يعدّ الحمل العنقودي أو الرَّحَوي (Molar Pregnancy) من مضاعفات الحمل النادرة الحدوث، ويحدث عندما تتطور المشيمة إلى مجموعة مما يشبه الحُوَيْصِلات، ولا تتطور إلى حمل سليم يحوي أنسجة مشيمة سليمة وجنينًا. وقد يتحول الحمل الرحوي إلى نوع نادر من الورم السرطاني، ولذلك يجب معالجة هذه الحالة بشكل عاجل، من أجل تقليل مضاعفات هذه المشكلة، ولإتاحة الفرصة لحدوث حمل سليم في المستقبل.
أنواع الحمل العنقودي
يوجد نوعان من الحمل العنقودي وهما: الحمل العنقودي الكامل، والحمل العنقودي الجزئي. كما يمكننا تقسيمه حسب مكان حدوثه إلى حمل عنقودي داخل الرحم، وحمل عنقودي خارج الرحم.
الحمل العنقودي الكامل
في هذا النوع من الحمل يكون النسيج المشيمي غير طبيعي، ومتورمًا، ويبدو مكونًا لأكياس مليئة بسائل، كما لا يوجد فيه تكونُ لنسيج مضغي جنيني.
الحمل العنقودي الجزئي
قد يوجد نسيج مشيمي طبيعي إلى جانب آخر متكون على نحو غير طبيعي، وقد يوجد أيضًا تكوّن مضغي جنيني، لكن لا يستطيع الجنين مواصلة التكون والعيش، وعادة ما يُجهَض في مراحل الحمل المبكرة. ويمكن أن تنتج عن الحمل الرحوي مضاعفات خطيرة، بما فيها نوع نادر من السرطان يتطلب علاجًا مبكرًا.
الحمل العنقودي داخل الرحم والحمل العنقودي خارج الرحم
حدوث الحمل العنقودي داخل الرحم هو الأكثر شيوعًا. وكما يمكن أن يحدث الحمل الطبيعي خارج الرحم، فإن الحمل العنقودي أيضاً يمكن أن يحدث نادراً خارج الرحم، وقد يحدث في أي مكان في الحوض، ولكن الأكثر شيوعًا أن يحدث في أحد أنابيب الرحم، وقد يؤدي لانفجار الأنبوبة والنزيف الداخلي، أو الحمل العنقودي الغازي (Invasive Mole)، أو سرطان المشيمة (Choriocarcinoma).
ما هي أعراض الحمل العنقودي؟
قد يشبه الحمل العنقودي في البداية الحمل الطبيعي، ولكن في معظم الأحيان يسفر الحمل الرَّحَوي عن الإصابة بعلامات وأعراض تتضمن:
- نزيفًا مهبليًا يتراوح لونه من الأحمر الفاتح إلى البني الغامق خلال الثلث الأول من الحمل.
- قيئًا وغثيانًا شديدين.
- خروج كيسات تشبه العنب من المهبل في بعض الأحيان.
- حدوث ضغط في الحوض أو ألم به.
إذا تعرضتِ لأي من علامات الحمل الرحوي أو أعراضه، فاستشيري طبيبك الذي قد يكشف عن علامات أخرى للحمل الرحوي، مثل:
- نمو رحمي سريع، الرحم كبير جدًا بالنسبة لهذه المرحلة من الحمل.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الانسمام الحملي، وهي حالة تتسبب في ارتفاع ضغط الدم وارتفاع البروتينات في البول بعد 20 أسبوعًا من الحمل.
- كيسات المبيض.
- الأنيميا (فقر الدم).
- الغدة الدرقية المفرطة النشاط (فرط نشاط الغدة الدرقية).
ما هي أسباب حدوث الحمل العنقودي؟
يحدث الحمل الرحوي نتيجةً لتخصيب بويضة بشكل غير طبيعي، إذ تحتوي الخلايا البشَرية الطبيعية على 23 زوجًا من الكروموسومات، ويأتي كروموسوم واحد من كل زوج من الأب والآخر من الأم.
الحمل العنقودي الكامل
في هذا النوع يتم تخصيب بويضة خالية من كروموسومات الأم بحيوان منوي واحد أو اثنين، وتكون جميع المادة الوراثية من الأب، وفي هذه الحالة، يتم فقدان الكروموسومات من بويضة الأم، أو تصبح خاملة، بينما تتضاعف كروموسومات الأب.
الحمل العنقودي الجزئي أو غير الكامل
في هذا النوع تبقى كروموسومات الأم، لكن الأب يقدّم مجموعتَين من الكروموسومات. ونتيجة لذلك، يحمل الجنين 69 كروموسومًا بدلاً من 46. وكثيرًا ما يحدث ذلك عندما يخصّب حيوانان منويان إحدى البويضات، مما يؤدي إلى إنتاج نسخة إضافية من جينات الأب.
