وتعد هذه قضية شائكة، كانت مدار كثير من النقاش بين علماء طب الأطفال، ويمكننا أن نضع السؤال بطريقة أخرى: ما هي الوضعية الأكثر أماناً لنتجنّب توقف تنفس الرضيع أثناء النوم والذي يُطلق عليه اسم (متلازمة الموت المفاجئ للرضيع) Sudden Infant Death Syndrome (SIDS)؟
- النوم على البطن
أظهرت الدراسات أن النوم (على البطن) هو أمر مرفوض من وجهة النظر الطبية، والسبب في ذلك أن الطفل في هذه الوضعية يكون معرّضاً لمشكلة توقف التنفس، لأسباب نعلم بعضها ونجهل بعضها الآخر.
والقسم الذي نعلمه هو أن الطفل عندما ينام في هذه الوضعية، قد يعرّض نفسه للاختناق لأن مجرى التنفس الفموي والأنفي قد يصاب بالانسداد نتيجة للضغط الناجم عن الوسادة (في حال استخدامها)، أو الفراش أو الغطاء وغير ذلك، وهذا أمر منطقي.
ونذكر هنا أنه في أثناء النهار، وفي حال كون الطفل مستيقظاً، فلا ضير في تركه ممدداً على بطنه مع مراقبة الأهل.
- النوم على الجنب
إن النوم على الجنب، بحد ذاته، ليس فيه مشكلة، ولكن المشكلة تكمن في أنه لا توجد ضمانات عند نوم الطفل على جنبه من أن يتحرك أثناء الليل، وتتغيّر هذه الوضعية إلى الوضعية الأولى وهي النوم على البطن، وهنا تكمن الخطورة.
- النوم على الظهر
وجد العلماء، أن هذه الوضعية هي الأكثر ملاءمة للطفل، لأنّها لا تعرّض الأنف والفم للانسداد أثناء النوم، وبالتالي فالطفل يحافظ على مجرى التنفس سالكاً طوال فترة نومه.
ولابد من مراعاة عدم وضع أي غطاء على وجه الطفل، وعدم السماح بوجود الأشياء التي قد تتحرك في الليل مع حركة الطفل وتسد مجرى التنفس، وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً في هذه السطور.
ويوجد لدى بعض الأهل اعتقاد بأن الطفل الذي ينام على ظهره قد يستنشق المواد المطروحة من جهازه الهضمي، في حال حصول الإقياء ليلاً، والتجربة العملية تثبت خطأ هذا الاعتقاد، فالملايين من الأطفال اليوم ينامون على الظهر، ولم يثبت وجود أية حالة من هذا النوع.
- ماذا يمكننا أن نفعل؟
إن بالإمكان فعل كثير لتجنّب توقف تنفس الرضيع أثناء النوم، من ذلك:
- الأمر الأوّل والأساس كما هو واضح هو اختيار وضعية النوم الملائمة التي شرحناها.
- يضاف إلى ذلك تجنب التدخين من الأم أثناء الحمل، وتجنب التدخين بعد الولادة قرب الطفل.
- وضع الطفل لينام في مهده الخاص في غرفة الأهل في الأشهر الستة الأولى من العمر، وذلك ليبقى تحت مراقبتهم خلال هذه المرحلة الحساسة.
- الفراش وملحقاته هي أمور هامة جداً، فالفراش يجب أن يكون صلباً إلى حد ما، وأما الفراش الطري جداً؛ والذي يمكن أن (يغوص) فيه الطفل أثناء النوم فهو غير مقبول، لأن ذلك يعرّضه للاختناق.
- علينا أن نتجنب وضع أي شيء في الفراش يمكن أن يسحبه الطفل فوق رأسه، كالملابس والألعاب القماشيّة المحشوّة، وغير ذلك فجميع هذه الأشياء تقود للنتيجة نفسها.
- يجب أن نحافظ على غرفة دافئة الحرارة دون مبالغة.
- ونذكر هنا أن الأبحاث قد وجدت أن (المصّاصة Pacifier) التي تعطى للطفل تساهم في إنقاص الاختناق أثناء النوم.
وبعد؛
هنالك كثير من الأمور التي قد لا يعيرها الأهل الاهتمام الكافي، ولكنها في واقع الأمر هامة جداً لصحة الطفل، وإن وضعية نوم الطفل هي مثال واضح على ذلك.
لقد بلغ الاهتمام الطبي في أميركا بهذا الأمر حداً كبيراً، لدرجة أن هناك حملة خاصة هدفها نشر (الوعي النومي) إن صح التعبير.
وقد لاقت هذه الحملة نجاحاً كبيراً، وخصوصاً أنها لم تعتمد على معتقدات سائدة، بل على دراسات طبية جدية تبنتها الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، وقامت ببناء توصياتها على أساسها.
وهذا الموضوع هو أيضاً مثال على ما يمكن أن يؤدي إلى توحيد الجهود وتضافرها للوصول إلى قرار طبي موحّد وسليم، فمنذ سنوات كانت هنالك خلافات، حتى بين الأطباء، بشأن الوضعية الملائمة لنوم الطفل.
ولم يكن من المستغرب منذ عشر سنوات مثلاً، أن يوصي الطبيبُ الأمَ بأن تترك طفلها ينام على بطنه، أما الآن فقد أصبح الأمر واضحاً لا لبس فيه.
ومع ذلك فهناك كلمة لابد من ذكرها، وهي أن الميزة الكبرى للعلم هو أنه يتطوّر وينمو، وبالتالي فإننا لا نعلم ما يمكن أن يأتي به المستقبل من توصيات طبية جديدة بشأن هذا الموضوع.
اقرأ أيضاً:
13 نصيحة لحماية رضعيك من الموت المفاجئ
كيف أتغلب على صعوبات نوم طفلي؟
عادات النوم الغريبة لدى الرضع وأسبابها
استشارات ذات صلة:
ما سبب غازات الرضيع وكيف نتعامل معها؟