هل شعرت يومًا بحكة مستمرة لا تختفي؟ وكلما خدشت الجلد أكثر زادت الحكة؟ قد تكون الحكة دون سبب واضح، وقد تبدو وكأنها ظاهرة نفسية، إلا أنها قد تكون عرضًا حقيقيًا عند الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد (MS). فمن الشائع أن يعاني الأشخاص المصابون بمرض التصلب العصبي المتعدد من اضطرابات حسية، ويمكن أن تتمثل هذه الاضطرابات في الشعور بالوخز، والحرقان، والألم العميق، أو الحكة. ويمكن في كثير من الأحيان أن تكون هذه الاضطرابات الحسية واحدة من العلامات المبكرة لمرض التصلب المتعدد.
سنتعرف في هذا المقال على مزيد من المعلومات حول الحكة المصاحبة لمرض التصلب المتعدد، وأسبابها، وكيفية علاجها.
ما هو مرض التصلب المتعدد (MS)؟
مرض التصلب العصبي المتعدد هو مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي، يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي للجسم الجهازَ العصبي المركزي دون سبب معروف.
فوفقًا لجمعية التصلب العصبي الدولية، يُعتقد أن هذا المرض يحدث بسبب رد فعل للعوامل البيئية لدى الأشخاص المعرضين وراثيًا لحدوث ذلك.
يهاجم الجهاز المناعي طبقةَ المايلين عن طريق الخطأ، والمايلين هي طبقة دهنية واقية التي تحيط ببعض الأعصاب، فعندما تتم مهاجمة هذا الغلاف، لا تتمكن الأعصاب من العمل بشكل طبيعي، مما يعطل انتقال الإشارات بين الدماغ وبقية الجسم.
تختلف أعراض المرض حسب مكان الضرر، ويمكن أن يسبب الإعاقة، فيمكن أن يسبب تدمير غلاف المايلين حدوث نبضات كهربائية شاذة تتسبب في اضطرابات حسية، كالإحساس بالوخز والتنميل عند مريض التصلب المتعدد.
وقد تكون الأعراض انتيابية (اضطرابات عصبية مؤقتة) وعابرةً، أكثر من أعراض هجمات التصلب العصبي المتعدد الشاملة. وتعدّ الحكة بشكل عام من الأعراض المزعجة للمرضى، وتتعد أسبابها، فقد تظهر بسبب واحد من الحالات الآتية:
- الاضطرابات الجلديَّة، مثل جفاف الجلد، والتهاب الجلد التحسسي (الأكزيما)، والعدوى الجلدية بالطفيليات، مثل الجرب والقمل.
- اضطرابات الجهاز العصبي.
- اضطرابات التنفس.
- الفشل الكلوي المزمن.
- اضطرابات نشاط الغدة الدرقية.
- تناول بعض الأدوية والمواد الكيميائيَّة.
بالنسبة إلى عديد من اضطرابات الحساسية الجلدية والجهازيَّة، تنجُم الحكَّة عن إفراز مادة الهستامين، وهي مادة كيميائية تُفرَزها خلايا مناعية في الجسم، وتُمارس دورًا في الاستِجابات التحسسية. فعندما يتم تحفيز هذه الخلايا المناعية بمواد مختلفة مسببة للحساسية، فإنها تفرز الهيستامين، مما يؤدي إلى ظهور العديد من الأعراض، بما في ذلك الحكَّة والالتهاب. وهناك عدد من المواد الكيميائية الأخرى التي تُفرَزها خلايا مناعية في الجسم أيضاً، وتلعب دورًا مهمّاً في الحكة، مثل إنزيمات البروتياز والسيتوكينات.
ما أسباب الحكة المصاحبة لمرض التصلب المتعدد؟
يُعتقد أن الحكة في هذا المرض هي اضطراب حسي لدى مرضى التصلب العصبي المتعدد، وكما هو الحال مع الأعراض الأخرى لمرض التصلب العصبي المتعدد، قد تظهر الحكة فجأة، وتحدث على شكل نوبات متقطعة أو مستمرة، فقد تستمر بضع دقائق، أو أكثر من ذلك بكثير.
وتختلف تلك الحكّة عن حكة الحساسية؛ لأن الحكة المرتبطة بمرض التصلب العصبي المتعدد لا تحدث مع طفح جلدي أو تهيج في الجلد.
قد تكون هناك أسباب أخرى للحكة المرتبطة بمرض التصلب العصبي المتعدد، فقد رُصِدت بعض حالات الحكة المصاحبِة لمرض التصلب المتعدد عند إعطاء بعض الأدوية عن طريق الحقن، فظهر تهيج مؤقت للجلد، وحكة في موضع الحقن.
