المواد الحافظة هي مواد تضاف إلى المنتجات مثل المنتجات الغذائية والمنتجات الدوائية ... إلخ، من أجل منع فساد المادة وحمايتها من التفكك الحيوي الناتج من النمو البكتيري، أو من تغيرات كيميائية غير مرغوب فيها.
إحصائيات
تقدر نسبة الفاقد في الأغذية بسبب الفساد الميكروبي حسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة الدولية FAO بحوالي 20%، وذلك يبين حجم الفساد الميكروبي للأغذية وضرورة التوجه نحو الحد منه أو منعه. لقد بدأت عمليات حماية الأغذية من الفساد الميكروبي قبل آلاف السنين، حيث استعملت عمليات التمليح والتخليل لهذا الغرض، ثم استعملت بعد ذلك تقنية التجفيف وتبعتها تقنيات التعليب والتجميد لتحقيق نفس الهدف وهو حماية الغذاء من الفساد.
ليست كل تقنيات وأساليب حفظ الأغذية المذكورة أعلاه مناسبة لجميع الأغذية، فالتعليب مثلاً كأسلوب حفظ ضد الفساد الميكروبي يمكن تطبيقه على الأغذية التي تستهلك مطبوخة ولا يمكن تطبيقه على أغذية كثيرة. هناك العديد من الأغذية التي تسوّق يومياً وتحتاج فقط لحماية بسيطة ضد الفساد الميكروبي، فمثل هذه الأغذية لا يمكن معاملتها بأساليب الحفظ المعروفة كالتجفيف والتعليب والتجميد، ولعل الأسلوب الأمثل لحفظ مثل هذه الأغذية هو إضافة المواد الحافظة.
ما هي المواد الحافظة ؟
المواد الحافظة هي مواد تضاف إلى الأطعمة أو المنتجات الغذائية لمنع التلف الناتج عن البكتيريا والعفن والفطريات والخميرة، وبالتالي، تساعد المواد الحافظة في الحفاظ على الأطعمة طازجة لفترة أطول من خلال إطالة عمرها الافتراضي.
على الرغم من أن المواد الحافظة تساعد في الحفاظ على طعم ونكهة الأطعمة لفترة طويلة، فإن استهلاك المواد الحافظة المفرطة يمكن أن يسبب مشكلات صحية مختلفة. ومع ذلك، من المهم أن نفهم أن المواد الحافظة ليست كلها سيئة، ويجب أن نتعلم كيفية التمييز بين المواد الجيدة والسيئة وفقًا لدستور الغذاء العالمي الذي صرح باستخدام بعض المواد الحافظة ولكن بنسب معينة.
أنواع المواد الحافظة
هناك نوعان شائعان من المواد الحافظة وهما المواد الحافظة الطبيعية والصناعية.
1. المواد الحافظة الطبيعية
كما يوحي الاسم، فإن المواد الحافظة الطبيعية هي تلك التي تَستخدم مكونات طبيعية للحفاظ على الأطعمة. لا تستخدم هذه المواد الحافظة مواد كيميائية لتغيير التركيبة، ولا تختلط أيضًا بأي مواد صناعية. علاوة على ذلك، لها خصائص مضادة للأكسدة، مما يعني أنها يمكن أن تؤخر عملية الأكسدة وتزيد من طول العمر. على سبيل المثال، تشمل المواد الحافظة الطبيعية السكر والملح والأحماض العضوية مثل (حمض الخليك وحمض اللاكتيـك) والتوابـل وزيوتها وثاني أكسيد الكربون الذي يستخدم كعامل مساعد في حفظ المياه الغازية، وهذه المواد يمكن إضافتها إلى الغذاء بأي تركيز يتفق مع ذوق المستهلك وطبيعة المواد المحفوظة .
كما يعد التجميد والغليان والتدخين والتمليح من الطرق الطبيعية لحفظ الطعام أيضًا، ويتلخص عمل هذه المواد الطبيعية بتثبيط الإنزيمات، وإبطاء عمليات الأيض؛ مما يؤدي إلى حفظ الطعام.
2. المواد الحافظة الصناعية
تستخدم هذه الأنواع من المواد الحافظة لتأخير تلف الأطعمة، ولكنها منتجة صناعياً أو صناعية بطبيعتها. تُعد هذه المواد الكيميائية الخيار الأفضل، والطريقة الأكثر فاعليةً في حفظ الطعام، إذ تؤدي دورها بكفاءةٍ وتُطيل عمر المنتج لفتراتٍ أطول، ومن أمثلة هذه المواد:
- حامض البنزويك وأملاحه، ويستخدم في عـصائر الفاكهة والمشروبات الغازية والمربيات.
