صحــــتك

العمليات الجراحية بدون تخدير

الصورة
مصطفى سعيد
العمليات الجراحية بدون تخدير

شهد تاريخ جراحة التخدير تطورًا كبيرًا على مر العصور، ففي القرن التاسع عشر، لجأ الأطباء إلى تقنيات غير متطورة لتخدير المرضى قبل الجراحة، واستخدموا المخدرات المختلفة، بما في ذلك الأفيون والكحول، ولكنها كانت تحمل مخاطر كبيرة، كما تم تجريب تقنيات مبتكرَة، مثل التنويم المغناطيسي واستخدام الإلهاء للتخدير.

يتحدث المقال أيضًا عن تأثير الأدوية المخدرة الموضعية والمخدرات المختلفة التي تم استخدامها في هذا السياق، ثم يتناول أنواع التخدير المختلفة، بما في ذلك التخدير العام والتخدير الموضعي وتخدير الألم، كما يشير إلى فوائد التخدير في تحقيق عمليات جراحية ناجحة دون معاناة المرضى. 

ما قبل التخدير

كانت الجراحة خيارًا يائسًا وأخيرًا، وعندما نعود بالذاكرة إلى عصر ما قبل الجراحة في 1897، حين قارن طبيب عجوز من بوسطن العمليات الجراحية بمحاكم التفتيش الإسبانية، فاسترجع الصرخات والصيحات التي كانت أكثر فظاعةً في ذاكرته حتى بعد مُضيّ سنوات عديدة على هذا.

استُعمِلت العديد من التقنيات لتخدير الحواس عبر القرون من أجل إجراء العمليات الجراحية، مثل المنومات (الأدوية التي تخدر الوعي وتحفز النوم)، والمسكنات التي كانت تُحضَّر من النباتات مثل الماريغوانا، البلادونا وجيمسونويد.

حاول المعالِجون خلْق حالة تخديرية نفسية عن طريق التنويم المغناطيسي، واستخدام الإلهاء بأن يُعرَّض المريض لمهيجات أخرى كالوخز بالإبر وغيرها، ومن الطرق القاسية المباشرة هي تحريض حالة من عدم الإحساس، وذلك بقرع أبواب اللا وعي لدى المريض ولكمه على الحَنك.

بحلول عام 1846، كان الأفيون والكحول هي الأدوات الوحيدة التي بقيت محتفظة بقيمتها العملية في تقليل الألم الناتج عن العمليات الجراحية، ولسوء الحظ فإن الجرعات الكبيرة من الكحول اللازمة للوصول إلى حالة التخدير كانت تسبب الغثيان والقيء والموت بدلًا من النوم، وبالرغم من كون الأفيون مسكنًا للألم؛ فإن له أعراضًا جانبية مهمة، خاصة توقف التنفس.

ظل عِلم التخدير يتقدم كثيرًا حتى وصل إلى إعطاء حقنة يتم إعطاؤها في وريد بالجسم، وبجرعة محددة، لتساهم بشكل كبير في ذهاب الوعي خلال الفترة التي يخضع بها الشخص للعملية الجراحية، فالتخدير العام يعتمد على تخفيف الألم، ويقدم الأطباء التخدير عن طريق الحقن أو الاستنشاق للوصول إلى مرحلة فقدان الوعي عند المريض.

 

التخدير

هو فقدان الإحساسات، وهو مصطلح يطلَق على حالة الفقدان المؤقت للوعي والإحساسات عن طريق أدوية تعطى للمريض لمنع الشعور بالألم أثناء العمليات الجراحية.

أنواع التخدير

  1. تخدير عام.
  2. تخدير موضعي.
  3. مخدر أو مسكن.
  4. التخدير العام

يكون المريض في حالة فقدان تام للوعي، فلا يشعر بأي ألم أثناء العملية الجراحية، ولا يشعر بما يدور حوله، ولا يتذكر أحداث العملية الجراحية.

