لدى كل شخص أوردة طبيعية تقع في الجزء السفلي من المستقيم والشرج، ولكن، لسبب ما من الأسباب، فإن تلك الأوردة تحتقن وتنتفخ وتتورم وتلتهب لتسبب ما يُعرف في الوسط الطبي البواسير. وتشاهَد البواسير عند أكثر من خمسين بالمئة من البالغين فما فوق في مرحلة ما من مراحل حياتهم. إذا انتفخت الأوردة الواقعة داخل المستقيم السفلي فإنها تشكّل البواسير الداخلية، ويمكن لتلك الأوردة المنتفخة أن تظهر على شكل كتل لينة ومؤلمة تحت الجلد على حدود فتحة الشرج، لتسبب ما يعرف بالبواسير الخارجية.
عندما تكبر البواسير الداخلية فإنها قد تندفع أثناء التبرز الى خارج القناة الشرجية، لتشكل بواسير متدلية يمكن أن تسبب عدم الراحة والألم، والحكة والنزف. ويمكن للبواسير المتدلية أن تعود من تلقاء ذاتها إلى قواعدها الأولية في داخل القناة الشرجية بعد قضاء الحاجة، ولكن إذا كانت كبيرة، فقد تحتاج إلى دفعها يدويًا لإجبارها على العودة إلى مقرها في القناة الشرجية، أما إذا أصبحت كبيرة جدًا فقد لا يمكن ردّها، فتبقى خارج فتحة الشرج بشكل مستمر، وتكون مزعجة ومؤلمة.
وفقًا للمعهد الوطني الأمريكي للسكري وأمراض جهاز الهضم، فإن خطر الإصابة بالبواسير يزداد إذا:
- أَطَلْت القعود على حوض المرحاض، لأنه يرفع من الضغط على أوردة المستقيم والشرج.
- إذا كان عمرك أكثر من 50 عامًا، بسبب الضَّعف الذي يلحق بالأنسجة الداعمة في فتحة الشرج والمستقيم، وهذا أمر طبيعي ناجم عن الشيخوخة.
أشهر المفاهيم الخاطئة حول البواسير
تُعتَبر البواسير من المواضيع المحرجة التي لا يرغب معظم الناس في مناقشتها أو الحديث عنها، ولهذا، فإنه كثيرًا ما يدور اللغط حولها، فتحيط بها مفاهيم وخرافات خاطئة، نحاول في السطور الآتية إماطة اللثام عنها:
1. تصيب كبار السن فقط
هذا ليس صحيحًا إطلاقًا. صحيح أن كبار السن هم الأكثر تعرّضًا للإصابة بالبواسير بسبب الضَّعف الذي ينال من النسيج الضام بين فتحة الشرج والمستقيم، إلا أن صغار السن يصابون بها أيضًا، بمن فيهم الأطفال والمراهقون والشباب، بسبب الضغط الشديد على فتحة الشرج أثناء التبرز، أو بسبب إجهاد الأمعاء المرتبط بالإمساك أو الإسهال المزمن، أو بسبب الحمل والولادة عند المرأة.
2. قد تحدث بسبب الجلوس على الأسطح الباردة
لا يوجد دليل على أن الأسطح الباردة يمكن أن تسبب البواسير، لكن، إذا كنت مصابًا بها، فإن الجلوس على الأسطح الباردة يمكن أن يكون أكثر إيلامًا، لأن فتحة الشرج تكون حساسة على اللمس، لكن لا تحدث البواسير بسبب الجلوس على شيء بارد، لأن درجة الحرارة وحدها لا علاقة لها بزيادة الضغط على جدران الأوردة في المستقيم والشرج. إن السبب الفعلي للبواسير هو الجلوس لفترات طويلة ومديدة، خاصة على حوض المرحاض، لأنه يؤدي إلى زيادة الضغط في الأوعية الدموية داخل فوهة الشرج فتنتفخ وتتورم.
يمكن للكمادات الباردة أن تكون مفيدة في تخفيف بعض الأعراض عند وضعها مباشرة على فتحة الشرج، فتقلل من التورم والانزعاج لفترات زمنية قصيرة.
هناك شيء لا بُدّ من التنويه به هو تجنب عامل تشتيت التركيز في دورة المياه، مثل القراءة أو استعمال الهاتف، فمثل هذه السلوكيات من شأنها أن تجعل الشخص يفقد الإحساس بالوقت أثناء التواجد في الحمام، ما يجعله يجلس لفترة طويلة تزيد من الضغط الواقع على جدران المستقيم.
3. يجب تجنب ممارسة الرياضة عند الإصابة بالبواسير
هذا غير صحيح، فممارسة التمارين الرياضية المناسبة بانتظام تمنع الإصابة بالإمساك وزيادة الوزن، ما يقلل من خطر الإصابة بالبواسير. إن كل الأنشطة الرياضية تقريبًا مفيدة ما عدا رياضة رفع الأثقال التي يمارسها البعض بطريقة غير صحيحة، مثل حبس الأنفاس أثناء رفعها، لأن هذا يزيد من الضغط في أوردة المستقيم والشرج، وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بالبواسير، أو قد يجعلها أسوأ في حال كانت موجودة.
