هنالك أمراض تحيّر الطبيب والمريض بسبب طبيعة أعراضها، وأخرى تؤدّي لصعوبات نتيجة لعدم توفّر علاج حاسم لها، وهنالك أمراض تؤدّي للتشوّش بسبب كثرة الأسماء التي تطلق عليها، ومنها المرض الذي سنتناوله في مقالنا هذا.
بعض الناس يسمونها (حمى قبرص) وآخرون يسمونها (حمى جبل طارق) وفي أوروبا تسمّى (حمى نابولي) وفي بقاع أخرى تعرف باسم (حمى البحر المتوسط غير العائلية)، ويطلق عليها المزارعون في بلدان مختلفة من العالم اسم (حمى الماعز) وأما علماء الأمراض الإنتانية والجراثيم فيعرفونها باسم (داء البروسيلا) Brucellosis وهنالك أسماء كثيرة أخرى.
وسنعتمد في هذه المقال اسم (الحمى المالطية) لأن أغلب الأطباء والمرضى في بلادنا يعرفونها بهذا الاسم.
* الحمى المالطية
إن هذا المرض يختلف بين الكبار والأطفال، ففي الأطفال هو عبارة عن مرض عابر محدد لذاته، بينما قد يتحوّل في الكبار إلى مرض مزمن، وإن كان الأمر يعتمد على نوع الجرثومة المسببة، حيث إن هنالك أربعة أنواع من جراثيم الحمى المالطية (البروسيلا) وكل منها له خصائص.
* طبيعة المرض
إن الحمى المالطية هي عبارة عن مرض يصيب الحيوانات في الأصل، سواء الحيوانات البرية أو الداجنة، ويعتبر الإنسان (مضيفاً عابراً) لجراثيم هذا المرض، ويصاب من خلال التماس مع الحيوانات المصابة أو مفرزاتها أو استهلاك لحومها وألبانها وأجبانها غير المبسترة.
وبطبيعة الحال يزيد الخطر عند أولئك الذين تتطلّب أعمالهم التماس مع الحيوانات بشكل مستمر كعمال المزارع والبيطريين وعمال اللحوم.
وتتنوّع طرق انتقال الجرثومة سواء من خلال التماس مع جرح مفتوح لدى المصاب أو من خلال استنشاق الجراثيم أو الطريق الفموي المتمثل بتناول اللحوم والألبان، وحتى من خلال تماس الجراثيم مع ملتحمة العين، كما أن انتقال المرض من إنسان إلى آخر يحصل ولكنه نادر جداً.
* الأعراض
إن أعراض الحمى المالطية غير نوعية، وهي تشمل ارتفاع الحرارة والتعرّق الليلي والضعف والآلام العضلية ونقص الشهية والوزن وآلام المفاصل والألم البطني والصداع، وقد يحصل تضخم في العقد اللمفاوية والكبد والطحال.
وفي حالات نادرة قد تحصل مضاعفات خطرة كالتهاب السحايا والتهاب شغاف القلب والتهاب العظم والنقي، ولكن هذا التنوع في الأعراض وعدم وجود أعراض نوعية يؤدي في الكثير من الأحيان إلى صعوبات تشخيصية. حيث إن هذه الأعراض هي مشتركة بين الكثير من الأمراض، فارتفاع الحرارة والآلام العضلية وغيرها قد تجعل الطبيب يشتبه بوجود الإنفلونزا مثلاً.
كما أن تضخم العقد اللمفاوية والكبد والطحال قد يوجّه الطبيب إلى الأمراض الدموية والسرطانية، أما المضاعفات النادرة كالتهاب الشغاف والتهاب السحايا، فإنها تأخذ الطبيب بعيداً جداً عن التشخيص، ومن هنا تأتي أهمية الحصول على قصة مرضية دقيقة وفحص مخبري خاص للوصول إلى التشخيص.
* الانتشار
ليست الحمى المالطية داءً واسع الانتشار في العالم الغربي، ففي الولايات المتحدة ــ على سبيل المثال ــ هنالك 100 حالة فقط في كل عام، منها 10 حالات تحت عمر 19 سنة. وبالتالي فهي تعتبر داءً نادراً.
ويضاف إلى ذلك أن معظم الحالات الحاصلة تحدث بعد السفر إلى البلدان الموبوءة بالمرض. أما في الدول النامية فلا يزال المرض موجوداً وإن كانت الإحصاءات في تلك البلدان غير كافية لتعطي أرقاماً محددة.
* فترة الحضانة
تختلف فترة الحضانة من أسبوع إلى عدة أشهر، ولكن في معظم الحالات فإنها تتراوح بين 3 و4 أسابيع.
* التشخيص
إن التشخيص يعتمد كما قلنا على وجود قصة سريرية تؤدي إلى البحث في الاتجاه الصحيح. فالتماس مع الحيوانات هو مفتاح هام يوجّهنا للتفكير في المرض، وهنالك العديد من الفحوص المخبرية التي تعطي التشخيص، أكثرها دقّة هو زرع الدم، وأسرعها هو الفحوص المصلية.
