عندما تلتهب أنسجة الرئة بسبب عدوى أو غيرها، تتجمّع الخلايا التي تُسمّى الخلايا المنسجات لتُشكِّل عقيدات تُسمّى الأورام الحُبيبية Granulomas، وقد لا تسبب أي أعراض، ولكن قد يكون لها سبب أساسي يحتاج إلى علاج.
يمكن أن تتشكَّل الأورام الحُبيبية في أي مكان في جسمك، ولكنها تتطور بشكل شائع في الرئتين أو الكبد أو العيون أو الجلد.
عندما تتشكَّل الأورام الحبيبية لأول مرة، تكون طرية. بمرور الوقت، يمكن أن تتصلب وتتكلس، وهذا يعني أن الكالسيوم يشكِّل رواسب في الأورام الحبيبية. تجعل رواسب الكالسيوم هذه الأنواع من الأورام الحبيبية الرئوية أكثر سهولة في اختبارات التصوير، مثل الأشعة السينية للصدر أو الأشعة المقطعية.
في الأشعة السينية للصدر، من المحتمل أن تبدو بعض الأورام الحُبيبية في الرئة وكأنها نمو سرطاني، ومع ذلك، فإن الأورام الحُبيبية غير سرطانية، وغالبًا لا تسبب أي أعراض أو تتطلب العلاج.
أعراض الورم الحبيبي في الرئة
في حين أن الأورام الحُبيبية الرئوية عادة لا تظهَر عليها أي أعراض، إلا أن السبب الكامن وراءها قد يُظهر أعراضًا.
-
عدم وجود أعراض
نادرًا ما تكون هناك أعراض مرتبطة بالأورام الحُبيبية في الرئة نفسها، وقد لا يتم اكتشافها إلا بعد إجراء تصوير بالأشعة السينية أو الأشعة المقطعية. قد لا تحتاج الأورام الحُبيبية الرئوية التي لا تظهر عليها أعراض غير طبيعية إلى العلاج.
-
أعراض شائعة
إذا كان هناك العديد من الأورام الحبيبية أو إذا كانت موجودة بالقرب من الشُّعَب الهوائية في الرئة، فقد تشمل الأعراض ما يلي:
-
الأعراض المرتبطة بالأسباب الكامنة
قد تتشكل الأورام الحبيبية في الرئة استجابة لحالات الجهاز التنفسي مثل ما يلي:
- الساركويد، عندما يؤثّر هذا المرض الالتهابي على الرئتين، قد تشمل الأعراض السعال الجاف وضيق التنفس والصفير.
- داء النوسَجات، تشمل أعراض عدوى الرئة هذه: الحمّى، والسعال الجاف، وألمًا في الصدر.
- مرض الدرن، إذا كان هذا المرض البكتيري في الرئتين، فقد تشمل الأعراض: السعال المزمن، وسعال الدم أو البلغم، وألمًا في الصدر.
أسباب الورم الحُبيبي في الرئة
ترتبط الالتهابات والأمراض الالتهابية وعوامل أخرى مثل ما يلي بالأورام الحُبيبية في الرئة.
الالتهابات
تشمل الالتهابات التي يمكن أن تسبب الأورام الحُبيبية ما يلي:
مرض الدرن:
- تُعَد المتفطرات غير السلية (NTM)، الموجودة بشكل طبيعي في الماء والتربة، من بين المصادر الأكثر شيوعًا للعدوى البكتيرية التي تؤدي إلى الأورام الحُبيبية في الرئة.
- الالتهابات الفطرية مثل داء الكروانيات الرئوي (حمّى الوادي) أو داء المكورات العقدية الذي يعيش في التربة مع فضلات الطيور.
- الالتهابات الطفيلية مثل الديدان المستديرة (داء الأسكارس).
الأورام الحُبيبية الالتهابية
قد يكون سبب الأورام الحُبيبية في الرئة الحالات الالتهابية الآتية:
- الورم الحُبيبي مع التهاب الأوعية (GPA)، هذا نوع نادر ولكنه خطير من التهاب الأوعية الدموية، وهو التهاب الأوعية الدموية في الأنف والحنجرة والرئتين والكليتين. ليس من الواضح سبب تطور ذلك، على الرغم من أنه قد يكون رد فعل غير طبيعي للجهاز المناعي تجاه العدوى.
