عندما يكون لدى العائلة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، ينصب تركيز الوالدين وأفراد الأسرة الآخرين على هذا الطفل، لحمايته وتقليل تدهور حالته قدر الإمكان، وفي خضم المعركة اليومية التي يخوضها أفراد الأسرة للقيام بواجبهم تجاه الطفل المريض، قد ينسى أو يتغاضى الوالدان عن بعض الاحتياجات الأخرى لأشقاء الطفل المريض الآخرين، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على هؤلاء الأطفال. وفي مقالنا هذا سنلقي نظرة على بعض التأثيرات، الإيجابية والسلبية، على أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
حقائق مختلطة
لسنوات عديدة، كانت الدراسات حول تأثير الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على أشقائهم غير مدروسة إلى حد كبير. وهناك أدلة على أن وجود أشقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة قد يؤثر على صحة الأشقاء. وقد حددت مراجعة لـ46 دراسة أن هناك 21 عاملاً مختلفًا قد تلعب دورًا في الصحة العقلية والبدنية لأشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن تلك العوامل ما يلي:
- الحالة الاجتماعية.
- طبيعة الأسرة وخصائصها.
- عوامل الدعم المتوفرة.
- نوع وشدة إعاقة الأخ.
- طبيعة الطفل نفسه.
- عمر الأخ المريض وجنسه وترتيبه بين أخوته، مثلا الطفل الأصغر أو الأوسط أو الأكبر.
تتفاعل العوامل المذكورة أعلاه بالإضافة للعوامل الأخرى بعضها مع بعض، وتوضح مستوى وشدة الآثار الصحية على أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد تفسر هذه المتغيرات المتنوعة أيضًا النتائج المتضاربة للدراسات البحثية على الأشقاء. ومن المثير للاهتمام أن بعض الدراسات تظهر عدم وجود آثار سلبية، وبعضها يظهر آثارًا سلبية والبعض الآخر إيجابية.
التأثيرات الإيجابية
يطور بعض الأشقاء بعض الخصائص الخاصة جدًا استجابة للعيش مع الأشقاء ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي دراسة أجريت عام 2020 باستخدام الأعمال الفنية والاستبيانات، وجد أن أشقاء الأطفال ذوي الإعاقات الخاصة سجلوا درجات أعلى في التعاطف والتعليم والقرب، وسجلوا درجات أقل في الصراع والتنافس مقارنة بأولئك الذين لديهم أشقاء طبيعيين، كما يميل أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أيضًا إلى إظهار مستويات أعلى من:
- السيطرة على النفس.
- النضج.
- التسامح تجاه الاختلاف.
- المسؤولية.
- الإيثار.
- الصمود.
وهذه الخصائص الإيجابية ناتجة عن التجربة الفريدة للمشاركة في رعاية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
التأثيرات السلبية أو التحديات المحتملة
كما ذكرنا، كل حالة عائلية فريدة من نوعها، ولكن هناك بعض التحديات المشتركة بين أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. مثلا، قد يعانون من مزيج من المشاعر المتضاربة، بما في ذلك الحب والغضب والاستياء والشعور بالذنب والخوف والإحراج والقلق والغيرة. وقد يشعرون بالاستياء من الوقت والموارد التي يكرسها الآباء ومقدمو الرعاية لشقيقهم المريض، أو قد يشعرون أيضًا بالحرج من مظهر أو سلوك شقيقهم، خاصة في الأماكن العامة. وقد تؤدي هذه المشاعر غير المريحة، مثل الغضب أو الاستياء تجاه الأخ المصاب، إلى الشعور بالقلق أو الذنب، لأنهم يتمتعون بصحة جيدة. ومما يزيد من تفاقم هذه المشاعر أن شقيق الطفل ذي الاحتياجات الخاصة قد لا يشعر بالقدرة على التعبير عن هذه المشاعر للآباء أو مقدمي الرعاية لأنهم لا يريدون زيادة العبء عليهم.
كيف تساعد طفلك على تحدي العواطف؟
- يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية تخصيص وقت فريد للأشقاء، حتى لو كانت بضع دقائق، شجع طفلك على التحدث عن مشاعره واسمح له بالتعبير من دون إصدار أحكام. ويمكن أن يكون هذا الوقت ضمن نشاط أسبوعي خاص أو مجرد وقت تقضيه مع طفلك قبل النوم. والأهم من ذلك، أخبر طفلك بمدى حبك له وأنك تشعر بخصوصيتة وتقدره. وحافظ على الأنشطة الترفيهية العائلية التي تشمل جميع الأعضاء ، مثل التخييم ، وأيام المرح في الخارج ، وحفلات الشواء الصيفية ، وما إلى ذلك.
