نَسمع كثيرًا عن الدَّورة الدموية في جسم الإنسان، ونَعرف أن دَورة الدم الطبيعية في الجسم أساسيةٌ لاستمرار حياة الإنسان، فإذا توقَّفت الدّورة الدموية، لا تتمكّن خلايا الجسم من الحصول على الأوكسجين والمواد اللازمة لنشاطها الحيوي، كما تتراكَم في الخلايا نواتِج نشاطاتها الحيوية المختلفة، مما يؤدي إلى موتِها.
ولكن، هل هناك دَورات أخرى في جسم الإنسان، وفي الكائنات الحيّة بشكل عام؟ هل تخضَع مكوّنات أجسامنا باستمرار إلى التغيّر في دَورة مستمرة؟ أم أنّ مكوّنات أجسامنا ثابتة فيها منذ الولادة حتى الوفاة؟
أظهَر العِلم على مدَى القرون الأخيرة، وجودَ دَورات عديدة في أجسامنا، وأنّ تركيب جسم الإنسان ليس ثابتًا، بل يتغيّر ويتجدّد باستمرار. سنَستعرِض هنا بعض هذه الدّورات المهمة لحياتنا.
دورة الماء
لعل دَورة الماء في أجسامنا هي مِن أكثر هذه الدّورات وضوحًا وأهمية، فكلنا نعرف جيدًا أهمية شرب الماء، وإزعاج الشعور بالعطش، وضرورة خروج الماء في البول، والانزعاج الشديد الذي يَحدث عند احتِباس البول. فكيف تتم دَورة الماء في أجسامنا على وَجه التحديد؟
يدخل الماء إلى الجسم عن طريق الفم، ويتم امتصاصه إلى الدم فورًا من البطانة الداخلية للفم والحَلق والمعدة والأمعاء والقولون ... يشكّل الماء حوالي 60 بالمئة من مكونات الدم أو أكثر، ويَمنح الماءُ الدمَ سيولته المعروفة، ويَسمح للدم بالتدفّق عَبر الأوعية الدموية والشعيرات الدموية والوصول إلى كافة خلايا الجسم.
إذًا، يدخل الماء إلى أجسامنا عَبر جهازنا الهضمي، ولكننا نراه خارجًا مع البول عَبر جهازنا البولي، فما هي الصِّلة بينهما؟ وكيف يَنتقل الماء مِن الأمعاء إلى الكليتَين؟ طبعًا يتم ذلك من خلال الدورة الدموية، فعندما يَصل الدم إلى الكليتَين، تتم تصفيته وتخليصه من الماء الزائد عن حاجَة الجسم، ويُطرح الماء الزائد مع البول إلى خارج الجسم ثانية. الماء ضروري جدًّا لِعمل الكليتَين في تصفية الدم وتخليص الجسم من نواتج نشاطاته الحيوية المختلفة، خاصة البولة، وحمض البول، والحموض الزائدة، وبعض الشوارد مثل الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم ... إذ تَستخدِم الكليتان الماءَ في عملية "غسل" الدم لتنظيفه من الفضلات الزائدة ونواتج النشاطات الحيوية المختلفة التي تُنتجها خلايا الجسم، والتي تَنتقل إلى الكليتَين باستمرار عَبر الدورة الدموية.
السائل اللمفاوي
هناك دورة أخرى صغيرة للماء في الجسم تَسري في الجهاز اللمفاوي الذي يتألف من أوعية دقيقة، تتفرّع في كافة أنحاء الجسم، وتَنقل السوائل التي تَرشح من الشُّعيرات الدموية إلى أنسِجة الجسم بين الخلايا. هذه الكمية الصغيرة من السوائل التي تَخرج من الدم إلى ما حول خلايا الجسم تُسمّى السائل اللمفاوي، وهو سائل يكاد يكون شفافًا، ولذلك لا نَرى الأوعية اللمفاوية إلا إذا أصيبَت بالتهابات أو أمراض.
يُحافِظ السائل اللمفاوي على رطوبة الخلايا، ويُساهِم في نَقل الماء والشوارد وبعض المواد المغذّية إليها، كما يلعَب دورًا مهمّا في الدفاع ضد الجراثيم والمواد الغريبة التي قد تتسرّب إلى داخل الجسم، وذلك لأنّ السائل اللمفاوي غنيّ جدًّا بخلايا مناعية خاصة تُسمى الخلايا اللمفاوية، والتي تقوم بوظائف عديدة في الدفاع عن الجسم.