- حامض السوربيك وأملاحه، ويستخدم في العصائر والمشروبات والمخللات والجبن المطبوخ والجبن الأبيض ومنتجات المخابز والحلوى واللحوم ومنتجاتها.
- ثاني أكسيد الكبريت، ويستخدم في الفواكه والخضراوات المجففة والبيض المجفف والجيلاتين وبعض أنواع الحلوى، ويستخدم ثاني أكسيد الكبريت بإسراف شديد في منتجات الفاكهة المجففة عمومًا ليعطي اللون الفاتح واللامع، وهذه المادة غير مرغوب فيها لما تسببه من أضرار صحية عديدة، وتسبب أعراض الحساسية واضطراب الجهاز الهضمي.
- أملاح النيتريت والنيترات التي تضاف إلى ملح الطعام لإنتاج ما يسمى بملح البارود، والذي يستخدم في تصنيع منتجات اللحوم يمكن أن تكون مركبات ضارة بالصحة تسمى نيتروزأمين .
- حامض البربيونيك وأملاحه .
رغم أهمية المواد الحافظة للحفاظ على بعض المنتجات لأطول فترة ممكنة دون حدوث تغيير في لونها أو طعمها أو رائحتها، فإن الإفراط في تناولها قد يتسبب في الكثير من المشكلات الصحية سواء للكبار أو الصغار، كما أن ضررها على الأطفال يعد أكثر خطرًا، إذ تسبب الكثير من المشكلات الصحية، ومنها:
فرط الحركة والنشاط عند الأطفال هو أحد اضطرابات النمو العصبية، يحدث في مرحلة الطفولة ويستمر حتى مرحلة البلوغ ومرحلة الرشد بأشكال وأعراض مختلفة.
يبدو أن مشكلات فرط الحركة والنشاط عند الأطفال قد تكون ناجمة عن استحلال المواد الحافظة في نظامهم الغذائي، إذ تشير بعض الدراسات إلى زيادة في الحركة المفرطة لدى الأطفال في عمر 3 سنوات عند تناولهم الأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة من نوع بنزوات الصوديوم، فيما سجل الأطفال انخفاضًا ملحوظًا بالحركة بمجرد توقفهم عن تناولها.
أظهرت دراسة أخرى أن تناول كميات أكبر من المشروبات التي تحتوي على بنزوات الصوديوم كان مرتبطًا بأعراض أكثر لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال، وتجدر الإشارة إلى أن بنزوات الصوديوم يستخدم عادة للحفاظ على الأطعمة والمشروبات الحمضية، لذا تستطيع إيجادها في المشروبات الغازية والمخللات والعصائر.
-
تؤثر على الهرمونات
من الآثار الجانبية للمواد الحافظة في الأطعمة أنها يمكن أن تؤثر على النمو العصبي للطفل وجهاز الغدد الصماء، الذي ينظم الهرمونات. يشارك الجهاز الغدد الصماء في النمو والهرمونات، لذلك إذا أثرت المواد المضافة على هرمون الأستروجين أو التستوستيرون، فقد تؤدى إلى تأخر سن البلوغ وتؤثر على الخصوبة للذكور.
-
تقلل من وزن الجنين
أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثين من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، شملت حوالي 2،284 من النساء الحوامل أن اللائي تناولن أثناء فترة الحمل الأطعمة التي تحتوي على المواد الحافظة الموجودة في الألبان واللحوم والأسماك المعلبة، كنّ أكثر عرضة لأن يلدن أطفالًا أصغر حجمًا، حيث تنقل من الأم عبر السلسلة الغذائية للطفل عبر المشيمة.
وأضاف الباحثون المشرفون على الدراسة، إلى أن حصول المرأة الحامل على كميات كبيرة من المواد الحافظة، يمكن أن يتسبب في الإصابة بالسرطان للأم، بالإضافة إلى أنها تؤثر على وزن الطفل بعد الولادة.
-
مشكلات أثناء الحمل
لا بد وأن تمتنع المرأة الحامل بشكل حاسم عن تناول الأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة، حيث تنتقل المواد الكيماوية بها عبر المشيمة لتصل إلى الجنين، والذي لن يتمكن بدوره من مقاومة هذه المواد أو التعامل معها فتؤثر عليه بإحداث تشوهات له ومشكلات في صحته.