- قم بتطوير شبكة الدعم الخاصة بك، وشجع أفراد الأسرة والأصدقاء على قضاء الوقت مع طفلك.
- إذا بدا أن طفلك يواجه صعوبة في مشاركة مشاعره معك، حاول العثور على صديق مقرب أو معالج أو أي دعم آخر خارج العائلة.
- توقع مشاكل الأخوة العادية مثل التنافس والجدال والغيرة.
- شجع اللعب المناسب للعمر بين الأشقاء ولا تركز فقط على الإعاقة.
- احتفل بقدرات طفلك واهتماماته الفريدة واعترف بها، وحاول دائمًا حضور الأحداث الهامة مثل الحفلات الموسيقية أو مباريات كرة القدم.
- حاول توفير مواد القراءة المناسبة للعمر والمعلومات حول حالة الأخ ذي الاحتياجات الخاصة. واشرح ببساطة وبشكل واضح المشاكل أو التغييرات في حالته وعلاجه.
- ابحث عن مجموعات دعم محلية وعبر الإنترنت لمساعدة طفلك على الاختلاط مع الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة. ولا تتردد في إشراك معالجين متخصصين للتقييم والعلاج إذا كانت لديك مخاوف بشأن سلوك طفلك أو صحته العقلية.
- هناك بعض القصص التي تتمحور حول أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن ترجمتها للغة العربية وقراءتها لطفلك، أو يمكن لطفلك ذلك إذا كان يجيد اللغة الإنجليزية، مثل "فقط لأن" بقلم ريبيكا إليوت، وهذا كتاب مصور خيالي عن أخ صغير يحب أخته الكبرى المريضة، ويتحدث عن كل الأشياء التي يحب أن يفعلها معها، حتى لو كانت لا تستطيع فعل كل شيء معه. وقصة (سنقوم بطلاء الأخطبوط باللون الأحمر) لستيفاني ستوف-بودين، وفي هذا الكتاب المصور الخيالي، تكتشف الأخت الكبرى الأشياء التي يمكنها فعلها مع شقيقها الرضيع الجديد، الذي وُلد بمتلازمة داون.
أهمية إدارة مشاعر الأشقاء وإشراكهم في فهم حالة الأخ المريض
في بعض الحالات، قد يشعر أشقاء الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بالعزلة والوحدة. تنبع هذه المشاعر من مجموعة من العوامل، مثلا:
- قد لا يشعرون بالراحة عند مناقشة مخاوفهم لأنهم لا يرغبون في إثقال كاهل الوالدين.
- أو قد يعبر بعض أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة عن الحاجة إلى أن يكونوا "مثاليين"، لتعويض الوالدين عن التعامل مع احتياجات الدعم المتزايدة التي يتمتع بها أشقاؤهم الآخرون، ويمكن أن يؤدي هذا أيضًا إلى الشعور بعدم الكفاءة والعزلة.
- أو قد لا يتعرف أصدقاؤهم أو يفهموا تجربة العيش مع أخ أو أخت معاق، وهذا يمكن أن ينفر الأطفال الآخرين منهم فتقل فرص تكوين صداقات.
- أو قد تُحجب المعلومات المتعلقة بحالة الأخ المصاب والتشخيص والعلاج، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى قضاء الطفل أو المراهق بعض الوقت بمفرده في غرف الانتظار أو الاستماع إلى المحادثات الهادئة وتخيل أسوأ السيناريوهات.
يجب تحديد مشاعر العزلة والوحدة لدى الأطفال والمراهقين وحلها في أسرع وقت ممكن، لمنعهم من التطور إلى مشكلات أكثر تعقيدًا ، مثل الاكتئاب واضطرابات القلق في المستقبل.
أخيرا..
في أي عائلة، يمكن أن تكون العلاقات الأخوية محفوفة بالمنافسة والغيرة، ولكنها أيضًا مليئة بالحب والضحك والمرح والولاء. ومن المرجح أن يصبح أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مقدمي الرعاية المهمين في المستقبل. وغالبًا ما يكون أشقاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أفضل أصدقاء لهم ومدافعين ونماذج يحتذى بهم وداعمين لهم. لذلك، من المستحيل تقديم الدعم الكامل لرعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من دون دعم رفاهية أشقائهم. وفي إطار ديناميكية الأسرة ، من المرجح أن تستمر رابطة الأخوة لفترة أطول، وغالبًا ما تكون الأكثر خصوصية. لذا، مهما كان وضعك، اقضِ بعض الوقت مع إخوتك واحتفل بأفراحهم وانتصاراتهم وشارك نضالاتهم وتحدياتهم.
المصادر