تمرّ الأوعية اللمفاوية بمراكز تَجمُّع هي العقَد اللمفاوية (أو البلغمية) التي تتألف من تجمُّعات كثيفة من الخلايا اللمفاوية، وتَعمل كأنها مراكز دفاع، أو قلاع وحصون يتم فيها القضاء على الجراثيم التي تَدخل إلى الجسم. تتوزّع العقَد اللمفاوية في كافة أنحاء الجسم، خاصة تحت الإبطَين، وخلف الركبتَين، وفي الرقبة، كما يُعتبر الطحال جزءًا مهمًّا من أجزاء الجهاز اللمفاوي. تتجمَّع الأوعية اللمفاوية الصغيرة إلى أوعية أكبر وأكبر، حتى تَصبّ في أكبر وعاء لمفاوي في الجسم، وهو القناة الصدرية، التي تَصبُّ في الوريد تحت الترقوي الأيسر، وتكتمل دَورة السائل اللمفاوي في الجسم بعودته من جديد إلى الدورة الدموية.
ربما لا يَعرف معظمنا كثيرًا من التفاصيل عن الجهاز اللمفاوي، ولكننا نَشعر بوجوده عندما يصاب هذا الجهاز ببعض الأمراض، مثل الالتهابات الجرثومية التي قد تظهَر بشكل تضخّم مؤلم في بعض العقَد اللمفاوية، أو إصابته بديدان الفيلاريا التي تسبّب انسدادات في الأوعية اللمفاوية، فيتجمّع السائل اللمفاوي في الأنسجة، ويظهَر ذلك بشكل وَذمة في الطرفَين السفليَين أو في الذِّراع أحيانًا بعد عملية استئصال الثدي وإزالة العقَد البلغمية تحت الإبط. وقد تصاب الخلايا اللمفاوية بأورام خبيثة فيَحدث مرض الليمفوما بأنواعه العديدة.
هل البول هو الطريقة الوحيدة لإخراج الماء من الجسم؟
كلا، بل يَخرج الماء من أجسامنا أيضًا مع العرَق، وفي هواء الزفير. تقوم ملايين الغدد العرَقية الموجودة في الجِلد بالتخلص من الماء الزائد خلال عملية التعرّق، خاصة في الأيام الحارة وأثناء ممارسة الرياضة، لأن عملية التعرّق تُساعِد على تخفيض حرارة الجسم أيضًا. كما يتخلَّص الجسم من بعض نواتج نشاطاتنا الحيوية عن طريق العرَق أيضًا، مثل الصوديوم والبولة وحمض البول.
كما يَخرج الماء من أجسامنا مع هواء الزفير الخارج من الرئتَين بشكل بخار الماء عَبر الفم والأنف، ونرَى ذلك بوضوح في الأيام الباردة عندما ننفخ الهواء الخارج من الفم والأنف على زجاج نافذة. وهكذا يحتاج الجسم إلى شرب الماء دائمًا، وإلى طَرح البول لكي تستمرّ دَورة الماء في أجسامنا، وتستمر الحياة.
دورة الأوكسجين
في الحقيقة، هناك دورَتان للأوكسجين في أجسامنا: دَورة خارجية نراها بوضوح في عملية التنفس (الشهيق والزفير)، ودَورة داخلية أكثر غموضًا وأهمية، تَحدث باستمرار داخل كل خلية من خلايا أجسامنا، بل داخل كل خلية حيّة في كوكب الأرض، نباتيةً كانت أو حيوانية.
دورة الأوكسجين الخارجية (التنفس الخارجي)
يَدخل الأوكسجين إلى الرئتين في هواء الشهيق، إذ يشكّل عنصر الأوكسجين نحو 21 بالمئة من تركيب الهواء على كوكب الأرض. يمرّ الأوكسجين أثناء عملية الشهيق مِن الأنف، وربما عَبر الفم أحيانًا، ويَدخل عَبر الرُّغامَى التي تتفرَّع مثل فروع شجرة غزيرة إلى القصبات الهوائية داخل الرئتَين.