4. بمجرد أن تتشكل البواسير فهي دائمة
مع مرور الوقت تميل البواسير لأن تصبح أكبر وأكثر إشكالية، ومع ذلك، فإنها يمكن أن تتحسّن في حال اتباع نمط حياة سليم يقوم على اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة المزيد من الرياضة، وتجنب الجلوس لفترات طويلة. وإذا فشلت هذه الإرشادات، فإن الاستشارة الطبية ضرورية للحصول على الدواء المناسب أو الطريقة المناسبة للعلاج، لأن أي تأخير قد يترتب عنه مضاعفات مثل تكوين الجلطات الدموية داخل البواسير.
5. قد تحدث نتيجة تناول الأطعمة الحارة
تَنتج البواسير عن الضغط على الأوردة القريبة من فتحة الشرج، ولكنها لا تَحدث عن شيء له علاقة بعملية التمثيل الغذائي في الجسم. هناك من يقول بأن الأطعمة الحارة يمكن أن تعجّل من ظهور الأعراض المرتبطة بالبواسير، إلا أن تقريرًا نُشر في عام 2014 في مجلة نيوانغلاند جورنال الطبية، أشار إلى أن إحدى التجارب السريرية أظهرت أن الأعراض لم تتفاقم لدى الأشخاص الذين تناولوا الفلفل الحار. قد تسبب الأطعمة الحارة نوعًا من عدم الراحة والحرَقان والانزعاج أثناء التبرز للمصابين بالبواسير فعلًا، ولكنها ليست طرفًا في حدوثها.
6. ما تأكله لا يؤثر على البواسير
يُعَد الإمساك أحد أهم عوامل الخطر للإصابة بالبواسير. إن تناول نظام غذائي غني بالألياف والمياه المرطِّبة هو أفضل وسيلة للوقاية من البواسير، لأنه يساعد الأمعاء على القيام بوظائفها بشكل صحيح، ويمنع حدوث الإمساك والإجهاد. يوصَى بتناول 20 إلى 30 غرامًا من الألياف يوميًا، فإذا كنت لا تستهلك ما يكفي من الألياف، فإنه يتوجب عليك استشارة طبيبك حول مكملات الألياف التي قد تكون مفيدة لك.
7. البواسير مُعدية
يمكن للفيروسات والبكتيريا أن تسبب الالتهابات الشرجية، إلا أنها لا تسبب البواسير. البواسير ليست مُعدية، ولا يمكن الإصابة بها عند مشاركة الآخرين بمقعد المرحاض.
8. الجراحة الحقيقية غالبًا ما تكون ضرورية
غالبية الإصابات بالبواسير تختفي من تلقاء نفسها أو بالعلاج المحافِظ، وتُعتبر التغيرات الغذائية ونمَط الحياة حجَرَ الزاوية في العلاج. فقط 10 بالمئة من المصابين بالبواسير يحتاجون إلى العملية الجراحية كملاذ أخير لهم. عدا هذا، فإذا لم يُفلِح العلاج المحافِظ في السيطرة على البواسير وأعراضها، فإن هناك العديد من الإجراءات الأخرى التي يمكن أن تكون أسهل وأسرع من الجراحة.
9. البواسير تسبب بالسرطان
لا يوجد أي دليل يشير إلى أن البواسير تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، ولعل القلق الوحيد بشأن البواسير في هذه الحالة هو أن الأشخاص المصابين بها قد يتجاهلون في بعض الأحيان وجود النزيف عند التبرز، الذي يُعتبر من العلامات التحذيرية لسرطان القولون والمستقيم.
10. ارتفاع ضغط الدم يسبب البواسير
ليس صحيحًا، فارتفاع ضغط الدم لا يسبب البواسير. في المقابل، أظهَر ت الدراسات أنه يمكن أن يرتبط ارتفاع الضغط بمزيد من النزيف من البواسير.
11. البواسير تعود دومًا بعد العلاج
إذا اتبعتَ نمطَ حياةٍ صحيًا وغذائيًا وقمتَ بممارسة الأنشطة الرياضية بانتظام، فإنك على الأرجح لن تصاب بالبواسير مرة أخرى بعد علاجها بشكل صحيح.
12. البواسير تكون دائمًا مؤلمة
كما ذكرنا أعلاه، فإن البواسير هي عبارة عن أوردة محتقنة ومنتفخة وملتهبة في الجزء السفلي من المستقيم والشرج، وأن سببها هو زيادة الضغط المبذول على تلك المنطقة، ولكن هذه الزيادة في الضغط ليست واحدة عند الجميع، ففي حين أن الكثيرين من المصابين بالبواسير يَشكون من الألم، فإن البعض الآخر قد لا تكون البواسير عندهم مؤلمة.
الخلاصة..
على المصاب بالبواسير أن يستشير الطبيب، لأن الإصابة بها حالة شائعة، وهي تُعدُّ من أهم المسبّبات لحدوث النزف من المستقيم. يجب تفادي التشخيص الذاتي، لأن نزف المؤخرة قد يكون علامة على شيء أكثر خطورة. يجب طلب العناية الطبية في أقرب فرصة إذا كان النزف متكررًا أو مفرطًا أو مستمرًا، أو إذا كان هناك ألم أو حكة شديدة أو إزعاج لا يطاق.