* المعالجة
إن المعالجة المطوّلة بالمضادات الحيوية هي أمر لا بد منه للوصول إلى الشفاء، ولا بدّ من إتمام الفترة الكاملة للمعالجة الدوائية تماماً كما يصفها الطبيب، وهو أمر بالغ الأهمية في أي مرض.
ويمكن أن نعالج هذا الداء بدواء (دوكسيسيكلين) أو (تتراسيكلين) في المرضى الذين تجاوز عمرهم 8 سنوات لأن التتراسيكلين يؤدي إلى تلوّن الأسنان باللون الأصفر في الأطفال الصغار، وهنالك أدوية أخرى بديلة قد يصفها الطبيب مثل (الباكتريم) الذي يمكن أن نحصل من خلاله على نتائج جيّدة أيضاً.
* التخلّص من المرض
إن استئصال شأفة الأمراض التي تصيب الحيوانات والإنسان مثل الحمى المالطية يعتمد على اتخاذ إجراءات صحية شاملة تبدأ بالحيوانات ومعالجتها من خلال مراقبة بيطرية شاملة للمزارع وأماكن ذبح الحيوانات وتحضير لحومها، وتمتد إلى أساليب تعقيم الألبان والأجبان وتطوير أساليب البسترة في المعامل، ومنع التسويق غير القانوني للحوم والألبان والأجبان.
لقد تمكّن العالم الغربي من التخلّص تقريباً من هذا المرض من خلال اتباع هذه الوسائل الصحية الأساسية. وللأسف ففي البلدان النامية ومنها البلدان العربية، فإن الرقابة على هذه الأمور لم تصل إلى الوضع المثالي بعد نتيجة لعدم وجود التعاون بين الهيئات الصحية التي تعمل كل منها بشكل منفرد.
إن داء الحمى المالطية هو مثال حي على المرض الذي لا يتم التخلّص منه بالدواء فقط ولكن بالتعاون بين جميع الهيئات الصحية للقضاء على مرض يبدأ عند الحيوانات وينتقل إلى الإنسان بطرق مختلفة.
اقرأ أيضا:
الوقاية من الحمى التيفودية
أسباب ومضاعفات الحمى التيفودية
8 أخطاء شائعة تضر بسلامة غذائك
أعراض التسمم الغذائي وأسبابه
أول قائمة دولية للبكتيريا الخطيرة
كيف تقي نفسك من الإسهال؟
عن السالمونيلا والتيفوئيد
الحمية المدروسة وحدها قد تعالج الإسهال
بعض الناس يسمونها (حمى قبرص) وآخرون يسمونها (حمى جبل طارق) وفي أوروبا تسمّى (حمى نابولي) وفي بقاع أخرى تعرف باسم (حمى البحر المتوسط غير العائلية)، ويطلق عليها المزارعون في بلدان مختلفة من العالم اسم (حمى الماعز) وأما علماء الأمراض الإنتانية والجراثيم فيعرفونها باسم (داء البروسيلا) Brucellosis وهنالك أسماء كثيرة أخرى.
وسنعتمد في هذه المقال اسم (الحمى المالطية) لأن أغلب الأطباء والمرضى في بلادنا يعرفونها بهذا الاسم.
* الحمى المالطية
إن هذا المرض يختلف بين الكبار والأطفال، ففي الأطفال هو عبارة عن مرض عابر محدد لذاته، بينما قد يتحوّل في الكبار إلى مرض مزمن، وإن كان الأمر يعتمد على نوع الجرثومة المسببة، حيث إن هنالك أربعة أنواع من جراثيم الحمى المالطية (البروسيلا) وكل منها له خصائص.
* طبيعة المرض
إن الحمى المالطية هي عبارة عن مرض يصيب الحيوانات في الأصل، سواء الحيوانات البرية أو الداجنة، ويعتبر الإنسان (مضيفاً عابراً) لجراثيم هذا المرض، ويصاب من خلال التماس مع الحيوانات المصابة أو مفرزاتها أو استهلاك لحومها وألبانها وأجبانها غير المبسترة.
وبطبيعة الحال يزيد الخطر عند أولئك الذين تتطلّب أعمالهم التماس مع الحيوانات بشكل مستمر كعمال المزارع والبيطريين وعمال اللحوم.
وتتنوّع طرق انتقال الجرثومة سواء من خلال التماس مع جرح مفتوح لدى المصاب أو من خلال استنشاق الجراثيم أو الطريق الفموي المتمثل بتناول اللحوم والألبان، وحتى من خلال تماس الجراثيم مع ملتحمة العين، كما أن انتقال المرض من إنسان إلى آخر يحصل ولكنه نادر جداً.