تنتهي القصبات الهوائية بكهوف صغيرة جدًّا تمنَح الرئتَين قوامَهما الإسفنجي المعروف. تُسمى هذه الكهوف الانتهائية باسم الأسناخ الرئوية، وهي عبارة عن بالونات أو تجاويف صغيرة جدًّا، ذات جدران رقيقة جدًّا لا تتجاوز سماكتها سماكةَ خليّة واحدة أحيانا. تُحيط بالأسناخ الرئوية شبكَة واسعة من الشعيرات الدموية الغزيرة والرقيقة، وهي التي تُعطي الرئتَين لونَها الزهري المألوف.
تتم في الأسناخ الرئوية عملية تبادل الغازات، وهي التنفس الخارجي، حيث يمرّ أوكسجين الهواء من الأسناخ الرئوية، إلى الدم الموجود في الأوعية الشعرية التي تُحيط بها. كما يمرّ غاز ثاني أوكسيد الكربون (غاز الفحم) من الشعيرات الدموية إلى الأسناخ الرئوية، ويمر إليها أيضًا بخار الماء. يَخرج ثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء مع هواء الزفير إلى خارج الجسم، بينما يَنتقل الأوكسجين مع الدم إلى كافة خلايا الجسم.
يتم تبادل هذه الغازات عَبر جدران الأسناخ الرئوية الرقيقة جدًّا، إلا إذا أُصيبَت الرئة بأمراض تُعيق ذلك، مثل الالتهابات البكتيرية أو الفيروسية، أو الوَذمة الرئوية، التي تَجعل نفوذ هذه الغازات عَبر جدران الأسناخ الرئوية صعبًا، مما يؤدي إلى نَقص وصول الأوكسجين إلى الدم، وتراكُم ثاني أوكسيد الكربون فيه، فيَشعر المريض بضيق التنفس، وقد يشكّل ذلك خطرًا على حياته إذا كان نقصُ الأوكسجين شديدًا.
دورة الأوكسجين داخل الخلايا (التنفس الداخلي)
لعل هذه الدَّورة في جسم الإنسان، وفي كافة الخلايا الحيّة عمليًّا، هي أكثر الدورات أهميةً وتأثيرًا على الحياة في كوكب الأرض. عنصر الأوكسجين هو عنصر نشيط جدًّا من الناحية الكيميائية، وهو يسبّب تفاعلات كثيرة مع معظم العناصر الكيميائية الأخرى، ربما ما عَدا الذهب وبعض العناصر الثقيلة النادرة.
يُسمّى تفاعل الأوكسجين مع العناصر الكيميائية بعملية الأكسَدَة Oxidation، ويظهَر تأثيرها بوضوح في احتراق الخشب مثلًا، وفي صدأ الحديد، وهي تفاعل كيميائي قوي ومنتشر في الطبيعة؛ لأنّ الأوكسجين يشكّل نحو 21 بالمئة من الهواء. تحتاج الغالبية العظمى من الكائنات الحية في كوكب الأرض إلى عنصر الأوكسجين الضروري لحياتها، وتموتُ إذا لم يتوفّر الأوكسجين، فلماذا يَحدث ذلك؟ وما هي أهمية الأوكسجين للخلايا الحيّة؟
كيف تحصل الخلايا الحيّة على الطاقة؟
من الناحية الكيميائية، الحياة هي سلسلة منضَبطِة من التفاعلات الكيميائية التي تحتاج باستمرار إلى الطاقة، وكأن الخلية الحيّة هي محرّك يَستخرج ويحرّر الطاقة الكيميائية الموجودة في الغذاء بِحَرق سكّر الغلوكوز بالأوكسجين بنوعٍ من الاحتراق الداخلي البطيء المنضَبِط.
