يتكرر طرح تساؤلات وتشكيك بسلامة وفاعلية لقاحات كورونا، خاصة اللقاحات الجديدة التي تستخدم تقنيات الحمض النووي المرسال mRNA مثل لقاح فايزر-بيونتيك ولقاح مودرنا. وعندما حدث توقف مفاجئ للقلب عند الرياضي الشاب بروني جيمس، وهو ابن لاعب كرة السلة الأمريكي الشهير ليبرون جيمس، طلع علينا إيلون ماسك الشهير بتساؤل جديد على تويتر حول تأثير هذه اللقاحات على عضلة القلب ومدى علاقتها بحوادث توقف القلب عند الرياضيين الشباب.
تم إسعاف الشاب بروني جيمس بنجاح، ولكن سرعان ما تلقَّف هذه الحادثة من يُشكّكون بسلامة اللقاحات، واستخدَموها لإثارة مزيد من الشكوك والتساؤلات، حتى قَبل أن تُنشر أسباب توقف القلب الذي حدث لهذا الشاب. فهل تُسبب لقاحات كورونا ضررًا لعضلة القلب فعلًا؟
دراسة علمية عن أضرار لقاح كورونا على عضلة القلب
نُشرت على الإنترنت مؤخرًا نتائج دراسة حديثة أُجريت في جامعة بازل السويسرية كان هدفها تقدير مدى الضرر الذي قد يحدثه لقاح مودرنا على عضلة القلب. نُشرت هذه الدراسة في موقع جمعية القلب الأوروبية، شارك في الدراسة 777 متطوعًا من العاملين الشباب في المشفى ممّن أخذوا جرعة داعمة من لقاح مودرنا، وعدد مماثل ممّن لم يأخذوا هذا اللقاح، وتم قياس مستوى التروبونين T في الدم بعد ثلاثة أيام من أخذ اللقاح، ومقارنته بمستوى هذا المؤشِّر لدى الذين لم يأخذوا اللقاح. ويُعتبر مستوى التروبونين في الدم مؤشِّرًا على وجود ضرر في خلايا عضلة القلب، لأن هذا البروتين يوجد عادة داخل خلايا عضلة القلب، وتَسرّبه إلى الدم يشير إلى حدوث ضرر في هذه الخلايا. يُستخدم قياس مستوى التروبونين في الدم كمؤشِّر على حدوث أزمة قلبية حادة، ووجود أذية لبعض خلايا العضلة القلبية.
بلغ متوسط مستوى التروبونين في الدم 5 نانوغرام في الليتر في مجموعة المشاركين الذين أخذوا جرعة داعمة من لقاح مودرنا، بينما كان متوسط مستوى البروتونين في الدم 3 نانوغرام في الليتر في مجموعة المقارَنة الذين لم يأخذوا هذا اللقاح. وكان هذا الفرق مهمًّا من الناحية الإحصائية.
ماذا نستنتج من هذه الدراسة؟
- تشير هذه الدراسة بالفعل إلى حدوث ضرر ما في عضلة القلب بعد أخذ لقاح مودرنا ضد فيروس كورونا الجديد، ويجب مراعاة ذلك قبل إعطاء اللقاح لبعض مرضى القلب.
- ولكن هذا الضرر "الكيميائي" في خلايا عضلة القلب لم يترافق بأية أعراض سريرية مهمة، ولم تسجَّل لدى المشاركين أية أعراض تشير إلى أذية للقلب، إذ لم تسجَّل أية وفيات، أو أزمات قلبية، أو اضطرابات في نظم القلب، أو في كهربائية القلب، ولم تظهَر تغيرات مهمة في تخطيط القلب الكهربائي، ويبدو أن هذا الضّرر الذي دلَّ عليه الارتفاع الطفيف في مستوى التروبونين في الدم لم يكن له انعكاسات مهمة على صحة وسلامة المصابين، على الأقل خلال فترة الدراسة التي امتدت من ديسمبر 2021 إلى فبراير 2022.
- عمليًّا، تلقى مئات الملايين من الناس حتى الآن هذه اللقاحات، ولم تسجَّل زيادة حقيقية تشير إلى زيادة فعلية في حدوث ضرر لعضلة القلب لديهم.
- حسب هذه الدراسة، بلغت نسبة احتمال حدوث ضرر في خلايا عضلة القلب لدى المشاركين الذين أخذوا لقاح كورونا حوالي 5 بالمئة، حسب مؤشِّر ارتفاع مستوى التروبونين في الدم. بينما أظهرَت دراساتٌ عديدة أن احتمال حدوث أضرار في عضلة القلب بعد الإصابة بمرض كوفيد-19 بلغ نحو 40 بالمئة لدى الذين دَخلوا إلى المشفى بعد إصابتهم بهذا المرض، وسُجلت لديهم علامات حدوث أضرار قلبية مهمة استمرت على مدى سنتَين. أي أن لقاحات ضد مرض كوفيد-19 قد أدّت عمليًا إلى حماية الناس من أضرار إصابة عضلة القلب بحمايتهم من الإصابة بهذا المرض أصلًا.
- تركّز وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على حالات توقف القلب المفاجئ عند الرياضيين الشباب، لأنها حوادث مأساوية مؤسفة بالطبع، ولكن لا توجَد أدلة إحصائية علمية تشير إلى زيادة فعلية في حدوث هذه الحالات.
- هناك أسباب عديدة يمكن أن تؤدي إلى حدوث توقف القلب المفاجئ عند الرياضيين الشباب، مثل وجود تضخم في عضلة القلب، أو تلقي ضربة قوية على الصدر أثناء الرياضة، أو وجود التهاب فيروسي طارئ أصاب عضلة القلب، أو حالة قلبية ولادية غير مشخَّصة سابقًا، مثل حالات الاستعداد الخَلقي الولادي لحدوث اضطرابات نظم القلب ...
تُشير الدراسات العلمية إلى احتمال حدوث بعض الأضرار والأعراض الجانبية للقاحات كورونا، مثل التَّحسس، والألم في مَوضع الإبرة، والشعور العام بالتعب، وارتفاع الحرارة أحيانًا، وربما الوفاة نادرًا جدًّا ... ولكن احتمال حدوث هذه الأضرار جميعها أقلّ بكثير من مخاطر الإصابة بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا الجديد، أي أن منافع لقاحات كورونا أكبَر بكثير من أضرارها. وقد أظهرت الإحصائيات الجديدة بعد أن هدأت جائحة كوفيد-19، وبعد أن تلقَّى معظم الأفراد في المجتمعات البشرية لقاحات ضد هذا الفيروس، أن 9 من كل 10 مرضى دَخلوا إلى المستشفيات مؤخّرا كانوا من غير الملقَّحين، وأن جميع الوفيات حدثت لدى غير الملقَّحين.
المصدر:
One in 35 myocardial injury - YouTube