* الأعراض
إن أعراض الحمى المالطية غير نوعية، وهي تشمل ارتفاع الحرارة والتعرّق الليلي والضعف والآلام العضلية ونقص الشهية والوزن وآلام المفاصل والألم البطني والصداع، وقد يحصل تضخم في العقد اللمفاوية والكبد والطحال.
وفي حالات نادرة قد تحصل مضاعفات خطرة كالتهاب السحايا والتهاب شغاف القلب والتهاب العظم والنقي، ولكن هذا التنوع في الأعراض وعدم وجود أعراض نوعية يؤدي في الكثير من الأحيان إلى صعوبات تشخيصية. حيث إن هذه الأعراض هي مشتركة بين الكثير من الأمراض، فارتفاع الحرارة والآلام العضلية وغيرها قد تجعل الطبيب يشتبه بوجود الإنفلونزا مثلاً.
كما أن تضخم العقد اللمفاوية والكبد والطحال قد يوجّه الطبيب إلى الأمراض الدموية والسرطانية، أما المضاعفات النادرة كالتهاب الشغاف والتهاب السحايا، فإنها تأخذ الطبيب بعيداً جداً عن التشخيص، ومن هنا تأتي أهمية الحصول على قصة مرضية دقيقة وفحص مخبري خاص للوصول إلى التشخيص.
* الانتشار
ليست الحمى المالطية داءً واسع الانتشار في العالم الغربي، ففي الولايات المتحدة ــ على سبيل المثال ــ هنالك 100 حالة فقط في كل عام، منها 10 حالات تحت عمر 19 سنة. وبالتالي فهي تعتبر داءً نادراً.
ويضاف إلى ذلك أن معظم الحالات الحاصلة تحدث بعد السفر إلى البلدان الموبوءة بالمرض. أما في الدول النامية فلا يزال المرض موجوداً وإن كانت الإحصاءات في تلك البلدان غير كافية لتعطي أرقاماً محددة.
* فترة الحضانة
تختلف فترة الحضانة من أسبوع إلى عدة أشهر، ولكن في معظم الحالات فإنها تتراوح بين 3 و4 أسابيع.
* التشخيص
إن التشخيص يعتمد كما قلنا على وجود قصة سريرية تؤدي إلى البحث في الاتجاه الصحيح. فالتماس مع الحيوانات هو مفتاح هام يوجّهنا للتفكير في المرض، وهنالك العديد من الفحوص المخبرية التي تعطي التشخيص، أكثرها دقّة هو زرع الدم، وأسرعها هو الفحوص المصلية.
* المعالجة
إن المعالجة المطوّلة بالمضادات الحيوية هي أمر لا بد منه للوصول إلى الشفاء، ولا بدّ من إتمام الفترة الكاملة للمعالجة الدوائية تماماً كما يصفها الطبيب، وهو أمر بالغ الأهمية في أي مرض.
ويمكن أن نعالج هذا الداء بدواء (دوكسيسيكلين) أو (تتراسيكلين) في المرضى الذين تجاوز عمرهم 8 سنوات لأن التتراسيكلين يؤدي إلى تلوّن الأسنان باللون الأصفر في الأطفال الصغار، وهنالك أدوية أخرى بديلة قد يصفها الطبيب مثل (الباكتريم) الذي يمكن أن نحصل من خلاله على نتائج جيّدة أيضاً.
* التخلّص من المرض
إن استئصال شأفة الأمراض التي تصيب الحيوانات والإنسان مثل الحمى المالطية يعتمد على اتخاذ إجراءات صحية شاملة تبدأ بالحيوانات ومعالجتها من خلال مراقبة بيطرية شاملة للمزارع وأماكن ذبح الحيوانات وتحضير لحومها، وتمتد إلى أساليب تعقيم الألبان والأجبان وتطوير أساليب البسترة في المعامل، ومنع التسويق غير القانوني للحوم والألبان والأجبان.
لقد تمكّن العالم الغربي من التخلّص تقريباً من هذا المرض من خلال اتباع هذه الوسائل الصحية الأساسية. وللأسف ففي البلدان النامية ومنها البلدان العربية، فإن الرقابة على هذه الأمور لم تصل إلى الوضع المثالي بعد نتيجة لعدم وجود التعاون بين الهيئات الصحية التي تعمل كل منها بشكل منفرد.
إن داء الحمى المالطية هو مثال حي على المرض الذي لا يتم التخلّص منه بالدواء فقط ولكن بالتعاون بين جميع الهيئات الصحية للقضاء على مرض يبدأ عند الحيوانات وينتقل إلى الإنسان بطرق مختلفة.
اقرأ أيضا:
الوقاية من الحمى التيفودية
أسباب ومضاعفات الحمى التيفودية
8 أخطاء شائعة تضر بسلامة غذائك
أعراض التسمم الغذائي وأسبابه
أول قائمة دولية للبكتيريا الخطيرة
كيف تقي نفسك من الإسهال؟
عن السالمونيلا والتيفوئيد
الحمية المدروسة وحدها قد تعالج الإسهال