تتم عملية الاحتراق الداخلي البطيء هذه في أعضاء دقيقة مجهرية توجَد في كافة الخلايا الحيّة التي تعتمد على الأوكسجين للحصول على الطاقة اللازمة لحياتها. تُسمّى هذه الأعضاء المجهرية مولِّدات الطاقة (أو الميتوكوندريا Mitochondria)، وهي بمثابة مولِّدات (دينامو) تَستخرِج الطاقة من المواد المغذّية، خاصة السُّكَّر، عَبر سلسلة من التفاعلات الكيميائية المنضَبطة، ووجود الأوكسجين. تُسمّى سلسلة تفاعلات "حَرق" السكّر في الخلايا الحية بدائرة أو حَلقة كريبس Krebs Cycle، نسبةً إلى مكتشِفها العالِم الألماني هانز كريبس Hans Krebs (1900-1981) الذي حصَل على جائزة نوبل سنة 1953 بسبب هذا الاكتشاف. تُنتِج مولِّداتُ الطاقة (الميتوكوندريا) الطاقةَ الكيميائية التي تحتاج إليها جميع التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا الحيّة بكافة أنواعها.
يَصل السُّكَّر إلى مولِّدات الطاقة داخل الخلية، ويتم "حَرقه" وتفكيكه فيها عَبر سلسلة التفاعلات الكيميائية في حلقة كريبس بوجود الأوكسجين. تَحصل الخلية بذلك على الطاقة التي تحتاج إليها جميع التفاعلات الكيميائية اللازمة للقيام بوظائفها وللبقاء على قيد الحياة.
إضافةً إلى هذه الطاقة، يَنتج عن حَلقة كريبس جزئيات من الماء وغاز ثاني أوكسيد الكربون يتم التخلّص منها إلى خارج الخليَة، وتُطرح عَبر الدورة الدموية إلى خارج الجسم. وهكذا تتمّ دَورة الأوكسجين داخل الخلايا. وهكذا نَعرف أنه إذا انقطَع وصول الأوكسجين إلى خلايا الجسم، تتوقّف دورة حَلقة كريبس، ويتوقّف إنتاج الطاقة في الخلايا، وتتوقّف حياتها.
دورة ثاني أوكسيد الكربون (غاز الفحم)
دورة غاز ثاني أوكسيد الكربون لها علاقة وثيقة بدَورة الأوكسجين. يَنتج ثاني أوكسيد الكربون عن كثير من التفاعلات الحيوية داخل الخلايا، وإذا تراكَم فيها، فإنه يسبّب زيادة في دَرجة حموضَتها، مما يؤدي إلى اضطراب التفاعلات الكيميائية، وإلى وفاة الخلية.
لذا، يجب أن يَخرج من الخلية، وذلك بأن يَنتقل عَبر جِدار الخَلية إلى الدورة الدموية. يَنتقل غاز ثاني أوكسيد الكربون بشكلٍ ذائب في سوائل الجسم، ويَمرّ في الدم ذائبًا في البلازما. يكون لَون الدم المحمَّل بثاني أوكسيد الكربون أحمَر داكنًا، ويَنتقل في الأوردة إلى الأذَين الأيمن في القلب، ثم يمرّ عَبر البطين الأيمن إلى الشريان الرئوي، ويتوزّع في فروعه إلى الشُّعيرات الدموية التي تُحيط بالأسناخ الرئوية. يتم تبادل ثاني أوكسيد الكربون عَبر الجدران الرقيقة للأسناخ الرئوية، ويتم طَرحُه إلى خارج الجسم مع هواء الزفير.
يَلعَب ثاني أوكسيد الكربون الذائب في الدم وفي سوائل الجسم دَورًا مهمًا في حفظ التوازن الحامضي-القلوي ثابتًا داخل الجسم. وتَعتمد إحدى آليات حِفظ التوازن الحامضي-القلوي في الجسم على طَرح ثاني أوكسيد الكربون مع هواء الزفير وفي البول، أو الاحتفاظ به حسبما تقتضيه الحاجة لِحفظ هذا التوازن الضروري لِعمل كافة الإنزيمات في خلايا الجسم. تُنظِّم الإنزيمات معظم التفاعلات الكيميائية الحيوية في الخلايا، وإنّ ثبات دَرجة الحموضة ضروري جدًّا لِعمل الإنزيمات بكفاءة.
دورة خُضاب الدم (الهيموغلوبين)
خُضاب الدم هو نوع من البروتينات المعقّدة المتخصّصة التي توجَد في جسم الإنسان لتقوم بمهمّة دقيقة محدّدة هي نَقل الأوكسجين في الدورة الدموية. يَحمل خُضاب الدم معظم الأوكسجين الموجود في الدم، ويوجَد داخل كريات الدم الحمراء، وهو ما يمنَحها لَونها الأحمر المميّز.