مضاعفات الحمل العنقودي
بعد إزالة الحمل العنقودي، قد تبقى بعض الأنسجة العنقودية وتستمر في النمو، وتسمى هذه الأنسجة بورم الأرومة الغاذية الحملي (GTN) المستمر، ويحدث ذلك في 15 - 20% من حالات الحمل العنقودي المكتملة، وفي نحو 5 % من حالات الحمل العنقودي الجزئية.
ومن علامات الإصابة بورم الأرومة الغاذية الحملي المستمر، ارتفاع مستوى هرمون موجّه الغدد التناسلية المشيمية البشرية (HCG)، وهو هرمون الحمل، ويحدث الورم بعد إزالة الحمل العنقودي في بعض الحالات، إذ يخترق نسيج المشيمة اختراقا عميقًا ويصل إلى الطبقة المتوسطة بجدار الرحم، ما يسبب حدوث نزيف المهبل.
ويمكن علاج ورم الأرومة الغاذية الحملي المستمر بنجاح في أغلب الأحيان بواسطة العلاج الكيميائي، ويوجد خيار علاجي آخر وهو إزالة الرحم جراحيًا (استئصال الرحم).
ونادرًا ما ينتشر نوع من ورم الأرومة الغاذية الحملي، والذي يُعرف بسرطان المشيمة، إلى أعضاء أخرى ويصيبها. عادةً يتم علاج سرطان المشيمة بنجاح بواسطة أدوية السرطان المتعددة.
تشخيص الحمل العنقودي
إذا اشتَبه الطبيب بوجود حمل عنقودي، فسيطلب إجراء اختبارات الدم، بما في ذلك اختبار يقيس مستوى الهرمون الموجه للغدد التناسلية المشيمية البشرية (HCG)، أي هرمون الحمل في الدم، كما سيوصي بإجراء فحص بالموجات الصوتية للرحم من خلال جهاز خاص يوضع في المهبل.
ويمكن أن يُظهر فحص الموجات فوق الصوتية وجود حمل عنقودي كامل، والذي يمكن أن يكشف مبكرًا بعد ثمانية أو تسعة أسابيع من الحمل، ما يلي:
- عدم وجود جنين.
- عدم وجود سائل سلوي.
- مشيمة كيسية سميكة تملأ الرحم تقريبًا.
- أكياس المبيض.
هل يمكن الشفاء من الحمل العنقودي؟
الحمل العنقودي هو ليس حالة مزمنة، بل حالة مؤقتة تتطلب تدخلًا وعلاجًا طبيًا.
علاج الحمل العنقودي
لا يمكن أن يكتمل الحمل الرحوي كحمل طبيعي قابل للحياة. ولتجنب المضاعفات، يجب إزالة جميع الأنسجة المشيمية غير الطبيعية، ويتكون العلاج عادةً من إحدى الخطوات التالية أو أكثر:
- توسيع وكحت الرحم (D&C) لإزالة الأنسجة العنقودية من الرحم.
- استئصال الرحم، إذا كان هناك خطر متزايد من الإصابة بورم الأرومة الغاذية الحملي وليس هناك رغبة في الحمل في المستقبل.
- بعد إزالة الأنسجة العنقودية، سيكرر طبيبك قياسات مستوى هرمون موجه الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (HCG) حتى تعود للمستوى الطبيعي، وإذا استمر وجود الهرمون في دمك، فقد تحتاجين إلى علاج إضافي.
وبمجرد أن ينتهي علاج الحمل العنقودي، قد يستمر طبيبك في مراقبة مستويات هرمون موجه الغدد التناسلية المشيمائية البشرية لمدة ستة أشهر إلى سنة للتأكد من عدم وجود أنسجة رحوية متبقية. وخلال فترة 6 - 12 شهرًا يجب عدم الحمل مجددًا لأن مستويات الهرمون ترتفع خلال الحمل أيضًا، وهذا يؤدي إلى الارتباك وعدم معرفة السبب الحقيقي وراء ارتفاع نسبة الهرمون.
هل الرجل سبب في الحمل العنقودي؟
لا يرتبط حدوث الحمل الرحوي بشكل مباشر بالرجل أو المرأة، فكما ذكرنا سابقًا، يحدث هذا النوع من الحمل غير الطبيعي بسبب خلل جيني في تكوين الجنين والمشيمة، وينتج عادةً عن وجود خلل في عدد الكروموسومات الموروثة من الأم أو الأب.