- الورم الحُبيبي اليوزيني مع التهاب الأوعية (EGPA)، يُعرف أيضًا باسم متلازمة شيرج شتراوس، وهو نوع آخر من التهاب الأوعية الدموية الذي قد يتسبب في تكوين أورام حبيبية في الرئتين.
- الساركويد، هذا مرض يمكن أن يؤثّر على رئتيك وأعضائك الأخرى. لا يَعرف الباحثون السببَ الدقيق، لكنهم يعتقدون أن الأورام الحُبيبية تتشكّل عندما يحاول جهازك المناعي محاربة العدوى الضارة أو المواد الكيميائية، أو في بعض الأحيان بروتينات الجسم. لا يوجد علاج، ولكن يمكنك عادةً التحكم فيه بعلاج قليل أو بدون علاج.
الأسباب البيئية
التعرض للعناصر البيئية مثل ما يلي قد يسبب الأورام الحُبيبية في الرئة:
- ردّ فعل تحسسي، يُسمّى الالتهاب الرئوي الناتج عن فرط الحساسية، تجاه مواد مثل العفن أو المواد الكيميائية.
- التعرض للغبار الناتج عن المعادن، مثل البريليوم أو الألومنيوم أو الكوبالت أو السيليكا.
- قد يؤدي استخدام حوض الاستحمام الساخن إلى حدوث ما يُعرف باسم "رئة حوض الاستحمام الساخن"، بسبب التعرض للبكتيريا غير السلية (NTM).
الأسباب الدوائية
الأدوية: فقد تم ربط ردود الفعل السَّلبية للأدوية بالأورام الحُبيبية في الرئة، وتُستخدم بعض الأدوية بالفعل لعلاج الحالات الطبية المرتبطة بالأورام الحُبيبية الرئوية، وتشمل الأدوية المرتبطة بالأورام الحُبيبية في الرئتين ما يلي:
- الميثوتريكسيت.
- الإنترفيرون.
- لقاح عصية كالميت غيرين (BCG)، وهي البكتيريا المستخدمة في صنع لقاح ضد مرض السلّ.
- ريميكاد (إينفليإكسيمب).
- إنربيل (إيتانرسيبت).
- راباموني (سيروليموس).
- عربة (ليفلونوميد).
- سيمزيا (سيرتوليزوماب).
- هوميرا (أداليموماب).
- إنتيفيو (فيدوليزوماب).
- إيموران (الآزوثيوبرين).
أمراض المناعة الذاتية
أمراض المناعة الذاتية مثل ما يلي، قد تسبب الأورام الحُبيبية في الرئة:
- التهاب المفاصل الروماتويدي (RA): تحدث الأورام الحُبيبية في الرئة، والتي يشار إليها أيضًا باسم عقيدات الرئة أو الروماتويد، في 20 بالمائة من الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وهي حالة تسبب آلام المفاصل والتهابها. عادة ما تكون غير ضارة، ولكن هناك خطر بسيط من أنها يمكن أن تنفجر وتلحق الضرر بالرئة.
- متلازمة سجوغرن: قد تحدث الأورام الحُبيبية في الرئة مع هذه الحالة التي تؤثر في الغالب على الغدد اللعابية والدمعية، مما يمنع الجسم من إنتاج ما يكفي من اللعاب والدموع.
- مرض التهاب الأمعاء (IBD): وفقًا لدراسة أُجريت عام 2019، كان ما يصل إلى 36 بالمائة من الأشخاص المصابين بمرض التهاب الأمعاء (IBD) يعانون من أورام حُبيبية في الرئة أو أعضاء أخرى غير الجهاز الهضمي.
أسباب ذات صلة بالسرطان
قد يصاب الأشخاص المصابون بسرطان الدم بأورام حُبيبية في الرئة بسبب الورم الحُبيبي اللمفاوي، وهي حالة نادرة ناجمة عن الإفراط في إنتاج الخلايا الليمفاوية أو خلايا الدم البيضاء.