اكتشفَ العالِم النمساوي ماكس بيريتز Max Perutz تركيبَ جزيء خضاب الدم (الهيموغلوبين)، وحازَ على جائزة نوبل في الكيمياء سنة 1962 تقديرًا لاكتشافه هذا. يتألف جزيء خضاب الدم من أربع سلاسل من البروتينات، ويضمّ ذرةً من عنصر الحديد. يلعَب الحديد دورًا أساسيًّا في نَقل الأوكسجين مِن وإلى كافة خلايا الجسم. يُصنع خضاب الدم باستمرار في نقيّ العظام، وتُنظِّم مورِّثات معيّنة عمليةَ تركيبه، ويَحتاج صُنعه لوجود الحديد، والفيتامين ب12، وحمض الفوليك، وبعض الحموض الأمينية، وهرمون الإريثروبويتين Erythropoietin الذي تَصنَعه الكُلية، والذي يؤدي نَقصه عند مرضى فَشَل الكلية لإصابتهم بفَقر الدم.
تَتحرَّر الكريات الحمر من نقيّ العظام إلى الدورة الدموية، حيث تقوم بدورها المهمّ في نَقل الأوكسجين. تعيشُ كل كُريَّة حمراء نحو 100 يوم، تَتحلَّل بَعدها في الكبد والطحال. يَنتِج عن تحلّلها في الكبد مادة البيليروبين، التي تُطرَح خارج الجسم مع البراز والبول، وهي التي تَمنَح البراز والبول لَونَهما الأصفر. أما الحديد فيتم الاحتفاظ بمعظَمه عن طريق حَمله ونَقله وتَخزينه في بروتينات خاصة، ريثما يُعاد استخدامه في صُنع جزئيات جديدة من خضاب الدم.
تُصاب دَورة خضاب الدم ببعض الأمراض، أهمها فَقر الدم (نقص الخضاب)، وانحلال الدم (تحلّل الكريات الحمر)، وسوء صُنع خضاب الدم (في بعض الأمراض الوراثية مثل الثالاسيميا وفَقر الدم المِنجلي)، والتسمّم ببعض المواد التي تغيّر تركيب خضاب الدم وتُعيق وظيفته في نَقل الأوكسجين (مثل التسمّم بغاز أول أوكسيد الكربون)، كما تُصاب كريات الدم الحمراء بحالات وَرَمية تسبّب فَرط تصنيعها (احمرار الدم).
دورة العناصر الكيميائية والغذائية
تَدخل إلى الجسم مع الغذاء كثير من العناصر الكيميائية، مثل الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم، وكثير من العناصر الغذائية، مثل النشويات والدهون والبروتينات. ويقوم الجسم بتَدويرها في خلاياه عَبر دَورات كثيرة من العمليات الكيميائية الحيوية التي تسمّى بمجموعها عمليات التمثيل الغذائي أو الاستقلاب أو الأَيض.
ويُمكِن اعتبار أن التركيب الكيميائي للجسم يتغيّر باستمرار، فتَدخل فيه عناصر جديدة، وتُطرح منه عناصر أخرى. يُعتقد أنّ جميع الذّرات في الجسم يتمّ تغييرها كل 7 إلى 13 سنة، فتَتجدَّد بعض خلايا الجسم خلال أيام قليلة، مثل الشَّعر وخلايا بِطانة الأمعاء.
بينما يَستغرق تجديد كريات الدم الحمراء 100 يوم، وتَتجدَّد سوائل المفاصل خلال أشهر قليلة، بينما يَطول تجديد خلايا العظام والخلايا العصبية والعضلات فترةً قد تَصل إلى سنوات. على الرغم من خضوع كافة ذرّات الجسم للتجديد المستمر، إلا أنه يَحتفظ بِبُنيَتِه العامة ثابتةً إلا إذا أصيب بالمرض، أو الشيخوخة والهَرَم، أو الوفاة. وعند ذلك تتوقّف هذه التفاعلات الحيوية، وتَحدث الوفاة، ويَعود الجسم مِن التراب إلى التراب، وتستمر دَورة الحياة.