وقد يؤدي رد الفعل التحسسي لبعض الأدوية، مثل الإنترفيرون، إلى الحكة، كما وُجد في بعض التجارب السريرية ظهورَ الإحساس بالحكة كأحد الآثار الجانبية الشائعة لمركبات ثنائي ميثيل فورمات (التيكفيديرا).
علاج الحكّة المصاحبة لمرض التصلب المتعدد
1. العلاج الدوائي
إذا كانت الحكة خفيفة، فلا داعي للعلاج، وغالبًا ما تختفي من تلقاء نفسها، كما أن العلاجات الموضعية التي لا تستلزم وصفة طبية ليست مفيدة لهذا النوع من الحكة.
أما إذا كانت الحكة شديدة أو طويلة الأمد، أو بدأت تتداخل وتؤثر على الحياة اليومية، فيفضل استشارة الطبيب، فوفقًا لجمعية التصلب العصبي الدولية، هناك بعض الأدوية التي قد تنجح في علاج هذا النوع من الحكة، وتشمل الأدوية المستخدمة في علاج الحكة الجلدية ما يلي:
- مضادات الاختلاج Anticonvulsants)) مثل: كاربامازيبين (تيجريتول)، وفينيتوين (ديلانتين)، وجابابنتين (نيورونتين)، وغيرها.
- مضادات الاكتئاب Antidepressents)) مثل: أميتريبتيلين (إيلافيل) وغيرها.
- مضادات الهيستامين Antihistaminics)) مثل: هيدروكسيزين (أتاراكس).
2. العلاجات الطبيعية أو التكميلية
يمكن أن تساعد ممارسة اليقظة الذهنية في تقليل التوتر، فقد يتَسَبّب الإجهاد والضغط العصبي في تفاقم الأعراض العصبية، وجعلها أسوأ. ونظرًا لأن حكة التصلب العصبي المتعدد هي أحد تلك الأعراض، فقد تساعد تمارين اليقظة الذهنية أيضًا في تقليل أعراض هذا النوع من الاضطرابات الحسية.
وفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، هناك بعض الأدلة الضعيفة على أن عِلم المنعكسات والمعالَجة الانعكاسية (Reflexology) قد يساعد في علاج الاضطرابات الحسية المختلفة، والتنميل، والوخز، والتي قد تكون مصاحبة لحالات التصلب المتعدد، وقد يساعد العلاج بالتنويم المغناطيسي أيضًا في تقليل التعب، والإجهاد المرتبط بمرض التصلب العصبي المتعدد.
3. تغيير نمط الحياة
لا توجد أي تغييرات محددة في نمط الحياة يوصي بها الأطباء لعلاج الحكة في مرض التصلب العصبي المتعدد، إلا أن هناك بعض التغييرات التي قد تساعد في تقليل الأعراض العامة لمرض التصلب العصبي المتعدد، وتشمل هذه التوصيات الطبية لمرضى التصلب المتعدد:
- تناول نظام غذائي غني بمعظم العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن المهمة للجسم.
- الانخراط في إعادة التأهيل، بما في ذلك العلاج الطبيعي والمهني.
- اتباع خطة تمارين موصى بها من قبل طبيب العلاج الطبيعي وفقًا لدرجة ومكان الإصابة والإعاقة.
- الحصول على تدليك للاسترخاء.
- قد تساعد إدارة الأعراض العامة في علاج هذا النوع من الحكة.
وختامًا،
- نعلم أن الحكة المرتبطة بمرض التصلب العصبي المتعدد مزعجة ومشتِّتة للانتباه. ومع ذلك، فإنها لا تشكل خطرًا على المدى الطويل.
- قد توَلِّد الحكة رغبة قوية في الحك، ولكنْ في الواقع، يمكن أن تزيد من الشعور بالحكة، والدخول في دائرة مفرغة. يمكن للخدش الشديد أن يصيب طبقة الجلد السطحية ويتلفها، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالعدوى.
- ولكنّ الخبر السار هو أنه في معظم الحالات لا يلزم العلاج، إذ تهدأ الأعراض من تلقاء نفسها.
- ومع ذلك، إذا كانت الحكة مصحوبة بطفح جلدي خارجي، أو بتهيج واضح في الجلد، فعليك استشارة الطبيب، فقد يكون هذا علامة على رد فعل تحسسي أو عدوى، وربما لا يكون مرتبطًا بمرض التصلب العصبي المتعدد.
المصادر:
1- https://www.healthline.com/health/multiple-sclerosis-itching
2- https://www.nationalmssociety.org/What-is-MS/Definition-of-MS