نقص المناعة
ترتبط الأورام الحُبيبية في الرئة ببعض اضطرابات نقص المناعة المتغيرة الشائعَة (CVID) التي تمنع جسمك من مكافحة العدوى والأمراض، وتشمل هذه:
- مرض الورم الحُبيبي المزمن (CGD): تؤثِّر هذه الحالة الوراثية النادرة على بعض خلايا الدم البيضاء، مما يسبب الالتهاب، ويمنع جهازك المناعي من مكافحة الالتهابات البكتيرية والفطرية.
- مرض الرئة الخِلالي الحُبيبي اللمفاوي (GLILD): يُعدُّ هذا أحد المضاعفات الشديدة لمرض CVID، الذي يمكن أن يسبب فقدان وظيفة الجهاز التنفسي على المدى الطويل.
أسباب أخرى
هناك حالة أخرى قد تسبب ظهور الأورام الحُبيبية في الرئة وهي كثرة المنسجات لخلايا لانجرهانس الرئوية (PLCH)، وهو مرض رئوي نادر لا يُعرف سببه، وغالبًا ما يصيب البالغين الذين يدخنون السجائر.
كيف يتم تشخيصه؟
لتشخيص الأورام الحُبيبية في الرئة وتحديد ما إذا كانت سرطانية، سيقوم طبيبك بإجراء فحص بدني، ومجموعة متنوعة من الاختبارات.
سيسألك طبيبك أولًا عن الأعراض، مثل متى بدأت؟ وقد يتم سؤالك عن أي أمراض أخرى تعاني منها، وعن تاريخ سفرك، وعن تعرُّضك لعوامل بيئية معيّنة في المكان الذي تعيش فيه وتعمل فيه.
اختبارات التصوير
نظرًا لأنها صغيرة ولا تسبب أي أعراض عادةً، غالبًا ما يتم اكتشاف الأورام الحبيبية عن طريق الخطأ.
على سبيل المثال، إذا كنت تخضع لتصوير روتيني للأشعة السينية أو الأشعة المقطعية على الصدر بسبب مشكلة في الجهاز التنفسي، فقد يكتشف طبيبك بقعًا صغيرة على رئتيك، والتي يتبيَّن أنها أورام حُبيبية. إذا كانت متكلِّسة، فمن السهل رؤيتها على الأشعة السينية.
للوهلة الأولى، قد تشبه الأورام الحُبيبية الأورام السرطانية. يمكن أن يكشف التصوير المقطعي المحوسب عن عُقيدات أصغر حجمًا، ويوفّر رؤية أكثر تفصيلاً.
تميل عُقيدات الرئة السرطانية إلى أن تكون غير منتظمة الشكل وأكبر حجمًا من الأورام الحُبيبية الحميدة، والتي يصل قطرها عمومًا إلى 10 ملم. من المرجح أيضًا أن تكون العقيدات الموجودة أعلى رئتيك أورامًا سرطانية.
إذا رأى طبيبك ما يبدو أنه ورم حُبيبي صغير وغير ضار على الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية، فقد يراقبه لفترة من الوقت، ويلتقط صورًا إضافية على مدى سنوات لمعرفة ما إذا كان ينمو أم لا.
اختبارات المَعمل
للمساعدة في تحديد سبب الورم الحُبيبي في الرئة، قد يطلب طبيبك اختبارات معملية مثل:
- تعداد الدم الكامل (CBC)، إذ يمكن أن يشير العدد الكبير من خلايا الدم البيضاء إلى وجود عدوى.
- الأمصال، يكشف هذا النوع من اختبارات الدم وجود أجسام مضادة في دمك يمكن أن تشير إلى وجود عدوى فطرية أو بكتيرية، أو أي نوع آخر من العدوى.
- اختبار السل، يمكن لاختبار الجلد المشتق من البروتين المنقَّى (PPD) تحديد ما إذا كان شخص ما قد تعرَّض لمرض السل.
