* بداية الرحلة
تبدأ رحلة الدواء باكتشاف العلماء لأهداف حيوية بجسم الإنسان ذات صلة بأمراض معينة، والتي يمكن عند التأثير عليها إحداث أثر علاجي، ليقوم العلماء بعد ذلك بتجربة آلاف المركبات الكيميائية التي يمكنها التأثير على هذا الهدف، وذلك بغرض اختيار قلة منها يمكنها التأثير بالشكل العلاجي المطلوب، لتنتقل تلك المركبات الواعدة التي يمكن أن تتطور لدواء جديد إلى المرحلة التالية.
* المرحلة الثانية: التعديل الكيميائي
يتم إخضاع تلك القلة المنتقاة من المركبات إلى العديد من التجارب بهدف تعديلها كيميائيا لتكون في صورة أكثر صلاحية للاستخدام كدواء داخل الجسم، ثم يتم دراسة تلك المركبات بشكل مستفيض لمعرفة كيف سيتعامل جسم الإنسان معها، بجانب اختيار الشكل الصيدلاني الأمثل والجرعات المبدئية المناسبة لتلك المركبات، وبنهاية تلك المرحلة يستبعد عدد آخر من المركبات، لتستكمل البقية رحلتها لتصير دواء يوما ما.
* المرحلة الثالثة: التجارب ماقبل السريرية
تواصل المركبات الدوائية المتبقية رحلتها ببلوغها مرحلة التجارب ما قبل السريرية، حيث يتم إجراء عدد من التجارب المعملية باستخدام عينات من الخلايا والأنسجة المعزولة من الحيوانات أو البشر لتحديد سمية تلك المركبات، بالإضافة إلى ذلك يتم إجراء تجارب على الحيوانات الحية كالفئران والأرانب والقرود لدراسة كيف ستعمل تلك الأدوية داخل الكائنات الحية، ولضمان أمانها بنسبة كبيرة قبيل اختبارها في البشر.
* المرحلة الرابعة: التجارب السريرية
الخطوة الأهم في رحلة الدواء الجديد هي مرحلة التجارب السريرية، وهي التجارب والدراسات التي يتم إجراؤها على البشر، ذلك أن كل التجارب السابقة - للأسف - لا تغني عن إجراء تجارب على البشر، بهدف فهم التأثير الحقيقي لهذا المركب داخل جسم الإنسان، ومن هنا تكتسب تلك التجارب أهميتها البالغة، وبالطبع عند إجراء تلك التجارب هناك العديد من الأطر الأخلاقية والقانونية شديدة الصرامة لحماية المشاركين فيها وضمان سلامتهم.
- المرحلة الأولى من التجارب السريرية
تنقسم التجارب السريرية إلى ثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى يتم فيها اختبار المركب الدوائي على عدد صغير من المتطوعين الأصحاء لا يربو على 100 لدراسة حركة الدواء المرشح داخل أجسامهم، وللتأكد من صدق نتائج التجارب التي تم إجراؤها على الحيوانات سابقا، وخلال تلك المرحلة التي تستغرق عدة شهور يتم أيضا تحديد الشكل الدوائي الأكثر ملاءمة لهذا الدواء.
- المرحلة الثانية من التجارب السريرية
ينتقل الدواء المرشح - حال نجاحه في المرحلة الأولى - للمرحلة الثانية التي يتم فيها تجربته على متطوعين مرضى يقدر عددهم بين 100 و 500 متطوع بغرض التأكد من تأثيره العلاجي، وتحديد إذا ما كان يمتلك أعراضا جانبية خطيرة أم لا، بالإضافة إلى تحديد مقدار جرعته المثالية، وتستغرق تلك المرحلة عدة أشهر قد تصل إلى سنتين على أقصى تقدير.
- المرحلة الثالثة من التجارب السريرية
بعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة من التجارب السريرية والتي تعد أهم وأطول مراحل تطوير الأدوية الجديدة، حيث يتم فيها تجربة الدواء الجديد بالجرعات العلاجية المفترضة على عدد ضخم من المرضى يصل إلى عدة آلاف، وذلك لضمان فعاليته وأمانه كمركب ذي خواص علاجية، وتستغرق تلك المرحلة الفارقة فترة طويلة للغاية تبلغ عدة سنوات.
* المرحلة الخامسة: الموافقة على طرح الدواء في الأسواق
في حال اجتياز المركب الدوائي كل التجارب السابقة بنجاح تتقدم الشركة المصنعة لهذا الدواء بطلب للموافقة على طرحه في الأسواق للهيئات الصحية المعنية بهذا الأمر، الدولية منها والمحلية على السواء، وخلال هذا الطلب يتم إلزام المصنع بتقديم كل نتائج أبحاثه ودراساته وتجاربه عن الدواء ليتم إجازته، وعادة ما تستغرق تلك العملية سنة واحدة، يتم بعدها طرح الدواء في الصيدليات وتعريف الأطباء به ليستخدم كعلاج.
إن تلك الرحلة عادة ما تستغرق 10 سنوات قد تصل إلى 15 سنة، وتتكلف ما بين مليار ومليار ونصف المليار من الدولارات، وتبدأ تلك الرحلة بأكثر من 10 آلاف مركب محتمل تصل إلى 9 مركبات فقط عند بداية التجارب السريرية، لنحصل في النهاية على مركب دوائي جديد واحد فقط متاح للاستخدام بتلك السهولة وبفعالية وأمان مضمونين.