في دراسة حديثة، أظهر دواء ليكسيسيناتيد، وهو دواء معتمَد لمرض السكري من النوع الثاني، فوائد لمرض الشلل الرعاش (باركنسون)، إذ أدي إلى إبطاء التدهور الحركي لدى المرضى. سنتناول في هذا المقال الدراسات الحديثة للدواء ونتائجها التي توضح تأثيرات دواء ليكسيسيناتيد على مرض باركنسون.
ما هو مرض باركنسون؟
مرض باركنسون أو الشلل الرعاش هو خلل بالمخ مرتبط بالعمر بسبب فقدان الخلايا العصبية في جزء من الدماغ يسمى المادة السوداء، مما يؤدي إلى انخفاض الدوبامين في الدماغ، والذي يلعب دورًا حيويًا في تنظيم حركة الجسم. يسبب مرض باركنسون حركات غير إرادية، مثل صعوبة التوازن، وتبدأ أعراضه بالتدريج وتسوء مع الوقت. يؤثر المرض على قدرة المريض في التحكم في العضلات والحركة، وقد يؤثر أيضًا على الصحة العقلية للمريض وقدرته على التفكير.
ما هو دواء ليكسيسيناتيد ؟
دواء ليكسيسيناتيد Lixisenatide هو من أدوية السكري النوع الثاني، يقوم باستهداف مستقبلات البيبتيد 1 المشابه للجلوكاجون (GLP-1) في البنكرياس، الذي يُسبب إفراز هرمون الإنسولين، وبالتالي زيادة امتصاص الخلايا للجلوكوز.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يُختبر دواء ليكسيسيناتيد لمرض باركنسون؟
يُختبر ليكسيسيناتيد لمرض باركنسون لوجود مستقبلات البيبتيد 1 المشابه للجلوكاجون أيضًا في الدماغ، وأظهرت التجارب أن تنشيطها قد يعزز نشاط الدوبامين، ويحسن إنتاج الطاقة، كما له وظائف مضادة للالتهابات. دواء ليكسيسيناتيد ليس أول دواء يخضع للتجارب السريرية لمرض باركنسون، بل هو الثاني بعد دواء إكسيناتيد.
هل هناك علاقة بين مرض السكري ومرض باركنسون؟
هناك بعض الأدلة المتزايدة التي توضح أن الأشخاص المصابين بمرض السكري من النوع الثاني قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون. يمكن تفسير ذلك بسبب عدم إنتاج الجسم ما يكفي من هرمون الإنسولين أو عدم مقدرته على استخدام الهرمون بشكل فعال في مرض السكري. هذا يؤدي إلى عدم مقدرة الخلايا على استخدام الجلوكوز الموجود في الدم وعدم تخزينه.
ترجع أعراض مرض باركنسون -كما ذكرنا- جزئيًا إلى موت خلايا دماغية محددة تنتج مادة كيميائية مهمة في الدماغ تسمى الدوبامين. عندما يصبح الجلوكوز غير متاح لخلايا الدماغ، كما هو الحال في مرض السكري، لا تعمل الميتوكوندريا التي تنتج الطاقة كما ينبغي، وبالتالي يضعف إنتاج الطاقة داخل خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى موت الخلايا وعدم إنتاج الدوبامين الحيوي اللازم للدماغ ليعمل بشكل طبيعي.
هذا يفسر الأبحاث حول أدوية مرض السكري كخيارات علاجية محتملة لمرض باركنسون، والتي يمكن أن تكون مفيدة لهذه الحالة. الأمل هو أن تساعد هذه الأدوية في تزويد خلايا الدماغ بالجلوكوز بشكل أفضل، حتى تتمكن من القيام بوظائفها المهمة واستعادة التوازن.
التجارب السريرية لدواء ليكسيسيناتيد ونتائجها في مرض باركنسون
التجربة: أجريت التجربة على 156 شخصًا مصابًا بمرض باركنسون، ومَرّ على تشخيصهم أقل من 3 سنوات. تناول جميع المشاركين جرعة ثابتة من الأدوية لعلاج الأعراض، ولم يعانِ أحد منهم من مضاعفات حركية، فقد تم توزيع المشاركين بصورة عشوائية لتناول الدواء، أو العلاج الوهمي.