الإجراءات
يمكن القيام بإجراءات -مثل ما يلي- لفحص الورم الحُبيبي في الرئة:
- تنظير القصبات، بعد أن تحصل على دواء مخدِّر موضعي مريح، يتم إدخال أنبوب رفيع يسمى منظار القصبات، يحتوي على ضوء وكاميرا عبر أنفك أو فمك وأسفل حلقك إلى رئتيك.
- غسل القصبات، أثناء تنظير القصبات قد يتم حقن محلول ملحي معقَّم في رئتيك، يتم بعد ذلك شفط المحلول الذي يحتوي على عينة من الخلايا وفحصها تحت المجهر للكشف عن الالتهاب الرئوي الناتج عن فرط الحساسية.
- الموجات فوق الصوتية داخل القصبة، أثناء تنظير القصبات يمكّن مسبار الموجات فوق الصوتية المتصل بمنظار القصبات طبيبك من رؤية مناطق رئتيك.
أخذ خزعة
قد يأخذ طبيبك أيضًا خزعة من الورم الحُبيبي في الرئة لتحديد ما إذا كان سرطانيًا، وتتضمن الخزعة إزالة قطعة صغيرة من الأنسجة المشبوهة باستخدام منظار القصبات أو إبرة رفيعة، ثم يتم فحص عينة الأنسجة تحت المجهر.
اختبارات أخرى
قد يوصي طبيبك أيضًا بإجراء اختبارات وظائف الرئة (PFTs)، واختبارات التنفس التي تقيس مدى كفاءة حركة الهواء داخل وخارج الرئتين.
يمكن تقييم الورم الحُبيبي الأكبر بمرور الوقت باستخدام التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني للرئة (PET). يَستخدم هذا النوع من التصوير حَقْن مادة مشعّة لتحديد مناطق الالتهاب أو الأورام الخبيثة.
علاج الورم الحُبيبي في الرئة
عادة لا تتطلب الأورام الحُبيبية الرئوية العلاج، خاصة إذا لم يكن لديك أي أعراض. نظرًا لأن الأورام الحُبيبية عادة ما تكون نتيجة لحالة قابلة للتشخيص، فإن علاج الحالة الأساسية المسبِّبة لها أمر مهم. على سبيل المثال، يجب علاج العدوى البكتيرية في رئتيك والتي تؤدي إلى نمو الورم الحُبيبي بالمضادات الحيوية. يمكن علاج الحالة الالتهابية، مثل الساركويد، بالكورتيكوستيرويدات، أو الأدوية الأخرى المضادة للالتهابات.
ما هي التوقعات؟
بمجرد السيطرة على السبب الكامن وراء الأورام الحُبيبية في الرئة، فقد لا تتشكل عقيدات إضافية في رئتيك.
بعض الحالات، مثل الساركويد، ليس لها علاج، ولكن يمكن إدارتها بشكل جيد إلى حد ما. على الرغم من أنك قد تحافظ على انخفاض مستويات الالتهاب، فمن الممكن أن تتشكّل المزيد من الأورام الحُبيبية.
عادةً ما يتم تحديد الأورام الحُبيبية في الرئة وأي نمو آخر في رئتيك عندما يبحث طبيبك عن مشكلات تنفسية أخرى، وهذا يعني أنه من المهم إبلاغ طبيبك على الفور عن أعراض مثل السعال وضيق التنفس وألم في الصدر. كلما تم تقييم الأعراض وتشخيصها مبكرًا، تمكَّنْت من الحصول على علاج مفيد بشكل أسرع.
الخلاصة
تتشكّل الأورام الحُبيبية الرئوية على الرئتين عادة بعد الإصابة أو بسبب الالتهاب، وفي كثير من الأحيان، لا تسبب أعراضًا. يكتشف بعض الأشخاص لأول مرة أنهم مصابون بأورام حُبيبية في الرئة عند خضوعهم لفحص يفحص صدرهم.
في حين أن العلاج قد لا يكون ضروريًا، فمن المهم معرفة سبب إصابتك به. قد يحتاج السبب الكامن وراء الأورام الحُبيبية في الرئة، مثل الحالة الصحية المزمنة، إلى العلاج.
المصادر