-
تزيد خطر إصابة الأطفال بالحساسية
المواد الحافظة، وخاصة ثاني أكسيد الكبريت، لها تأثير سلبي على البشرة والجلد، ويتمثل هذا التأثير في الإصابة بالحساسية أو الطفح الجلدي، الذي يحدث في صورة إكزيما أو أرتكاريا أو حبوب حمراء، أو انتفاخ في البشرة أو العين أو الرقبة، على حسب مقدرة الشخص على تحمله للحساسية، كما أنها تؤثر على الأطفال فتسبب الإصابة بحبوب أكثر حدة وتسمى الأرتكاريا الحبيبية، وهي عبارة عن حبوب صغيرة تسبب الهرش والحكة، كما لها تأثير سلبي على المناعة.
-
تزيد من خطر الإصابة بالأنيميا
مادة النترات عندما تدخل الجسم كمادة حافظة في معظم منتجات اللحوم المصنعة، تتفاعل مع الهيموغلوبين في الدم لتكوين ميثاهيموغلوبين، وهذا التغيير في هيكل الهيموغلوبين يؤثر على قدرة خلايا الدم الحمراء على نقل الأكسجين لخلايا الجسم، مما يؤدي إلى الأنيميا، وكذلك الخمول والكسل وعدم القدرة على التحصيل الدراسي للأطفال، كذلك تسبب مرض ألزهايمر للكبار.
-
تؤثر على الجهاز المناعي للطفل
أظهرت العديد من الدراسات الآثار السلبية للمواد الحافظة على صحة الجهاز المناعي لدى الأطفال، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، فقد أفادت الكثير من الدراسات أن تناول كميات أكبر من اللحوم المصنعة والتي تحتوي على مادة النترات قد يكون مرتبطًا بارتفاع خطر الإصابة بسرطان المعدة والقولون والمستقيم والثدي والمثانة.
-
تؤثر على التنفس للطفل
أحد أكثر الآثار الجانبية الضارة للمواد الحافظة في الطعام هو أنها تزيد من احتمالية الإصابة بمشكلات التنفس عند الأطفال مثل الربو. بعض المواد الحافظة الموجودة في الأطعمة مثل الأسبارتام والكبريتيت والبنزوات تؤدي إلى تفاقم مشكلات التنفس. لذلك، فإن إزالة الأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة من النظام الغذائي يمكن أن يساعد في تقليل الأعراض وكذلك تقليل شدة مشكلات التنفس عند الأطفال.
-
زيادة مشكلات القلب
في الآونة الأخيرة، أصبحت أمراض القلب والأوعية الدموية شائعة جدًا، ووجود المواد الحافظة في الأطعمة هو أحد الأسباب الرئيسية لزيادة مشكلات القلب. تشير الدراسات أيضًا إلى أن المواد الحافظة في الأطعمة يمكن أن تضعف أنسجة القلب بمرور الوقت، فقد تبين أن نيترات الصوديوم قد تتسبب في تضييق الأوعية الدموية فتقل نسبة ليونتها وتصبح أكثر صلابة، ما يهدد المستهلك بالإصابة بأمراض القلب المختلفة.
كيف أعرف أن الطعام يحتوي على مادة حافظة؟
توجد أكثر من 3000 مادة تستخدم كمضافات للطعام، وتم تقسيم مضافات الأغذية من قبل دول الاتحاد الأوروبي إلى 4 أقسام رئيسية، هى: المواد الملونة، ويرمز لها بالرمز (E) تتبعه الأرقام من 100 إلى 199، والمواد الحافظة ويرمز لها بالرمز (E) تتبعه الأرقام من 200 إلى 299، ومضادات الأكسدة ويرمز لها بالرمز (E) تتبعه الأرقام من 300 إلى 399، والمواد المستحلبة والمثبتة ويرمز لها بالرمز (E) تتبعه الأرقام من 400 إلى 499.
من هنا يجب أن نهتم بقراءة المكونات على أغلفة الأطعمة، فإذا احتوت على E200 إلى E299 ففي هذه الحالة تحتوي على واحد أو أكثر من المواد الحافظة.
نصائح لتجنب المواد الحافظة في الطعام:
- قم بدمج الأطعمة الطازجة في نظامك الغذائي على حساب تلك المخزنة والمجففة.
- شراء وتقديم المزيد من الفواكه والخضراوات الطازجة، وتقليل تناول اللحوم المصنعة، وخاصة أثناء الحمل.
- تقليل الأطعمة المعلبة والمشروبات بشكل عام.
- تقليل تناول الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة.
- شراء الأغذية الخالية أو المحتوية على أقل نسبة ممكنة من المواد الحافظة من خلال قراءة قائمة المحتويات على بطاقة البيانات على المادة الغذائية.