يقوم الأطباء بإعطاء التخدير العام على شكل غاز يستنشقه المريض من خلال قناع التنفس، أو عن طريق حقْن الدواء المخدر مباشرة في الوريد، أو كلاهما معا.

يبدأ مفعول التخدير العام بسرعة كبيرة، إذ يدخل المريض في حالة دوار، ثم يفقد الوعي، وبمجرد الانتهاء من إجراء العملية الجراحية يتوقف الطبيب عن إعطاء المخدر، ويبدأ المريض في الاستيقاظ، وقد يستغرق ذلك ساعات.

قد يضطر بعض الأشخاص إلى البقاء في المستشفى لبضع ساعات إلى بضعة أيام. يمكن أن يؤثر التخدير العام على ذاكرة الشخص وردود أفعاله وتركيزه لمدة يوم أو يومين.

الآثار الجانبية للتخدير العام

هناك بعض الآثار الجانبية الشائعة المرتبطة بالتخدير العام، وتشمل هذه:

  • الارتباك المؤقت وفقدان الذاكرة.
  • الدوخة.
  • القيء والغثيان.
  • الشعور بالبرد والرعشة.
  • التهاب الحلق.
  • صعوبة في التبول.

2.التخدير الموضعي

هو تخدير جزء من الجسم في المنطقة أو العضو الذي تجرى له العملية الجراحية، ويكون المريض في هذه الحالة مستيقظًا وواعيًا لما حوله، إذ يمنع التخدير الموضعي الأعصاب الموجودة في جزء من الجسم من إرسال إشارات الألم إلى الدماغ، مما يمنع شعور المريض بالألم.

 يُستخدم التخدير الموضعي لعدة أسباب، بما في ذلك:

  • علاج الألم: يمكن لأي شخص تناول البخاخات والمواد الهلامية المتاحة دون وصفة طبية، والتي تحتوي على مخدر موضعي لعلاج حالات خفيفة مثل التهاب الحلق وتقرحات الفم. قد يقوم الطبيب بحقن مخدر موضعي وأدوية مشتقات الكورتيزون في بعض الحالات، مثل آلام المفاصل.
  • الإجراءات البسيطة: قد يقوم الطبيب بإعطاء حقنة مخدرة إلى جانب المهدئ العام للمساعدة في إبقاء الشخص مستريحًا وخاليًا من الألم أثناء الإجراء. عادةً ما يستخدم المتخصصون في مجال الصحة التخدير الموضعي في الإجراءات البسيطة، مثل: الخزعات (أخذ عينة صغيرة من موضع المرض لفحصها تحت المجهر)، وخلع الأسنان، وإجراءات الجلد البسيطة، مثل إزالة الشامة.
  • الإجراءات الرئيسية: في بعض الأحيان قد يستخدم الأطباء التخدير الموضعي أثناء العمليات الجراحية الكبرى عندما يحتاج المريض إلى أن يكون مستيقظًا، كما هو الحال أثناء بعض أنواع جراحة الدماغ، وقد يقومون أيضًا بتوفير التخدير الموضعي لمنع الألم بعد عمليات جراحية كبرى.

بعض الأدوية التي تحتوي على مخدر موضعي متاحة بدون وصفة طبية، أو عن طريق وصفة طبية اعتمادًا على الاستخدام المقصود، تتوفر أدوية التخدير الموضعي على النحو الآتي:

  • الكريمات أو المواد الهلامية أو المراهم.
  • البخاخات.
  • الحقن.

ويمكن لحقنة واحدة من المخدر الموضعي أن تؤدي إلى خدر وتنميل من 4 إلى 24 ساعة.

يعطي التخدير الموضعي نفس الآثار الجانبية للتخدير العام، وقد يؤدي نادرًا لحدوث نزيف موضعي أو عدوى.

3.التخدير أو التسكين

يساعد المريضَ على الشعور بالاسترخاء وعدم الشعور بالألم، وقد يُشعِر المريضَ بالنعاس.