تناول 78 مشاركًا حقنة يوميًا من دواء ليكسيسيناتيد، و78 مشاركًا حقنًا من الدواء الوهمي، لمدة 12 شهرًا، وبعدها فترة غسيل لمدة شهرين، وكان متوسط مدة المرض 1.4 سنة للمجموعتين.
النتائج: بعد 12 شهرًا من تناول العلاج ظهرت نتائج التجربة على النحو الآتي:
- تحسنت حركة المرضى الذين تناولوا دواء ليكسيسيناتيد، وساءت للذين تناولوا الدواء الوهمي.
- وجود أحد الآثار الجانبية الخطيرة، وهي حالة التهاب البنكرياس، وبالتالي تم تخفيض الجرعة لتكون 10 ميكروجرامات بدلًا من 20 ميكروجرامًا لثلث المرضى.
- الحاجة لتجارب أخرى أشمل لتحديد آثار وسلامة الدواء.
ما هي الآثار الجانبية المتوقعة لدواء ليكسيسيناتيد؟
حدثت بعض الآثار الجانبية للمشاركين، وتشمل:
- القيء.
- الغثيان.
- التهاب البنكرياس.
ما هو سبب مرض الرعاش؟
على الرغم من وجود العديد من عوامل الخطر المعروفة لمرض الرعاش، مثل التعرض للمبيدات الحشرية، يعتقد العلماء أن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية هي سبب مرض باركنسون، وتعد الأسباب الوراثية هي الأسباب المؤكدة الوحيدة لمرض باركنسون في الوقت الحالي.
كيف تعرف أنك مصاب بمرض باركنسون؟
الأعراض المبكرة لمرض باركنسون خفية وتحدث تدريجيًا، فقد يشعر بعد الأشخاص بارتعاشات خفيفة أو يجدون صعوبة في النهوض من الكرسي، إذ تُعتبر الارتعاشات وتصلب العضلات وبطء الحركة من الأعراض المبكرة الشائعة لمرض باركنسون، ولكن هناك أيضًا علامات أخرى يجب الانتباه إليها، مثل:
- مشكلات النوم والأرق.
- التصلب وعدم المرونة.
- التشنجات.
- فقدان حاسة الشم.
- التعرض للاكتئاب.
- القلق.
- الشعور بالتعب.
- مشكلات في المثانة أو الأمعاء.
- الكتابة بخط أصغر من قبل.
هل مرض باركنسون مرض خطير؟
مرض باركنسون ليس مميتًا بشكل مباشر، لكن الأعراض والآثار قد تشكل ضغطًا على جسم المريض، وغالبًا ما تكون عوامل مساهمة في الوفاة. كان متوسط العمر المتوقع لمرض باركنسون في عام 1967 أقل بقليل من 10 سنوات، لكن مع التقدم في العلاج، أصبح متوسط العمر المتوقع لمعظم المصابين بمرض باركنسون طبيعيًا أو شبه طبيعي.
هل يمكن الشفاء من مرض الشلل الرعاش؟
لا يوجد علاج حاليًا لمرض الشلل الرعاش أو باركنسون، ولكن تتوفر علاجات وأدوية للمساعدة في تخفيف الأعراض والسيطرة عليها والحفاظ على نوعية حياة المريض، كما يمكن أن ينصح الطبيب بإجراء عملية جراحية في بعض الحالات المتقدمة.
في النهاية، الشاغل الرئيسي لمعظم المرضى المصابين بمرض باركنسون ليس حالتهم الحالية، ولكن الخوف من تطور المرض؛ لأنه على الرغم من توفر عدد من الأدوية لعلاجه، فإنها تخفف أعراض المرض فقط، ولم يثبت على الإطلاق وجود أي علاج فعال في إبطاء تطوره حتى الآن. هذه النتائج لدواء ليكسيسيناتيد ليست في حجم التغيير المطلوب، ولكن قد تفتح الفرص لتطوير أكبر، فقد تم اختبار جرعة واحدة فقط من الدواء، ومع تجارب أطول قد يكون للجرعات الأخرى تأثيرات أفضل أو أسوأ، ويمكن حينها تحديد إمكانية استخدام هذه الفئة من أدوية مرض السكري لعلاج مرض باركنسون.