن تعالج الصداع النصفي
هذه أسطورة، والحقيقة أن المكملات يمكن أن تمنع حدوث النوبات أو تخفف من شدتها ووتيرتها، لكنها لن تعالج الصداع النصفي. وتعتبر المكملات، مثل المغنيسيوم وفيتامين د وفيتامين ب 2 إضافة مهمة لسوق علاج الصداع النصفي، ولكن لم يُثبت أن فيتامينا أو مكملا واحدا يساعد في الوقاية من الصداع النصفي أو تخفيفه للجميع. إنها تساعد بعض الناس بشكل هائل ولا تفعل سوى القليل للآخرين. هذه الاستجابة المتغيرة مماثلة للأدوية الصيدلانية.
10. ما لم تكن تعاني من الهالة، فهي ليست صداع نصفي
هذا ليس صحيحا. في الواقع، والحقيقة أن 10-30% فقط من المصابين بالصداع النصفي يعانون من الهالة.
11. توقف الباحثون عن التحقيق في الصداع النصفي
هذا خطأ تمامًا، فالحقيقة أن الباحثين لم يستسلموا ولن يستسلموا أبدًا، هناك العديد من الجهود البحثية المستمرة والمهمة لمعالجة الفيزيولوجيا المرضية للصداع النصفي وخيارات العلاج الجديدة، وهناك ابتكارات طوال الوقت في مشهد الصداع النصفي، خاصة على مدى السنوات الأربع الماضية. وفي الآونة الأخيرة، دخلت أجهزة التعديل العصبي إلى السوق. ومنها جهاز جديد من Theranica يسمى Nerivio حصل على تصريح من إدارة الغذاء والدواء (FDA)] لعلاج الصداع النصفي الحاد، ويُتحكم في الجهاز بالهاتف الذكي ويُرتدى في الجزء العلوي من الذراع، ما يوفر علاجًا لمدة 45 دقيقة، والجهاز يعدل إشارات الألم في الدماغ وهو بديل جيد للأدوية، ونبحث دائمًا عن طرق لمحاولة تقديم العلاج من دون تعريض الأشخاص لآثار جانبية سلبية.
ملخص
يمكن أن يكون الصداع النصفي مزعجًا ويؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية. ومع ذلك، تتوفر التدخلات الصيدلانية التي يمكن أن تساعد. أيضًا، يمكن للتغييرات في النظام الغذائي ونمط الحياة أن تخفف الأعراض وتقلل تكرار نوبات الصداع النصفي، ومع استمرار العلماء في التحقيق، من المؤكد أنهم سيحددون علاجات أفضل، وربما علاجًا في يوم من الأيام.
المصادر
Medical myths: 11 migraine misunderstandings