يُستخدم هذا النوع من التخدير في الحالات البسيطة وغير المعقدة التي لا تتطلب تخديرًا عامًا، ولا تناسب التخدير الموضعي. يكون لهذا النوع من التخدير أقل آثار جانبية كالصداع والنعاس، ويؤدي إلى سرعة التعافي بعد الجراحة.

 

بعض الآثار الجانبية للتخدير 

يعتبر التخدير آمنًا للغاية بسبب التقدم في التدريب والأدوية والمعدات، وتعد الآثار الخطيرة نادرة الحدوث، ومنها:

  • رد فعل تحسسي من المادة المخدرة.
  • الهذيان، قد يشعر بعض المرضى بالارتباك بعد العمليات.
  • الوعي أثناء الجراحة، ويحدث هذا نادرًا.
  • الوفاة، ويحدث هذا بعد مضاعفات قد تحدث في العملية أو بعدها، مثل حدوث نقص شديد في الأوكسجين عند المريض أثناء التخدير العام.

 

فوائد التخدير

لا تتوقف أهمية التخدير على عدم الشعور بالألم، بل يتعدى ذلك، إذ إن التخدير يساعد في إرخاء العضلات، والنعاس، مما يمنع مقاومة المريض أثناء العملية الجراحية، مما يساعد الجراح على أداء عمله المطلوب بسهولة ودون معاناة.
 

العمليات الجراحية بدون تخدير

  • يلجأ الأطباء في بعض الأحيان إلى إجراء العمليات الجراحية البسيطة بدون استخدام التخدير، كخياطة الجروح البسيطة، أو إزالة كيس دهني، أو تنظيف الأماكن المصابة بالتهابات وتموت جزئي عند مرضى السكري، إذ يكون المريض فاقدًا للإحساس في هذه المنطقة المصابة، أو في حالات القسطرة الاستكشافية والعلاجية البسيطة للقلب التي يُستخدم فيها التخدير الموضعي عادة.
  • وقد يلجأ الطبيب لإجراء الجراحة بدون تخدير نظراً لوجود تحسس لدى المريض من أدوية التخدير، أو لوجود مشكلة صحية خطيرة قد تؤدي إلى وفاة المريض في غرفة العمليات إذا خضع للتخدير العام.

 

وقد يضطر الأطباء إلى إجراء العمليات الجراحية بدون تخدير لعدم توفر الأدوية المخدرة، وهذا ما أعلنته وزارة الصحة في فلسطين بعد التعرض للقصف الدامي في غزة، وبعد ارتكاب الأعداء مجزرة دامية في مستشفى المعمداني، فقد اضطر الأطباء لإجراء العمليات بتطبيق مبدأ المفاضلة بين المرضى، ويُجرون العمليات دون تخدير لعدم توفر الأدوية، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد هذه الاعتداءات الغاشمة التي تقصف دون اعتبار لأي إنسانية.

 

ما يترتب على إجراء عمليات جراحية كبيرة بدون تخدير

  • آلام شديدة لا يمكن تحمّلها، مما قد يؤدي إلى مضاعفات عدم تحمّل الألم، وحدوث صدمة مروعة للمريض.
  • قد يتحرك المشرط الجراحي دون قصد بسبب حركة المريض نتيجة الألم، مما قد يؤدي إلى إصابة وقطع أعصاب وأوعية دموية أو تلف أنسجة.
  • قد تؤدي الجراحة بدون تخدير إلى الإصابة بعدوى جرثومية قد تصل مضاعفاتها إلى الوفاة.
  • الوفاة من شدَة الألم.
  • الوفاة نتيجة النزيف الحاد وعدم توقفه.
  • آثار نفسية سيئة، إذ قد يدخل المريض في حالة من التوتر والارتباك الشديد الذي قد يستمر حتى بعد التعافي
  • .

المصادر

  1. Peripheral Line Placement

  2. Types of Anesthesia Used During Surgery

  3. Intravenous Fluid Therapy

آخر تعديل بتاريخ
02 نوفمبر 2023
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.